|
تأسيس مصرف للتسليف البيئي
علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 1332 - 2005 / 9 / 29 - 11:04
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
خطأ حين يقال بأن ورود المصرف البيئي سوف تخنق أزهار المصرف الزراعي أو التجاري أو الصناعي، فلكل منها ظروف تطوره و حيثيات نشوءه و استراتيجيته السياسية و الاقتصادية ، و لكل منها أيضاً مموليه و مستثمريه و مدخريه و طالبي قروضه و مساعداته . إن الدعوة لتأسيس مصرف بيئي مركزي و وضع مقدراته من أجل تحقيق بيئة حياتية خضراء تحصد ثمارها أجيال اليوم و المستقبل هو مشروع عملياتي إيكولوجي اقتصادي حضاري و ضرورة سياسية ذات مضامين وأبعاد نفسية و اجتماعية و تربوية تستحق إمعان التفكير و البدء بالتخطيط من أجل بناء الكادر ، إنها أحد أشكال البدايات المتواضعة و التي تقود إلى طرح حوار إيكولوجي من نوع جديد . وحيث أن انتشار وسائط الاتصالات الحديثة هو شرط كاف ولازم للتخلي عن ضرورة إنشاء فروع و دوائر بنكنوتية في مدن متعددة مما له مساهمته الكبرى في توفير الكثير من تكاليف التأسيس و تهيئة الكادر الاختصاصي و قبل كل شيء ذلك التوفير الهائل إذا ما علمنا بأن خبراء و موظفو البنوك البيئية والملتزمون و الصادقون في عملهم سوف لن يحتاجون إلى سيارات فارهة فإيمانهم بالعمل البيئي الذي يؤدونه سوف يدفعهم إلى استخدام الباص أو الدراجة للوصول إلى مكان العمل . للمصارف البيئية مصداقيتها و حسن النوايا فهي واعدة بالأمان و الريعية الجيدة . إنها أحد أكثر الوسائل الناجعة للارتقاء بالوعي البيئي و تشجيع ضرورات الاستثمار في الميدان البيئي. إن التأسيس لمصرف بيئي مركزي دوراً هاماً في اجتذاب و استقطاب رؤوس الأموال المكدسة في البلاد الأجنبية و إعادة توظيفها في أنشطة محلية يستفيد منها المواطن و المستثمر ، هذا و إن شكل المصرف البيئي هو حل أكثر من منطقي أيضاً للراغبين في استثمار النقود بلا فوائد. قد تبدو فكرة إنشاء مصرف تسليف بيئي للبعض غريبة نوعاً ما و صعبة التحقيق على أرض الواقع. كما قد يتبادر إلى ذهن القارئ و المهتم البيئي بأنه هناك الكثير من الأفكار و التساؤلات و الأزمات البيئية التي لها الأولوية بالنقاش و تقديم الحلول . إلا أن المسألة في الحقيقة ليست كذلك ، فمع بداية الألفية الثالثة بدأت الشروط الموضوعية و الذاتية عالمياً بالتبلور من أجل وضع و دراسة خطط جديدة للربط الفعال بين الاقتصاد و الإيكولوجيا، فقد ولَ زمن التغني البيئوي بشكله الرومانسي الإخباري ، و عليه فقد جاء الوقت المناسب لتأسيس شكلاً حديثاً للمصارف ...مصارف التسليف البيئي ، و التي تكمن مهمتها الأساسية في تقديم النصائح و الاستشارات العلموية الاقتصادية و البرامج التشجيعية الصحية لكافة الأفراد و الجمعيات و المؤسسات وكل الراغبين في مجالات الاستثمار البيئي ، و حيث أن حماية البيئة و إرساء أوليات نظرية ديمومة التنمية لاتقتصر على الحكومات فقط بل تمتد لتشمل مشاركة كل كائن حي قادر على التفكير و النطق . المصرف البيئي له مهمة الجمع بين الاحتراف الإداري البنكنوتي الناجح و القدرة على تحمل المسؤولية الإيكولوجية و الاجتماعية ، بالإضافة لذلك ينبغي على كوادر المصرف البيئي أن تضع مقدراتها العلمية من أجل بناء بيئة صحية و سليمة ، من أجل الماء النظيف و الهواء النقي و حماية المناخ و احترام و حفظ مصادر و أسس الحياة الطبيعية. يجب أن يكون نشاط المصرف البيئي ذا طابع استثماري يكمن في توظيف الأموال و استثمارها بشكل نظيف يعود بالمنفعة العامة للشعب والبلد و تقديم القروض للمشاريع البيئية الزراعية و الصناعية و العمرانية و مشاريع توفير الطاقة و تطوير الطاقات المتجددة ومشاريع الإنتاج الرفيق للبيئة و مشاريع تجنب النفايات ، و كذلك تقديم القروض المعفاة من الفوائد و ذلك بغية تشجيع و دعم الأبحاث البيئية ، و تقديم مكافآت و خدمات نقدية لحث المبدعين على المثابرة و حماية براءات الاختراع في المضمار الإبكولوجي ، و تقديم قروض للإعلام البيئي و أخرى طلابية ضمن عقود نظامية تضمن استرجاع المبالغ المدفوعة بفوائد معقولة و ذلك للراغبين في الدراسة و التخصص في المجال البيئي. يزداد عالم اليوم تشابكاً و لذا فإن طريق التفكير الإيكولوجي يعني التفكير اللامركزي و اللاخطي وبالنسبة للجيل الشاب الصاعد فإن هذا التوجه الفكري هو أحد الاتجاهات الواعدة نحو تحقيق الذات و المشاركة في صنع القرار . إن التوجه الإيكوايديولوجي هو أحد أشكال التوجهات للوصول إلى مجتمع الرفاهية النظيفة ، والسياسة الخضراء هي سياسة ذات مستقبل واعد ، فالإيكولوجيون يشاركون اليوم في حكم و قيادة وإدارة البلدان المتقدمة . إن المضي قدماً في هذا الاتجاه هو حالة إيجابية لا مفر منها و لا رجوع عنها شئنا أم أبينا .
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخضر الألماني و تحالف التسعين
-
الاستثمار الأخضر للنقود
-
الكوسموس التكنونانوي و مخاطر التلوث البيئي ـ 3 ـ
-
تطبيقات التكنولوجيا النانوية ـ 2 ـ
-
الكوسموس التكنونانوي ـ 1 ـ
-
ـ 2 ـ الجامعات و الإيكوتكنوايديولوجيا
-
-1- الجامعات و الإيكوتكنوايديولوجيا
-
الأهمية البيئية للطاقة الهوائية
-
عالمية التأهيل الهندسي في عصر العولمة ـ الجامعة الألمانية نم
...
-
حول التعليم العالي في ألمانيا
-
السياسة البيئية ومهامها الأساسية
-
الفوائد البيئية و الإقتصادية الناجمة عن معالجة المخلفات العض
...
-
الفوائد البيئية و الإقتصادية الناجمة عن معالجة المخلفات العض
...
المزيد.....
-
-الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن
...
-
شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
-
آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف
...
-
مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا
...
-
هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات
...
-
باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ
...
-
توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
-
ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي
...
-
زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران
...
-
توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل
...
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|