أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - الإرهاب اليهودي -الصهيوني و قيام دولة إسرائيل -4















المزيد.....



الإرهاب اليهودي -الصهيوني و قيام دولة إسرائيل -4


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 6373 - 2019 / 10 / 8 - 05:42
المحور: القضية الفلسطينية
    


الفصل الرابع
عصابة شتيرن: [ المقاتلون من أجل حرية إسرائيل לוחמי חרות ישראל{ لوحامي حيروت إسرائيل} وتعرف باسم المختصر ليحي לח"י]
إثر قيام منظمة الإرغون بتفجير استوديوهات الإذاعة الفلسطينية احتجاجاً على الكتاب الأبيض سنة 1939 اعتقلت السلطات البريطانية دافيد رازيل زعيم المنظمة في الوقت الذي كان فيه أبراهام شتيرن -الرجل الثاني في إرغون- في بولندة يحاول الحصول على سلاح لتدريب عناصر و مقاتلي منظمته, فهرع مسرعاُ بالعودة إلى فلسطين لتولي زمام القيادة. انصب اهتمام شتيرن في البداية على وضع حد لما تم الكشف هنه مؤخرا من قيام إدارة الشرطة الانتدابية بـ " تعذيب" السجناء, وقد ارتبط شتيرن مع رالف كيرنز مدير الشرطة و رئيس القسم اليهودي في إدارة الشرطة الانتدابية بإجراءات الاعتقال التي تزعم إرغون أنها تمثل "تعذيباً". و أعلن شتيرن قرار الإرغون بإعدام كيرنز , وفي السابع من آب أغسطس 1939 قبضت الشرطة على شتيرن في سياق الحملة التي اعتقلت رازيل, وفي الثاني و العشرين من نفس الشهر قتل كيرنز عندما انفجرت سيارته بواسطة إثر ارتطامها بلغم أرضي زرعته عناصر الإرغون(1). وعقب اندلاع الحرب العالمية الثانية، أعلن جميع أعضاء قيادة الإرغون المسجونين في معسكر الاعتقال في صرفند هدنة مع بريطانيا العظمى طيلة فترة الحرب(2) . تسبب إعلان الهدنة في الانقسام بين رازيل وشتيرن. كان شتيرن مهووساً بفكرة الاستقلال اليهودي في فلسطين ولم يرَ فرقاً بين بريطانيا العظمى وألمانيا حيث كلاهما يعارضان قيام دولة يهودية. وقد أدرك وجود خلافات طفيفة في درجات الخطأ القاتل، أي أن معارضة الدولة اليهودية كانت خطأ قاتلاً سواء ارتكبه هذا الخطأ الحكومة البريطانية أو الألمانية أو أي حكومة أخرى (3). أطلق سراح رازيل في كانون الثاني-يناير 1940, و تبعه شتيرن بعد حوالي خمسة اشهر. اتهم شتيرن رازيل بالتعاون مع البريطانيين وعقد صفقة سرية معهم, رفض رازيل اتهامات شتيرن و ندد بها و استقال من منصبه كقائد للإرغون ,فآل الأمر إلى ابراهام شتيرن. و لرأب الصدع بين القائدين , وجهت الإرغون نداء لزعيمها الروحي و الفلسفي فلاديمير جابوتنسكي لتسوية الخلافات بين القادة. وبسبب مخاوفه من عقلية شتيرن الإرهابية طلب منه جابوتنسكي الاستقالة لصالح رازيل لكن شتيرن رفض العرض, و في سبتمبر 1940 توفي جابوتنسكي. فانسحب شتيرن من الإرغون وشكّل تنظيمه الخاص متعهداً محاربة الإمبريالية البريطانية في كل مكان(4). أطلق شتيرن على فصيله الجديد اسم المقاتلون من أجل حرية إسرائيل [ לוחמי חרות ישראל{ لوحامي حيروت إسرائيل} وتعرف اختصاراً باسم ليحي לח"י] لكن الفصيل اشتهر بالتسمية الأكثر شيوعاً " شتيرن" أو " عصابة شتيرن"(5). كما اشنهر أبراهام شتيرن بوصف الإرهابي البغيض.
ولد أبراهام شتيرن في سولاكي في بولندة في العام 1907, وكان شاعراً و يتحدث الروسية و البولندية بطلاقة, و يتكلم الإيطالية, ويتحدث بلغة عبرية فصحية كما قرأ هوميروس بلغته الإغريقية الأصلية, كان لدى شتيرن تصور عن الإمبراطورية اليهودية تمتد من النيل إلى الفرات وأقسم على تدمير كل من بعارض حركة التحرير العبرية(6). بيد أنه أدرك عدم إمكانية تحقيق دولة عبرية إلا عبر الكفاح المسلح. "مستقبل اليهود سيقرره النضال في فلسطين. ليست ألمانيا من يقف في طريق الاستقلال, بل عقبة الاستقلال هي بريطانيا وأي هدنة معها تعني وقف القتال من أجل الاستقلال. لذلك، ستبقى بريطانيا هي العدو "(7). وبسبب من تعصبه هذا للدولة اليهودية كان شتيرن على اقتناع بأن تقديم العون لبريطانيا [ في حربها ضد ألمانيا] لن يساعد في قيام دولة يهودية لكنه يمنح هتلر القوة(8). خطط شتيرن لتدريب نحو 40000 عنصر من يهود أوروبا و غزو فلسطين من الموانىء الإيطالية. و يبدو أن الحكومة الإيطالية كانت مستعدة للمضي قدماً في خطة شتيرن، ولكن رد فعل بولندا على اقتراح شتيرن بتسليح وتدريب اليهود غير معروف باستثناء ما عرف عن إنشاء مدرسة لتدريب الضباط في جنوب غرب بولندا في مزرعة في جبال زكافنا (9). ومع بداية الحرب العالمية الثانية لم تكن السياسة الرسمية الألمانية النهائية بخصوص الوضح على تلك الدرجة من لوضح و اليقين لذلك عمدت إلى الخداع و التمويه بشأن استخدامها لمعسكرات الاعتقال و تبنت سياسة نفي اليهود إلى مدغشقر(10). أرسل شتيرن الرجل الثاني في القيادة ناثان فريدمان-يلين إلى البلقان للتفاوض مع الألمان بهدف الإفراج عن" عشرات الآلاف" من الأوروبيين اليهود(11). لكن خطة شتيرن فشلت- على الرغم من أنها كانت مثيرة للاهتمام آنذاك- بسبب القاء القبض على فريدمان-يلين من قبل البريطانيين و من ثم نقله إلى السجن في سوريا(12).
أدرك جابوتنسكي أن على الثورة اليهودية ضد البريطانيين أن تركز على المؤسسات المدنية فقط ، على سبيل المثال مكاتب البريد، مراكز الشرطة والمكاتب الإدارية ، بمعنى عدم مهاجمة قواعد و معسكرات و أفراد الجيش البريطاني, وعلى الإرغون أن السلطات البريطانية قبل كل هجوم. وقد وصف شتيرن مثل هذه التكتيكات بأنها " تكتيكات رومنسية محفوفة بالمخاطر"(13). ونتيجة لذلك، كانت جميع الهجمات ضد الجيش البريطاني ( و القليلة نسبياً) و التي حدثت خلال الحرب نفذتها عصابة شتيرن التي لم تكن مرتبطة بتكتل أو جسم أو كيان دولي مثل منظمة الصهيونية العالمية أو منظمة الصهيونية الجديدة, واضطرت لتمويل أنشطتها من خلال السطو على البنوك ومحلات المجوهرات. وكان هدف عصابة شتيرن المفضل بنك أنجلو فلسطين . ونتيجة للأوضاع المالية الهزيلة لمنظمة ليحي اضطر شتيرن للعيش على راتب لا يتجاوز 10 دولارات شهرياً (14).
في أوائل العام 1942، زعمت ليحي أن العديد من أعضائها تعرضوا للتعذيب على يد النقيب جيفري مورتون من إدارة الشرطة الانتدابية فقرر شتيرن التخلص منه , كانت خطة شتيرن دفع مورتون للقدوم لمكان الاغتيال [ كانت خطة شتيرن بسيطة و ساذجة في آن , فقد قام رجاله بزرع قنبلتين في أحد المباني في تل أبيب ,الهدف من القنبلة الأولى لفت انتباه النقيب مورتون وجلبه لمكان الحادث , وعندها تنفجر القنبلة الثانية فتقتله-المترجم] تم اختيار يوم العشرين من كانون الثاني-يناير 1942 كموعد للعملية, غير أن مورتون أرسل لمكان الحادث ثلاثة من رجال الشرطة بدلاُ منه نائب المشرف سليمان شيف، والمفتش غولدمان (كلاهما من اليهود) و المفتش جورج تورتون, فقتل شيف على الفور و لحقه غولدمان بعد ذلك بوقت قصير, أما تورتون فقد مات بعد يومين(22) .انتابت الييشوف موجة غضب إثر مقتل ضباط الشرطة اليهود. و في السابع من شباط- فبراير عرض البريطانيون مكافأة قدرها 1000 جنيه ( 5000 دولار) للقبض على شتيرن(16). و بعد ذلك بخمسة أيام وحسب ما يصف أنصار شتيرن ما حدث بالظروف الغامضة اعتقل شتيرن و قتل, و ما قيل عن " الظروف الغامضة" يمكن وصفها كما يلي: بعد تفجير الشقة , اختبأ شتيرن في شقة موشي سفوراي أحد أتباعه الذين ألقي القبض عليه قبل أسبوعين. وتقع الشقة في الطابق الرابع من مبنى يقع في شارع مزراحي ب في القدس [ شارع شتيرن حالياً- المترجم], ومجرد أن اقترب البريطانيون من باب الشقة حتى قامت السيدة سفوراي بإخفاء شتيرن في خزانة الملابس, بحث الكابتن مورتون ورجاله عن شتيرن حتى عثروا عليه. وفي الوقت الذي كانت السيدة سفوراي يقودها رجال مورتون خارج الشقة لمحت شتيرن مكبلاً و محاطاً برجال الشرطة و تزعم السيدة سفوراي أنها سمعت ثلاث طلقات مصدرها شقتها ثم شاهدت جثة شتيرن ملفوفة في بطانية ألقي بها من درج الطابق الرابع. قالت السلطات البريطانية أن أبراهام شتيرن" قتل رمياً بالرصاص عندما حاول الهرب من النافذة"(17). و يفيد تقرير الشرطة أن شتيرن انسل هرباً نحو النافذة محاولاً فتحها فأصيب بالرصاص قل أن يتمكن من الوصول إليها(18).ثم قامت الشرطة باعتقال عناصر الحركة باستثناء 25 عنصراً من أتباع شتيرن بمن فيهم نثان فريدمان-يلين الرجل الثاني في العصابة, وبوجود نحو 200 عنصر من المؤيدين لشتيرن في السجن كان يمكن القول أن الحركة قد انتهت بموته, لكن هذا لم يحصل(19). و من بين الـ 25 الذين بقوا أحراراً كان الدكتور شييب و ويوشع كوهين, وفي الأول من أيلول-سبتمبر هرب كل من يتسحاق يزرنتسكي و دافيد شاؤول من سجن معسكر مزريع والتحقوا بمجموعة الـ 25, اختبأ يزرنتسكي و كوهين في بيارة برتقال لعدة أسابيع متخفين عن أعين البريطانيين فأطلق يزرنتسكي لحيته وانتحل شخصية حاخام ” باحث تلمودي محني الظهر و كثير السعال " وأطلق على نفسه اسم الحاخام شامير(20). أما كوهين الذي ولد في فلسطين فيوصف بأنه " جيش في رجل واحد" لدرجة أن السلطات البريطانية كرست جائزة قدرها 3000 دولار لمن يدل عليه ولم يكن قد تجاوز السادسة عشر من عمره(21). أما الدكتور شييب فقد هاجر إلى فلسطين في العام 1941, واعتمد اسم الدكتور إلداد, ثم غيّره إلى " سمبطيون"(22). [ وفقاً للإرث التلمودي هو المكان الذي نفيت إليه الاسباط الإسرائيلية العشرة المفقودة , و يذكر موسى بن ميمون أن الأسباط العشرة انتهوا حين نفاهم الرب إلى نهر " سمبطيون" بسبب مخالفتهم أزامر الرب كما يشير سفر أخبار الأيام الثاني , كما يذكر في شرحه لما ورد في الإصحاح 32 من سفر التثنية : [26 قُلْتُ: أُبَدِّدُهُمْ إِلَى الزَّوَايَا، وَأُبَطِّلُ مِنَ النَّاسِ ذِكْرَهُمْ.] بان المقصود بهم أباط العشرة , و يشرح معنى الاسم " سمبطيون" لأنه يتوقف في أيام السبت و الكلمة اصله من كلمة "سَبَتْ" ومن المعتاد، في لغتهم - على حد قول ابن ميمون - إضافة المقطع "يون" عند الوصف، فتكون الكلمة "سَبْتِيُون" ثم "شبتيون"، التي أصبحت بمرور الزمن "سمبطيون". بينما يرى المفسر "رشي"، أن "سمبطيون" هو نهر من الحجارة، يجري بها وتتدفق حجارته، دون قطرة ماء واحدة، ويتوقف عن الجريان بالحجارة يوم السبت!، وحسب الشروحات التلمودية و الهاجّادا يعتقد أن جزءًا من الأسباط العشرة نفاهم "شلمنصر"، ملك آشور، إلى حيث هذا النهر. المترجم] .
جنّد الحاخام شامير إلى جانبه أحد أنصار رازيل السابقين و يدعى أفيغاد و ابتدأ في إعادة بناء ليحي (23). و في ظل التنظيم الجديد للحركة تولت القيادة لجنة مركزية ثلاثية: الدكتور إلداد و الحاخام شامير و نثان فريدمان-يلين ( في سجن اللطرون ) (24). لم يراع في إعادة البناء التنظيمي للحركة الهيكلية العسكرية, فلاوجود لمناصب ورتب عسكرية, كان القائد ببساطة هو "من يكون في موقع المسؤولية" . تحولت ليحي إلى منظمة ثورية سرية (25). و احتوى اسم الحركة " ليحي" المكون من الأحرف الأولى على تضمين معنى مجازي , وأصبح مثل هذا النوع من التسميات مفضلاً لدى المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط, فكلمة " ليحي" بالعبرية تعني " الفك" وهذا ما يحيل إلى العلاقة بين شمشون التوراتي و الفلستيين[ ورد في الإصحاح 15 من سفر القضاة[ 14 وَلَمَّا جَاءَ إِلَى لَحْيٍ، صَاحَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِلِقَائِهِ. فَحَلَّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، فَكَانَ الْحَبْلاَنِ اللَّذَانِ عَلَى ذِرَاعَيْهِ كَكَتَّانٍ أُحْرِقَ بِالنَّارِ، فَانْحَلَّ الْوِثَاقُ عَنْ يَدَيْهِ.15 وَوَجَدَ لَحْيَ حِمَارٍ طَرِيًّا، فَمَدَّ يَدَهُ وَأَخَذَهُ وَضَرَبَ بِهِ أَلْفَ رَجُل.16 فَقَالَ شَمْشُونُ: «بِلَحْيِ حِمَارٍ كُومَةً كُومَتَيْنِ. بِلَحْيِ حِمَارٍ قَتَلْتُ أَلْفَ رَجُل».17 وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكَلاَمِ رَمَى اللَّحْيِ مِنْ يَدِهِ، وَدَعَا ذلِكَ الْمَكَانَ «رَمَتَ لَحْيٍ». – المترجم]. كما أن المعنى المجازي يربط بين عصابة شتيرن و بريطانيا العظمى. و يمكن للقراء المعاصرين ملاحظة مثل هذا النوع من التضمين والتلاعب بالكلمات فحركة التحرير الفلسطيني " فتح" تعبر الأحرف الأولى من اسمها عن كلمة "حتف" وبقلب الأحرف تصبح "فتح", و بتحريك الكلمة تعطى معنى " الغزو و الفتح", و من المثير للاهتمام أن نلاحظ الشبه بين شعاري حركة فتح[ الفلسطينية الحديثة] و منظمة الإرغون [ الصهيونية المنحلة] حيث تظهر قبضات الأيدي مثبتة على بنادق متراكبة على خارطة فلسطين.
اختار شامير الإرهاب كطريقة وحيدة لعمليات ليحي, وكان عدد عناصر عصابة شتيرن قليل نوعاً ما ومن هذه القلة كان عناصر قليلة من تملك سلاحاً للقيام بعملية كبيرة, لذلك ركز شامير على الأعمال الإرهابية الفردية في حربه ضد البريطانيين(26). " الرجل الذي يخرج ليقتل رجلاً آخر لا يعرفه عليه أن يؤمن بشيء واحد فقط- أن ما يفعله سوف يغير مجرى التاريخ" (27). " مثل هذه الأفعال ستضعف الحكومة و تجعلها غير فعالة, وسوف يكون لهذه الأفعال أصداء قوية في كل مكان, وسوف تثبت للسلطات بأنه لا يمكنها فرض القانون و النظام في فلسطين ما لم يستقدموا قوات كثيرة بتكلفة عالية " (28).
تولى أفيغاد مهمة بناء و تدريب التنظيم السري, ودرس أنشطة الجيش الجمهوري الإيرلندي و منظمة نورودنيا فوليا Народная Воля ( وتعني إرادة الشعب , وهي مجموعة من الإرهابيين الروس مسؤولة عن اغتيال القيصر ألكسندر الثاني سنة 1881) ومنظمة تسرنا روكا Црна рука الصربية [ وتعني الكف الأسود] كما شاهد كل أفلام الويستيرن و العصابات وقرأ كل ما كتب عن آل كابوني و العصابات المحظورة. و درس التكتيكات بين المهربين و "رجال الشرطة"(29). أصدر فريدمان-يلين أمراً جديداً يطلب فيه من كل عضو أن يكون مسلحاً على الدوام, مثل هذا العدد الصغير لا يمكنه أن يغير من مخاطر الاعتقال : اقتل أو تُقتل(30). وفي الأول من تشرين الثاني- نوفمبر 1943، حفر ناثان فريدمان- يلين رفقة 20 آخرين نفقاً في سجن اللطرون و تمكنوا من الفرار (31). لتبدأ ليحي بعدها بتوسيع أنشطتها.
كانت ليحي تعاني من مشاكل إيديولوجية, وظهر فصيلين بذات الوقت, فصيل بقيادة يهوشع زيتلر والذي كان متشدداً للغاية, بينما كان الفصيل الثاني الأقل عدداً و الذي يتبع فريدمان-يلين يرغب بتشكيل حزب سياسي يخرج من عباءة عصابة شتيرن (32). بينما وقف إسرائيل شييب بعيداً عن النزاع وكان يقتبس عبارات من الكتاب المقدس لتبرير الإرهاب و العنف في سبيل خلق دولة يهودية(33).
مع تخلي بريطانيا عن برنامج بلتيمور، زاد عناصر شتيرن من هجماتهم في العام 1944. و ما بين كانون الثاني-يناير و آب- أغسطس من ذلك العام ، قُتل خمسة عشر شخصًا على يد عصابة شتيرن(34) . وفي 16 شباط-فبراير, كان المفتش غرين و الشرطي إيفير يبحثان في حيفا عن يهود يحملون "منشورات تحريضية". عندما حاولوا فتح "الطرود المشبوهة"، فسحب أصحاب الطرد سلاحهما و أطلقا النار على رجال الشرطة فأردوهم في الحال(35). افتتحت صحيفة تايمز اللندنية كمما يلي: "أصبحت بروباغاندة الإرهاب شائعة على نحو متزايد في قطاع من المجتمع اليهودي الذي يشن حملة ضد الكتاب الأبيض ويدعو إلى إقامة دولة يهودية بأسرع وقت ممكن"(36). و في الخامس و العشرين من الشهر نفسه فجرت عصابة شتيرن سيارتي شرطة (37), لكن في شهر آذار-مارس بلغ شعار " اقتل أو تُقتل" أثره, ففي العشرين منه تم محاصرة أحد عناصر شتيرن من قبل رجال الشرطة فأطلق عليهم النار حتى قُتل( 38). و في الرابع و العشرين دمر انفجار مقر الشرطة في حيفا, فقتل ثلاثة عناصر من الشرطة و جرح ثلاثة آخرون. وفي ذات اليوم وعلى بعد 70 كيلومتراً تم تدمير أحد أجنحة مقر الشرطة في يافا المكون من ثلاثة طوابق عن طريق قنبلة. وفي القدس قتل شرطيان و جرح اثنان آخران بعدة حوادث تفجير و إطلاق نار , وتحت تأثير هذه الهجمات , أعلنت السلطات البريطانية حظراً للتجوال من الخامسة صباحاً حتى الخامسة مساءً في حارة اليهود في القدس(39). بقي قرار الحظر سارياً حتى يوم 7 نيسان -ابريل 1944, بعد أن تم اعتقال نحو 60 شخصاً مشتبه بهم (40).
أعلن البريطانيون عن مكافآت بلغ مجموعها 1900 جنيه في السابع من نيسان-أبريل . ومن بين العناصر الستة من عصابة شتيرن المذكورين في المكافآت يعقوب ليفشتين وفريدمان يلين 500 جنيه لكل واحد(41). فشلت سياسة المكافآت في ردع شتيرن فاستمرت الهجمات المتفرقة على رجال ومفتشي الشرطة أثناء الصيف. وفي 8 آب- أغسطس 1944، تصاعدت وترة عمليات ليحي وحاولت الحركة اغتياله المفوض السامي السير هارولد مكمايكل. فشل الهجوم، لكن ثلاثة من موظفي مكمايكل أصيبوا (42) . كانت محاولة اغتيال المفوض السامي مؤامرة من شأنها أن تصل إلى برلمان بريطانيا العظمى. ومن أجل دراسة تعاقب الحوادث، من الضروري أن نتذكر حادثة باتريا. [راجع الفصل الثاني] الرسمية اليهودية وكان موقف الوكالة في وقت وفاة اللاجئين ذلك كانوا انتحارًا جماعيًا احتجاجًا على التعنت البريطاني تجاه الهجرة اليهودية(43) . وفي شباط-فبراير 1942 ، وقع حادث مماثل في تركيا للسفينة ستروما التي كان على متنها 747 يهودياً من دول أوروبا الشرقية، رست السفينة في ميناء تركي لمدة شهرين , ولم يسمح السير هارولد مكمايكل للسفين بالدخول إلى فلسطين لاعتقاده أن من بين الركاب ثمة عملاء نازيين. و في الرابع عشر من الشهر تم سحب السفينة باتجاه لبحر الأسود، حيث غرقت هناك, ولم ينج سوى راكب واحد من كل من كان على ظهرها , وصفت الوكالة اليهودية ما حصل للركاب بأنه " انتحار جماعي"(44). و انتشرت الكتيبات و النشرات في عموم فلسطين تقول " السير هارولد مكمايكل ، المعروف باسم المفوض السامي لفلسطين ، مطلوب لقتله غرقاً 800 مهاجر كانوا على متن السفينة ستروما(45). حاولت عصابة شتيرن تنفيذ عملية قتل السير هارولد مكمايكل خمس مرات. وكانت المحاولة الخامسة والأخيرة يوم الثامن من آب- أغسطس (46). ثم غيرت اللجنة المركزية لحركة ليحي الهدف. وكانت الضحية الجديدة شخصية تقيم في القاهرة، هو الموظف السامي البريطاني والتر إدوارد غينيس، أو البارون موين، وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط والسكرتير الاستعماري في وقت كارثتي باتريا وستروما. كان اللورد موين رئيس السير مكمايكل، والمؤيد القوي للكتاب الأبيض الذي صدر سنة 1939، المدافع عن القضية العربية والمعادي الشديد للصهيونية، وهي الصفة التي التصقت به في العام 1941 عندما رفض السماح لحاييم وايزمان بتشكل جيش يهودي لمحاربة هتلر(48). ثمة قصة أخرى ، لا أساس لها من الصحة تماما ، ولكنها كانت مع ذلك سائدة، عززت التسمية المعادية للصهيونية. تقول القصة أنه تم القبض على يهودي مجري يدعى نويل براند في سوريا لكونه عميل نازي. يقول براند أن أدولف ايخمان قد أذن بالاتجار بمليون يهودي مقابل "عشرة آلاف شاحنة و كمية من الشاي و القهوة و الصابون و بضائع أخرى". وكان رد اللورد موين كالآتي " يا زميلي العزيز، وماذا سأفعل يمليون يهودي؟"(49) " يعطي سمبطيون ثلاثة أسباب تستوجب موت موين: "أولاً : إنه يدفع بحياته الخاصة ثمناً لموقفه. هو ينفذ سياسة ، لكن هذه السياسة تتدفق جزئياً من التوجيه المعطى من لندن. هو المسؤول كرمز ولكن أيضا كشخصية. ثانياً: الرجل الذي يخلفه سوف يفكر مرتين قبل أن يفعل الشيء ذاته, ثالثاً : موته يشكل مرحلة تمكننا من شرح وافعنا للعالم "(50). برر الحاخام شامير هذا الفعل لأن صراع ليحي لم يكن مجرد "... ليس سوء تفاهم بين سكان أصليين وإدارة محلية- لكنه صراع بين أمة مقاتلة تطالب بحريتها القومية... و سلطة إمبريالية تنكر ذلك"(51).
تآمرت عصابة شتيرن، تحت قيادة يزرنتسكي و فريدمان-يلين و شييب على اغتيال اللورد موين في أوائل آب- أغسطس 1944( 52). و تم اختيار القتلة بعناية وهم إلياهو حكيم و إلياهو بيتسوري اللذان كانا يكنان كراهية شديدة للدور لبريطاني في أعمال الشغب التي حصلت أعوام 1921 و 1929 , ولم يحصل بعد هذا التاريخ ما يمكنه أن يغير كراهيتهم تلك. تم اختيار إلياهو حكيم لأنه كان أمهر قناص في العصابة, تأثر إلياهو حكيم بكارثة السفينة "باتريا" فكان موت موين يعني بالنسبة له الانتقام( 53) . وكان القاتل الآخر ، بيتسوري، أفضل متحدث في عصابة شتيرن( 54) . "وهكذا ، فإن من تم اختياره لقتل موين عليه أن لا يخطئه؛ وإذا تم القبض عليهم، فإن من شأنه أن يعد دفاعاً بليغاً أمام العالم "(55). وفي القاهرة تواجد 12 عنصر من ليحي بوصفهم أعضاء في الجيش الملكي, أعدوا السكن والغطاء والمعلومات حول موين(56) . وفي الرابع عشر من أيلول- سبتمبر، وصل إلياهو حكيم إلى القاهرة من فلسطين و ثم بعد شهر وصل في 19 تشرين أول-أكتوبر ، وصل بيتسوري إلى القاهرة. " راقب" القاتلان الوضع ، ودرسا وقت وصول ومغادرة موين وتحركاته الروتينية. و خططا أيضاً لطريق هروبهم. التواريخ المختارة للهجوم كانت في لفترة الثالث من تشرين أول- أكتوبر أو الحادي و الثلاثين منه أو السادس من تشرين الثاني-نوفمبر(57). كان اللورد موين في مؤتمر خارج مصر في الأيام الأخيرة من شهر تشرين أول- أكتوبر، لذلك كان يوم السادس من تشرين الثاني-نوفمبر يوماً مصيرياً. و في السادس من شهر و عند الساعة الثانية عشر و النصف غادر اللورد موين مقر عمله متجهاً نحو منزله للقيلولة التقليدية من الواحدة ظهراً حتى الخامسة مساءً . وكان بصحبته مساعده النقيب آرثر هيوز أونسلو, و السيدة دوروثي أوسموند سكرتيرته ؛ وسائقه العريف فولر. وما إن توقفت السيارة أمام منزل اللورد موين حتى مضى النقيب هيوز أنسلو لفتح البوابة وانتقل العريف فولر لفتح باب السيارة فقفز القتلة من بين الشجيرات و ركض حكيم باتجاه باب السيارة المفتوح وأطلق ثلاث طلقات على اللورد موين الذي توفي في الساعة 8:40 من مساء اليوم. حاول العريف فولر إيقاف الهجوم فأطلق عليه بيتسوري ثلاثة رصاصات فمات على الفور في مكان الحادث و امتطوا دراجتهم و مضوا مسرعين باتجاه نهر النيل والمنطقة الشعبية من القاهرة على الجانب الآخر على أمل أن يضيعوا بين الحشود(58). الشرطي المصري محمد الأمين عبد الله الذي كان يقود دراجة نارية الذي كان يمر اثناء المطاردة . أطلق بيتسوري النار على الشرطي المصري واختفى. رد الأمين عبد الله على النار بالمثل و أصاب بيتسوري, فعاد حكيم لمساعدته, فهجم حشد من المارة على بيتسوري وحكيم و قبضوا عليهما وتم تسليمهما للشرطة(59). ووفقاً لمخططهم , التزم حكيم و بيتسوري الصمت لمدة ثلاثة أيام لتمكين ليحي من حماية عناصر شتيرن الآخرين في مصر(60). ثم كشفوا عن أنفسهم بأنهم أعضاء في عصابة شتيرن. كان الارتباك متفشيا بعد الاعتراف. استغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى تم نشر الأسماء الحقيقية للقتلة. وكانت صحيفة التايمز اللندنية قد قالت في البداية أن القاتلين هما موشي كوهين إسحاق وحاييم سالزمان . وكان بيتسوري قد أعلن في اعترافه عن الأسباب التالية وراء اغتيال موين:
1. كان موين رئيساً لقسم الشرق الأوسط في الحكومة البريطانية.
2. كان رمزا للحكم البريطاني في فلسطين.
3. كان مسؤولاً عن السياسات القمعية القاسية ضد القوميين اليهود (62) .
ورددت صحيفة هآرتس في تل أبيب مشاعر الييشوف "لقد بذلوا المزيد من الجهد من قبل هذه الجريمة المشؤومة لهدم الصرح الذي أقامته ثلاثة أجيال من رواد اليهود أكثر مما يمكن تصوره. "(63)
وناشد البرلمان الييشوف للتعاون في القبض على إرهابي ليحي و إتسل (64) . افتتح الاغتيال حملة " الموسم" .و أعلن بن غوريون والهاغاناه الحرب على الإرغون و عصابة شتيرن. وأخبرت ليحي غولومب عضو الهاغاناه أن شتيرن قامت بتعليق عملياتها، وبالتالي تحملت الإرغون العبء الأكبر من هجوم الهاغاناه( 65) . بدأت محاكمة القتلة في كانون الثاني- يناير 1945، بوجود مراسلين عدة صحف محلية و عالمية : بالستين بوست و نيويورك تايمز و التايمز اللندنية و وكالات سي بي سي و إن بي سي و يو بي آىي وأسوشييتيد برس و وكالة فرانس و رويترز و دافار و هآرتس (66). اعترف المتهمان بجريمتهما وقررا أنه نظراً أن اغتيال موين يعد من ضمن السياسات الدولية، فإن محكمتهم المصرية غير كافية أو مقنعة لمقاضاتهم على الهجوم (67).
على الرغم من المناشدات البليغة التي قدمها محامي الدفاع وحجم الدم الشعبي للمتهمين، أدين إلياهو بيتسوري و إلياهو حكيم في الثامن عشر من كانون الثاني-18 يناير وحُكم عليهما بالإعدام( 68) . كان هناك احتمال أن يقوم الملك فاروق بتحفيف الحكم إلى السجن المؤبد حتى يوم 24 شباط-فبراير حيث تم في ذلك اليوم اغتيال أحمد ماهر رئيس الوزراء المصري . و بسبب الغضب الدولي من سلسلة الاغتيالات هذه لم يكن أمام النقراشي باشا ,رئيس الوزراء الجديد، خيار سوى إعدام اليهود المدانين في اغتيال اللورد موين في 22 آذار- مارس 1945 (69) . تعاظم الاستياء من الهاغانا وتكثف [ بين الييشوف] بسبب قسوة [ الحملة البريطانية العروفة باسم]"الموسم". و تعمق كره تعاون الهاغاناه مع البريطانيين بعد ترحيل 279 شخصاً من عناصر شتيرن و الإرغون من قبل البريطانيين(70). ولكن تم منع حدوث ثورة خطيرة عندما تشكلت حركة المقاومة اليهودية في تشرين الثاني- نوفمبر 1945(71). [انظر الفصل الثاني]. و م حل حركة المقاومة فعليا في 29 حزيران-يونيو 1946، باحتلال القوات البريطانية لمقر الوكالة اليهودية. و منذ ذلك التاريخ عملت شتيرن, مثلها مثل الإرغون دون توجيه أو تحكم من الوكالة اليهودية. وكان التركيز بشكل رئيسي على مراكز الشرطة والبنوك و واصلت شتيرن نشر نوع خاص من الإرهاب ضد البريطانيون حتى تم إعلان تقسيم فلسطين. ثم تحول التركيز في الهجمات ضد السكان العرب في فلسطين( 72) .و مع إعلان دولة إسرائيل على 14 مايو 1948 ، اندمجت عصابة شتيرن مع الهاغاناه والبالماخ في قوات الدفاع الإسرائيلية [ الجيش الإسرائيل] (73) .
حادثتان تستحقان إشارة خاصة في مناقشة إرهاب عصابة شتيرن وطبيعته العشوائية العرضية. بدأت الحادثة الأولى في صيف عام 1947. وكان الرائد البريطاني روي فاران شوهد وهو يضع أبراهام رابينوفيتش المنتمي لشتيرن في سيارة. وعلى إثرها اختفى رابينوفيتش إلى الأبد. وبعد التحقيق في الحادث، رفضت المحاكم البريطانية القضية المرفوعة ضد الرائد فران لأنه لم يُظهر أبدًا أن رابينوفيتش كان من مسؤولية فاران ( 74) . وتعهدت ليحي بالانتقام من الشرطة ولكنهم أوقفوا الانتقام لأن الإرغون أدركت أن مثل هذه الهجمات ستخيف البريطانيين من الأحياء اليهودية في المدينة. في ذلك الوقت، كانت الإرغون تحاول القبض على رهائن بريطانيين مقابل عناصرها الثلاثة الذين حكم عليهم بالإعدام في سجن عكا (75). و بعد عام تقريبًا ، انفجرت عبوة ناسفة في قاعة هيستونز في كودسال في إنجلترة أسفرت عن مقتل السيد ريكس فاران، شقيق الرائد فاران. كان العنوان على الحزمة روي فاران. لقد وصلت شتيرن إلى إنكلتره لتنفيذ حكم القتل بحق الرائد فاران لكنها قتلت الرجل الخطأ( 76) .
تحولت الطبيعة المعادية للعرب عند ليحي مرة واحدة خلال حرب 1948 لإعادة خلق ذات الرعب والتوترات الذي خلقه اغتيال اللورد موين . و في آب- أغسطس 1948 ،كانت مازالت هدنة الأمم المتحدة سارية المفعول وكان هناك فريق خاص للأمم المتحدة في فلسطين. برئاسة الكونت فولك برنادوت ، رئيس منظمة الصليب الأحمر السويدية كوسيط أممي في فلسطين، وكان هذا الفريق قد اقترح تسوية الصراع العربي الإسرائيلي ضمن خطة تقضي باندماج فلسطين العربية مع شرق الأردن؛ وضم النقب إلى شرق الأردن؛ وسيعطى الجليل الغربي لليهود (في مقابل النقب)؛ مع إعادة جميع الذين فروا من فلسطين خلال الحرب إلى بيوتهم؛ سيتم ضم القدس إلى شرق الأردن وتصبح حيفا ميناءً دولياُ و كذلك مطار اللد (77) . كانت عصابة شتيرن الخصم الأكثر صراحة لهذه الخطة( 78) . ورابط عناصر شتيرن يوم العاشر من آب- أغسطس أمام السفارة البلجيكية احتجاجاً على وجود برنادوت في القدس. كانوا مشتتي الفكر بخصوص موشي ديان القائد الجديد لـ" المدينة الجديدة", و أحد الشعارات التي رفعها عناصر شتيرن كانت تقول " تذكروا اللورد موين" (79) . قرر قادة ليحي الثلاثة فريدمان-يلين وشييب و يزرنتسكي أن اغتيال برنادوت سوف يعطي حكومة بن غوريون "الشجاعة التي تفتقر إليها في تأكيد الحقوق الإسرائيلية" (80). أدرك المنشقون أن برنادوت لا يستطيع التأثير على العرب، لكنه يستطيع التأثير على الحكومة الإسرائيلية الجديدة. وفي صيف 1948، شعر الإرغون أنهم يستطيعون ذلك تحقيق حدود إسرائيلية آمنة حتى نهر الليطاني، ونهر الأردن وقناة السويس والبحر الأحمر. تخوفت كل من عصابة شتيرن و منظمة الإرغون من أن بن غوريون قد" يفرط" [ بهذه الحدود] لإرضاء صالح الأمم المتحدة . أنشأت ليحي ما عرف باسم جبهة أرض الآباء חזית הומולדת" حازيت هاموليدوت" لغرض اغتيال الكونت برنادوت (81). . هذه المنظمة الواجهة كان من المفترض أن تزيل الضغط عن عصابة شتيرن بعد الهجوم(82) .خطط للعملية ثلاثة من عصابة شتيرن و هم يهوشع زيلتر و يوشع كوهين و ستانلي غولدفوت, وبفضل خبرة يوشع كوهين فقد قام بتدريب كل من بيتسوري و حكيم (83). تم نشر كتيبات يدوية تحذر الكونت برنادوت وتطلب منه مغادرة فلسطين, لكنه و لإحساسه بحجم وجباته و مسؤولياته لم يغادر البلاد(84). و في 16 سبتمبر 1948 ، أثناء تنقله بالسيارة من مبنى الحكومة باتجاه حي القطمون في القدس للقاء دوف يوسف رئيس البلدية تعرض الوسيط الأممي إلى كمين أعده الإرهابيون فقتل الكونت برنادوت و العقيد الفرنسي سيرات. وبحسب ما ورد فقد استخدم القتلة سيارة عسكرية إسرائيلية من طراز جيب 85 . وقد أبلغ القنصل الأمريكي الجنرال جون ماكدونالد وزارة الخارجية أن القتلة ربما كانوا من عصابة شتيرن( 86) . ونقلت رويترز عن أحد عناصر عصابة شتيرن الذي لم يكن على علم بالهجوم " أنا راض عن حدوث ذلك"(87 ). علنت منظمة حازيت هومولوديت مسئوليتها بالقول : "لقد أعدمنا برنادوت، الذي خدم علناً كعميل للعدو البريطاني. كان واجبه أن يمارس تأثيراً على السلطات البريطانية وخططها الرامية إلى تسليم بلادنا للحكم الأجنبي والتخلي عن السكان اليهود. هذه تكون نهاية كل أعداء حرية اليهود في وطنهم" ( 88).
أدركت الحكومة الإسرائيلية أن موت برنادوت كان "هجوماُ على سلطة الأمم المتحدة وهجوم محسوب على سيادة دولة إسرائيل" (89). كان القتلة "خونة لشعبهم وأعداء لحريتهم" (90). قام الجيش الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية بجمع 200 إرهابي ونشروا تدابير مكافحة الإرهاب: السجن من 5 إلى 25 سنة لعمل إرهابي ؛ السجن من سنة إلى خمس سنوات للعضوية في منظمة إرهابية ؛ والسجن لمدة تصل إلى 3 سنوات أو 1000 جنيه غرامة أو كليهما لمن يدعم منظمة إرهابية (91). شجبت صحيفة مفراك [ מברק ] الناطقة باسم عصابة شتيرن "حكومة القاعدة " في إسرائيل ودعت إلى إطلاق سراح 200 إرهابي(92) . و هرب كل من فريدمان-لين و شييب "إلى جهة مجهولة "(93). اعتقل فريدمان-يلين و لكن افرج عنه لاحقاُ مع المئتي عنصر الآخرين بعدما هدأ الغضب الدولي (94). وبينما كان في السجن , انتخب فريدمان-يلين عضواً في الكنيست, و بعد حادث اغتيال برنادوت، انضم عناصر عصابة شتيرن إلى الجيش الإسرائيلي وواصلت عملها باعتبارها جزء من الجيش الاسرائيلي.
لعل الوصف الأكثر ملاءمة لعصابة شتيرن ما قاله ليتفينوف: "لقد كانوا هم بحد ذاتهم معنى الخروج عن القانون"(95 ).
..................
ملاحظات
عنوان الكتاب:Jewish: Zionist terrorism and the establishment of Israel, First published 1977
المؤلف: Peeke, John Louis
الناشر:Calhoun: The NPS Institutional Archive DSpace Repository
http://hdl.handle.net/10945/18177. Downloaded from NPS Archive: Calhoun
المترجم: محمود الصباغ
................
الهوامش

1Frank, p. 20.
2 Ibid.
3 Sykes, p. 243.
4Frank, p. 91.
5Asprey, p. 772.
6Frank, p. 101
7 Katz, p. 52
8Ibid, p. 56.
9Frank, p. 78.
10 Ibid, p. 106.
11The Times, 24 January 1942.
12Katz, p. 56.
13 Frank, p. 103.
14 Ibid, p. 106.
15The Times, 21 January 1942 and 24 January 1942.
16Palestine Post, 7 February 1942, p. 1, col. 1.
17 Frank, p. 109.
18 Palestine Post, 13 February 1942, p. 1, col. 1
19Frank, p. 109.
20 Ibid, p. 121.
21Ibid
22 Ibid
23 Ibid, p. 129.
24 Ibid, p. 133.
25 Ibid, p. 129.
26Ibid.
27 Ibid, p. 35.
28Ibid, p. 129.
29Ibid, p. 133
30Ibid, p. 135.
31Ibid, p. 150.
32Kurzman, p. 54.
33Ibid, p. 55
34 Asprey, p. 773.
35The Times, 17 February 1944.
36Ibid.
37The Times, 26 February 1944.
3 8 The Times, 21 March 1944.
39The Times, 25 March 1944.
40The Times, 3 April 1944.
41The Times, 8 April 1944.
42Sykes, p. 249.
43Ibid, p. 256.
44Ibid.
45Frank, pp. 110-111.
46Ibid, chapter 14.
47Ibid, p. 191.
48 Sykes, p. 254.
49Frank, p. 17.
50Ibid, p. 21.
51 Ibid, p. 190.
52Ibid, p. 19.
53 Sykes, p. 256.
54 Frank, p. 35.
55 Ibid.
56Ibid, p. 193.
57Ibid, p. 194.
58Ibid, p. 22.
59Ibid.
60Ibid, p. 31.
61The Times, 9 November 1944.
6 2Frank, p. 31.
63The Times, 9 November 1944.
64Ibid.
65 Begin, p. 151.
66Frank, p. 238.
67Ibid.
68 Ibid.
69Ibid, p. 290.
70Sykes, p. 257.
71 . Kimche, p. 88.
72Kurzman, p. 54.
73 Ben-Gurion, p. 103.
74 The Times, 8 August 1947.
75Katz, p. 163.
7 6The Times, 4 May 1948.
77 Levine and Shimoni, p. 74 and Kurzman, p. 556.
78 Kurzman, p. 556.
79Ibid, p. 547.
80 Ibid, p. 556.
81Katz, p. 276.
82Kurzman, p. 5 57.
83 Ibid.
84New York Times, 18 September 1943.
85 Ibid.
86Ibid.
87Ibid
88New York Times, 19 September 1948.
89Ibid.
90Ibid.
91New York Times, 21 September 1948.
92New York Times, 20 September 1948.
93 Ibid.
94Kurzman, p. 567.
95 Litvinoff, p. 245.



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب اليهودي -الصهيوني و قيام دولة إسرائيل -3
- يوم أيوب؛أربعاء العطاء و الشفاء
- - الحاج- : حكاية الاستعمار و -دولة الحدود- 1
- العنصرية في لبنان:العنزة بتخلّف عنزة
- -مكبّعه ورحت امشي يُمّه بالدرابين الفقيرة-: ومن مثل الموسيقا ...
- الصهبجية:بين مطرقة الفن الهابط وسندان الزمن الجميل
- زفرة أبو عبد الله الصغير الأخيرة
- الدون كيشوت وتابعه سانشو في مخيم اليرموك(2)
- إسرائيل من الداخل:يهودية الدولة،والانقلاب الإشكنازي
- الإرهاب اليهودي -الصهيوني و قيام دولة إسرائيل (2)
- مولد الصورة في الوعي البشري :بورتريه غيفارا مثالاً
- على جدار النكسة: درس في اللجوء؛ -كفر الما-والبيان رقم-66-
- الإرهاب اليهودي-الصهيوني و قيام دولة إسرائيل(1)
- فلسطين الصهيونية: بين مجتمع مستوطنين ووطن قديم لشعب جديد : ا ...
- تلك اللحظة التي هرمنا من أجلها
- حلم ثورة لم تأت : The Company You Keep
- متعة كاهن
- الإثنية واليهودية والتراث الثقافي لفلسطين
- -يوروفيجين- تل أبيب و- بصل الخطايا-
- البحث عن إسرءيل: مناظرات حول الآثار و تاريخ إسرءيل القديمة(7 ...


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - الإرهاب اليهودي -الصهيوني و قيام دولة إسرائيل -4