أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - الإثنية واليهودية والتراث الثقافي لفلسطين















المزيد.....



الإثنية واليهودية والتراث الثقافي لفلسطين


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 6241 - 2019 / 5 / 26 - 04:36
المحور: القضية الفلسطينية
    


أصول اليهودية كمشكلة تاريخية
" أَبُوكِ أَمُورِيٌّ وَأُمُّكِ حِثِّيَّةٌ"... سفر حزقيال ( 16 : 3)
كنت قد أشرت, منذ أكثر من عشرة أعوام في سياق النقاش حول استخدام كلمتي "يهودي" و "اليهودية"، إلى أن الشكل الآشوري، يودا Judáa، كان اسماً جغرافياً يشير إلى هضاب فلسطين الجنوبية ولم يكن يعني أو يشير إلى أي كيان إثني، تماما كما هو حال الاسم إيهود Yehud الذي يعود للفترة الفارسية والذي كان تعبير سياسي كاسم للمقاطعة الفارسية في تلك المنطقة, أي أن كلا المصطلحين لم يكن يقصد منهما الإشارة إلى جماعة إثنية أو "ناس-شعب". كان الانتشار الجغرافي الواسع لـسكان مقاطعة إيهود و الذين عرفوا باسم إيهوديم-يهوديم yehudim خلال الفترة الهلنستيةً لدرجة أعتقد أنه سيكون من قبيل التهور الافتراض أن هذه الكلمة تشير ببساطة إلى أي من سكان مقاطعة إيهود أو تشير ضمناً إلى منشأ و أصول من يطلق عليهم إيهوديم yehudim (1) , وهذه المشكلة في الحقيقة ليست جديدة. كما كنت قد جادلت في ختام محاضرتي في ندوة يوم القدس في دورتها السابعة في العام 1996، أن الرومان أعادوا بناء مدينة القدس بعد تدميرها و تدمير الهيكل اليهودي على يد تيتوس سنة 70 م ومنع اليهود من دخولها، وأطلقوا عليها اسم إيليا كابيتولينا Aelia Capitolina، وبعد أن أخمد الرومان تمرد بار كوخبا في العام 135 م, لم يتم ترحيل اليهود من فلسطين ولم تحدث هجرة جماعية هناك, بل استمروا في العيش في البلاد. هذا وقد تحولت الغالبية العظمى من هؤلاء السكان إلى المسيحية خلال الفترة البيزنطية ومن بعد خلال الحقبة الإسلامية في فترة [الخلافة] الأموية(2). وفي لقاء الحلقة الدراسية الأوروبية للمنهج التاريخي في لوزان في العام التالي(1997)، قمت بتعريف الموضوعات الكتابية مثل “المنفى" و "العودة"، -وهي عناصر أساسية ومحورية لـ "إسرءيل الجديدة"- باعتبارها مفاهيم أدبية وطوباوية وأيديولوجيّة، ولا تعبر عن حقائق تاريخية، تحدد الإثنية (3) . وقد عدت إلى هذه المشكلات عينها في مناسبات عدة, لكن عودتي كانت دائمًا، بشكل أو بآخر، تتمثل في العودة إلى المحور الرئيسي لدراستي التي أنجزتها قبل نحو عشرين عامًا بعنوان The Early History of the Israelite People from the Written and Archaeological Sources (4) حول التنوّع الإثني الذي يشير إليه الرمز "إسرءيل" في الكتاب المقدس[ ظهرت الترجمة العربية للكتاب بعنوان "التاريخ القديم للشعب الإسرائيلي" عن دار بيسان سنة 1995, ترجمة صالح علي سوداح] حيث فهمت أن مواضيع , مثل "المنفى" و "العودة" لم يحددا فقط الاستراتيجية الأدبية ونقطة الانطلاق للسرد التوراتي فحسب ولكن مثل هذه القصص الأدبية حددت أيضاً الفهم الديني لكل من اليهودية والمسيحية بوصف كل منهما إسرءيل العهد الجديد(5) .وقام شلومو ساند بنقل هذه المجادلة إلى الوقت الحالي من خلال استعراضه الشامل لانتار اليهودية خارج فلسطين في كتابه The Invention of the Jewish People The Invention of the Jewish People (6). [ ظهرت الترجمة العربية للكتاب بعنوان اختراع الشعب اليهودي عن دار الأهلية للنشر و التوزيع سنة 2011 , ترجمة سعيد عياش (بطبعة خاصة للعالم العربي كما تنوه دار النشر)] و الموافقة على أن "تعريف اليهود بصفتهم " عرق "أو" شعب " ذو أصل فريد لم يكن سوى أسطورة لا أساس تاريخي لها "(7), وهذا ما يشجعني على محاولة الجمع بين الحجج الرئيسية المتعلقة بقضية الإثنية في فلسطين للفترة ما قبل الحقبة الرومانية والاستكشاف, بإيجاز, تطور الالتزامات الطائفية المتطرفة في إطار النزعة التوحيدية .
الحرم في قلب القدس
تعبر الإثنية عن التماسك و الاستمرارية الكامنة في هوية أي شعب, بغض النظر عن تأكيدها الخيالي: تلك الهوية التي يمنحونها لأنفسهم أو يمنحهم إياها الآخرون؛ الهوية التي، نسبت تقليدياً إلى سكان منطقة معينة مع تاريخ سياسي أو ثقافة أو لغة أو دين مميز منذ هيرود (8). و نظراً لأن قضايا الدين- و في الواقع، دور القدس في دين المنطقة- تعد محور الهوية اليهودية في العصور القديمة، فأود أن أبدأ بمناقشة أورشليم القديمة بوصفها القدسal-Quds: المدينة المقدسة, ومرجعنا الأقدم عن القدس يظهر في نصوص اللعنات Execration Texts المصرية [يسميها البعض نصوص التحريم] التي تعود للفترة بين 1810 إلى 1770 ق.م ، والتي تذكر أسماء عدد من مدن فلسطين(9). ويرد اسم القدس بالشكل روشاليموم Rushalimum ، "مرتفعات (الإله) سالم" أو "مكان سالم العالي". ويشير هذا الاحتمال على الأرجح إلى مدينة العصر البرونزي الوسيط الثاني المسورة التي تقع في أوفيل، جنوب المدينة القديمة مباشرةً ، والتي نقبت فيها كاثلين كينيون في الستينيات. يظهر اسم المدينة بصيغة أوروشاليمو Urushalimu- مع لاحقة تشير إلى موقع عبادة الإله سالم- في النقوش المسمارية في ستة ألواح من رسائل العمارنة تعود إلى الأيام الأخيرة للأسرة الثامنة عشرة. وعلى الرغم من العثور على بعض اللقى الفخارية في الموقع تنتمي للعصر البرونزي المتأخر، إلا أنه لم يتم اكتشاف أي توطن هام في تلك الفترة (10). وهذا لا يمنع من العثور على بعض الأدلة التي تشير إلى وجود معبد على الطراز المصري على أرضيات المدرسة الكتابية École Biblique, والتي يمكن أن تعود إلى الفترة الأخيرة من حكم الأسرة الثامنة عشر، أي فترة العمارنة، أو ربما بعد ذلك بقليل(11). كما عثر على عدد قليل من اللقى تشير إلى استيطان الموقع قبل القرن التاسع ق.م، بخلاف" المبنى الحجري المدرج" الكبير وخرائب لما قد يكون مبنى كبير(12). ومنذ النصف الثاني من القرن التاسع ق.م تبدأ البلدة الحقيقية في تطورها الأول، وبحلول أوائل القرن الثامن، بدأت المدينة في التوسع لتبلغ مساحتها في نهاية المطاف حوالي 50 هكتار، و تغطي كل من التلال الجنوبية الشرقية والغربية: وكانت محاطة بجدار تحصين شيد في وقت ما في نهاية القرن الثامن ق.م , و حسب تقديرات مارغريت شتاينر بلغت المدينة حداً من النمو وصلت فيه إلى استيعاب ما بين 6-10 آلاف نسمة(13), قبل تدميرها في العام 597 ق.م. على يد نبوخذنصر حيث تشير النقوش البابلية لها باسم أوروشليمّو Urushalimmu.
يستحضر دور القدس كمدينة مقدسة، كما يوحي اسمها, بطريقة مباشرة القصة الكتابية المتأخرة عن ملكيصادق، كاهن- ملك سالم الذي يبارك إبراهيم بمباركة الإله العلي Elyon، وخالق السماء والأرض، والذي غالبا ما يتم مطابقته في الكتاب[المقدس] مع يهوه[18 وَمَلْكِي صَادِقُ، مَلِكُ شَالِيمَ، أَخْرَجَ خُبْزًا وَخَمْرًا. وَكَانَ كَاهِنًا للهِ الْعَلِيِّ.19 وَبَارَكَهُ وَقَالَ: «مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ،20 وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ». فَأَعْطَاهُ عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.]( تكوين 14 : 18-20) و راجع كذلك المزامير 76 :3 و سفر العدد 24 : 6 و المزامير 46 : 4), الإله إيل (يرد عادة بصيغة إيلوهيم : "الإلهي"، في الأدب الكتابي) هو رأس البانثيون في الأدب الأوغاريتي في العصر البرونزي المتأخر وكذلك في فلسطين وسوريا عموماً خلال العصر الحديدي. استخدمت العديد من النصوص الكتابية المتأخرة بوعي ذاتي توحيدي الاسم إيلوهي شماييم Elohei Shamayim متأثرة بالفهم التوحيدي لبعل شميم Ba’al Shamem في النصوص السورية التي تعود للقرن الخامس ق.م. و في المقابل، غالبا ما يتم استخدام الاسم يهوه Yahweh ( ياه Yah أو ياهو Yahu في النقوش) بوصفه "اسم الرب" في الأغاني و القصص- عمانوئيل: الرب كما عرفته إسرءيل [12 فَقَالَ: «إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ، وَهذِهِ تَكُونُ لَكَ الْعَلاَمَةُ أَنِّي أَرْسَلْتُكَ: حِينَمَا تُخْرِجُ الشَّعْبَ مِنْ مِصْرَ، تَعْبُدُونَ اللهَ عَلَى هذَا الْجَبَلِ».](خروج 3: 12) , أو حتى [8 «حِينَ قَسَمَ الْعَلِيُّ لِلأُمَمِ، حِينَ فَرَّقَ بَنِي آدَمَ، نَصَبَ تُخُومًا لِشُعُوبٍ حَسَبَ عَدَدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.] (سفر التثنية 32: 8) حيث يصور يهوه كابن الرب العلي elyon.
كان التدمير البابلي لأورشليم ويهوذا في العام 597 ق.م ساحقاً. بعد أن أغار على العرب في سهوب خاطي (أي فلسطين) فرض نبوخذ نصر في سنته السادسة حصاراً على مدينة يهوذا واستولى عليها، وعين ملكًا جديدًا وأخذ غنائم ثقيلة(14). و خلال العقد الذي تلا ذلك ،دمّر الجيش البابلي كل من أورشليم وجميع مستوطنات يهودا تقريباً، وتم ترحيل غالبية من بقي حياً. شمل تدمير وتفكيك المنطقة أيضاً مدن لخيش و رامات راحيل وعراد، وكذلك معظم مدن مرتفعات يهوذا ووديان بئر السبع وعراد، إلى جانب القلاع في الهضاب الجنوبية وشمال النقب. وعلى الرغم من تعرض المنطقة الواقعة جنوب القدس للنهب التام، إلا أن الدمار الذي لحق بمنطقة بنيامين، شمال القدس مباشرة، لم يكن على ذات الدرجة, فقد نجت ثلاثة مواقع هامة من الدمار وهي بيتئيل و تل الجب و تل الفول. و تشير الحفريات في تل النصبة إلى أن المدينة نجت وأعيد بناؤها على الرغم من الدمار الذي أصابها(15). ورأى العديد من أهل الاختصاص أن مؤشرات التوطن المستمر والتغيرات الكبيرة في خطة المدينة والتحصينات للكثيرين تبين أن موقع تل النصبة أصبح مركزاً إدارياً للمنطقة خلال فترة الدولة البابلية الحديثة بأكملها(16). ومع ذلك , لا يبدو أن القدس ومنطقة إيهود التي تقع على تخومها تعافت خلال الفترة الفارسية وصولاً لبدايات القرن الثاني ق.م. وعلى مدار أربعة قرون تقريبًا، لم يتم إعادة بناء القدس، حيث يبلغ عدد السكان الباقين فيها ما بين 400 إلى 1000 شخص على الأكثر (17) . ولا توجد إشارات قاطعة خلال الفترة الفارسية تدلّل على عودة من تم نفيهم, كما لم يعثر ولو على حجر واحد من جدار نحميا الدفاعي الأسطوري المكون من اثني عشر بوابة(18). وأود اقتراح أن هذا التوطن المحدود جداً خلال تلك القرون الأربع لم يكن كافيا لأن تحافظ أورشليم على استمراريتها كمدينة مقدسة, غير أنها استمرت في أداء هذا الدور، ونعلم من رسالة كتبت سنة 410 ق.م، موجّه من إليفنتين في مصر إلى رئيس الكهنة في يروشليم Jerushlem (الكتابة الآرامية للكلمة المسمارية أوروشاليمّو Urushalimmu)، ما يعطينا دليل واضح على أن أورشليم- على الرغم من تدميرها – استمرت كمكان مقدس وربما ساندت الهيكل أيضاً، نظراً لاحتمال ربط دور الكاهن الكبير بعبادة الهيكل. و أود القول هنا, أن مساندة نزعة التطرف الديني الراديكالي في النضال من أجل السيطرة على أورشليم طوال الحقبة السلوقية و استمرار تغذية مثل هذا التطرف لأكثر من ثلاثة قرون, إنما يعود في المقام الأول بسبب دور أورشليم التقليدي الطويل كمدينة مقدسة, الأمر الذي جعل مواصلة الصراع حول هذه المكانة يلعب دوراً في تحديد مصيرها كمدينة مقدسة حتى بعد أن قضى بومبي على استقلال الحشمونيين. وكلن علينا الانتظار حتى قدوم هيرود الذي كان قريبا من إيجاد حل لهذا الصراع, حين بدأ بإعادة بناء أورشليم كمدينة هلنستية فابتدأ ببناء الساحة العامة و السوق الكبير في المدينة [الأغورا agora ] بتوسيع الهضبة فوق أوفيل لتعادل مساحة حجم منطقة الحرم[الشريف] الحالية. كما تم بناء وتوسيع المعبد، وفقاً للتقليد، في مركزه (Josephus, Ant. 15.11.1). ويرى جون سترينج ( في كتاب من إعدادي مع سلمى الخضراء الجيوسي, [ ظهر الكتاب في اللغة العربية سنة 2005 عن مركز دراسات الوحدة العربية بعنوان "القدس: أورشليم العصور القديمة بين التوراة و التاريخ" , تحرير توماس. ل. تومسون بالتعاون مع سلمى الخضراء الجيوسي] ).(19).
لم يكن الجدار المعروف اليوم باسم "حائط المبكى" من بقايا المعبد، بل كان الجدار الغربي للسوق الكبير فوق المدينة، الذي بناه هيرود لدمج حياة المدينة بقداستها من خلال دمج مركز الديانة و التضحية للدين اليهودي بمركز مجتمع المدينة و التفكير والثقافة الهلنستية، بطريقة تشبه كثيرا الـ" أغورا "في أثينا. و من الواضح أن نية هيرود كانت تقديم اليهودية- في الدين والثقافة على حد سواء-على قدم المساواة تماماً مع الأديان الهلنستية الأخرى. لكن مشروعه العظيم هذا استغرق أجيالاً لاستكماله: حتى العام 64 م ، أي قبل ثلاث سنوات فقط من الثورة التي ركزت على معاداة الهلنستية، وبهذا يكون التطرف اليهودي قدّر مصير المدينة(20).
السلالات الإثنية في فلسطين ما قبل الهلنستية
هيمنت على الأبحاث الكتابية و الآثارية منذ ما يقرب من قرن الجهود الرامية لتحديد التنوّع الإثني اليهودي. ورأى ألبريشت ألت Albrecht Alt أصول إسرءيل في شكل اتحاد بين قبائل أو " amphictyony" رعاة هاجروا جماعياً إلى منطقة الهضاب(21). كان الهدف المركزي يتمثل في وضع وحدة إسرءيل من بداية وجودها كـ"شعب ". ورأى -بالمثل-الأمريكي ويليام أولبرايت William Albright القصص التوراتية حول رحلة إبراهيم من أور إلى حران إلى كنعان كشكل ملحمي يعكس حركة تاريخية للأموريين "شبه البدو" الذين دخلوا فلسطين خلال الطور الرابع للعصر البرونزي المبكر EB IV و الطور الأول من العصر البرونزي الوسيط MB I ، مما يعكس وحدتهم الأصلية باعتبارهم "شعب" من حيث نشأتهم(22). كما كانت وحدة السكان الأصليين هي الفكرة التي بحث عنها جورج مندنهول George Mendenhall و نورمان جوتوالد Norman Gottwald عندما جادلوا بـأن "جماعة موسى" التاريخية هي من جلبت معها رسالة ثورية حولت بموجبها انتفاضة الفلاحين الفلسطينيين إلى "شعب جديد" بالفعل في أواخر العصر البرونزي(23). كانت مثل هذه التخيلات التاريخية البارزة تمتلك وجهاً مقنعاً لأنها كانت صدى للوحدة الدينية التي تتفاعل من خلالها قصص أصل الكتاب المقدس عبر استعارة مفصلة عن النفي والعودة، وعرضت كسلسلة من الوعود والرؤى الطوباوية لعالمٍ جديدٍ أو عهدٍ جديدٍ أو إسرءيل الجديدة و التي شكلت الموضوعات المركزية التي خاطب بها كتّاب أسفار الأنبياء جماهيرهم الهلنستية. لقد تم استحضار الدين من خلال هوية رائدة باعتبارها "شعب الرب".
لم يكن المؤرخون وعلماء الآثار الكتابيون في القرن العشرين من القراء الجيدين للأدب. ومن المثير للاهتمام أن الإشارة الأولى إلى اسم "إسرءيل"، الذي تمثل شعباً، هي الإشارة المصرية التي تعود لأواخر القرن الثالث عشر ق.م، في أنشودة تحتفي بانتصار[ الملك المصري] مرنبتاح على الليبيين. وتظهر كلمة "إسرءيل" في المقطع الختامي كتعبير مجازي, ويختم النقش حديثه عن السلام الذي سيعم العالم في سياق احتفاله بالنصر الحاسم على الليبيين, ليس الليبيين وحدهم ,بل جميع الأجانب جاثون وهم يصرخون" شالوم Shalom"(24). لا أحد من الأقواس التسعة سيرفع رأسه [ضد مصر]. و ينبغي التوضيح منذ البداية أن مناسبة هذه الاحتفالية هي" السلام في ليبيا"، لكن هذا النصر يستحضر سلاماً إمبريالياً ."حاطي (حثيي الأناضول) في سلام و ُنهبت كنعان" بعد ذلك، يظهر الرمز الثلاثي كدلالة على السيطرة المصرية على بلدات أودية فلسطين، مشيرا إلى أن هذه المدن سقطت مثل محاربين: "عسقلان اعتقلت سجينة و جازر أسرت و يانوعام كأن لم تكن موجودة " وآباء هذه المدن- المحاربين ليسوا سوى الأرض وخصبها، يمثلون الرموز النهائية لهذه القصيدة: الزوج السابق للأرض "(إسرءيل[يسيريار ]) أبيد؛ لم يعد له نسل[بذرة] "والأرض نفسها خارو، Hurru (اسم مصري لفلسطين) ، أصبحت أرملة بسبب مصر"[ ثمة جناس هنا بين خارّو أي سوريا و خارت الهيروغليفية التي تعني "أرملة"]. . الاسم الذي تحمله كلمة إسرءيل يحمل العلامة الهيروغليفية التي تدل على معنى" الشعب ". وإن كان هذا الشكل المجازي لإسرءيل في نقش مرنبتاح يلعب ذات الدور الذي تلعبه إسرءيل في قصص سفر التكوين كحامل لخصوبة خارّو / فلسطين ,غير أن " الأبناء" في نقش مرنبتاح ليسوا بلدات تقع في الهضاب الوسطى ، حيث يضع علماء الآثار الكتابين إسرءيل الكتاب المقدس ، بل "هم" بلدات تقع في أودية كنعان و فلستيا !(25).
وبالانتقال من المجاز الأدبي إلى الفهم التاريخي ، يبدو أن التقدم الذي تم إحرازه منذ أواخر الستينيات حتى أوائل التسعينيات في تحليل أنماط الاستيطان قد حقق حلاً هامًا لمناقشة المرحلة الانتقالية بين العصر البرونزي المتأخر و العصر الحديدي(26). و عكس النمط السائد في مستوطنات العصر البرونزي المتأخر الفجوات في توطن المرتفعات الوسطى، مترافقا مع تناقص ملحوظ لاستمرارية ثقافة العصر البرونزي الأوسط باستثناء العدد القليل من الأحواض و الأودية الخصبة ذات الوفرة المائية، مثل تلك الموجودة في تل بلاطة بالقرب من نابلس. وتظهر المرتفعات الجنوبية أيضًا انخفاضاً ملحوظاً في التوطن خلال العصر البرونزي المتأخر و قد يعود ذلك بسبب التحول في الحدود القاحلة شمالاً، وهو تحول اشتد بسبب "الجفاف الميسيني العظيم"(27). تتناقض مثل هذه الثغرات الموجودة في مستوطنات الهضاب بصورة ملفتة للنظر مع مستعمرات العصر البرونزي المتأخر مع عدد مستوطنات العصر البرونزي المتأخر غير المحصنة في معظمها والتي تم العثور عليها على السفوح الأقل انحداراً في شفيله، في وديان الأراضي المنخفضة، وعلى طول السهل الساحلي. ومع بداية العصر الحديدي ، تم العثور على عدد كبير من المستوطنات الجديدة في المناطق التي كانت لا تضم حياة مستقرة سابقاً. و أكثر ما نوقش هو المستوطنات التي عثر عليها في الهضاب الوسطى بين بين رام الله ووادي يزرعيل(28), حيث تم تحديد حوالي 300 موقع تعود للعصر الحديدي الأول. يتضمن التركيز على التطورات الحاصلة في الهضاب الوسطى على خطأ خطير في المنهج. وبقدر ما تهيمن الأنماط التنموية للهضاب الوسطى على بنائنا التاريخي، بقدر ما ترسم البنية التقليدية الموجهة كتابياً منحى في تاريخنا على حساب الفهم الأثري لمناطق فلسطين الأخرى. وقد شوه عرض فنكلشتين التاريخي على نحو خطير الخطوط المتميزة- وأحياناً المتباينة - للتطور التاريخي في أماكن أخرى بسبب تركيزه على إسرءيل وتاريخ مستوطنات العصر الحديدي في فلسطين(29). لقد قوض الفهم الواضح للتاريخ الإقليمي لفلسطين، والذي نشأ من شبكة معقدة وتفاعلية من المنافسة، التي تربط بين حواضر فلسطين التي ظهرت على مدار العصر الحديدي الثاني. وتوجد اختلافات جغرافية محددة بين أنماط المستوطنات والفخار في جميع أنحاء فلسطين، مما يجعلها بحاجة إلى النقاش اليوم بشكل أكثر وضوحاً مما كان عليه الأمر في أوائل التسعينيات(30), وقد شجع التركيز المفرط والأولوية المعطاة للهضاب الوسطى على تشويه خطير لتاريخ الاستيطان في فلسطين وفي شرق الأردن(31). كانت مواقع الجليل الأعلى والكرمل، على سبيل المثال، شبه خالية من الاستيطان في العصر البرونزي المتأخر باستثناء سفوح وادي منطقة الأغوار. وعلاوة على ذلك، تختلف أشكال الفخار التي تعود لأوائل العصر الحديدي الأول من هذه المنطقة (بما في ذلك موقع حاصورا Hasura [تل القدح؟] الذي يعود للعصر البرونزي ) بشكل كبير عن تلك الموجودة في الهضاب الوسطى. في الواقع، تحمل مواقع العصر البرونزي وخصوصاً موقع العصر البرونزي الوسيط في حاصورا خصائص سوريّة و تحتفظ بروابط قوية مع ماري(32). وهيمن الشكل الجليلي لجرار التخزين pithoi -المنحدر مباشرة من أشكال العصر البرونزي المتأخر في حاصورا- على سبيل المثال، على فخار العصر الحديدي الأول في أنحاء الجليل الأعلى أكثر من جرار التخزين المطوقة التي نجدها في الهضاب الوسطى(33). إن الطابع الجليلي لهذه اللقى يشير على وجه التحديد إلى الطابع الأصلي للمستوطنات الجديدة في هذه المنطقة ويمثل ثقافة مادية تاريخية مميزة عن تلك التي هيمنت على المرتفعات الوسطى. وعلاوة على ذلك تشير الجرار الصورية[نسبة إلى صور] إلى روابط ساحلية، مماثلة لما هو عليه الحال في المواقع القليلة التي تعود للعصر البرونزي المتأخر في المنطقة. واستمر مثل هذا اتواصل في الروابط الثقافية مع لبنان بدلاً من الهضاب الوسطى مميزاً للجليل خلال الفترات الهلنستية والرومانية، خاصة من خلال الإيطوريين Ituraeans ، الذين هيمنوا على المنطقة من بيسان حتى جبال لبنان. كما بات واضحاً التوطن المتواصل في الجليل الأدنى في العصر البرونزي المتأخر في العديد من مواقع العصر الحديدي الأول، مما يدل على استمرار وجود السكان الأصليين في المنطقة والأمر ذاته ينطبق على مستوطنات العصر الحديدي الأول في أودية بيسان و يزرعيل. وبهذا بالكاد يكون مقنعاً زعم فنكلشتين المبكر المسترشد بالكتاب [المقدس] عن الأصول "القبلية" أو البدوية للمستوطنين في المرتفعات الوسطى لفلسطين(34), وهو يقبل اليوم الاستنتاج القائل بأن مستوطني المرتفعات الوسطى والجنوبية - حيث تشكلت إسرءيل ويهوذا العصر الحديدي- كانوا ورثة مباشرين لثقافات العصر البرونزي في المنطقتين. وإذا تحولنا نحو الساحل الشمالي باتجاه عكا و تل كيسان و تل أبو حوام وجنوب الكرمل و الطنطورة(35), سنجد هناك دليلاً واضحاً على الإستمرارية الثقافية بين لقى العصرين الحديدي الأول والبرونزي المتأخر ودليلاً على روابط وثيقة مع مواقع في لبنان. وليس من المستغرب أن يكون الآشوريون قد أولوا صور رعاية هذه المنطقة في العصر الحديدي الثاني. وإلى الجنوب، ومنذ عهد رعمسيس الثالث، تُظهر مستوطنات السهل الساحلي الممتد من الكرمل إلى غزة اندماجاً سلمياً وسريعاً للسكان الأصليين مع القادمين الجدد من كيليكيا أو بحر إيجة(36). أي الفلست Peleset (الذين اشتق منهم اسم فلسطين) والشردان Sherden و الدانانو Dananuو التجيكر Tjekker، و غيرهم. و تشير الحفريات في عكا و الطنطورة بوضوح إلى الاندماج السريع للمهاجرين. ويشار إلى هذا أيضًا في الفخار، وخاصةً ما يسمى بالأواني الفلستية، والتي تستند إلى توليفة من إرث الخزف الميسيني المنقول والفخار الأصلي(37).
لم يكن الفلستيون شعباً تاريخياً قط, وهم يشبهون الكنعانيون في اختلاقهم(38), و يمثلون رمزاً مجازياً لعدو إسرءيل في الأرض. وعلى مدار العصر الحديدي ، طورت الحواضر المدنية التي تم إنشاؤها على طول الساحل من أوغاريت إلى غزة في العصر البرونزي الوسيط سلسلة من البلدات المتميزة والمستقلة في الغالب تحت رعاية مصرية ثم آشورية. تمتعت هذه الحواضر باستقلال ملحوظ لدرجة أن البعض منها تم مطابقته بلهجات كنعانية محددة، مثل أشدود ، التي كانت موازية للهجات إقليمية أخرى، مثل الفينيقية ، والإسرءيلية ، واليهوذية ، والإدومية ، والموآبية .
ولعل النمط الأكثر تميزا في مستوطنة العصر الحديدي المبكر تم تحديده من خلال أعمال المسح لمرتفعات يهودا الجنوبية، التي هجرت تماماً في أواخر العصر البرونزي المتأخر تقريبا, كما عثر على عدد قليل من مواقع العصر الحديدي الأول في المنطقة. و بدأ التوطن أولاً من منتصف حتى أواخر العصر الحديدي الثاني, أي من أواخر القرن التاسع حتى القرن الثامن ق.م, و سرعان ما توسعت المستوطنة الجديدة بمجرد الشروع في التوطن بحيث يجب علينا رؤية هذا كنوع من الهجرة إلى المنطقة من الخارج(39). وتعكس البيئة الإقليمية واقتصادها تطوراً يشبه ما نجده في جنوب الأردن أيضاً، وإنشاء مركز إداري في تل بصيرا (بصرا القديمة )، لاسيما فيا يتعلق في المحاصيل التجارية القائمة على أساس الرعي و أعمال البستنة، وخاصة الزيتون، والتي تعتمد اعتماداً كبيراً على التجارة، حيث تدين هاتان المنطقتان شبه السهبية بتطورهما السياسي, على هيئة حواضر ملكية صغيرة، وعملاء نشطين في تطور النشاط المنجمي الآشوري وتوسعيها لشبكات التجارة العربية (40). و أول إشارة واضحة إلى هيمنة أورشليم على يهوذا يمكن ملاحظته من خلال قائمة الملوك الذين دفعوا الجزية للملك الآشوري تغلات بلصر الثالث سنة 734-732 ق.م(41).
ازداد عدد السكان في كل أدوم و يهوذا Judáa، بصورة كبيرة خلال القرن السابع ق.م. وانعكس التوسع في أدوم من خلال تنمية و تطور بصرا كعاصمة إقليمية. في المقابل، توسعت أورشليم على التل الغربي للمدينة، وربما يكون هذا أحد آثار الاستيطان القسري الذي فرضه الآشوريين على سكان السهوب في وادي عربا وجنوب شرق الأردن والنقب لزيادة إنتاج الزيتون واستغلال إنتاج النحاس العربي وتوسيع الخطوط التجارية. طورت يهودا و إدوم استمرارية اجتماعية اقتصادية ساهمت في دمج اقتصاد و سكان منطقة السهوب الكبرى هذه التي تربط بين سيناء والجزيرة العربية, و قد أوجدت الاقتصاديات القريبة المماثلة حدودًا سائلة غير ثابتة ولغة مشتركة وتقاليد دينية وثيقة الصلة تتمركز في عبادة يهوه. ويبدو أن عبادة يهوه -باعتبارها ليست عبادة أصلية في فلسطين-تطورت في القرن الثالث عشر ق.م بين سكان السهوب في مناطق سعير و مديان الذين يعرفون باسم الشاسو Sh3sw (42). و يشير نقش مشع الذي يعود للقرن التاسع ق.م إلى عبادة يهوه في نبو Nebo , فضلا عن نقش معاصر عثر عليه في كونتيلة عجرود يربط يهوه بمراكز العبادة في كل من السامرة وطويلان Tawilan (موقع تيمان ) (43). و ربما تعكس القصص الكتابية عن موسى الذي كان حموه كاهناً مديانياً بعض الأصول الميديانية لعبادة يهوه الذي التقاه موسى في العليقة المحترقة في "جبل الله حوريب"[ 1 وَأَمَّا مُوسَى فَكَانَ يَرْعَى غَنَمَ يَثْرُونَ حَمِيهِ كَاهِنِ مِدْيَانَ، فَسَاقَ الْغَنَمَ إِلَى وَرَاءِ الْبَرِّيَّةِ وَجَاءَ إِلَى جَبَلِ اللهِ حُورِيبَ.2 وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ بِلَهِيبِ نَارٍ مِنْ وَسَطِ عُلَّيْقَةٍ. فَنَظَرَ وَإِذَا الْعُلَّيْقَةُ تَتَوَقَّدُ بِالنَّارِ، وَالْعُلَّيْقَةُ لَمْ تَكُنْ تَحْتَرِقُ.3 فَقَالَ مُوسَى: «أَمِيلُ الآنَ لأَنْظُرَ هذَا الْمَنْظَرَ الْعَظِيمَ. لِمَاذَا لاَ تَحْتَرِقُ الْعُلَّيْقَةُ؟».4 فَلَمَّا رَأَى الرَّبُّ أَنَّهُ مَالَ لِيَنْظُرَ، نَادَاهُ اللهُ مِنْ وَسَطِ الْعُلَّيْقَةِ وَقَالَ: «مُوسَى، مُوسَى!». فَقَالَ: «هأَنَذَا».]. و في مكان آخر, يتحدث الكتاب عن يهوه, كإله قدم من سهوب أدوم و تخوم الصحراء( من سعير، فاران، تيمان، ومديان). كذلك يشبه الوصف السامري ليهوه كإله محبة، وحامي غريب الديار ومن يحتاجه (تكوين 4: 1-16 ؛ سفر اللاويين 19: 18 ، 34) إلى حد بعيد الشكل الإلهي لعبادة النبطيين كما يمكن فهمه من نقشين عثر عليها في موقع المحطة التجارية قرب قربة الفاو في الحجاز، ويشير النقشان إلى الإله ود wd ، "الحبيب"، الذي يمثله الهلال والنجمة ويحمي المسافر والغريب والفقير والمحتاج(44).
الدمار و إعادة الإعمار: فلسطين في ظل الإمبراطوريات الآشورية والبابلية والفارسية
دعنا نعود إلى التلال الوسطى حيث أدى توسع التوطن السريع في أوائل العصر الحديدي الثاني إلى عملية تمركز تدريجية و إنشاء حاضرة ملكية إقليمية في السامرة. تظهر النقوش التي تعود للقرنين التاسع و الثامن ق.م أنها كانت معروفة سواء من خلال النقوش الآشورية مثل نقش "المسلة السوداء" التي يدعوها "بيت عُمْري Bit Humri " أو" إسرءيل" كما في نقش بيت دود bytdwd ونقش ميشع. و كانت هذه المملكة الجهوية على نزاع مع مثيلاتها في صور و حامات Hamat و دمشق و موآب على نزاع حول السيطرة على الجليل و يزرعيل وشمال شرق الأردن. و بعد نحو أكثر من قرن، وفي الوقت الذي بدأت فيه المملكتان التوأم إدوم ويهوذا في دمج معظم المرتفعات الجنوبية وسهوب فلسطين الكبرى تحت الرعاية الآشورية, تحرك الملك تغلات بلصر الثالث في العام 738 ق.م, ثم في العام 733 ق.م بطريقة حاسمة لوضع دمشق ثم السامرة تحت الهيمنة الآشورية, فابتلع دمشق في العام 732 ق.م و قتل ملكها رصين(45)، وضم آرام - بما في ذلك المناطق الكبيرة غير الساحلية في شمال فلسطين حتى التخوم الجنوبية ليزرعيل. و بعد عشر سنوات، قام خليفته شلمنصر الخامس بحصار السامرة. و سقطت بعد ثلاث سنوات في السنة الأولى من حكم شاروكين الثاني. تم ترحيل نخبة المدينة إلى آشور، بينما تم وضع غالبية سكان الهضاب الوسطى تحت إدارة مقاطعة آشورية. وأعيد بناء السامرة كمركز إداري للمقاطعة الجديدة. وعلى الرغم من انتهاء إسرءيل كمملكة مستقلة، إلا أن السكان واصلوا حياتهم السابقة. وتعكس السجلات الأثرية استمرارية كبيرة للثقافة والاستيطان في جميع أنحاء الهضاب الوسطى. كما تفيد المصادر الآشورية استخدام بعض العرب للمساعدة في إعادة استيطان السامرة. وهم الذين يطابقهم أكسل كناوف Axel Knauf مع المديانيين الذين كان من السهل دمجهم مع مزارعي المرتفعات الأصليين بسبب أرضيتهم الدينية المشتركة(46) . لقد واصل سكان الهضاب الوسطى لعب دورهم المهيمن في وسط فلسطين.
تأثرت الدراسات الغربية بعمق بالتحيزات المعادية للسامرية في الإرث الكتابي، ليس أقلها أسطورة أسباط إسرءيل العشرة الضائعين والتي عكست التحيزات اليهودية/ المعادية للسامرية كما هي في الإصحاح 17 من سفر الملوك الثاني, وفي سفر نحميا، و إسدرس Esdras ، و[ في كتابات] يوسيفوس [فلافيوس] (47).
لم تتأثر السامرة و الهضاب الوسطى بالسيطرة البابلية في نهاية القرن السابع ق.م, وأظهرت الحفريات في موقع جبل جرزيم امتلاك السامريين لمعبد مزدهر منذ القرن الخامس ق.م حتى أواخر القرن الثاني ق.م وكان من الأهمية بمكان أن ساهم خلال الحقبة الهلنستية بنحو عشرة آلاف شخص لدعم السامريين في تمردهم على الإغريق إثر تعيين حاكم غير سامري عليهم ، و الذين منعوا من دخول السامرة نفسها (48). وبدلاً من الأسباط الضائعة، فإن نحو 750 شخصاً يعيشون كسامريين اليوم يمكنهم الزعم بأنهم يعبرون عن السكان الأصليين على صعيد ثقافتهم و مجتمعهم المتواصلة منذ أوائل العصر الحديدي(49).
كانت الهجمات التي أحدثت الضرر الأكبر على بقاء عناصر من السكان الأصليين في المرتفعات الفلسطينية Judáa هو هجوم سنحاريب سنة701 ق.م وحصاره الوحشي لمدينة لخيش و تدمير و ترحيل سكان لخيش و يهوذا, وتشهد على ذلك الآثار الآشورية والسجلات و اللقى الأثرية(50), ليس أقلها النقوش الآشورية الشهيرة الموجود الآن في المتحف البريطاني. هاجم سنحاريب يهوذا بسبب خرق ولائها نتيجة نزاع مع ملك عقرون(51). على الرغم من أن مدينة لخيش أعيد بناؤها وبدأت الكثير من مواقع شفيلة في الانتعاش بحلول منتصف القرن السابع ق.م, فلم يتم إعادة توطين الكثير من قرى يهودا، وخاصة المرتفعات، حتى مع توسع أورشليم بسبب قدوم اللاجئين و وصولها إلى أكبر حجم لها في العصر ما قبل الهلنستي.
على إثر سقوط نينوى في العام 597 ، قام الملك البابلي، نبوخذنصر الثاني، "بالاستيلاء على مدينة يهوذا "، وعين ملكًا تابعا ً جديدًا، وأخذ جزية (52), وبعد عقد من الفوضى التي تلت ذلك، تم تحويل أورشليم ومعظم ما تبقى من يهوذا إلى أرض قاحلة على يد الجيش البابلي وتم ترحيل سكانها إلى بابل. ومع ذلك ثمة جيب صغير شمال أورشليم لم يطله الدمار التام كما في الجنوب واشتمل هذا الجيب على ثلاثة مواقع هي بيتئيل والجب, و تل الفول. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الحفريات في تل النصبة أن المدينة، على الرغم من الأضرار التي لحقت بها، قد نجت وأُعيد بناؤها. في الواقع، وعلى النقيض من يهوذا، يبدو أن المدينة ازدهرت خلال عصر الدولة البابلية الحديثة. وقد دفع هذا العديد من العلماء إلى اقتراح أن موقع تل النصبة كان بمثابة المركز الإداري ليهوذا خلال سيطرة الدولة البابلية الحديثة على المنطقة (53). و امتد الدمار جنوباً حتى تل الخويلفة و فينان والمواقع التي تم هجرت في القرن السادس ق.م وبقيت غير مأهولة خلال حكم الدولة البابلية الجديدة (54). وتبع ذلك توغل الإدوميين في المرتفعات الجنوبية والمناطق الغربية من يهوذا (55). بعد الإنهيار النهائي للنشاط المنجمي والتجارة وتدمير بصرا " قرب مدينة بصيرا الحالية بين الطفيلة و الشوبك في محافظة الطفيلة في الأردن" على يد نابونيد، انتقلت السلسلة الجغرافية والثقافية الممتدة بين جنوب شرق الأردن و النقب ووادي عربة والنقب وفينان إلى لخيش وجنوب يهوذا ووصلت إلى أشدود على السهل الساحلي. وخلال الحقبة الفارسية أصبح سكان أدوم وأولئك الناجين من يهودا مجموعة سكانية واحدة (56) , وتستعيد لخيش ازدهارها السابق وتصبح - بحلول منتصف القرن الخامس ق.م - العاصمة السياسية لإدوم(57) ,والقوة المهيمنة في جنوب فلسطين، وتبقى على هذه الحال حتى قرب نهاية القرن الثاني ق.م. وعلى النقيض من الازدهار الذي أعقب تكامل الجنوب، نرى أن القدس والمنطقة المحيطة بها بالكاد توسعت إلى ما هو أبعد من أماكن توطن القلة الباقية من السكان في أوفيل الذي نجا من الدمار البابلي. ولا تشير اللقى المعمارية القليلة المكتشفة على وجود مدينه في الحقبة الفارسية أو العصر البطلمي. تركزت إدارة محافظة إيهود الفارسية على ما يبدو في رامات راحيل[ خربة الصلّاح؟] التي أعيد بناؤها (58).
العصر الهلنستي والهيمنة "اليهودية" على فلسطين
أحدث التعايش الوثيق و الاندماج الذي كان قائما بين من بقي من السكان في مملكة يهوذا السابقة وبين الإدوميين خلال الفترتين البابلية والفارسية، تحولات في كل من اللغة والهوية. ولم تعد اللهجات "اليهوذية" و "الأدومية " الإقليمية المبكرة لغات أم وهي التي كانت اللغات السائدة في الفترة الممتدة من العصر الحديدي حتى القرن الخامس ق.م (59), و بالانتقال إلى استخدام اللغة الآرامية حدث تحول في المشهد اللغوي(60) . مع بقاء الهوية الذاتية للسكان كـ "يهوديم", و يعود ذلك في المقام الأول في اعتقادي بسبب الأهمية الأيديولوجية لأورشليم كمدينة مقدسة. في الوقت الذي انتزع فيه السلوقيون المنطقة من قبضة بطليموس في نهاية القرن الثالث ق.م، بدأ أنتيوخوس الثالث في تنفيذ خططه تحويل أورشليم إلى مركز حضري هلنستي polis، يتمركز في مدينة مقدسة سياسياً ودينياً. أثارت هذه الخطط المعارضة الرجعية التي عززت الإيديولوجية الدينية المعادية للأجانب (وليس أقلها معاداة الإدوميين والسامريين) بين الكهنة المحافظين في أورشليم كما ينعكس هذا الأمر في الأسفار المتأخرة نسبيًا مثل ملاخي و عوبديا و إسدراس الأول(61) .كما أثرت الإيديولوجية الدينية الراديكالية المتشددة على القيمة الرمزية وفهمهم لهويتهم كيهوديم منضوين تحت لواء ديانتهم، حتى أنها لا تعكس شعوب فلسطين، بل فهماً دينياً حصرياً . بالطبع ، تتمحور هذه التحولات الإيديولوجية الراديكالية في صراع ونقاش حادين. تمامًا مثلما قد يستوعب المرء نصاً راديكالياً و رجعياً و انعزالياً مثل نص عوبديا، فإن نصل مثل سفر التكوين يقدم خطاباً شاملاً تقدمياً و توافقياً. ولم تكن اليهودية وحدها في صراع مع السلطة Kulturkampf.
أثرت التحولات في الهوية أيضاً على القيمة الرمزية والإيديولوجية لفهم السامريين لذاتهم ، حيث بدأوا ينظرون بصورة متزايدة على أنهم شومرونيمShomronim من الناحية الدينية. و انعكس دورهم بوصفهم "حماة" (التوراة) في التزامهم بعبادة دينية وتقوى محددة للغاية بدلاً من مجرد فهم ذاتي إقليمي وموجه سياسياً. و يمكن التأكيد على صحة معالجة شلومو ساند للتطور الوثيق الصلة بالتبشير اليهودي، باعتباره فهماً جوهرياً للتوسع الكبير لما يسمى بـ "الشتات" اليهودي (أي اليهودية خارج فلسطين) منذ فترة مبكرة جداً. أصبحت كل من السامرية واليهودية ملتزمتين بشدة بتحويل العالم إلى يهوه. ومنذ بدايات الحقبة الفارسية على الأقل انعكست مستوطنات القرن الخامس اليهودية في نيبور بصور توافقية و انتقائية في ألوح ماراشو Murashu (62) , و المستعمرة اليهودية (السامرية) في إليفنتين تنعكس في برديات ألفنتين (63) . مثلما هو الحال في لخيش مركز مقاطعة يهوذا-إدوم، تشير بوضوح إلى قبول مسكوني للاندماج الديني مع الأجانب والتزام ديني كبير بذات القدر تجاه المجتمعات والقيم الأخرى. وبالكاد التزم يهودي أو سامري بفلسطين باعتبارها "أرض إسرائيل" وأورشليم كمركز حصري لليهودية كمكان عبادة تثنوي حصري و وحيد من نوع "الذي يراه يهوه"- سواء كان ذلك في إشارة إلى جرزيم أو أورشليم -. بالإضافة إلى معابد الفترة الفارسية في السامرة و أورشليم, كان هناك أيضا معبد يعود للحقبة الفارسية في الفنتين ومعابد مكرسة ليهوه من الحقبة الهلنستية كما في ليونتوبوليس و" عر اق الأمير". و انتشر الاسم يهوه في أماكن عدة في الإمبراطورية. فتحت الهيلنة الأبواب للمبشرين اليهود و السامريين المناطق المحيطة بفلسطين وكل شرق البحر الأبيض المتوسط. تم إعمار مجتمعات كبيرة الحجم وجاليات عديدة في مدن مثل أنطاكية ودمشق والإسكندرية (العاصمة الجديدة للتعليم اليهودي والسامري)، وفي ليبيا والمستعمرات الفينيقية وآسيا الصغرى وأثينا والجز الإيجية وقبرص وصقلية وروما. وشكّلت اليهودية و السامرية -وفقا لشلومو ساند -حوالي 7-8 ٪ من سكان الإمبراطورية الرومانية(64 ) . وعلى الرغم من أن يهوذا العصر الحديدي دمرت على يد كل من سنحاريب ونبوخذ نصر، فقد سيطرت الهوية و الإيديولوجية اليهودية على معظم فلسطين في نهاية القرن الثاني ق.م وكان للوسائل العسكرية الفضل في تحول الهوية هذا. ومن المفارقات التاريخية أن الحاكم السلوقي ،أنطيوخوس الرابع [ أبيفان - الظاهر]، هو من ساهم في إعادة السيطرة على أورشليم بتعيينه جاسون كاهناً كبيراً لإعادة بناء المدينة المدمرة كمركز حضري هلنستي. في الواقع، كان الاحتجاج الرجعي ضد رعاية أنطيوخوس للمعبد وعقيدته الدينية كعقيدة معادية لليهودية و تدخل "أجنبي" في عبادتهم مما أدى تمرد مسلح كرد فعل على إصلاحات الحاكم السلوقي الاندماجية. أدى نجاح الثورة إلى تمكين الكاهن ماتاتياس[متتياهو] من الاستيلاء على المدينة سنة 165 ق.م كما أوجد يهوذا ابنه، سلالة دينية من كبار الكهنة، استطاعت أن تسيطر على معظم فلسطين بعد نحو قرن.
تمكن المتمردون بعد وفاة أنطيوخوس من مواصلة سيطرتهم على أورشليم. غير أن النزعة الراديكالية الدينية قضت على تأثير اليهودية الهلنستية ودعمت نظام معادٍ للأجانب ومعادٍ للهيلينية. وفي العام 142 ق.م، تبنى شمعون، آخر أبناء ماتاتياس، سياسة توسع متطرفة ومتشددة. فبعد أن قام بطرد الحامية السلوقية من أورشليم، استولى على مدينة يوبا الساحلية [يافا] وحصن جازر. و بحلول العام 140 ق.م، أبدى مجلس الشيوخ الروماني عن قلقه من انهيار و تدهور وسيطرة السلوقيين على فلسطين وصوتوا للاعتراف بمملكة الحشمونيين المعادية للسلوقيين في أورشليم.
سرعان ما أعلن شمعون سحب ولائه لأنطيوخوس, وبعد اغتياله سنة 134 ق.م، أخذ ابنه يوحنا هيركانوس (134-104 ق.م) في اعتباره خلق مسافة كبيرة بينه و بين رعاته الرومان وبدأ بطريقة منتظمة في توسيع سيطرة أورشليم على فلسطين. فاستولى على لخيش ومقاطعة أدوم بأكملها. وأجبر الأدوميين على الختان و الولاء لهيكل القدس, وفي النقب غزا حصن أدورا Adora [ دورا الخليل؟] وماريسا Marissa[ الدوايمة؟] فوقعت منطقة السهوب بأكملها تحت سيطرته حتى إيلات. و أُرغم القساوسة هنا أيضًا على الختان وتقديم الولاء لمعبد أورشليم. عبر هيركانوس الأردن وحاصر ودمّر مأدبا . وما بين 111 أو 110 ق.م، نقل جيشه شمال أورشليم وحاصر السامرة. فأحرق المدينة واستعبد سكانها. كما دمر مدينة شكيم وكل من المدينة ومعبد جبل جرزيم . وهنا أيضًا أجبر السكان على قبول الممارسات الدينية اليهودية و التعهد بالولاء لمعبد أورشليم. استمر هيركانوس و من بعده أبنائه أرسطوبولوس Aristobolus (104-103 ق.م) والكسندر يانايوس Jannaeus (103-76) في تهويد فلسطين, كما دخلت اليهودية إلى أيطوريا Ituraea من بيسان إلى لبنان وكذلك لبقية الجليل الأعلى و الأدنى حتى عكا والساحل الفينيقي. وإلى الجنوب من عكا استولى على كامل السهل الساحلي باستثناء عسقلان وفرض حصار على غزة. و بسقوط غزة سنة 96 ق.م، سيطرت اليهودية على منفذ البحر الأبيض المتوسط الرئيسي لشبكة التجارة النبطية, كما استولى يانايوس على أودية بير السبع وعراد وشمال شيفلة اليهوذية، وسيطر على المنحدرات الغربية لجبال نابلس. عبر الأردن واستولى على بيريا Peraea بأكملها على طول الضفة الشرقية لنهر وادي الموجب. وبالانتقال إلى الشمال، أكد سيطرته على الضفة الشرقية بأكملها حتى الجولان مطالبا الجميع بالتحول إلى اليهودية. على الرغم من أننا لا نعرف شيئًا عن أولئك الذين ربما تم استثناؤهم من هذه السياسات أو عن أولئك الذين تمكنوا من تجنب ذلك أو الأقوام داخل فلسطين التي كان بمقدورها أن تصمد أمام المقاومة السياسية أو الاقتصادية للسياسة الحشمونية، وفي نهاية المطاف, تم توقيف التوسّع العسكري لليهودية في شكلها الطائفي الاستبدالي و التوحيدي الحصري (65) عندما تلقى ألكساندر يانايوس الهزيمة على أيدي أريتاس النبطي حاكم دمشق في العام 88 ق.م، وهي الهزيمة التي وضعت الجولان كحدود شمالية الشرقية ليهودا الجديدة المعترف بها من قبل الرومان. وكما هو الحال مع فتوحات هيركانوس ، Jannaeus استخدم يانايوس انتصاراته أيضاً لإجبار الناس على اعتناق اليهودية قسراً والولاء لمعبد أورشليم. أصبحت فلسطين أرض يهودية. لم تعد اليهودية هوية تستند إلى الجغرافيا ولم يكن لها في الواقع علاقة بالإثنية. تعرض سكان الأراضي المحتلة في فلسطين إلى دولة معترف بها دينيا، وعبارات مثل "يهودي" و "يهودية" التي استخدمت في فلسطين الحشمونية إنما تعكس حالة القلق و الاهتمام الديني في المنطقة .
الكتاب المقدس والتراث الأدبي لفلسطين
هنا ، قبل أن أختم ، نحتاج إلى التوقف والنظر في الكيفية التي يمكن أن يحدث بها ذلك في غضون فترة زمنية قصيرة جدًا بعد إعادة بناء أورشليم كمركز حضري، هذه المدينة المقدسة وعبر تاريخ امتد لنحو 1500 تقريباً من الإرث الديني الذي يحض على السلام، والجذور العميقة للدين التي تتمحور حول مواضيع مثل الحب والاهتمام بالغريب المنسوبة إلى العبادة اليهووية في كل من السامرة و تيمان، التي تعود بجذورها للقرن الثامن ق.م, كل هذا الإرث و التقاليد لهذه المدينة أعيد تنظيمها في قوة الفتح الدينية، واستخدمت لقمع كل ما يمكن أن يكون أجنبياً . المسألة صعبة لأنها تتعامل مع آثار أيديولوجية ألهمت التغيير التاريخي الجذري. أعتقد أننا إذا كنا قادرين على الاقتراب من إجابة ما عن كيفية حدوث ذلك، فإننا نحتاج أيضاً إلى فهم العلاقة بين مجموعة الأعمال الأدبية في الكتاب المقدس والتطورات ذات الصلة في اليهودية المتطرفة والطائفية التي ميزت حياة جيلين أو ثلاثة أجيال من الفلسطينيين، بعد ثورة المكابيين. كما أرى هذه المشكلة، فإنني أركز على علاقة اليهودية بالكتاب [المقدس]. لم يتألف الكتاب المقدس من أدب يهودي، بل, بالأحرى اليهودية هي التي ألفت هذه الأدب. علاوة على ذلك كانت أورشليم- ليس بوصفها عظيمة، بل بدورها كمدينة مقدسة مهد اليهودية (66). يجب أن نتذكر أنه على أساس قوانين القداسة و الطهارة في التوراة، فإن الوجود الإلهي يجعل المدينة غير صالحة للحياة الطبيعية للرجال. هذا هو المفتاح لفهم المزاعم الطائفية والأصولية المتطرفة الداعية للتطهير العرقي للمدينة التي كشف عنها أسفار عزرا و نحميا. لقد جادلت منذ عشرين عاماً (67) بأن المجاز الأدبي المتمثل في "العودة من المنفى" كان الفرضية الأولى لفهم اليهود لذاتهم و إثنيتهم. واليوم، تجعل الفجوات المعترف بها جيدًا في تاريخ القدس من الصعب للغاية افتراض وجود عودة تاريخية من المنفى.
على عكس السامرية، كانت اليهودية تطوراً دينياً نتج عن محاولة خلق مجتمع جديد مثالي قائم على اليوتوبيا من إرثها (68).
قبل أن يعيد السلوقيين إعادة بناء القدس، شكلت التجمعات السكانية في و من فلسطين بالفعل هوية ذاتية دائمة من خلال إنتاج التقاليد الدينية والفلسفية. و بحلول الفترة الفارسية، أنشأ المبعدين من فلسطين والسامريين واليهود والإدوميين وغيرهم مجتمعات في مدن ما بين النهرين مثل حران ونيبور وبابل عكست في النهاية ليس فقط عددًا من الإسقاطات المتسامية الطوباوية، كما نجدها في أعمال إشعيا النبوية وربما المراثي ،بل تعكس أيضاً شعارات طوباوية في القصص المتعلقة برموز مثل إبراهيم في دوره المجسد باعتباره" غريب في الأرض ( انظر سفر التكوين 12 : 3) ". يبدو أن هذه المحاور الطوباوية تم دمجها في أقدم أشكال التوراة السامرية في مجتمع معبد جرزيم، و ربما حصل هذا في الحقبة الفارسية (69 ). . ويبدو أن الأعمال الأدبية وغيرها من المساهمات في إنتاج الهوية الثقافية لفلسطين جاءت من مقاطعة إدوم الفارسية، من لخيش، من خلال إرث عبادة يهوه ذات الأصول العربية الميديانية ولمناطق السهوب و تنعكس في نقوش عثر عليها في سيناء تربط بين مراكز العبادة في السامرة و تيمان (70). لقد رأينا أن استعارات الإله في المزار الديني في محطة القوافل النبطية في الحجاز تشبه الموضوعات المركزية للعبادة السامرية التي تدعو لحب وفهم الرب على أنه حارس و وصي على البشرية (71).
في حين أن امتلاك أورشليم لبعض التقاليد الواضحة الخاصة بها مثل السرد النقدي في أسفار اصطفاء ملوك السامرة و يهوذا وفقدان المكانة، فإن الاهتمامات التي تعود لفترة الحشمونيين تنعكس إلى حد ما في مراجعة التسلسل الزمني الكتابي، مع التركيز عليه موضوعيا في إعادة تكريس المعبد في عام 164 ق.م للاحتفال بثورة المكابيين(72). ويبدو أن الخطاب الشوفيني وشيطنة الأجنبي في الأرض أديا إلى إعادة النظر في تكرار قصص التيه التثنوية، وتقديم قصص توحيدية حصرية ترد في تقاليد الحرب المقدسة ليهوه رب الجنود Saba ot والإيديولوجيات الانعزالية في أسفار الكتاب [المقدس] اليونانية اللاحقة مثل إسدراس الأول و أسفار المكابيين الأول و الثاني(73).
اليهودية الرومانية وفلسطين متعددة الإثنيات
على الرغم من الاهتمام الكبير اليوم بين الجناح اليميني، فإن منشئي الهوية الإسرائيلية والوطنية المتشددة والإيديولوجية المناهضة للأجانب بالكاد قادرين على تعريف اليهودية.
ورثة الحقبة الحشمونية هم من خضعوا للقوة العسكرية للمتطرفين الدينيين. لقد كان [شلومو] ساند محقاً في قوله بعدم وجود يهودية على الإطلاق لديها "سمة مجتمع من أصل مشترك" (74). عندما قرر الرومان السيطرة المباشرة على إدارة فلسطين من أتباعهم الحشمونيين ودخل بومبي أورشليم سنة 63 ق.م، واجهوا مشكلة سياسية تتمثل في فهم اليهود لذواتهم كيهود. لقد أصبح الرومان الآن هم الأجانب في أرض تهيمن عليها إيديولوجية راديكالية معادية للأجانب. ومع ذلك، لم يكرروا خطأ الإسكندر وتأخر "يوم الحساب". عندما أدخلوا الحكم الذاتي في 42العام ق.م.، أعطيت رعاية السامرة و أورشليم إلى هيرود، وهو يهودي , وبأوامر منه والتزامه بفلسطين الهلنستية، أعيد بناء المدينتين، وأنشأ هيرود وعائلته منطقة مستقرة نسبياً لمدة قرن كامل قبل الثورة اليهودية الأولى، التي أخمدها تيتوس بتدميره المدينة في العام 70 م. ومعها المعبد و الأغورا اللذان بناهما هيرود.
على الرغم من الفقر و الدمار الذي أصاب البلد, لم تتغير البنية الإثنية للمدينة و لفلسطين و لم تحصل عمليات ترحيل. و بعد نحو خمسة وستين عامًا، عندما تمت السيطرة للرومان على تمرد بار كوخبا المسياني الذي استمر أربع سنوات "خلاصية"، تحرك هادريان ضد الرموز اليهودية المركزية، ومنع اليهود من الدخول إلى أورشليم وأعاد بناء المدينة باسم إيليا كابيتولينا Aelia Capitolina تكريماً للإله جوبيتر، متعمدًا الحفاظ على تراثها كمدينة مقدسة. تجدر الإشارة إلى أن مصدرنا، رواية أوزيبيوس المعادية للثورة و المضادة لليهود وحظر هادريان لليهود من دخول القدس التي أعيد بناؤها حديثًا، يتردد صداها في الرواية التي يذكرها عن إخضاع الإسكندر للسامريين بعد تمردهم ضد هيلنة السامرة في العام 323 ق.م(77). ها هنا المجاز الأدبي والتاريخ يخفيان بعضهما البعض.
من المهم التأكيد مرة أخرى على أن الرومان لم يقوموا بأي جهد لإبادة اليهود أو اليهودية في فلسطين. لم يكن هناك ترحيل لليهود من فلسطين في هذا الوقت . كان السبب وراء الابتعاد الواضح للسكان عن اليهودية هو أن اليهود شكلوا غالبية الطائفة المسيانية التي أصبحت تعرف تدريجيا باعتبارها مسيحية (وبالتالي) غير يهودية. وقد أثر هذا التغيير في الهوية على معظم فلسطين، باستثناء الجليل حيث ازدهرت اليهودية الحاخامية وكانت هي المجموعة الفكرية والدينية المهيمنة حتى فترة طويلة من الحقبة الإسلامية. أصبح غالبية الفلسطينيين اليهود والسامريين مسيحيين في ظل الهيمنة البيزنطية على البلاد : معظمهم من خلال التحويل، ولكن عن طيب خاطر. عندما احتل الجيش الإسلامي القدس بعد سلام تفاوضي في العام 637 م ، استمر اليهود والمسيحيون في العيش في المدينة وفي فلسطين بأمن وسلام نسبيين. وخلال الفترة الأموية- فترة ازدهار متزايد- أصبحت الغالبية بدورها مسلمة من خلال التحول. تعتبر التقاليد الدينية للسامريين واليهود والمسيحيين والمسلمين تقليدًا فريدًا مستمرًا تاريخيًا وتراثًا مشتركًا في فلسطين، متجذر بعمق في دين الشرق الأدنى القديم منذ ما قبل العصر البرونزي .
......................
ملاحظات
قدمت هذه الورقة لأول مرة في ندوة مكرسة للتراث الفلسطيني في القدس ، برعاية وزارة الثقافة الأردنية في 28 كانون الثاني-يناير 2012. أود أن أشكر وزارة الثقافة والدكتور أحمد راشد والدكتور صبحي غوشة من لجنة يوم القدس على كرم ضيافتهم في إتاحة الفرصة لي لتقديم هذه الأفكار.
-عنوان المقال الأصلي : Your Mother was a Hittite and Your Father an Amorite:
Ethnicity, Judaism, and Palestine’s Cultural Heritage
-اسم المؤلف : Thomas L. Thompson
-المصدر: https://www.bibleinterp.com/articles/tho368024.shtml 2012.
المترجم : محمود الصباغ
1 T. L. Thompson, The Bible in History: How Writers Create a Past (London: Jonathan Cape, 1999), 257 idem, “Lester Grabbe and Historiography: An apologia,” SJOT 14 (2000), 155-157.
2 T. L. Thompson, “Hidden Histories and the Problem of Ethnicity in Palestine,” in M. Pryor (ed.), Western Scholarship and the History of Palestine (London: Melisende, 1998), 23-39.
3 T. L. Thompson, “The Exile in History and Myth: A Response to Hans Barstad,” in L. L. Grabbe, Leading Captivity Captive: The Exile as History and Ideology (Sheffield: SAP, 1998), 101-119 idem, “Etnicitet og Bibel: Flere Jødedomme og det nye Israel” in N. P. Lemche and H. Tronier (eds), Etnicitet i Bibelen (København: Museum Tusculanum, 1998), 23-42.
4 The Early History of the Israelite People from the Written and Archaeological Sources(Leiden: Brill, 1992). This book is apparently unknown to the more recent work of Avraham Faust, which deals with the same issues from a very different perspective: A. Faust, Israel’s Ethnogenesis: Settlement, Interaction, Expansion and Resistance(London: Equinox, 2006) see also E. Pfoh, “Review Article: On Israel’s Ethnogenesis and Historical Method,” Holy Land Studies 7 (2008), 213-219 idem, The Emergence of Israel in Ancient Palestine: Historical and Anthropological Perspectives (London: Equinox, 2009).
5 Jer 31.
6 S. Sand, The Invention of the Jewish People (London: Verso, 2009) idem, On the Nation and the Jewish People (London: Verso, 2010).
7 Sand, On the Nation, 30.
8 The theoretical discussion is vast. A very useful reader is that of W. Sollors (ed.),Theories of Ethnicity: A Classical Reader (London: Macmillan, 1996) for a discussion related to Palestine, see the recent discussion in E. Pfoh, The Emergence of Israel in Ancient Palestine: Historical and Anthropological Perspectives, CIS (London: Equinox, 2009) for a very different and explicitly Israeli perspective, see A. Faust, Israel’s Ethnogenesis: Settlement, Interaction, Expansion and Resistance (London: Equinox, 2006).
9 K. Sethe, Die Ächtung feindlicher Fürsten: Völker und Dinge auf altägyptischer Tongefässscherben des mittleren Reiches APAW, 1926 G. Posener, Princes et Pays d’Asie et de Nubie (Paris: Garibalda, 1940) idem “Les Textes d’envoutement de Mirgissa,” Syria 43 (1966), 277-287 for the relative and absolute dating of these texts, see T. L. Thompson, The Historicity of the Patriarchal Narratives: The Quest for the Historical Abraham, BZAW 133 (Berlin: de Gruyter, 1974), 106-113.
10 M. Steiner, Excavations by Kathleen M. Kenyon in Jerusalem 1961-1967, Volume III: The Settlement in the Bronze and Iron Ages, CIS (London: SAP/ Continuum, 2001.
11 G. Barkay, “A Late Bronze Age Egyptian Temple in Jerusalem?” IEJ 46(1996), 23-34.
12 Steiner, Excavations, 52.
13 Steiner, Excavations, 109.
14 J. B. Pritchard, ANET, 563-564 Ahlström, History, 785-796 Stern, Archaeology, 325.
15 Stern, Archaeology, 321-322 see, also, P. R. Davies, Memories of Ancient Israel: An Introduction to Biblical History, Ancient and Modern (Louisville/ London: Westminster/ John Knox, 2008) idem, “Biblical History and Cultural Memory,” The Bible and Interpretation: http://www.bibleinterp.
com/articles/memory.shtml (April 14, 2009), 1-5. For a well considered reconstruction of the region, see esp. O. Lipschitz, “Demographic Changes in Judah between the Seventh and Fifth Centuries BCE,” in O. Lipschitz and J. Blenkinsopp (eds.), Judah and the Judeans in the Neo-Babylonian Period Winona Lake: Eisenbrauns, 2003), 323-376.
16 Lipschitz, “Demographic Changes,” 346-347 also: idem, “The History of the Benjaminite Region under Babylonian Rule,” Tel Aviv 26/2 (1999), 155-190 J. R. Zorn, “Tell en-Nasbeh: A Re-evaluation of the Architecture and Stratigraphy of the Early Bronze Age and Later Periods,” PhD dissertation: University of California, Berkeley (1993) idem, “Tell en-Nasbeh and the Problem of the Material Culture of the Sixth Century,” in Lipschitz and Blenkinsopp (eds.), Judah and the Judeans, 413-447.
17 O. Lipschits, “Achaemenid Imperial Policy, Settlement Processes in Palestine, and the Status of Jerusalem in the Fifth Century BCE,” in O. Lipschits and M. Oeming (eds.),Judah and the Judeans in the Persian Period (Winona Lake: Eisenbrauns, 2006), 19-53idem, “Persian Period Finds from Jerusalem: Facts and Interpretations,” The Journal of Hebrew -script-ures 9/ 20 (2009), 1-30: http://www.jhsonline.org. I. Finkelstein, “Jerusalem in the Persian (and Early Hellenistic) Period and the Wall of Nehemiah,”Journal for the Study of the Old Testament 32/4 (2008), 501-520.
18 T. L. Thompson, “What We Do and Do Not Know about Pre-Hellenistic al-Quds,” in E. Pfoh and K. W. Whitelam, The Politics of Israel s Past: Biblical Archaeology and Nation-Building (Sheffield: Phoenix Press, forthcoming).
19 J. Strange, “Herod and Jerusalem: The Hellenization of an Oriental City,” in T. L. Thompson and S. Jayyusi, Jerusalem in ancient History and Tradition….
20 Strange, “Herod and Jerusalem.”
21 Thompson, Early History, 27-76.
22 Thompson, Early History, 1-26.
23 T. L. Thompson, “The Joseph and Moses Narratives,” in J. H. Hayes and J. M. Miller,Israelite and Judean History (Philadelphia: Westminster, 1977), 149-180 210-212.
24 J. K. Hoffmeier, “The (Israel) Stela of Merneptah,” in W. W. Hallo (ed.), The Context of -script-ure II: Monumental In-script-ions (Leiden: Brill, 2003), 40-41.
25 I. Hjelm and T. L. Thompson, “The Victory Song of Merenptah: Israel and the People of Palestine,” JSOTS 27 (2002), 3-18 also K. W. Whitelam, “Israel is Laid Waste: His Seed is no more: What if Merneptah’s Scribes Were Telling the Truth?” in J. C. Exum (ed.),Virtual History and the Bible (Leiden: Brill, 1999), 8-22. A new reading of a yet earlier, topographic name, appearing together with the names ’askelan and pe’ kana’an (Gaza) appears in the form of Ischra-el, dating from about 1500 was published by Manfred Görg in 2001 and is just recently come under consideration. Cf. P. van der Veen, C. Theis and M. Görg, “Israel in Canaan (Long) Before Pharaoh Merneptah? A Fresh Look at Berlin Statue Pedestal Relief 21687,” Journal of Ancient Egyptian Interconnections2/4 (2010), 15-25.
26 Y. Aharoni, The Settlement of the Israelite Tribes in the Upper Galilee (Jerusalem: Hebrew University dissertation, 1957) M. Kochavi Judea, Samaria and the Golan: Archaeological Survey 1967-1968 (Jerusalem: IES, 1972) I. Finkelstein, The Archaeology of the Israelite Settlement (Jerusalem: IES, 1988) T. L. Thompson, The Settlement of Sinai and the Negev in the Bronze Age, BTAVO 8 (Wiesbaden: Dr. Reichert Verlag, 1975) idem, The Settlement of Palestine in the Bronze Age, BTAVO 34 (Wiesbaden: Dr. Reichert Verlag, 1979) idem, Early Hist,215-300.
27 See my discussion on this in Early History, 215-221.
28 A. Zertal, Arrubath, Hepher and the Third Solomonic District (University of Tel Aviv dissertation, 1986) Finkelstein, Archaeology.
29 Finkelstein, Archaeology, passim cf., however, Thompson, Early History, 221-310.
30 Thompson, Early History: 217-300.
31 A related argument was put forward by K. W. Whitelam some time ago in his study:The Invention of Ancient Israel (London: Rutledge, 1996).
32 S. Zuckerman, The Last Days of a Canaanite Kingdom (2009).
33 Thompson, Early History: 239-250.
34 A. Alt, Die Landnahme der Israeliten in Palästina, Reformationsprogramm der Universität Leipzig (Leipzig, 1925) Finkelstein, Settlement, 89-91 cf. Thompson, Early History, 223-239 T. L. Thompson, “Palestinian Pastoralism and Israel’s Origins,” SJOT6/1 (1992), 1-13.
35 Mentioned in the story of Wen-Amon: ANET, 25-29.
36 Biblical tradition refers to Caphtor for the origins of the “Philistines” (Jer 47:4).
37 T. Dothan, The Philistines and Their Material Culture (Jerusalem, 1982).
38 N. P. Lemche, The Canaanites and Their Land (Sheffield: SAP, 1991).
39 On this and what follows, see T. L. Thompson, “Memories of Esau and Narrative Reiteration: Themes of Conflict and Reconciliation,” in SJOT (forthcoming, 2012).
40 G. Ahlström, The History of Ancient Palestine from the Palaeolithic Period to Alexander’s Conquest (Sheffield: SAP, 1993), 639-664 [656.661].
41 E.g., D. D. Luckenbill, ARAB II, par. 801 ANET, 282 See further, B. Becking, The Fall of Samaria: An Historical and Archaeological Study, SHANE 2 (Leiden: Brill, 1992) 40-56 Ahlström, The History of Ancient Palestine, 665-701 W. Mayer, “Sennacherib’s Campaign of 701 BCE: The Assyrian View,” in L. L. Grabbe (ed.), Like a Bird in A Cage: The Invasion of Sennacherib in 701 BCE, JSHM 4 (New York: T&T Clark, 2003), 168-200.
42 R. Giveon, Les Bedouins Shosou des documentes égyptiens (Leiden: Brill, 1971), #6 and #16 (pages 26-28, 74-77) M. Weippert, “Semitischen Nomaden des zweiten Jahrtausends,” Biblica 55 (1974), 265-280. 427-433 K. van der Toorn, “Yahweh,” in K. van der Toorn, B. Becking and P. W. van der Horst (eds.), Dictionary of Deities and Demons in the Bible (Leiden: Brill, 1995), cols.1711-1729.
43 Weippert, “Semitische Nomaden” E. A. Knauf, “Yahwe,” Vetus Testamentum 34 (1984), 467-472 idem, “Eine nabatäische Parallele zum hebräischen Gottesnamen,” BN23 (1984), 21-28 idem, Midian (Wiesbaden: Horassowitz, 1988), 43-48 L. E. Axelsson, The Lord Rose Up from Seir (Lund: CB, 1987).
44 Courtesy of the museum of the Imam Muhammed Ibn Saud Islamic University in Riyadh see T. L. Thompson, The Messiah Myth: The Near Eastern Roots of Jesus and David (New York: Basic Books, 2005), 370n25.
45 ANET, 283.
46 See on this I. Hjelm, “Changing Paradigms: Judean and Samaritan Histories in Light of Recent Research,” in M. Müller and T. L. Thompson, Historie og Konstruktion: Festskrift til Niels Peter Lemche i anledning til 60 års fødslesdagen, den 6. December, 2005(København: Museum Tusculanum, 2005), 161-179 E. A. Knauf, Midian: Untersuchungenzur Geschichte Palästinas und Nordarabien om Ende des 2. Jahrtausends v. Chr. (Wiesbaden: Harrassowitz, 1988) for a discussion of 2 Kings 17, see I. Hjelm, Jerusalem’s Rise to Sovereignty: Zion and Gerizim in Competition(Sheffield: SAP, 2004).
47 See especially I. Hjelm, The Samaritans and Early Judaism: A Literary Analysis(Sheffield: SAP, 2000) also idem, Jerusalem’s Rise to Sovereignty, 210-214.
48 Y. Magen, Mount Gerizim Excavations II: A Temple City (Jerusalem: IAA, 2008) idem, “The Dating of the First Phase of the Samaritan Temple on Mount Gerizim in the Light of the Archaeological Evidence,” in O. Lip****z, G. Knoppers and R. Albertz, Judea and Judeans in the Fourth Century BCE (Winona Lake: Eisenbrauns, 2007), 157-211.
49 E. Nodet I. Hjelm G. Knoppers B. Becking, “Do the Earliest Samaritan In-script-ions Already Indicate a Parting of the Ways?” in Lipschitz, Knoppers and Albertz, Judea and Judeans, 213-222.
50 D. Ussishkin, The Conquest of Lachish by Sennacherib (Tel Aviv: Institute of Archaeology, 1982).
51 See Lipschitz, “Demographic Changes in Judah between the Seventh and Fifth Centuries BCE,” in O. Lipschitz and J. Blenkinsopp (eds.), Judah and the Judeans in the Neo-Babylonian Period (Winona Lake: Eisenbrauns, 2003), 323-376.
52 ANET, 563-564 Ahlström, History, 785-796 Stern, Archaeology, 325.
53 Stern, Archaeology, 321-322 see, also, P. R. Davies, Memories of Ancient Israel: An Introduction to Biblical History, Ancient and Modern (Louisville/ London: Westminster/ John Knox, 2008) idem, “Biblical History and Cultural Memory,” The Bible and Interpretation: http://www.bibleinterp.
com/articles/memory.shtml (April 14, 2009), 1-5. For a well considered reconstruction of the region, see esp. O. Lipschitz, “Demographic Changes in Judah.”
54 Stern, Archaeology, 330.
55 Stern, Archaeology, 328 B. MacDonald, “The Wadi al-Hasa Survey 1979 and Previous Archaeological Research in southern Jordan,” BASOR 254 (1982), 39-40 see also C. M. Bennett, Levant 9 (1977), 3-9.
56 Thompson, “Memories of Esau.” For a different perspective on the presence of Jews and other ethnic groups in “Idumea,” see now E. A. Knauf, “Biblical References to Judean Settlement in Eretz Israel (and Beyond) in the Late Persian and Early Hellenistic Periods,” in Davies and Edelman (eds.), The Historian and the Bible, 175-193 [187-191].
57 Lipschitz, “Demographic Changes,” 341-345.
58 Lipschitz, “Demographic Changes,” 330-332 see also N. Na’aman, “An Assyrian Residence at Ramat Rahel.” Tel Aviv 28 (2001), 260-280.
59 See E. A. Knauf, Midian: Untersuchungen zur Geschichte Palästinas am Ende des zweiten Jahrtausends, ADPV (Wiesbaden: Harrassowitz, 1988).
60 I. Kottsieper, “’And They did not Care to Speak Yehudite’: On Linguistic Change in Judah during the Late Persian Era,” in Lip****z, Knoppers and Albertz, Judah and the Judeans, 95-124.
61 Thompson, “Memories of Esau,” (forthcoming).
62 J. A. Montgomery, Aramaic Incantation Texts From Nippur (Cambridge: Cambridge University Press, 1911) M. D. Coogan, “Jews at Nippur in the Fifth Century BCE,” BA 37 (1974), 6ff.
63 A. van Hoonacker, Une Communité Judéo-Araméenne à Éléphantine, en Egypte, aux vi et v siècles avant J.-C (London, 1915) B. Porten, The Elephantine Papyri in English: Three Millennia of Cross-Cultural Community and Change (Leiden: Brill, 1996).
64 Sand, The Invention of the Jewish People, 166-167.
65 For a discussion of “exclusive monotheism,” see T. L. Thompson, “The Intellectual Matrix of Early Biblical Narrative: Inclusive Monotheism in Persian Period Palestine,” in D. Edelman (ed.), The Triumph of Elohim: From Yahwisms to Judaisms (Kampen: Kok Pharos, 1995), 107-126.
66 F. Sawah, “The Faithful Remnant.” T. L. Thompson, “What we Do and Do Not Know about Pre-Hellenistic al-Quds,” in E. Pfoh and K. Whitelam (eds.), The Politics of Israel s Past: Biblical Archaeology and Nation-Building (Sheffield: Phoenix Press, forthcoming 2012). On the dating of these texts to the Middle Bronze Age, see T. L. Thompson, The Historicity of the Patriarchal Narratives: The Quest for the Historical Abraham (Berlin: de Gruyter, 1974), 106-112.
67 Thompson, Early History, 412-423 also idem, Holy War at the Center of Biblical Theology.
68 As intimated already in Thompson, “The Intellectual Matrix of Early Biblical Narrative: Inclusive Monotheism in Persian Period Palestine.” In D. Edelman (ed.), The Triumph of Elohim: From Yahwisms to Judaisms (Kampen: Kok Pharos, 1995), 107-126 also and even more -dir-ectly to the point, see N. P. Lemche, “How Does One Date an Expression of Mental History? The Old Testament and Hellenism,” in L. L. Grabbe, Did Moses Speak Attic? Jewish Historiography and -script-ure in the Hellenistic Period, ESHM 3 (London: Sheffield Academic Press, 2001), 200-224.
69 E. Nodet, A Search for the Origins of Judaism: From Joshua to the Mishna, JSOTS 248(Sheffield: SAP, 1997) idem, “Josephus and the Pentateuch,” JSJ 28 (1997), 154-194idem, La Crise Macabéenne (Paris: Gabalda, 2005) idem, “Israelites, Samaritans, Temples, Jews,” in József Zsengellér (ed.), Samaria, Samarians, Samaritans: Studies on Bible, History and Linguistics, Studia Samaritana 6 (Berlin: de Gruyter, 2011), 121-171 I. Hjelm, The Samaritans and Early Judaism: A Literary Analysis, JSOTS 303/ CIS 7(Sheffield: SAP, 2000) idem, “Brothers Fighting Brothers: Jewish and Samaritan Ethnocentrism in Tradition and History,” in T. L. Thompson, Jerusalem in Ancient History and Tradition, CIS 13 (London: T&T Clark, 2003)197-222 idem, “What Do Samaritans and Jews Have in Common: Recent Trends in Samaritan Stu-dir-s,” CBR 3/1 (2004), 9-59 idem, “Samaritans. History and Tradition in Relationship to Jews, Christians and Muslims: Problems in Writing a Monograph,” in Zsengellér, Samaria, 173-184.
70 T. L. Thompson, “’House of David’: An Eponymic Referent to Yahweh as Godfather,”SJOT 9 (1995), 59-74.
71 T. L. Thompson, “Genesis 4 and the Pentateuch’s reiterative discourse: Some Samaritan Themes,” in Zsengellér, Samaria, 9-22.
72 The Masoretic text’s revision of the chronology is discussed already in T. L. Thompson,Historicity, 9-16.
73 On Maccabbees’ revisionary reiterations of 1-2 Kings, see Hjelm, Jerusalem’s Rise to Sovereignty, 258-293.
74 S. Sand, On the Nation, 27.
75 For Eusebius’ account of Hadrian’s ban, see Hist. 4.6. For a discussion of his account of the Samaritan rebellion (Chron II. 114), see M. Mor, “I. Samaritan History: The Persian, Hellenistic and Hasmonean Period,” in A. D. Crown (ed.), The Samaritans (Tübingen: J. C. B. Mohr, 1989), 9-10.



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -يوروفيجين- تل أبيب و- بصل الخطايا-
- البحث عن إسرءيل: مناظرات حول الآثار و تاريخ إسرءيل القديمة(7 ...
- البحث عن إسرءيل: مناظرات حول الآثار و تاريخ إسرءيل القديمة(6 ...
- البحث عن إسرءيل: مناظرات حول الآثار و تاريخ إسرءيل القديمة(5 ...
- ربيع الشام و الحرب على السوريين
- البحث عن إسرءيل: مناظرات حول الآثار و تاريخ إسرئيل القديم(4)
- تمرين في الاقتصاد: متلازمة بومول
- البحث عن إسرءيل: مناظرات حول الآثار و تاريخ إسرئيل القديم(3)
- البحث عن إسرءيل: مناظرات حول الآثار و تاريخ إسرئيل القديم(2)
- البحث عن إسرءيل: مناظرات حول الآثار و تاريخ إسرئيل القديم(1)
- علم الآثار السياسي و النزعة القومية المقدسة(5)
- علم الآثار السياسي و النزعة القومية المقدسة(4)
- Il Postino ساعي بريد نيرودا: مجاز الوعد بوصفه خذلان
- علم الآثار السياسي و النزعة القومية المقدسة(3)
- علم الآثار السياسي و النزعة القومية المقدسة(2)
- المملكة المنسية: تاريخ مملكة إسرءيل في ضوء علم الآثار(7)- ال ...
- المملكة المنسية: تاريخ مملكة إسرءيل في ضوء علم الآثار(6)- ال ...
- المملكة المنسية: تاريخ مملكة إسرءيل في ضوء علم الآثار(5)- ال ...
- علم الآثار السياسي و النزعة القومية المقدسة(1)
- المملكة المنسية: تاريخ مملكة إسرءيل في ضوء علم الآثار(4) -ال ...


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - الإثنية واليهودية والتراث الثقافي لفلسطين