أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - وتبقى البؤرة الفاسدة المتوارثة دون مساس














المزيد.....

وتبقى البؤرة الفاسدة المتوارثة دون مساس


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6335 - 2019 / 8 / 29 - 22:20
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


حين أضع كلمة «كاتبة» إلى جوار كلمة «زوجة» تصبح الجملة غير متسقة أو غير منسجمة أو متناقضة مع التاريخ البشرى، ولا أقول الطبيعة البشرية. ذلك أن الطبيعة البشرية، ليست هى التاريخ. فالتاريخ قد دأب منذ نشوء النظام السياسى المعروف بالعبودية إلى تشويه الطبيعة البشرية، لكى تخدم النظام الحاكم. تم تشويه طبيعة الفقراء، والنساء، والعبيد، من أجل مصلحة طبقة الأسياد. هذا النظام العبودى شوه أيضا طبيعة الأسياد، من أجل

الاستغلال والسيطرة والاستبداد والجشع والقسوة. أصبح السيد الحاكم يموت بالتخمة، والخمول والكسل والتسلط والجبروت والساديّة. بينما يموت العبيد والفقراء والنساء، من الفقر والإرهاق والجوع والمهانة والماسوشية. نشأ نظام الزواج العبودى ليتماشى مع النظام السياسى. حيث قام على ثنائية السيد والعبد، الرجل والمرأة، الحاكم والمحكوم، المقدس والمدنس، الاله والشيطان.

والملاحظ، أنه على مر السنين، وفى معظم البلاد، تطورت القوانين المختلفة التى تقع خارج نطاق العائلة. ولكن قوانين الزواج والطلاق، أو قوانين الأحوال الشخصية، الخاصة بتكوين الأسرة لم تتطور أو لنقل إن تطوراتها لم تمس جذور العلاقة بين الرجل والمرأة. فقد بقيت علاقة أبوية، من الطراز الأول، قائمة بين طرف «أعلى»، هو الرجل، وطرف «أدنى» هو المرأة. هذه العلاقة هى الأساس الحجرى الصلب الذى يؤسس المجتمع والدولة والثقافة والإعلام والتعليم والأديان والتربية والأخلاق.

كل هذا البناء الضخم المتوارث عبر قرون من الزمان يقوم على كتفى المرأة الزوجة. هذه الفتاة الصغيرة الضعيفة العِظام المرهقة بالعمل داخل البيت وخارج البيت، لتحمى الأسرة الأبوية من الانهيار والتفكك. أسرة يملك الرجل زوجته، وأطفاله، كما يملك الأشياء، يفعل بهم ما يشاء، ويحدد مصيرهم حسب مزاجه، ونزواته، وشخصيته المريضة. منْ هى الكاتبة الساخرة التى قالت: «إن الله خلق الرجل ليفكك الأسرة وخلق المرأة لكى يحميها من التفكك»؟ مقولة ساخرة بليغة،

تختصر التاريخ البشرى، ومأساة النساء، وتكشف حقيقة أنه لولا «الزوجة»، ما أصبحت هناك «أسرة»، لما وُجد المجتمع، ولما قامت الدول. تتربى المرأة على الحفاظ على الأسرة، وتحمل كل الصعاب لعدم تشريد الأطفال وتفكيك الأسرة. يتربى الرجل على حقه فى إنهاء الزواج، والطلاق الشفهى، وتعدد الزوجات، لمجرد رغباته الجنسية والنفسية التى لا تتحلى بأدنى مسؤولية تجاه الزوجة والأطفال والأسرة. والمفاهيم الثقافية والأخلاقية، كلها، ووسائل الإعلام ومقررات التعليم تخدم مقولة: «المرأة تعشش والرجل يطفش». أى ثقافة ومفاهيم غير أخلاقية، وغير إنسانية، وغير عادلة. لكن هذا هو الواقع، السائد منذ أزمنة العبودية وحتى اليوم، فى أغلب بلاد الدنيا. والسبب أن النظام الأبوى لا يزال يحكم العالم، وإن تغيرت مسمياته، وأشكاله، وأثوابه، وألاعيبه وطرق خداعه، واستغلاله. والإصلاحات التى تحدث من حين آخر، هنا أو هناك، كلها إصلاحات من السطح لا تغوص إلى جذور المشكلة إلى الأساس الحجرى الصلب إلى الجريمة الأصلية القديمة، المؤسسة منذ زمن العبودية. بقيت البؤرة الفاسدة التى تفرز الازدواجية دون مساس، تتكرر جيلا بعد جيل، وهى العائلة الأبوية. هذه العائلة التى لا تجد غضاضة فى أن يكون للرجال الأزواج عشيقات وخليلات من نساء الهوى، يوصفن بالفسق والفجور والتفسخ الأخلاقى. بينما يظل الرجال الأزواج شرفاء، لا يعيبهم شىء فى أخلاقهم. وتبقى النساء والزوجات والأمهات، حبيسة الأخلاق غير الأخلاقية، والعدالة الغائبة، والكيل بمكيالين. يصعب عليهن الكلام، أو الرفض، أو حتى التساؤل. حيث تحاط الازدواجية بهالة من المفاهيم الدينية، التى تصف المرأة، أو الزوجة، أو الأم، المتمردة، بأنها ضد الشرع الإلهى، وضد الله، وضد الطبيعة، وضد الفضيلة، وضد تماسك الأسرة. لكن الكتابة سلاح ضد الظلم، والجهل، والخوف. بالكتابة يرتفع وعى المرأة، وتزداد قوتها على المواجهة، وكشف حقيقة الزواج الأبوى، وحقيقة الرجل، وحقيقة زوجها، الذى إن كان كاتبا مثلها، تفاقمت المشكلة، واشتعلت أكثر المعركة. هو مشغول بالكتابة، وهى مشغولة بالكتابة، منْ إذن يقوم بالطبيخ، والغسيل، ودعك المراحيض؟ تصبح الخادمة، أو الطباخة ضرورية للزوج ليأكل أكلا شهيا، ويرتدى ملابسه نظيفه، ويلمع سيراميك الحوض والمرحاض لمعانا كبيرا. فى حالة أن الزوجة كاتبة مثل زوجها تصبح الخادمة ضرورية أكثر من الزوجة، لأنها تلبى الاحتياجات اليومية للزوج، وتعوض ما تفشل الزوجة المشغولة بالكتابة عن توفيره. وربما يسألها زوجها الكاتب، لماذا أصلا تكتب؟ ألا يكفى أنه يقوم بهذه المهمة؟ لماذا لا تتركه يكتب لهما هما الاثنين، وتكون راضية، وممتنة، وقنوعًا؟ وإذا كانت تكتب أشياء ثورية لا ترضيه، ولا تتماشى مع أفكاره، وتسبب له الحرج، مع الناس، ومع المسؤولين، يغضب، وينهرها، ويتهمها بالتطرف،

والتهور، وعدم تقدير المسؤولية. والكاتبة الثورية، المتشبثة بكتاباتها، وإبداعاتها، ينتهى بها الأمر إلى الطلاق، أو السجن، والتعرض إلى الشتائم، وبلاغات ازدراء الأديان والحسبة، من التيارات الدينية، والمتحالفين معها، المزايدين على الوطنية، والدين، والفضيلة، ومصلحة الأسرة.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأساة المفكرة المبدعة في عالم ديني ذكوري
- شهادة الزوج الثاني في المحكمة
- نوال السعداويأمر الله والانفجار السكاني
- الصراع الدامي التاريخي بين الآلهة والبشر
- مذكرات طبيبة بعد 63 عامًا من القهر
- أنت مختلفة.. أنت مختلف موسيقى أو نشاز؟
- ثمن العبودية أفدح من ثمن الحرية
- لجنة القصة بالمجلس الأعلى الدائم
- تجديد الفكر الدينى.. ماذا يعنى؟
- الأنانية الموروثة وروابط الدم
- القدم فوق الرأس والعقل بلا ثمن
- الحجاب والنفط والسلاح ونيوزيلندا
- منابع الإبداع فى عيد الأم المصرية
- تجربتى الذاتية والجدل حول الدستور
- أيامى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة
- جائزة الاستغناء عن الجوائز
- الوزيرة وسلطة الزوج المطلقة
- الإنسان نعمة وليس نقمة
- عنب لذيذ فى احتفال العام الجديد
- الديمقراطية الرأسمالية تتهاوى فى فرنسا


المزيد.....




- “انقذوا بيان”.. مخاوف على حياة الصحافية الغزية بيان أبو سلطا ...
- برلماني بريطاني.. الاحتلال يعتدي حتى على النساء الفلسطينيات ...
- السعودية ترأس لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة بدورتها الجدي ...
- تطورات في قضية داني ألفيش -المتهم بالاغتصاب-
- رومي القحطاني.. أول سعودية تشارك بمسابقة ملكة جمال الكون 202 ...
- شون كومز.. مغني الراب الأمريكي الشهير واتهامات -الاغتصاب وال ...
- بصورة مع علم السعودية.. رومي القحطاني تعلن تمثيل المملكة بأو ...
- الشهادة السابعة من حملة #مش_طبيعة_المهنة
- لأول مرة.. سعودية تشارك بمسابقة ملكة جمال الكون
- العنف الرقمي يهدد اللبنانيات.. ابتزاز واحتيال وانتهاك خصوصية ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - وتبقى البؤرة الفاسدة المتوارثة دون مساس