أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد طالبي - عاشة البوهيمية















المزيد.....

عاشة البوهيمية


محمد طالبي
(Mohamed Talbi)


الحوار المتمدن-العدد: 6332 - 2019 / 8 / 26 - 10:04
المحور: الادب والفن
    


عائشة البوهيمية
نتجول أنا و صديقي بالشارع الطويل بالقرب من الكورنيش،يحدثني عن عمله عندما كان مدرسا لمادة الرياضيات يحدثني عن الصعوبات و الاخفاقات و المشاكل التي واجهته في التدريس، وكيف تغلب عليها بالمثابرة والجد و البحث، وابتكار حلول جديدة تلائم عقلية الطفل المغربي.كما وصف شعوره بالسرور و فرحته عندما يتمكن من تبسيط مفاهيم رياضية او درس معقد لكافة التلاميذ.ثم اردف بان العمل الاداري هو بمثابة وئد ودفن للنفس و الشخص و للإبداع ،ويعتبر مضيعة للوقت للاطر التربوية ونساء و رجال القسم.على الاداريين ان يكونوا خريجي معاهد التدبير و التسيير .لا ان يكونوا اطرا تربوية جاءت من الفصل لتقوم بتدبير مرفق اداري عمومي .كهذا كان يقارب الامور.و انا استمع اليه بانتباه شديد، مثل تلميذ مجد يحاول فهم درس جديد.مرت بالقرب منا امرأة فاتنة جمالها لافت للانتباه او هكذا خيل الي . معتنية بمظهرها بطريقة مثيرة جدا تدكرني ببطلات الاغواء في الافلام العربية، المصرية منها على الخصوص. تبادلت السلام و التحايا مع صديقي و تجاهلتني متعمدة و بطريقة فجة ..
السي مصطفى لاباس عليك ؟
انسحبت بعيدا وتركت مجال وحرية التعبير و الحوار شاسعا لأدم وحواء.
تحدثا لمدة تقارب العشرة دقائق.قبل ان تودع صديقي نظرت الي نظرة متفحصة ،من بعيد تفحصتني من راسي الى أخمص قدمي
تساءلت اهي نظرة احتقار ؟ ام هي مجرد "سكانير" عادي كما يفعل جل الناس ؟ ام هو استفزاز مقصود ؟
انسحبت وذهبت الى حال سبيلها . التحق بي صديقي سألته في فضول زائد من هي الاستاذة الجملية ؟
ليست استاذة، وليست جميلة واش انت دايخ ؟
انها ام لأحد التلاميذ، وهي امازيغية ايضا من نواحي الاطلس المتوسط..تغيرت ملامح وجهه ونبرة صوته.أكيد ان الحوار لم يكن لا جيدا و لا ممتعا.غريب امر حواء وادم بضع كلمات يمكن ان تغير الجو والمناخ، وتغيرالاجواء من صافية وجميلة وتبشر بيوم سعيد . الى غيوم سوداء وقرب تهاطل امطار الحزن و الغضب وربما البكاء.
مر أسبوع صديقي يطلب مني عبر الهاتف ان ازوره في مقر عمله، لمساعدته في معالجة مشكل بسيط على احد المواقع الاليكترونية.وصلت ناقشنا المشكل كان بسيطا بالفعل.وجدنا الحل بسرعة. قبل ان اهم بالانصراف ،موسيقى كعب عال يرتطم بأرضية الساحة يصل الى مكتب صديقي.السيدة الجميلة صاحبة النظرة من الافل الى الاعلى. تطرق الباب و تستأذن بالدخول، اذن لها المسؤول عن المكتب،وطلب منها الجلوس بالكرسي المقابل لي..استأذنت صديقي في الانصراف .طلب مني ان اجلس لأنه لا زال في حاجة الى خدماتي ،طلب من السيدة ان تباشر الحديث. نظرت في اتجاهي، في اشارة لوجوب انصرافي. فاخبرها انني في مثابة الاخر الاصغر و لا حرج في مناقشة الموضوع في حضوري.قلت في نفسي تبا لهذا الموقف المحرج،هي تحاول التخلص مني و هو يحاول ابقائي أي هراء هذا.قد ايهاما الاثنين دفعة واحدة وأنصرف الى حال سبيلي.. لماذا يصر على بقائي ؟هل تنوي اغتصابه ؟
بدأت حديثها و اسئلة كثيرة لا زالت تحاصرني.
كما تعرف أخي مصطفى ، ابي كان مقاوما ابان فترة الاستعمار رفقة باقي رفاقه في السلاح ودفع جزء كبيرا من حياته سجينا لدى المعمر.و بعد الاستقلال، ناضل بحزب الاستقلال،وبعد الانشقاق، اختار الانضمام لتيار "المهدي" وأسسوا حزبا اخرا..اعتقله النظام ومن حينها لم نسمع عنه خبرا..كباقي الاسر المغربية التي كان لديه معتقلون أو مختطفون او مجهولو المصير. تقدمنا للهيئة التي تكلفت بمعالجة مثل هده الملفات.تقدمنا بملفنا لنعرف مصير ابينا اولا ، ورفاته ثانيا، وتعويضنا ثالثا. لأننا في حالة فقر مدقع وفي حاجة الى تغيير وضعنا الاقتصادي. ابتسم صديقي في وجهها ثم اردف
- أنا شخصيا لا استطيع ان افيدك في موضوع من هذا الحجم و ليست لي دراية بالموضوع و لكن الرجل الجالس امامك يمكن ان يفيدك. وهو يشتغل على مثل هذه المواضيع .
قلت له المشكل لم يكن معلوماتيا اذن لانه كان بسيطا جدا ويمكنك حله دون اللجوء الى خدماتي.
اجاب أجل،ثم دكرني انه فضل ان يجعلني امام الامر الواقع،لانه يعرف انني ما عدت أشعر بالارتياح للاشتعال مع أفراد الهيئة.
السيدة الجميلة ارتبكت،ثم سالتني متعجبة واش انت هو فلان ؟
أومأت لها الايجاب وقلت في نفسي
صحيح انا هو "كريط".
سمح لي والله ما عرفتك قالوا لي راه "فلان" يقدر يفيدك ويوجه في الموضوع. ولكن ماعنديش العنوان او الهاتف ديالك.
قلت في نفسي درس اخر حول العدالة الانتقالية بالمغرب وهيئة الانصاف و المصالحة ودرس ثان حول الهيئات الوطنية لحقوق الانسان المحدثة بناء على اتفاقية باريس تنتظرني، ومراسلة المركز وطنيا من أجل تدارس ملف ابيها و ارساله للمجلس الوطني لحقوق الانسان.وانتظار البث فيه و الرد عليه.
حددت مع السيدة الجميلة موعدا لكي تزودني بملف ابيها كاملا بنسخ من الوثائق التي تتوفر عليها.انسحبت من المكتب توجهت راسا الى منزلي، أخدت دوشا باردا استلقيت على سريري ونمت لما يقارب الساعتين.استيقظت على اذان المغرب.هاتفي يرن رقم مجهول ينادي.فتحت الخط
الو الاستاد لاباس عليك
لاباس الحمد لله شكون معايا ؟
معاك السيدة مولات الملف ديال الاب ديالها
-أه اوك شنو حب الخاطر ؟
- الا كان ممكن نتلاقاو حدا النيابة اللي حد سونطرال
- اوك نص ساعة و هانا جاي
وصلت الى مكان الموعد بخمس دقائق قبل الموعد.وجدتها تنتظر قرب مقر البنك.حيتني بحرارة، سالتني عن حالي و أحوالي في محاولة لكسر جليد اللقاء الاول.همهمت بعض الكلمات.أظنها فهمت اجابتي.سالتها عن الملف هل هو متوفر.أخبرتني انها في حاجة الى فهم اليات الاشتغال على مثل هذه الملفات و كيفية التعاطي معها،وجميع الجهات المتدخلة.أجبتها ان لا الوقت و لا المكان يسمحان بمناقشة موضوع من هذا الحجم.أجابتني
نركبوا في السيارة و نمشيو لشي بلاصة فين ناخدو راحتنا.
الركوب في السيارة راسا لراس. و نقصد مكانا بحثا عن راحة منشودة. كلام من هذا القبيل في الثقافة السائدة له تفسير واحد ووحيد. تفاديت الفهم البسيط لهذا لايحاء المجاني لعبت دور المثقف الجالس في برجه العاجي .بعد أن ترددت في الاجابة أخبرتني انها ارتاحت لي و تريد ان تبوح لي بأشياء لم تعد تستطيع كثمانها. .. فهمت اني رفضت عرضها الاول فغيرت استراتيجيتها . صعدنا الى السيارة ادرت المحرك توجهت صوب الكنسية حيت الاشجار و الورود و الظلال.وصلنا اقترحت عليها ان نجلس في الحديقة.رفضت وطلبت مني ان أستمع لحكايتها ونحن في السيارة. بعد تنهيدة عميقة نطقت و الدمع ينزل متسارعا على خديها الورديين :
ماذا تقول النار للحطب قبل ان تلتهمه؟ ماذا تقول الرصاصة للضحية قبل ان تدمرها ؟
ماذا يقول الحجر للزجاج قبل ان يكسره؟ وماذا يقول القدر للبشري قبل ان يدمره ؟
لماذا الحياة بهذه القساوة ؟ لما كل هذا المكر و الخداع؟متى نستطيع الاجابة على كل الاسئلة..لماذا نحرق كل سفننا ونترك انفسنا عرضة للعواصف ؟ متى نستطيع ان نتعايش دون غادر ومغدور ؟الاسئلة المقلقة و الحارقة منتصبة متى يحين زمن الاجوبة؟ اين يخبئ المستقبل افراحنا؟ بكت بكاء شديدا أقرب الى النواح اخدتها بين أحضاني، استسلمت وضعت رأسها على صدري وبكت بحرقة..
وضعت بين خيارين لا ثالث لهما .ان أكون انا، أنا الذي أعرفه ويعرفني بدون مساحيق ولا تجميل.. أو أكون حيوانا مفترسا. و العب دور الندل وأستغل الفرصة وأتجول في البستان الدي شرع أبوابه على مصراعيهم في وجهي .اجبتها و هي لازالت على صدري
اسمعي يا عزيزتي ابوك والابطال امثاله حاربوا وحملوا السلاح من أجل طرد المعمر و أذنابه و معاونيه، من اجل استقلال الارض و الوطن . من وجهة نظري لازالت المعركة مستمرة. الاستعمار خرج لكن غير جلده و عاد .. الانسان لازال لم يحرر بعد و المقاومون أمثال والدك لا زالوا يحاربون المعمر بأساليب جديدة مختلفة عن البندقية و الرصاص. وما عليك سيدتي الجميلة ا ان تحملي المشعل الذي تركه لك والدك امانة في عنقك وتواصلي الرحلة، رحلة القتال من اجل استقلال الارض و الانسان.
اعتدلت في جلستها ونظرت الي نظرة متفحصة ثم قالت هل نواصلها معا ؟






#محمد_طالبي (هاشتاغ)       Mohamed_Talbi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفر
- ذكرى ابي
- سالبا سالبا
- خميس في القصيبة
- في العاصمة
- الجوهرة
- القصيبة مدينة الصقور.
- الزهرة الجميلة
- معلمتي الجميلة
- الاستقلال المنقوص ومشكل الصحراء المغربية (1/3)
- حافي القدمين
- القصيبة و السوق الاسبوعي
- ذكرى رحيل نجمة حمراء
- السودور
- الكوري
- رسالة مفتوحة
- بيتي الاول
- في الكتاب
- فضل -العضان - في محاربة المدافعين عن حقوق الانسان


المزيد.....




- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد طالبي - عاشة البوهيمية