أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد العليبي - الدين والمال .














المزيد.....

الدين والمال .


فريد العليبي

الحوار المتمدن-العدد: 6262 - 2019 / 6 / 16 - 15:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




انتشر في تونس استعمال الدين في الاشهار التجاري والدعاية السياسية على نطاق واسع، ومع اقتراب الانتخابات تعيش البلاد ما يشبه حمى توظيف الدين في الاقتصاد والسياسة والثقافة الخ.. ولم تعد المشكلة متعلقة بحوادث منعزلة وانما بظاهرة مكتملة الأركان، حيث أفراد يتعاطون مهنة، وربما أصبحوا يشكلون فئة اجتماعية تلتقي مصالحها في التكسب الديني، فهم قوة مالية أكثر من كونهم قوة دينية، تراكم الأرباح الوفيرة من استثمار المقدس، وقد نحتاج اقتصادا سياسيا لفهمها .
و يشتد ساعد هؤلاء مع مرور الوقت، وهم لا يهتمون بنقد ممارساتهم والتشهير بها ، فتلك دعاية مفيدة لهم ، ولكنهم يرون الخطر في محاسبتهم على ثرائهم ، عندما يسألون عن الأموال التي جمعوها في رمشة عين ، وهم يستمدون قوتهم من ثقة الناس بهم ، الذين يصرفون لأجل ذلك أموالا طائلة ، رغم فشلهم في تقديم أية حلول . وقبل أيام توفيت امرأة في بنزرت وأزهقت روحها وهي تداوى بالرقية الشرعية ، وهناك حوادث كثيرة أخرى ، حتى أنه لا يكاد يمر عام دون تسجيل البعض منها.
وبلغ من استفحال الظاهرة حد تنبيه الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري المعروفة اختصارا بالهايكا اليها، واتخاذها جملة من القرارات يوم 10 جوان 2019، مثل: حصر الدعاية الدينية في وسائل الإعلام العمومي، ففي تونس اليوم قنوات واذاعات ومجلات وكتب وجمعيات وأحزاب تعيش من التجارة الدينية ، كما قرار حصر إسناد إجازات إحداث واستغلال القنوات التلفزية والإذاعية الدينية للإعلام العمومي دون سواه . و أعلنت الهيئة أنها قرر استنادا إلى ما قالت أنه تقارير لمرصدها ، وتحسّبا لظاهرة تفشي استعمال الدين في الإشهار، منع توظيف آيات القرآن والأحاديث النبوية في الاتصال التجاري ، في محاولة للحد من تلك الظاهرة ، غير أن هذه القرارات على أهميتها لا يمكنها استئصالها ، فهي تحتاج مواجهة شاملة ، سياسية وقانونية وثقافية الخ ...
ومن أساليب هؤلاء الذين لا تكاد تخلو منهم مدينة أو قرية، استعمال آيات وأحاديث نبوية ،وابداء مظاهر الورع والتقوى ، من لباس وصلوات وألقاب وبخور وتراتيل ، فتلك وسائل انتاجهم للتأثير في القراء والسامعين ، ومن ثمة جني الأرباح ، فهم يستعملون القليل من المال لجلب الكثير منه ، في تجارة رابحة لا تتطلب غير الخداع والمخاتلة ، حتى أن بعض العارفين نسج على منوالهم ، فأصبح من شيوخهم ، وهو يضحك في سره . وتلك تجارة قديمة جدا حتى أن القرآن نهي عنها بالقول : " وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا " ، أما على ابن أبي طالب فقد قال عن أصحابها إنهم ناعقين يتبعهم الهمج والرعاع ، يستعملون الدين طلبا للدنيا ، بينما نبه أول فلاسفة العرب أبو إسحاق الكندي الى مضار تجارتهم فمن يتاجر بشئ يبيعه ، ومن يتجار بالدين يستعمله كبضاعة قابلة للعرض والطلب والبيع والمبادلة .
و المتاجرون بالدين كثيرون، فهم دول وجماعات سياسية وأفراد وشركات، وعلى خلاف ما هو شائع فإن تلك التجارة ليست من اختصاص الإسلام السياسي والتجاري وحده، وإن كان هو أبرز متعاطيها، بل غيره أيضا، وكثيرا ما تستعمل الديمقراطية السياسية لذلك الغرض . وإذا كان هؤلاء في البلدان المتطورة اقتصاديا وعلميا و تقنيا قذ فقدوا تلك الوظيفة، فإنهم في البلدان المتخلفة في تلك المجالات يجدون حاضنة شعبية، فالغاية من نشاطهم الدعوي الربح ، والوسيلة هي الدين، وأصحاب النوايا الطيبة هم ضحاياهم ، الذين يقودونهم الى جهنم الأرضية والسماوية بسلاسل ذهبية .
وكثيرا ما يقول شيوخ الإسلام أنه لا كهنوتية فيه ، مقارنة بغيره من الأديان ، خاصة المسيحية ، التي عرفت تجارة صكوك الغفران وغيرها من أشكال الاتجار الديني ، الا أن التاريخ الإسلامي ملئ بتلك التجارة ، ولا يفعل تجار الدين المعاصرون غير إحياء تجارة أسلافهم ابتغاء المال. بما يذكر ببيت المعري الشعري: لا تطيعن قوما ، ما ديانتهم إلا احتيال على أخذ الإتاوات .



#فريد_العليبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق الجبهة الشعبية وآفاق اليسار .
- ‏- إسرائيل - والانتخابات التونسية.‏
- استطلاعات الرأي بين العلم والسياسة . ‏
- الأزمة الليبية واستراتيجيا السلطة التونسية .‏
- حول السودان والجزائر .
- تونس والكارثة المنتظرة.‏
- نفاق الفلاسفة !! برنار هنري ليفي بين مظاهرات السترات الصفراء ...
- الجبهة الشعبية التونسية في مواجهة مصيرها .‏ ‏ ‏
- تونس التي تستيقظ .‏
- تونس : حزب الرئيس القادم .‏
- السياسة ... خساسة ! ‏
- صراع على صالح بن يوسف في تونس
- الاضراب والحرب الأهلية والانقلاب.‏
- ماذا حدث يوم 14 جانفي2011 في تونس ؟
- عرب عارية
- الانقلاب التونسي
- تونس المتسولة ! ‏
- الاحتجاج بالموت حرقا.
- خطاب منتحر .
- تونس : رئيس تحت التهديد.


المزيد.....




- وزير الدفاع الإسرائيلي ردا على تصريحات بايدن: لا يمكن إخضاعن ...
- مطالبات بالتحقيق في واقعة الجدة نايفة
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج برامج تلفزيونية ناجحة في ال ...
- سويسرا: الحوار بدل القمع... الجامعات تتخذ نهجًا مختلفًا في ا ...
- ردًا على بايدن وفي رسالة إلى -الأعداء والأصدقاء-.. غالانت: س ...
- ألمانيا ـ تنديد بدعم أساتذة محاضرين لاحتجاجات طلابية ضد حرب ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة هندسية إسرائيلية في رفح (فيد ...
- موسكو: مسار واشنطن والغرب التصعيدي يدفع روسيا لتعزيز قدراتها ...
- مخاطر تناول الأطعمة النيئة وغير المطبوخة جيدا
- بوتين: نعمل لمنع وقوع صدام عالمي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد العليبي - الدين والمال .