أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد عبد اللطيف سالم - إلى سينما النصر.. يا ولدي الحبيب














المزيد.....

إلى سينما النصر.. يا ولدي الحبيب


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 6225 - 2019 / 5 / 10 - 19:20
المحور: سيرة ذاتية
    


إلى سينما النصر.. يا ولدي الحبيب



في عام 1961 ، أو عام 1962 (لا أتذكّرُ بالضبط) ، تقرّرَ عقد احتفالٍ ضخم للجمعيّات الفلاحيّة ، على قاعة سينما النصر ببغداد ، بحضور الزعيم عبد الكريم قاسم.
طلبَت أُمّي من أبي ، أن يأخذَ عريضةً ، ويذهب الى سينما النصر ، ويقدّمها للزعيم شخصياً للحصول على دار.
كانت والدتي تُصِرُّ على أن يكون الدار في مشروع إسكان غربي بغداد (المعروف الآن بمنطقة الإسكان) ، حيثُ حصلَ أحد أقرباءها على دارٍ هناك ، ولأنّ المشروع قريبٌ من منطقة الكرخ حيثُ نسكن .. ولم لا ، فقد حصل الآلآف على دورهم بهذه الطريقة ، بدل سكنهم في بيوتٍ مُستأجرة .
رفضَ أبي ذلكَ رفضاً قاطعاً.
وفي الموعد المُحدّد ، وفي غفلةٍ من أبي الذي خرج كالعادة ، ليعملَ من الصباحِ حتّى المساء ، نزعتْ أُمّي عنّي قميص وبنطلون المدرسة ، وألبَسْتني دشداشة بازة مُقَلّمة ، ونَعالاً جِلْدياً بائِداً .. وإلى سينما النصر ، يا ولدي الحبيب.
وجدتُ هناك الآلآف من لابسي الدشاديش والعُقُل ، والأحذية البائدة .. فانحشرتُ معهم ، وتمكّنتُ من الدخول الى قاعة السينما بنجاحٍ ساحق ، بعد معركةٍ شرسة مع حاملي العرائض الآخرين ، بينما فشل في الدخول اإلى القاعة عشرات المئات من الفلاّحين الأشاوس.
كانت الخطَة الموضوعةُ بإحكامٍ ، تقضي بأن أكونَ واقفاً في أقربٍ مكانٍ يتواجدُ فيه الزعيم .. أي في الطابق الأوّل، وفي خانة "الشواذي" أصحاب بطاقات الأربعين فلس على وجه التحديد .. وأن أهتُفَ بحياتهِ بصوتٍ عالٍ لكي يسمعني .. ويطلبُ مقابلتي .. ويضعُ يدهُ الكريمة فوق رأسي .. فتَضُجُّ القاعةُ بالهتافِ والتصفيق .. وأُسَلّمَهُ العريضة .. وأحصل على الدار.
أوّلُ فشلٍ ذريعٍ للخطّةِ حدث بعد دخولي إلى القاعةِ مباشرةً ، إذْ جرّتْني الحشود الهادرة الى الطابق الثاني من السينما ، حيثُ لا يمكنُ لأيّ زعيمٍ أنْ يسمعني ، حتّى لو كان الزعيم عبد الكريم .. لذا بذلتُ جهوداً جبّارة لكي أصلَ إلى "اللوجات" المُطلّة على شاشة السينما ، حيث كان الزعيم يُلقي خطابهُ أمامها بالضبط .. وأنحَشَرتُ على سياج "اللوج" ، وصحتُ بأعلى صوتٍ كانَ لي في حياتي : عاش الزعيم عبد الكريم قاسم .
كرّرتُ ذلكَ عدّة مرّات .. ولا أعتقدُ أنّ فلاّحاً واحداً قد سمع هتافي ، ناهيكَ عن الزعيم عبد الكريم ، في يومِ الحَشْرِ ذاك.
بعد أنْ بحّ صوتي من الصياح ، دون جدوى، قرّرتُ أنْ أصرخَ صرخةً واحدةً أخيرة ، لعلّي أُنقذُ الخطّة من فشلٍ ذريع ، فصِحتُ مثلَ "فرّوجٍ" عمرهُ ثلاثة أشهر ، وصدري مضغوطٌ بشدّة على حافّة "اللوج" : حاشَ الزئيم عبد الكريم .. حاشَ الزئيم عبد الكريم .. وبالطبع ، "لا صدى يوصَلْ ، ولا باقي أنين".
بعد ذلك بقليل ، جاء مجموعة أشخاص ، وجمعوا من الفلاّحين(وأنا منهم) العرائضَ التي تتضمنُّ مطالبهم .. وغادرَ الزعيم سينما النصر ، مُلْحِقاً بي هزيمةً قاسية.
ومن يومها .. لم نحصل على دار .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاطع من حكاية التنمية ، والتخلُّف، وتنمية التخلُّف، في العر ...
- صيام رقم واحد
- رمضانُ الذي يطرحُ الأسئلة
- كَاردينيا وطُلاّب و تَوَحُّد عائلي
- سأعود .. سأعود
- علاءُ -الدين- والمصباحُ الأمريكيِّ العظيم
- عُمّالٌ .. وعيدٌ .. و فائضُ قيمة
- عن البرّ والبحرِ والسُفُنِ العتيقةِ والسَخامِ الكثيف
- الحياةُ طويلةٌ جدّاً
- يومُ العُطلةِ صباحاً ، والتمرِ الخِسْتاويِّ العظيم
- مارسيليز فرنسي .. مارسيليز عراقي
- نملةُ الحُزنِ .. في مخزنِ العائلة
- وجوهُ النساءِ القديمات ، في الغُرَفِ الفارغة
- من الربيعِ العربيّ ، الى عبادِ الرَبِّ الصالحين
- قُلْ وداعاً أيُّها العالَم ، وأنتَظِرْ الفراغَ العظيم
- ثورة السودان الآن .. وثوراتنا السابقة
- ثقوبٌ سوداءُ .. لأمّي
- كليّات المجتمع Community Colleges ، و جامعات الشركات
- الشعبويّة ، و الشعبويّة الاقتصادية
- تلاميذي الذينَ أُريدُ أنْ أُعَلِّمَهُم الخَيال


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد عبد اللطيف سالم - إلى سينما النصر.. يا ولدي الحبيب