أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى يوسف - العلم وآفة العولمة














المزيد.....

العلم وآفة العولمة


مجدى يوسف
(Magdi Youssef)


الحوار المتمدن-العدد: 6195 - 2019 / 4 / 8 - 08:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عقد مؤخرا مؤتمر البحث العلمى والتعليم فى مصر، وهو ما يدل على اهتمام الدولة بهذين المرفقين الحيويين، بل الأساسيين لرفعة هذا الشعب الذى علم البشرية منذ آلاف الأعوام. لكن الغريب أن تقييم البحث العلمى والتعليم فى بلادنا لا زال يقوم فى المقام الأول على ما يدعى المعايير "العالمية"، ويقصد بها الغربية، ومدى الاعتراف الغربى بهما. فلا شك أن التقدم الغربى فى مجال العلم الحديث قد بلغ شأوا كبيرا لا يمكن لأحد أن يتجاهله. لكنه فى مقابل ذلك أليس لنا أن نتساءل: من أين نبدأ ؟ من المعايير الغربية النابعة من المجتمعات التى أنتجتها، أم من حاجات مجتمعاتنا فى خصوصياتها النسبية، واختلافها عن المجتمعات الغربية التى أنتجت تلك المعايير والحلول ؟ وبعبارة أخرى: كيف نقيم البحث العلمى فى بلادنا ؟ أبالنشر فى كبريات المجلات العلمية المتمركزة فى الغرب فى المقام الأول ، وهو ما لا غبار عليه، أم بالتركيز أولا على البحث عن حلول لمشاكل مجتمعاتنا على اختلاف مواقعها فى مصرنا ؟ وبالطبع فى الحالة الثانية لا يمكن إلا أن نبدأ من حيث انتهى إليه الآخرون على مستوى العالم أجمع، لكن ليس لمجرد إعادة إنتاجه، وإنما لإعادة اختباره ابتداء من الاختلاف الموضوعى لأرضياتنا الاجتماعية الثقافية، وهو ما قد يحتاج إلى مسح دقيق للتعرف عليه. لكن لابد أن يكون هذا هو منطلقنا فى توظيف أى جهد بحثى، ومن ثم تعلمى، ولا أقول "تعليمى". وحتى لا يكون حديثى محض مجرد، سأضرب بعض الأمثلة من مختلف التخصصات الحديثة.
فلا شك أن تقدم البحث العلمى فى الغرب الحديث الذى نبعث إليه بأنبه بناتنا وأبنائنا لينهلوا منه لا يمثل مجرد نقلة نوعية فى المعارف المتخصصة، وإنما بالمثل "يكتم" على أنفاس معظم باحثينا بحيث يصبحون أشد "إيمانا" به من أصحابه الذين وضعوه أنفسهم. ومن ثم فهؤلاء يتصورون أن فى "نقل" تلك المعارف التخصصية بما حققته من تقدم فى الغرب، ما يحقق لنا ما نرومه من "تقدم" بالمثل. وهؤلاء يؤمنون تماما بمقولة أن العلم "بلا وطن"، ومن ثم فهو "عالمى"، فإما أن نأخذ به كما ابتدع فى الغرب، أو أن نتركه ونعيث فيما يدعى "التخلف الشرقى". وهؤلاء يرون أنه لا مماراه فى اتباع خطى الغرب فيما وصل إليه من تقدم علمى، ومن ثم اللهاث وراء اعترافه بما ننهجه على خطاه من بحث علمى. فنحن مثلا أخذنا بالمداخل الغربية فى الطب الحديث بحذافيرها ونهجها العلمى الطيبعى الذى لم يعترف بالأسباب النفسية الذاتية التى تؤدى للأدواء العضوية، إلى أن تغير هذا النهج فى أمريكا أثناء الحرب العالمية الثانية على يدى "أنا فرويد" ، كريمة العالم النفسى الشهير، فصرنا نأخذ بدورنا بالطب السيكوسوماتى (النفسى الجسدى) الذى روج له فى مصر منذ أوائل الخمسينات الدكتور مصطفى زيور، بينما لم نمسح أولا خصوصيات مجتمعاتنا المحلية المصرية والعربية المعاصرة حتى نستخلص منها ما نصدر عنه فى بحثنا عن علاج يتناسب مع اختلافنا الموضوعى عن المجتمعات الغربية. وقد يقول قائل: ألم يقم المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بهذه المهمة ؟ أقول: لكن أدواته البحثية منقولة على نحو حرفى من المراجع الغربية، ومطبقة فى معظمها للأسف بصورة آلية على مجتمعاتنا المصرية. خذ مثالا على ذلك ما قام به من تطبيق ميكانيكى لأداة الاستبيان ل "إميل دوركايم"، واضع علم الاجتماع الفرنسى، على الظواهر الثقافية فى المجتمع المصرى، كفنون المسرح. لكننا نجد الأمر مختلفا فى البحث عن حلول لمرض السرطان فى بلد زراعى كمصر، إذ تبين أن ذلك المرض الخبيث ينتج إحصائيا فى مصر عن الإصابة بالبلهارسيا فى المجارى المائية، وهو ما يختلف فى أسباب الإصابة بهذا المرض الخطير عن أى من المجتمعات الغربية. من هنا أصبح لدينا "المعهد القومى للسرطان". لكن السرطان الحقيقى فى البحث العلمى والتعليم فى بلادنا يكمن فى التوجه لكل ما يعولم من معارف "تخصصية"، بدلا من أن نصدر أولا عن الأسئلة التى يطرحها علينا المجتمع المصرى بمختلف مشاكله المحلية. فلا بأس أبدا، بل يتعين علينا أن ننظر بصورة مقارنة لما حققه الغرب من حلول متقدمة فى أى من تلك المجالات، لكن بدء من هنا ، وليس تطبيقا اتباعيا للوافد من هناك مهما كان ذلك الوافد "متقدما". وهنا لا يجوز لنا أن نفصل بين البحث عما يشبع احتياجاتنا المحلية أولا، وما نطرحه على تلامذتنا فى مدارسهم من موضوعات يفترض فيها أن تحرك أذهانهم فى متابعة ما توصل إليه البحث العلمى الوطنى، وذلك بدلا من أن نحرص على أن نحشو أدمغة صغارنا بالمعلومات المصمتة التى تتكدس بها برامجهم الدراسية ، ثم نطلب منهم بعد ذلك أن يفكروا بصورة "إبداعية"، وليست "اتباعية" ، بينما هم لا يلاحقون المواد المقررة عليهم فى جفافها المجرد، وبعدها عن إشكاليات مجتمعاتهم المحلية.



#مجدى_يوسف (هاشتاغ)       Magdi_Youssef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ندرأ خطر الإرهاب من جذروه ؟
- فى التحليل الاجتماعى لأدائنا الموسيقى المعاصر
- فى أسباب حصول نجيب محفوط على جائزة نوبل فى الأدب
- مشكلة -حاكونا مطاطا- (مفيش مشكلة) !
- ما الحداثة ؟ وهل يمكن لعرب اليوم أن يكون لهم حداثتهم المستقل ...
- نحو تحرير الأدب العالمى من النزوع للمركزية الغربية
- فنوننا البصرية إلى أين ؟
- التواجد العربى فى معرض فرانكفورت للكتاب هذا العام
- هزلية المطلق والنسبى فى فكرنا العربى !
- إعمال العقل: فيم وكيف ؟
- فى الوطنية وعلاقتها بعالمية الدعوة الإسلامية
- عندما تلتقى رؤى الشعر وهموم الشعوب : مجدى يوسف مترجما عن الأ ...
- أزمة الاستشراق العربى واقتراح المخرج
- فى ضرورة الفلسفة لمجتمعاتنا العربية
- قاطرة البحث العلمى: إلى أين تتجه ؟
- خرافة مجتمع المعرفة
- أحمد الخميسي يكتب عن الوحدة الوطنية


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى يوسف - العلم وآفة العولمة