أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جورج حداد - -اسرار- الهيمنة العالمية للدولار















المزيد.....

-اسرار- الهيمنة العالمية للدولار


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 6174 - 2019 / 3 / 16 - 16:15
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إعداد: جورج حداد*


بعد الحرب العالمية الثانية سيطرت اميركا على السياسة والاقتصاد العالميين واصبحت تمثل القطب الدولي الاول في العالم، وتحول الدولار الى العملة الدولية الاولى وسيد الاقتصاد العالمي.
ولا شك ان اميركا دولة كبيرة وغنية وقوية. ولكن هناك نقطة جوهرية ينبغي اخذها تماما بعين الاعتبار وهي ان اميركا لم تفرض نفسها في مركز الزعامة الدولية بقوتها وغناها الخاصين فقط، بل انها ـ بناء على ذلك ـ حصلت على تفويض عالمي بأن تكون زعيمة العالم بعد الحرب العالمية الثانية.
ولننظر الى ذلك عن قرب:
اولا ـ عشية نهاية الحرب العالمية الثانية ( في 1 الى 22 حزيران 1944) عقد في غابة "بريتون وودز" في الولايات المتحدة الاميركية المؤتمر المعروف بهذا الاسم والذي دعت اليه الولايات المتحدة وحضره زعماء وممثلو 45 دولة في العالم. وفي هذا المؤتمر أقر انشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لتنظيم حركة الرأسمال العالمي. ولكن اهم قرار صدر عن هذا المؤتمر هو قرار اعتبار الدولار هو العملة الرئيسية لدول العالم اجمع، بدون تغطية ذهبية. اي عمليا إلغاء القاعدة الذهبية في المعاملات التجارية الخارجية واعتبار الدولار الورقي الاميركي (الذي لا قيمة فعلية له بدون تغطيته الذهبية كأي عملة وطنية اخرى) بديلا عن الذهب. اي انه صار بامكان الولايات المتحدة الاميركية بموجب هذا التفويض ان تطبع ما تشاء من عملتها الورقية وتلقي بها في السوق المالية والتجارية العالمية وتتحكم بمالية واقتصاد العالم اجمع ومالية كل دولة على حدة. ولكن بالمقابل فإن ممثلي الولايات المتحدة تعهدوا (شفاهيا او خطيا وهذه مسألة شكلية تماما بالفعل) بأن كل بنك او شركة او دولة اجنبية تريد ان تستبدل الدولارات الورقية التي بحوزتها بالذهب، فإن الدولة الاميركية تدفع لها مقابل كل 35 دولارا اميركيا ورقيا اونصة ذهبية او ما يعادلها من السلع والمنتوجات الضرورية. وهذه المعادلة صارت منذ ذلك الحين كقاعدة متعارف عليها وهي: ان اونصة الذهب تساوي 35 دولارا اميركيا.
وبموجب ما يسمى "اتفاقية بريتون وودز" العالمية، اصبح الدولار العملة العالمية الاولى والوحيدة (بدون تغطية ذهبية فعلية)، واصبحت كل عملات العالم عملات وطنية لكل بلد (مع تغطية ذهبية الزامية). وبناء على ذلك اصدرت اميركا فيما بعد ما يسمى اليورودولار لانعاش الاقتصاد الاوروبي المنهار بموجب "مشروع مارشال" كما اصدرت البترودولار لدفع مستحقات نفط السعودية والخليج. وهذا ما يمكن ان نسميه مجازا (وفعليا): عصر هيمنة الدولار على العالم.
ثانيا ـ بعد بضعة اشهر فقط من مؤتمر (واتفاقية) بريتون وودز، وفي 4 ـ 11 شباط 1945، انعقد في يالطا في الاتحاد السوفياتي السابق ما يسمى "مؤتمر يالطا" الذي صدرت عنه ما تسمى "اتفاقية يالطا" التي تحمل تواقيع "المنتصرين" الرئيس الاميركي الاشهر روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والزعيم السوفياتي جوزف ستالين. لقد كتب الكثير عن "اتفاقية يالطا" وسيكتب ايضا اكثر. والرأي السائد هو ان "اتفاقية يالطا" كانت لتقاسم النفوذ العالمي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وتقسيم العالم الى معسكرين: "شرقي" بزعامة الاتحاد السوفياتي (ويضم المناطق التي وصل اليها الجيش الاحمر في الحرب)، و"غربي" بزعامة الولايات المتحدة الاميركية (ويضم كافة اجزاء العالم الاخرى). وفي رأينا المتواضع ان الفحوى الاساسية لاتفاقية يالطا هي التفويض الستاليني لاميركا بأن تكون هي زعيمة العالم اجمع، بما في ذلك "المنطقة السوفياتية". وان ستالين (والستالينية ووريثتها النيوستالينية) ليسوا اكثر من "عملاء" (وحتى لا يزعل الخونة الستالينيون والنيوستالينيون العرب (والاكراد) امثال فؤاد النمري، كريم مروة، فخري كريم وصلاح بدرالدين، فلنقل: "حلفاء") الطغمة المالية اليهودية العالمية. وهم ليسوا اكثر من "اوصياء" او "وكلاء" من قبل الزعامة الاميركية لحكم "المنطقة السوفياتية" والعمل على لجم اندفاعة الشعب الروسي وشعوب تلك المنطقة لبناء الاشتراكية، ولتخريب وعرقلة الحركة التحررية الوطنية والتقدمية والثورية والشيوعية في العالم، وتشويه وتخريب النظام الاشتراكي والسوفياتي وتهيئة الظروف الذاتية والموضوعية للقضاء عليه من الداخل في الوقت المناسب، وهذا ما حدث تاريخيا عملا باتفاقية يالطا.
وعلينا ان نذكر هنا انه لدى توقيع اتفاقية يالطا كان الجيش الاحمر قد اخترق جميع خطوط الدفاع الالمانية النازية واقتحم الحدود الالمانية ذاتها واصبح على مشارف برلين، وسرعان ما تجاوز برلين بمئات الكيلومترات، ولم يعد يحتاج لسوى وقت قصير ليصل الى اليونان وفرنسا وايطاليا بمساعدة الاحزاب الشيوعية التي كانت تمثل عصب المقاومة ضد الفاشية في تلك البلدان، وبذلك كانت اوروبا كلها ستصبح تحت المظلة السوفياتية (ربما باستثناء الجزيرة البريطانية). ولكن ستالين تلقى الامر السري السامي اليهودي ـ الاميركي بالتوقف فتوقف. وكان هذا اول تطبيق عملي لاتفاقية يالطا، واكد على ولاء ستالين لليهودية العالمية والزعامة الاميركية.
ثالثا ـ بعد نهاية مؤتمر يالطا طار ستالين عائدا الى موسكو، وتشرشل عائدا الى لندن. اما روزفلت فطار الى مصر، واجتمع في 14 شباط 1945 مع ملك النفط السعودي عبدالعزيز آل سعود، وذلك على متن الطراد الحربي الاميركي USS كوينسي الذي كان راسيا في البحيرات المرة في قناة السويس (وهذا بحد ذاته له دلالته التجارية الدولية، بالاضافة الى دلالته العسكرية والسياسية، فيما يتعلق بأهمبة قناة السويس). وكان الملك عبدالعزيز قد امر بنصب خيمة عربية اصيلة على متن الطراد كوينسي كي يستقبل فيها "ضيفه" و"صديقه" الاميركي رفيع المستوى في "جو عربي" خالص يليق بملك السعودية وبـ"الضيافة العربية". وفي 14 شباط 1945 دخل الرئيس الاميركي المقعد على كرسيه المتحرك الى هذه الخيمة العربية ليجتمع بالملك عبدالعزيز. وعلى رائحة شواء الضأن المذبوح على الطريقة الشرعية، وفيما آلة التسجيل الحديثة اميركية الصنع تصدح بصوت معتدل ببعض الآيات المقدسة، قرأ عبدالعزيز الفاتحة، وتصافح الرجلان، وتم الاتفاق بينهما على تسليم النفط السعودي الى الولايات المتحدة الاميركية، كي تهتم هي بكل "متاعب!" ومنغصات التنقيب والاستخراج والنقل والتكرير والتصنيع والتسويق، مقابل تأمين الحماية الاميركية الكاملة، داخليا وخارجيا، لحكم الاسرة السعودية. وان يقبض الملك وافراد اسرته وحواشيهم ما بين 2 – 3 دولارات اميركية مقابل كل برميل نفط خام مستخرج. ولا يكون من شغل للعائلة السعودية المالكة سعيدا سوى ان تحصي البراميل وتقبض الدولارات وتنفقها وتكدسها على هواها. ويقال، والعهدة على الراوي، ان مدة الاتفاقية هي 60 سنة قابلة للتجديد حسب اتفاق الطرفين "الصديقين". واذا اجرينا قسمة بسيطة لـ 35 دولارا (سعر اونصة الذهب بالدولار الورقي، كما تعهدت اميركا في مؤتمر بريتون وودز) على 2 - 3 دولارات تقبضها السعودية عن كل برميل نفط خام مستخرج، ومع حساب الذبذبة الطبيعية لاسعار السوق، تطلع معنا ببساطة نتيجة ان سعر اونصة الذهب (35 دولارا) يساوي ما بين 10 و 20 برميل نفط خام. واذا اجرينا اي عملية حسابية بسيطة لسعر اونصة الذهب المعلن والسعر المعلن لبرميل النفط الخام، منذ ايام اتفاقية روزفلت ـ عبدالعزيز الى يومنا هذا، لوجدنا ان سعر اونصة الذهب كان دائما يساوي من 10 الى 20 برميل نفط خام. اي ان اميركا تعطي السعودية الحد الادنى وما دون (وهو على كل حال كثير جدا) وتتصرف وتتحكم باسعار النفط الخام والمصنّع كما تشاء وتسيطر على البورصات والحركة المالية والتجارية والاقتصادية للعالم. وهكذا – ومن خارج دورتها الاقتصاية الخاصة تماما – وتقريبا بدون مقابل، ضمنت اميركا لدولاراتها الورقية التافهة والبدون تغطية ذهبية، تغطية اهم واسهل هي التغطية النفطية. وربما لهذا السبب سمي النفط "الذهب الاسود". وفيما بعد جرى مد خط انبوب النفط (التابلاين) من السعودية الى ترمينال الزهراني في لبنان، كما جرى "سرا!" مد فرع منه من الجولان السوري الى حيفا في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وبعد حرب حزيران 1967 وتسليم الجولان الى ليفي اشكول بدون قتال، قامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعملية نسف انبوب النفط السعودي الذاهب الى حيفا. وقد اعتقل منفذو العملية. كما اعتقل الدكتور جورج حبش امين عام الجبهة. وجرى لاحقا تهريب الدكتور حبش من السجن. اما الشبان الذين نفذوا تفجير انبوب حبفا فماتوا تحت التعذيب النفسي والجسدي في السجون السورية. وهذا يدل على مدى "قدسية الحلف النفطي" السعودي ـ الاميركي ـ اليهودي.
خلاصة ما تقدم: وضعت اميركا في جيبها اتفاقية بريتون وودز الدولية التي تخولها استخدام الدولار الورقي بدون تغطية ذهبية؛ واتفاقية يالطا التي تمنح اميركا السيادة الستراتيجية (العسكرية – الامنية – السياسية) التي تفوضها بتحطيم رأس كل من يجرؤ ان يقول "لا!" لاميركا؛ واخيرا الاتفاقية مع السعودية التي تمنحها امتياز تأمين التغطية النفطية لدولاراتها البدون تغطية ذهبية.
هذا هو "سر" او "اسرار" معبودية الدولار وهيمنته على التوليفة العالمية الستراتيجية، الاقتصادية، السياسية والاعلامية.
اما الان فقد بدأ زمن آخر، وهو ما يجدر ان نتناوله على حدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اميركا تغرق في دوامة الدين العام والعجز المالي
- بعد فشل النظام العالمي الجديد لاميركا... اورروبا الى أين؟
- الادارة الترامباوية تأخذ الاقتصاد الاميركي الى الانتحار
- خطوة تصعيدية اميركية وروسيا ترد بالمثل وأكثر
- تفاقم الازمة الاقتصادية السياسية الاميركية
- على نفسها تجني براقش الاميركية
- خطوة الى الامام أم خطوتان الى الوراء؟
- اليونان ستتحول الى مرتكز اقتصادي عالمي لروسيا
- البحر الاسود... بحيرة داخلية روسية!
- اوروبا تدخل في دورة للزلازل الاجتماعية
- التنظيم والممارسة الثورية
- روسيا تشدد قبضتها حول اوكرانيا
- ما العمل؟
- اميركا تغامر بأمن البلدان الاوروبية
- من ارسل فرج الله الحلو للموت؟ ومن قتله؟ ولماذا؟
- الاقتصاد العالمي يتراجع بسبب الحرب التجارية
- الحكومة الاوكرانية تغامر باستفزاز روسيا
- صربيا وكوسوفو: النار تحت الرماد
- لنتحدّد قبل ام نتوحّد!
- حول مفهوم الطليعة (الجزء الثاني)


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جورج حداد - -اسرار- الهيمنة العالمية للدولار