|
لنفسي ثم للذكري
عمر عزيز النجار
(Omar Aziz Elnaggar)
الحوار المتمدن-العدد: 6027 - 2018 / 10 / 18 - 04:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يقولون أن الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم ، وإذا أدبرت علمها كل جاهل ، ويؤسفني أنني كنت أحد هؤلاء الجهال الذين لم يستضيئوا بنور البصيرة ولم يلجأوا إلي ركن شديد ، كم من الرجال تراجعوا عن كلامهم بعد ما تبين لهم أنهم على باطل ، وكم من العلماء قاموا بتغيير نظرياتهم بعد ما صح لهم نقيضها ، وكم من الساسة والقادة قد تبدلوا في مواقفهم بعد معطيات استجدت ، وحقائق تبينت ، وخفايا تم اكتشافها ، وأنا إذ أكتب هذه الكلمات فإنني أعرض لنفسي أولا ثم للذكري ، أكثر المواقف التي خانني فيها الحظ والتوفيق ، وكنت فيها بمنأى بعيد عن الحكمة والرشد ، بل والانسانية ايضا . وبعيدا عن المقدمات المستطيلة ، والطلاسم المبهمة ، أدخل في صلب الموضوع ، في عام 2012 ومع اول انتخابات تعددية صحيحة صريحة قمت في الجولة الأولى بانتخاب السيد / حمدين صباحي ، لأنني وجدته الأقرب الأنسب ، بعيدا عن ممثل التيارات الدينية والعسكرية ، وجدته كما كان رافعا شعار ( واحد مننا ) ، وجاءت النتيجة المبدئية مخيبة للآمال ، حيث وقع الاختيار في الجولة الثانية بين د/محمد مرسي ، ممثل جماعة الاخوان ، والفريق / احمد شفيق ، ممثل جماعة الفلول ، حتي يتسني للشعب حرية الاختيار بين من يرفضه ومن لا يريده ، ، ، ، بدون تردد او تفكير قمت بانتخاب الفريق / شفيق ، وقلت حينها أنني علي استعداد ان انتخب الشيطان ، ولا انتخب احد ممثلي تلك الجماعات ، وجاءت النتيجة غير ما كنت أحلم وأرجو ...... وفاز الدكتور / محمد مرسي في مثل هذه الحالة كان يجب علينا جميعا أن ننصاع ونمتثل لإرادتنا و أصواتنا ، وأن نترك الرجل يخوض مهمته التي أسندها له الشعب بالطريقة التي ارتضاها ، وأن نقف جميعا بجانبه مؤيدين ومعارضين ، دولة وشعبا، بالمميزات والعيوب بما له وما عليه ، لكن ما حدث كان غير ذلك ما ان تسلم الرجل مقاليد الحكم حتي انفض عنه كل من حوله بل وصاروا معاول هدم في كيان الدوله حتي يسقطوا الرجل ، واستخدموا ضده كل الأساليب ، المؤامرات تارة والسخرية تارة أخرى ، وغير ذلك من الأساليب التي ينأي عن مثلها الشرفاء ، وكالعادة في مجتمع تعلو فيه نسبة الأمية ، وتنعدم فيه الثقافة السياسية ، ظهر فصيل معارض بقوة لهذا النظام ، مكتسبا كل يوم أرضا جديدة في الواقع السياسي الضحل ، حتي وقع صدام شرس بين الجهتين ، ولم يدر الطرفان ان هناك من يراقب الوضع عن كثب متحينآ الفرصة كي ينقض بأنيابه وينشب فينا مخالبه ، مثل الكلب البري العقور ، الذي يظهر في اخر المشهد في صورة المنقذ المخلص الأمين ، وهذا ما كان ، ظهر المشير حينذاك / عبدالفتاح السيسي ، ليمنع الطرفين من الصدام المفتعل اصلا من البداية ، وهنا ثبت اصحاب الحق علي موقفهم ، مدافعين عن قضيتهم ، معتصمين علي مرأي ومسمع من العالم كله ، ليطل علينا الكلب العقور ممهلا الطرفين مدة يومين أن يعود كل إلي رشده وصوابه ، وانقضت المهلة ، وبطبيعة الحال دخلت الذئاب الجائعة بيوت الأغنام ، وعاثوا فيها فسادا ، وخضبت الأرض بدماء الأبرياء ، وسط أجواء من الفرحة والبهجة من الطرف الاخر ، ولم لا يفرحون وقد انتصروا على عدوهم اللدود !!!!!! ولم يكتف الأمر عند هذا الحد ، بل وصار القاتل بطلا يحتذي به وعلما تعلق صوره في الميادين وعلي واجهات البيوت ، والمؤسف في الأمر أنني كنت أحد هؤلاء ، اااااااه يا عمر كيف ارتضيت لنفسي أن أكون بهذا القدر من الخسة والدناءة ، وللعلم ، انني حين رفضت حكم التيارات الدينية فقد كان كل ما أخشاه ، هو تضييق الخناق على حرية الفكر ، والاعتقاد ، والدين ، والفن ومثل تلك الأمور ، اما كعقول إدارية سياسية ، أو احتواء للمواقف او تعامل مع الأزمات ، فإن أي اتجاه سيكون افضل بلا شك من جماعة العسكر التي لا تعرف الا لغة القوة والسلاح ، ولكي تعرف الفرق بين المدنيين والعسكر في كل مجالات الحياة، ألق نظرة علي الكوريتين الشمالية والجنوبية ، خيط جغرافي دقيق يفصل بينهما ، الا أنهما يعيشان حياتين مختلفتين تماما كما لو كانت كل دولة تعيش في كوكب اخر ، فشتان الفرق بين دولة وجهت كل اهتمامها للنهوض بشعبها اجتماعيا وثقافيا وصحيا وتعليميا وماديا ، ودولة جعلت من الرئيس آلهة ، وصبت كل مواردها في محاولة ارضاء غروره وجنونه حتي ولو عاش الجميع تحت التراب ما حدث خيانة بل وجريمة سيحاسب عليها التاريخ كل من شارك فيها وأنا معهم ، وإني وإن لم أكن شاركت فيها ماديا او جسديا او عسكريا إلا أنه يكفي أني رضيت بما يحدث ، بل وشعرت بالنشوة والبهجة والانتصار ، الأمر الذي أعده حقيرا بكل معني الكلمة ، هذا الرجل الذي استمد قوته من الشعب الغافل والاعلام المنافق ، وشيوخ الضلال وكهنة الإجرام ، هذا الرجل الذي أراق الدماء ونهب الملايين ، واستولي علي مدخرات الشعب الطيب المسكين ، وأجهض أحلام الشباب ، أنا لا انتمي إليه ،،،،، وبماذا يفيد الندم والاعتذار ، هل الكلمات كفيلة بأن تمحو ما أثبتته الأيام ، وصيرته واقعا مريرا ، نشاهده ونعيشه في كل يوم وليلة ، بالطبع لا ، ولكن كما قيل (معذرة إلي أنفسكم ) ، وكما قلت فى البداية ، لنفسي ثم للذكري
#عمر_عزيز_النجار (هاشتاغ)
Omar_Aziz_Elnaggar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدين (الفكرة - الأخلاق - النظام الاجتماعي )
-
أنا وعزازيل والواقع _2 _الراهب والفيلسوفة
-
أنا وعزازيل والواقع
-
ليست الأولي ولن تكون الأخيرة ، متي ينتهي الارهاب الديني
-
وفاة الراقصة ونفاق الطبال
-
لا لتدخل الدين في الأحوال الشخصية
-
العالم كما ينبغي أن يكون, لا كما هو
-
(أبيات بسيطة) حياتي أمر واقع
-
أبياتي / عتاب امرأة مقهورة
-
أين تكمن قداسة الأشياء ؟
-
فليسقط الاله وليسقط الدين وليسقط الوطن ويعيش الانسان
-
لا أدري
-
قصيدتي جزي الله داعش كل خير
-
يا من أحببت يوما لن أنساك أبدا
-
الشعب يريد تطبيق شرع الله !!! عن أي شعب يتحدث هؤلاء ؟؟؟
-
ايها المسلمون لماذا أنتم هكذا؟؟؟
-
الانجاب الجريمة التي لاتغتفر
-
رسالة الي مارينا 2
-
رسالة الي مارينا
-
هل حقا أغلبية سكان العالم مسلمين
المزيد.....
-
عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف
...
-
يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس
...
-
الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
-
-أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل
...
-
ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
-
توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
-
مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل
...
-
إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش
...
-
-بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل
...
-
عضو بمجلس الفتوى ببريطانيا يدعو مسلمي الغرب للتمسك بدينهم وب
...
المزيد.....
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
-
فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب.
/ يوسف هشام محمد
-
التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا
...
/ علي أسعد وطفة
المزيد.....
|