أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - سبقوا الشكيمة....قبل العود..!















المزيد.....


سبقوا الشكيمة....قبل العود..!


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 5941 - 2018 / 7 / 22 - 02:15
المحور: الادب والفن
    


سبقوا الشكيمة..قبل العاود..!!
الفروسية هي لعبة في فهمه الصغير.يتمثلها ببضعة احصنة جميلة راسخة القوام يمتطي صهواتها النزقة جماعات من الفرسان .. خيول يركبها فرسان تبدوا على شكل هالات غبيشة عظيمة ليست لها اولا تظهر لها ملامح سواء من قريب او من بعيد..ولا مندوحة من وصفها والتدقيق في شانها..والمرء يدري ان الفرس عندنا نحن العوام من الناس هو نوع هجين وخليط من الانواع.. ففيه القليل او الكثير من ملامح الاكراد..وشيء من الامازيغ الاحرار وكثير من شجاعة الاقباط وضراوة السودانيين وخفة الاشوريين..ووالخ ..من كل خصلة فيه من تلك الشعوب التي اختلطت فيمابينها وتمازجت وتموجت عبر الازمنة..اذ القامات عالية..هذا التعالي في الخيل فيه القول الكثير والفرسة وان كانت اصيلة قد تنجب من الحمار ...ووليدها لن يكون حينها حصانا ..بل بغلا ..لا يقل احتراما عن الحمار الا قليلا..ولكنه لا يرقى الى الحصان ..هذه الهجنة في النوع تربكه عبر الحضارات والثقافات ..ولاجل تجنب السقوط في الابهام والغموض نقول ان للخيل الاكتاف العريضة وتمتد هاماتها في بياض من حوافرها الى الجب الابيض التي ينتهي به زي الفارس من برنوس..او خيدوس او عمامة ..وحذاء جلدي طويل ..كل شيء في لون بياض الفجر..والفجر هارب من كل صباح ..ولا شيء سوى تلك الحوافر والحوداث .تتحرك السربات ببطء وحذرشديدين....بعض تلك السربات تدور..تدور في مكانها..كانها كائنات تخشى النهايات وترتبك في الانطلاق..ويحتد خبابها ...ويرتفع صهيلها..وتتلوى حنحنتها..تعلو السماء..كانت تعاند وتتدافع وتقدم ثم تتراجع كانها لا تريد المشاركة في سياق الجري واللعبة...والسباق..لا فارس منها كان يتذكر شيئا عن الحركات والحروب والدفاع عن الارض و الوطن .ولو كان القائد نفسه المسمى ..العلام.. ..قائد السربة ..تتركزعليه الانظاروتتوجه اليه الامال ..هذا الرجل الكهل ليس بالعريض ولا بالطويل..جسمه القصير والمكتنز وراسه الكبير وفمه يشبه حافة بئر قاحلة.. شخصية بعقل ...مقفول..له صوته بحيح يرعب الفرسان وكذلك الاحصنة الجامحة يرعبها ويخيفها من السياق في السباق....فتتمزق بداخلها مشاعر الفوضى.. على الاقل في كل سربة كان ولا يزال يمتلك العلام (كقليل من البشر )ملامح جزار فقير لكنه جد محنك..يبدع في تقطيع اللحم والشحم وفصلهما عن العظام بسرعة وبلا شفقة ..نظراته مسمرة الى المكاحل ..اي البناذق المحمولة بيد والحبل المجرور بالاخرى ..والرؤوس والسماء الزرقاء الرحبة منها يرقب غبار الركض والسلام..ويتوقع الناس النصر يترقبونه ..بقى فينا غير التحنحين بحال كيادرالمعصرة ..او حمير الدراس ..في نهاية السياق..ولم تكن الريح سوى باردة ..وكذلك الامل الذي يسود المدينة العتيقة.لتكون يوما مدينة عظمى ينام فيها بسلام العشاق من كل جهات العالم ..كجميع المدن المليونية..التي اعترف الجميع بمجدها بين الامم الحديثة..تعود الناس في المدينة خلال اشهر الصيف..القصيرة.طبعا.ان يسمعوا ارتطام حوافر الخيل بالحجارة الصلبة ..وغوصها في معمعة الاثربة وصعود الغبار مع الصهد.تتضارب احيانا .مع بعضها..وتعود الاحصنة الى نفس دائرتهاالاولى .تكرر نفس الشيء..وتدور..وتزيد هذه الحركات من الصهيل.القوي..يقينا ان اي من الناس سيشعر بشيء من الاضطراب والخوف..والارتياب في جدوى اللعبة ..مابين الناس والناس وما بين الخيل وامجاد التاريخ..كانت الفروسية من التاريخ..ووضعت تحت التاريخ ..اسفل الخرافة ...فالفرسان تتقدم مكشرة في بعضها..يسكنها الخوف والرعب..والارتباك مع التردد..لذلك فهي كالامواج تهتز الى الاعلى والاسفل ثم تدور..وتدور حول نفسها...وكانت تركض في تلك الايام الخوالي التي مرت تنط من اسفل سور المدينة....وهي تدور الاحصنة مع الايام..يعلو الغبار.والاتربة تسكن الخيام..رايت الفرسان الشباب يخبئون رؤسهم في جبهم الابيض الناصح..خوفا من الفضيحة المتوقعة وكان النهارلا يزال النهار في بدايته..و الخيل تحدق بعيدا الى الامام.. اعياها اللف والدوران.. تتامل الطريق ومافيها من حجا رة واتربة وحفروحشود صامتة لا ترى .. على جوانب الساحة التي يجري فيها السباق وتعج بالحراك..الذي يسمونه التبوريدة.والكلمة مشتقة.من البارود..ولا يجب فصلها عن الحبة والبارود..والحبة والبارود من دار المخزن. و تلك حكاية ثانية..القبائل تعد الاحصنة والفرسان ..والمخزن يمدها بالسلاح....لها علاقة مع الحراك والسلاح الذي يجب ان لا يتوفر سوى لرجال المخزن..الفرسان يتضاحكون في وجهي المقدم والعلام ..فيما بينهم يسخرون....هاك البارود....ويشدون بقوة على الرسن القصير..و تراجع الاحصنة بارادتها وتعود الى هدوءها ..وفي المنازل ليلة الحراك ..وعلى جدران غرفها السوداء..كانت تعلق البنادق القديمة قرب خنجر وبرنوس اشياء لم تعد تستعمل سوى في مضمارالتباهي و الزواق والزينة ..والذكرى تراجعت واضمخلت من تلك الايام التي مرت مسرعة..ودفنها النسيان.....وعند الحديث عن السربة سيدرك المرء انها ليست سوى فرقة الخيالة المشاركة في السباق في الساحات العمومية التي تعد لهذا الامر منذ مدة طويلة ..وانه هذا الذي يسمي نفسه المخزن هو موحود امام الناس وخلفهم وهم بين اياديه غير الامنة..ان هذا المخزن هو عدو الانسان
من بعيد لما سمعت الضجيج والجلبة وشاهدت بام عيوني السربات متفرقات وقادمات الى بداية الساة ..ابتعدت رويدا رويدا عن الاطفال وانفردت بالمسير الى ساخة التبوريدة..الفروسية الماجدة كما ؤنعتها الوالد الله يرحمه..ويوسع عليه..كان كان المرء يسكنه الصمت ويتحرك بداخله الاحساس بالخيبة والهجز ..وحتى النكوص حتى والمسابقة لم تبدأ..بعد ..ومن قال انها ستبدأ..لا شيء يبدا هنا من الساحة سوى الملل والضجر والخيبات..ولا داعي لتوضيح الامر..فالمرء عندما ينهي قراءة هذا المكتوب ..سيلم بكل ابعاد الموضوع ...
يشبه الامر الى حد ما الاحساس بالهزيمة ..بفقدان الامل بالغد..بالتنكر بالمستقبل..لاشيء ينبئ بالعجز والذل والصغار..اكثر من هذه الوجوه الشاحبة لفرسان السربات ..وجوههم ليست لها ملامح...سحناتهم من لحم ودم بالوان متميزة عن بعضها وشاحبة تماما ...الحودات ترتطم بالرض صلبة تصطدم بالحجارة وتنقشع منها الشرارات..هي اشارات لذلك الجهد الذي قام به الفارس والحصان..معا.. حلقات من البشر تحوم على الساحة ..بعضها صامت..وكثير منهم باجسادهم هنا وبارواحهم..هناك اسفل جدران السور العتيق ..حيث حلقات هوارة ..والرقص والجدب مابين النساء ..العتيقات..اسفل السور العتيق..هامات..سوداء تتدحرج على الساحة تسير ببطء الى الامام الى نهاية السباق..هناك.تقام خيمات كبيرة غفيها اعوان السلطة وكبار القوم..يشربون الخمر ويزدردون الضان المشوئ على النار المهيلة ...ويتتافسون في الرقص بصحبة الشيخات ولا هم لهم بارتباك وفوضى السربات...!!!..
في الخلفية المخضرة من الساحة خلف الحلقات المنظمة حول الشعراء والمغنين الشعبيين ومروضي الافاعي ومطرح قمامة الحي الكبيرة بدات تنطلق الجياد تتقدم ببطء تحاول ان تتوحد في خط مستقيم وفي صف واحد..يتوسطهم الفارس العميد اي..منسق الفرسان..وتعلوا م افقة لها زغاريد النساء ..ترافق حنحنة الخيل ..او(العلام..)..وهوقائد السربة والمسؤول عنها. على كل حال ..يحدث الفرسان بصوت مسموع .يذكرهم بالماضي التليد ..سبق الشكيمة قبل العود....ويأمر الفرسان بالتحكم الجيد باحصنتهم..يسالهم عن قدرتهم ان ينفذوا كل تعليماتهم في الحين وبدون ادنى تفكيرمنهم ..وكانوا قد اتفقوا على هذا الامر قبل السباق بايام عديدة ....فيما مضى كانت الحركة التي ينظمها السلطان تكون لهدفين لا ثالث لهما ..اما لردع قبيلة ثائرة..على سلطة المخزن..واما لاجل رد اعتداء خارجي سواء من قبيلة مجاورة..او لاجل طرد دخيل..يريد احتلال اراضي المدينة..لما قلت الاخطار..اولنقل انها اختفت تقريبا..واصبحت مخفية..غير مدركة حتى من طرف النجباء والادكياء..من سكان المدينة ..اخدوا الحركة بها يتذكرون امجاد الماضي..وبها ينظمون المسابقات..(التبوريدة)..للاحتفاء بالسربة التي نجحت وحقق التميز والذي اتفق على انه الطلقة الواحدة..والسرعة..واالتحكم الجيد بنواصي الخيل..المتسابق..الا انه مع مرور الوقت الهادىء..الذي لا تثار فيه المشاكل سواء الداخلية او الخارجية..تحولت التبوريدة الى ظاهرة استعراضية..لوحات فلكلورية..لاجل المتعة والتامل..والانبهار بالزمن القديم..وانتصاراته المنسية..!الزمن هو للعصابات المقاتلة بجد وليس للقبائل المتناحرة فيما بينها لاجل اسباب قليلة الاهمية..الماء..الولاء..الجزية..العصابات وسائلها اكثر قوة من قوة الحصان..سيارة واحدة بها قوة سربة من الخيل مكونة من عشرة واكثر من الفرسان..ضغطة زر واحدة لتنطلق بسرعة مهيبة..!تفوق السرعة عند العصابة 240 كيلو في الساعة....
لما تتوسط السربة وسط الساحة الشعبية على باب المدينة الجنوبي..وليس الشمالي..اتجهت نظرات الخيل الى الامام..وانحنت كانها تريد تقبيل التربة..على الارض..كان الجميع..قد تدربوا على سماع العلام يصيح فيهم وهو راكب على جواده الادهم (الحفيظ...الله)••وهو يضغط على نطق كلمة الله يشد عليها ويمددها..الصرخة الاولى لاجل الاستعداد..والثانية لاجل اقامة الصف الواحد..والاخيرة..لتوحيد طلقة البارود في وجه السماء...وليس وجه العدو...الذي اختفى..ليس خوفا من العرض العسكري القديم..لكنه يركن جانبا يتفرج وينتظر..نهاية العرض..!!
تتجه انظار الناس الى القائد على الدوام..يسمونه (العلام)....الذي يلتوى بفرسه مابين افراد السربات المشاركة..وانظار الخيل تتراقص مابين النظر الى الا رض..والى السماء..في مثل هذا الوضع كان لابد للمرء ان يفكر لماذا كان من المفترض فيهم ان ينفذوا اوامر العلام في تسديد الطلقة جماعيا نحو السماء..!..عندما تقترب السربة من خط الوصول تقوم بكل الجهد لتنجح الطلقة القوية الموحدة..وتكرر العملية لمرات عديدة..واذا ما تحققت الضربة القوية الواحدة...في تلك الخيام على ضفة الساحة منها تنطلق منها الاصوات العالية المشجعة..واغاني الشعب..المتابع للفروسية والذي تذكره بشيء من ماحدث في الزمن القديم..
من الامور العادية ان تتعثر الخيل..وتدورحول نقطة.واحدة لا تتعداها احيانا..وتتراجع اللحظة قبل الانطلاقة..ومن الامور العادية..ان ينحرف بعضها عن الخط المستقيم..ويفقد الفارس السيطرة على الفرس..فيصطدم به مع الجمهور الذي يتابع..الحراك..والمنافسة فيه..الاانه ليس من الامور العادية ان يسقط العلام في نهاية الارض في حفرة واسعة..لم يصدق احدا ماذا وقع..بعص الصيحة الكبرى(...الله ..ياحفيظ..)....سقط العلام في خطارة ..او بئر عميق قال الناس..ولا احد قدم المساعدة..لا وجود لسيارة الاسعاف..ولا احد يمتلك حبلا لاخراجه من الحفرة العميقة..هو والحصان..الجمهور تجمهر على الحفرة وتفرقت السربات...صاح احد العسس الذي خرج من خيمة المخزن..صاح..(..فرقوا علينا هذا المجمع..كل واحد يلحق بمنزله...يالله ..) ..يالله.لا احد كان يسمع اليه..ترجعت الناس عن متابعة خبر وقوع القايد في الحفرة ..لم تعد الناس تابع ما يجري في دواخل البئر..المظلمة ..ففيها خفت صياح العلام ولم يعد احد يطلب النجدة للفارس ولا لفرسه...بعدما تاكدوا ان .القايد واجه مصيره ولقي حتفه بلا معركة..ولا طلقة واحدة من تلك المكحلة...ولم يفكروا في الفرس..فكروا جميعا في الفارس بلا ملامح ..ومسحوا صهيل الفرس الجريح من ذاكرتهم الصغيرة ...نسوا زغاريد النساء..وصياح الاطفال..وتراجع كل شيء الى الوراء....تراجعوا ...تراجع الزمن ..الى اين ..لا احد يعرف ....حداء السور القديم...يتجمع الشعراء..والباعة المتجولين ..تحف بهم الاتربة والازبال وروائح روث البهائم..والضجيج ..الضجيج المنبعث من افواه الناس .من حلقاتهم ..وبالقرب من السور .العتيق تقيم الهواريات حلقاتها..وترقص..وتجدب على دقات الدفوف..والطبول .ونقرات الاجراس..وللحق يجب على المرء ان يقربان هزيج الهواريات يهز المشاعر ويثير الحماس افضل من خبب الخيل..نغم ونظم ورقص....وشطح منه التالي...

سرج عودو
قبل الوقت
ورماتو العجاجة فين رمات العودة شكالها ..
هذي الذنيا
وهذي حالها ....
سولو الحمار شكون باك..
قال خالي البغل ..
ومال الذنيا ...ومالها..
في موطورالسيارة
شلة خيول..
يقودها..حمار..
واش هو ...باك...
ذاك الحمار
اللي رباك ....
مال
الذنيا
ومالها.......
هذا حالها...

واستغرب الناس من شطحات ذلك المخلوق الاسود وسط الحلقة يشرب الماء المغلي ..ويرش به وجوه الناس من دلقوشه..االاكحل...كخطم حمار ..ومن اسفل البقراج الشديد الحرارة يحفن الجمربحوافره المتسخة ويرميه حبات تمر شهية صوب النساء والفتيات الجميلات..!!..وصياح متعة النساء..تختلط مع اهازيج هوارة قرب السور الخراب المحتل بخراء الجمهور...لا تلوح ولا تغري الناس المتجمهرة بالانتظار كي يمروا مسرعين من المكان ..وقطع ديمومة الواقع المعاق ...والسباق في خضم السياق في خضم الهامات الشاحبة بلا جدوى...لاشيء تقدمه تلك الروائح الكريهة وتلك الاهازيج الهوارية..غبار خانق في جو قاتل ..وذلك التمر المقدس. مهيج للرغبات الليلية..قالت لي احدى العجائز..ان زوجها عاقر..( هل تريد قضاء الليل معي يابني...)..كاتت زينة الهوارية تدق على الناقوس..دقا رتيبا وساحرا..يسحر المقرفصين والمقرفصات للارض ..بجسدها تهتز في حركات شبقية مرة الى الامام واخرى الى الخلف..وتبرز مؤخرتها كشكل دائرة الكون..كل العيون كانت تزدريها..تساير ايقاعا الطبول الغريب القوي القادم من تخوم القرون الوسطى..يكطم الانفاس..ومن روحها تتبغث مشاعر الرغبة في امتطاء صهوة المهرات..الملولشات...ترافق حركاتها زغاريد النساء..وعويل الصبليا....في مثل هذه اللحظات..لابد للمرء ان يسيطر على جواره..خوفا عليها من الانفلات..والموسيقى تصل به الى حدود الجدب..والشطح غير المضمون العواقب..كان يصاب الحيوان بلوثة الرغبة الملحة في قضاء ماربه الجنسية..على الملاء..وما عساه ان يفعل للتغلب على احساسه الغامق شعةر بالرغبة في التهام هذا الجسد الحي ..المتدفق بالنعومة والخصب،،لزينة الهوارية،،وهنا توقف الراوي عن الحديث عن مجريات الاحداث في الخيمة الكبيرة التي كان قد انطلق منها اللعب..وصلت الرقصة الى حدود الصرع والغياب..انبطح الجسد على الارض العفنة..فصعدوا بها الانذال الصغار الى البرج المحادي لباب السور القديم...ركبوها الواحد بعد الاخر..كما الفوا الركوب على عصيهم القصبية..بطريقتهم كانوا يشاركون في اللعبة في الحراك..من ورائهم كان الغبار والعجاج..يكتسح الامكنة..يصيحون فوقها..الله اكبر..الحفيظ الله...الله ...الله..ولم تكن في يده بندقية (مكحلة)..لوكانت بيده لفجر تلك الجماجم التافهة..واراح زينة من الم الاغتصاب..لا شيء في يده غير الهباء..سربة عيدان القصب..انتصرت ونال مرادها من جسد زينة البهلوانية..كان عليه ان يزهق..ان يصيح ويطلب النجدة من الناس..الا ان الناس لا تهتم سوى بمصالحها..ومنافعها الانية ..حين وصلوا الى نهاية الركض توقف كل شيء من جديد منبهرا..امام الحافة..توقفوا عند الحافة..يسمعون ال صوت عذب..ويشاهدون كيف كبير يصعد من عمق الحفرة..كان الصوت العذب..الدافيء..يقول هكذا...في خشوع..ياسر الالباب..ويورطها في التامل والتفكير..يردد هذا الكلام..او ماشابهه..(..والخيل...والخيل..والخيل..والبغال..والحمير..لتركبوها..وزينة...)..ثم وقف الصوت عند زينة وصمت..طويلا..وتخلل الصمت فراغ الصبيان.من التبوريدة واندهاش النساء.من نهاية الرقصة..ولا مبالات الشيوخ..مما حدث في سماء الحفرة..رأوا بام اعينهم صعود العلام على صهوة فرسه..سالما غانما وهو يبتسم في وجوه الجمهور..يسبح مع ادهمه فوق غيمة بيضاء..حطته بلطف وسط الساحة..وسط ما تبقى من الناس... القليل منهم من كان يتابع بتركيز المشهد الغريب ..والساحة تلفظ مرتاديها..وتغادر الناس تلك الحلقات التي لم تعد متراصة الصفوف وغير مزدحمة....وغادر الساحة للشعراء والمجانين وتجار للحمص والفول السوداني.والبيسكويت والحناء..والحلوى..وشعور النساء الحمراء..وسيلو والمعجون والعطور ..والبخور..والتوب..ورؤوس الضان المشوية على الفحم..وغيرها..من الملابس..واللعب..كمثال لها تقلابت العين..والنساء المغرمات بالهواريات...كل ما هو حي يتحرك ترك مكانه لماهو ميت يتلاشى..والعلام وادهمه..ينزلان من فوق الغمامة البيضاء..وسط سربة العيدان القصبية التي نظمها بجدارة الصبيان..وحتى المرء يستطيع ان يتذكر حينها مصير زينة الهوارية ..ويتساءل عن اختفائها..ومكان هذا الاختفاء..فالاشياء التي تتكرر بسرعة لا تخافظ بتاتا على اهميتها مقرونة بماهيتها الاولى...وعنفوانها الاصيل..ولذلك لم يعد يتكرر بين الناس سوى النسخ والتمثلات..السطحية..وكان علام اليوم الخارج من الظلمة الحرون ليس هو علام الامس الذي هوى بفرسه الى الحفرة والى الهاوية...اعتصمت الحوقة الذي كونها الصغار وهو يمتطون قصباتهم..سربة القصب..صبوات العصي المقصبة..وبارك الناس حينئد لكل من كان يمتطي قصبة..العاود...مبروك العود..على السور لا تزال تظهر قنينات الخمر الفارغة..والاحجار ..وعلب السردين ..وحكك غبرة الحليب..المستورد من برا..والغائط اليابس..وقصدير مبيدات الحشرات..كانت معالم هذا المشهد حزنة..وشديدة الالم بفقدان زينة الهوارية...والصور في مخيلته تغوص بدرها في الظلام الحالك...ولما انتهى النهار..لم يكن الراوى على علم بما كان يحدث في خيمة المخزن من فوضى واظطراب..لكن الصوت الحنون الخشوع ..الذي ولد في عمق الحفرة...سمعه يقو
الرجال بالدراع...
والخيل بالكراع
وعز الخيل
مرابطها..
ولكن الحكاية لم تشر الى الوقائع الخفية ...في لعبة الفروسية عند الكبار..واسهبت في القول عن لعبة الفروسية عند الصغار..وكان من حق القراء ان يطلعوا على ما كان يدور في خيام المخزن بعد ازمة السقوط في الحفرة...العميقة..قد يكون قد دب الصمت والسكون في فضاء الخيمة ..ربما تقاتل الحكام فيما بينهم ولاموا بعضهم بعضا..وحملوا اضعفهم مسؤولية الانكسارات ..وقدموه قربانا لربة الخيل فهذا تيمور لانك..وذاك جانكيزخان..وامامه ارطوغرل.. وبونابارت كانوا يمتكون خيلهم في مواجهة تاريخية مع ..الصغار الذين يمتطون قصباتهم الصفراء..ويثيرون الغبار والعجاج وراءهم في الساحات العمومية...وفي عتمة الصورة كان طيف الشاعر الصنديد المنضيد عنترة بن شداد العبسي العروبي يقرض الشعر ليس في معشوقته عبلة........بل في الظلموالقهر...
.......قائلا..
حكم سيوفك في رقاب العدل
واذا نزلت بدار ذل فارحل.
واذا بليت بظالم كن ظالما
واذا لقيت ذوي الجهالة فاجهل .
ورميت مهري في العجاج فخاضه
والنار تقدح..من شفار الانصل.
لاتسقني ماء الحياة بذلة
ولكن اسقني بالعز
كأس الحنظل..

عبد الغني سهاد
2009



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة وكرة القدم...
- مسرات بوريكو ...الحمار
- سليمان سلطان الحواتة...
- فوق المسمار...(2)
- فوق المسمار...(1)
- هل سيعود للشمس وهجها الاول..!
- مجنون...من يثق بها..!
- بويكوطاج الى ان تزول...
- ربطة عنق سوداء...
- اليهودية وتهمة معاداة السامية...
- تحت شجرة فلوبير...
- القوميديا والطراغوديا العربية ..
- محاورة قملة ...(شاربوراس )
- يوم مات علال ولد عيشة...
- حمام ....(السعادة ..)
- مع جرادة ...
- صياد الليل...يلقاها..يلقاها..!
- مذلة ..مابعدها ..مذلة.
- يكون ....خير ...2
- يكون....خير.....!


المزيد.....




- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...
- رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - سبقوا الشكيمة....قبل العود..!