أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طارق سعيد أحمد - خرافات -البغوي- في تفسير القرآن














المزيد.....

خرافات -البغوي- في تفسير القرآن


طارق سعيد أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5938 - 2018 / 7 / 19 - 18:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كيف تؤثر الأسطورة في فهم الدين؟
تزدحم كتب التراث الإسلامي بأسماء عديدة تراكمت خلال عشرات مئات السنوات، وكان لكل حقبة تاريخية حزمة من هؤلاء الذين كانوا من علية القوم وعلماء عصرهم يفسرون القرآن الكريم، وكان لكل منهم ملكته الخاصة وأسلوبه في عرض رؤيته، وذلك كان السبيل الوحيد لشُح النظرة العلمية والأبحاث حول قضية ما بعينها، وضمن تلك الرؤى التي انتجت عبر هذا التاريخ الضارب في البعيد كان الخيال هو محرك هذه العقول العاجزة أو المتوقفة في زمنها وحدودها الجغرافية، وكانت المادة المقدمة تميل للغة الأدب أكثر من اللغة العلمية الخالصة والمحكمة، وكان الإمام "البغوي" نصيب كبير في هذه التفاسير المتخيلة والواصلة إلى الحدود الأسطورية وانتجت في عالمها.
حيث يقول الإمام "البغوي" في كتابه المعنون بـ "تفسير معالم التنزيل" في تفسيره للآية (21) من سورة "الملك" نصا: ــ "وكان سبب غيبة الهدهد على ما ذكره العلماء أن سليمان لما فرغ من بناء بيت المقدس عزم على الخروج إلى أرض الحرم، فتجهز للمسير، واستصحب من الجن والإنس والشياطين والطيور والوحوش ما بلغ معسكره مائة فرسخ، فحملهم الريح، فلما وافى الحرم أقام به ما شاء الله أن يقيم، وكان ينحر كل يوم بمقامه بمكة خمسة آلاف ناقة ويذبح خمسة آلاف ثور وعشرين ألف شاة، وقال لمن حضره من أشراف قومه: إن هذا مكان يخرج منه نبي عربي صفته كذا وكذا، يعطى النصر على جميع من ناوأه، وتبلغ هيبته مسيرة شهر، القريب والبعيد عنده في الحق سواء، لا تأخذه في الله لومة لائم. قالوا فبأي دين يدين يا نبي الله؟ قال: يدين بدين الحنيفية، فطوبى لمن أدركه وآمن به، فقالوا: كم بيننا وبين خروجه يا نبي الله؟ قال مقدار ألف عام فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فإنه سيد الأنبياء وخاتم الرسل، قال: فأقام بمكة حتى قضى نسكه، ثم خرج من مكة صباحا، وسار نحو اليمن فوافى صنعاء وقت الزوال، وذلك مسيرة شهر، فرأى أرضا حسناء تزهو خضرتها فأحب النزول بها ليصلي ويتغدى".
فمن الملاحظ في هذه الفقرة تأكيد "البغوي" على أن ما ذكره تحدث عنه العلماء من قبله ولكنه لم يذكر اسم أحدهم رغم المعلومات المدققة بالأرقام!

ويسرد "البغوي" في تفسير نفس الأية الكريمة "فلما نزل قال الهدهد: إن سليمان قد اشتغل بالنزول فارتفع نحو السماء فانظر إلى طول الدنيا وعرضها، ففعل ذلك، فنظر يمينا وشمالا فرأى بستانا لبلقيس، فمال إلى الخضرة فوقع فيه فإذا هو بهدهد فهبط عليه، وكان اسم هدهد سليمان "يعفور" واسم هدهد اليمن "عنفير"، فقال عنفير اليمن ليعفور سليمان: من أين أقبلت وأين تريد؟ قال: أقبلت من الشام مع صاحبي سليمان بن داود.فقال: ومن سليمان؟ قال ملك الجن والإنس والشياطين والطير والوحوش والرياح، فمن أين أنت؟ قال: أنا من هذه البلاد، قال: ومن ملكها؟ قال: امرأة يقال لها بلقيس، وإن لصاحبكم ملكا عظيما ولكن ليس ملك بلقيس دونه، فإنها ملكة اليمن كلها، وتحت يدها اثنا عشر ألف قائد، تحت يد كل قائد مائة ألف مقاتل، فهل أنت منطلق معي حتى تنظر إلى ملكها؟ قال: أخاف أن يتفقدني سليمان في وقت الصلاة إذا احتاج إلى الماء، قال الهدهد اليماني: إن صاحبك يسره أن تأتيه بخبر هذه الملكة، فانطلق معه ونظر إلى بلقيس وملكها، وما رجع إلى سليمان إلا في وقت العصر. قال: فلما نزل سليمان ودخل عليه وقت الصلاة وكان نزل على غير ماء، فسأل الإنس والجن والشياطين عن الماء فلم يعلموا، فتفقد الطير، ففقد الهدهد، فدعا عريف الطير - وهو النسر- فسأله عن الهدهد، فقال: أصلح الله الملك، ما أدري أين هو، وما أرسلته مكانا، فغضب عند ذلك سليمان، وقال: (لأعذبنه عذابا شديدا) الآية".

فتعتبر هذه الفقرة الأكثر خيالا، فقد ذكر "البغوي" بعلمه الخاص غير المسند إلى أي شيء اسم هدد سليمان والهدد اليمني صديقه بل وذكر حديثهم الذي دار بينهم!

وفي الفقرة الأخير من تفسير الأية 21 من سورة (الملك) والتي من خلالها نحاول أن نتلمس خيط من خيوط المنطق يُكمل "ثم دعا العقاب سيد الطير فقال: على بالهدهد الساعة، فرفع العقاب نفسه دون السماء حتى التزق بالهواء فنظر إلى الدنيا كالقصعة بين يدي أحدكم ثم التفت يمينا وشمالا فإذا هو بالهدهد مقبلا من نحو اليمن، فانقض العقاب نحوه يريده، فلما رأى الهدهد ذلك علم أن العقاب يقصده بسوء فناشده، فقال: بحق الله الذي قواك وأقدرك على إلا رحمتني ولم تتعرض لي بسوء، قال: فولى عنه العقاب، وقال له: ويلك ثكلتك أمك، إن نبي الله قد حلف أن يعذبك أو يذبحك، ثم طارا متوجهين نحو سليمان، فلما انتهيا إلى المعسكر تلقاه النسر والطير، فقالوا له: ويلك أين غبت في يومك هذا؟ ولقد توعدك نبي الله، وأخبراه بما قال، فقال الهدهد: أوما استثنى رسول الله؟ قالوا: بلى، قال: "أو ليأتيني بسلطان مبين"، قال: فنجوت إذا، ثم طار العقاب والهدهد حتى أتيا سليمان وكان قاعدا على كرسيه، فقال العقاب قد أتيتك به يا نبي الله، فلما قرب الهدهد رفع رأسه وأرخى ذنبه وجناحيه يجرهما على الأرض تواضعا لسليمان، فلما دنا منه أخذ برأسه فمده إليه وقال: أين كنت؟ لأعذبنك عذابا شديدا، فقال الهدهد: يا نبي الله اذكر وقوفك بين يدي الله تعالى، فلما سمع سليمان ذلك ارتعد وعفا عنه، ثم سأله فقال: ما الذي أبطأ بك عني؟ فقال الهدهد ما أخبر الله عنه في قوله: "فمكث غير بعيد".

انتهى إلى هذا الحد التفسير الذي لم يفسر بل بالأحرى ضلل وأغرق الآية الكريمة في بحر الأسطورة والخرافة.

هامش: أبو محمد الحسين بن مسعود البغوى هو الإمام البغوي المتوفي سنة 516 هجرية من أهم علماء أهل السنة والجماعة والملقب بـ "محيي السنة"، وقال عنه ابن كثير: أنه برع في العلوم وكان علامة زمانه، وقال عنه ابن العماد الحنبلي: أنه المحدث المفسر صاحب التصانيف، عالم أهل خرسان.



#طارق_سعيد_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -خروشه- ن
- -نور مُظلم- قصيدة جديدة للشاعر طارق سعيد أحمد
- مقال عمار علي حسن الممنوع من النشر
- عصام حسين يكتب: زيف الوجود وتأزم الحاضر في-تسياليزم.. إخناتو ...
- د.مصطفى الضبع يكتب: المجال الحيوي للقصيدة في ديوان -تسيالزم، ...
- بيان المثقفين العرب بخصوص القدس ..
- في البدء كانت الدولة ج2
- في البدء كانت الدولة ج1
- خبيئة العارف.. لماذا؟
- كيف تصنع جاهلا؟ ج10
- كيف تصنع جاهلا؟ ج9
- كيف تصنع جاهلا؟ ج8
- كيف تصنع جاهلا؟ ج7
- كيف تصنع جاهلا؟ ج6
- كيف تصنع جاهلا؟ ج5
- النمل مازال يلدغ والسكين لا تقتل
- كيف تصنع جاهلا؟ ج4
- كيف تصنع جاهلا؟ ج3
- كيف تصنع جاهلا؟ ج2
- كيف تصنع جاهلا 1


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طارق سعيد أحمد - خرافات -البغوي- في تفسير القرآن