أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق سعيد أحمد - النمل مازال يلدغ والسكين لا تقتل














المزيد.....

النمل مازال يلدغ والسكين لا تقتل


طارق سعيد أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5642 - 2017 / 9 / 17 - 00:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رأيتها فرصة عظيمة لكي أحكي معك عزيزي عن طفولتي، نعم.. لا تندهش، فالوقت مناسبا جدا لتلك الأحاديث الجانبية والمثيرة، تعلم يا عزيزي تلك البراءة المفرطة وحماسة الإكتشاف، كان العالم بالنسبة لي شاسع المساحات وكل الموجودات من حولي ضخمة أو بعيدة، ما عدا لعبي البدائية وسرب للنمل يتسكع في الشقة مابين غرفة المطبخ وجحره الذي حفره تحت بلاط الشرفة في نهاية غرفتي، لا أخفي عليك سرا يا عزيزي كنت أتتبعه ذهابا وإيابا، وأتلذذ من وجع ركبتي التي احمرت من إحتكاكها بالسجاد، كنت أشعر وقتها أن وظيفتي اليومية هي مجموعة من المحاولات لفهم النمل الذي تعرفت على إسمه من أمي"الطيبة" بعد أن لدغني في ساقي لأول مرة في حياتي وأنا ألعب لعبة صنعتها من الورق بنفسي.
أما السر الثاني يا عزيزي هو ما فعلته أمي بسرب النمل بعد أن لدغني، كأي أم مصرية في بداية الثمانينات وفي هذا الموقف بالذات كانت تأتي بزجاجة كبيرة ممتلئة بالـ"جاز" هذا المطهر الجبار والفتاك بجميع الحشرات الزاحفة وتسكبه في الأماكن التي تنتشر فيها هذه الكائنات، ولكن ولأن أمي تحبني أكثر من اللازم قد جعلت من الشرفة بحيرة صغيرة من هذا السائل المدمر، وقالت لي "كدا هيموتوا ومش هتقرصك النملة تاني"، فما أثار فضولي هو عودة سرب النمل مرة أخرى بعد أيام قليلة ، وكأن شيئا لم يكن، إلى أن توصلت لفكرة أخرى بعد أن لا حظت حب النمل للسكر، فمن وراء أمي كنت أضع السكر من ثقب صغير بين بلاط الشرفة كانت النملات تدخل منه وعلى ظهر كل واحدة حبة من السكر وتخرج من ثقب آخر، إلى أن توقف السرب عن رحلته تماما وبدأ بالخروج من الثقب بأعداد أقل ليزيح السكر الذي أحاول حشره من خلال الثقب الصغير إلى الداخل، وبينما أنا جالس منهمك في هذا العمل الرائع تلدغني ثلاث نملات في ساقي يومها يا عزيزي تأكدت من استحالة تخلي الحشرات عن غرائزها الدفاعية.. أو اختفاءها.

تمر سنوات قليلة وأدخل المدرسة الإبتدائية، وعلى ما اتذكر كان اسمها مدرسة الشهيد فهمي عبد العزيز الإبتدائية كانت قريبة من منزلي الكائن بحي "عين شمس" بالقاهرة، كونت في هذه المرحلة صداقات دامت لسنوات عديدة قبل أن يموج الزمن بنا ويقذف كل واحد في طريقه، مازلت تقرأ يا عزيز أم انصرفت عني؟، لا تقلق كلمات قليلة أخرى وأتركك تدير شؤونك الخاصة أم أنك تريد الإنصراف لتقرأ سخافات المتأسلمين الماضويون؟!، سأقول المهم حتى لا أثقل عليك بحكاياتي البسيطة، كان يوم الأربعاء اتذكره جيدا في حصة العربية دخل الأستاذ "حسن" ليشرح لنا الدرس الجديد كان عن الأستاذ الأديب العالمي "نجيب محفوظ"، وكان يدور حول قيمة أدب الأستاذ "محفوظ" وكيف حصل على أكبر جائزة في العالم "نوبل"، كان درسا ممتعا أحببت الأستاذ "محفوظ" جدا وتمنيت أن أراه، في يوم الجمعة أي بعد يومين أخذتني أمي لزيارة جدي وجدتي كانوا يسكنوا منطقة عابدين بوسط القاهرة، وعلى كورنيش النيل تتحقق أمنيتي وأرى الأستاذ "نجيب محفوظ" يتكئ على عصاه في مشواره الصباحي، أترك يد أمي وأجري إليه، مددت له يدي فوضع يده على شعري "وكأنه يباركني" وهو يبتسم قبل أن يسلم على يدي الصغيرة سألني عن اسمي أجبته وقلت له أنا أدرس في المدرسة موضوع عن حضرتك ضحك.. ولا أتذكر كيف انتهى المشهد لكن ما ذكرته لك يا عزيزي مازالت كثافته في ذاكرتي، وتمر أسابيع أو ربما شهور وأعرف أن الأستاذ يرقد في المستشفى بعد أن حاول أحدهم طعنه بسكين، يومها يا صديقي العزيز تأكدت من أن "السكين لا تقتل" الكُتاب.



#طارق_سعيد_أحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تصنع جاهلا؟ ج4
- كيف تصنع جاهلا؟ ج3
- كيف تصنع جاهلا؟ ج2
- كيف تصنع جاهلا 1
- يوميات مؤلف.. التمتع ب-الإغتراب الكوني-
- عمار علي حسن: عيدك يا مصر ... متى يأتي؟
- إلى الرئيس .. أسئلة -حرجة- عن تيران وصنافير
- -ثقافة الموت- محاولات متكررة لجذب العقول
- الرجل الأحمق واللص.. مفارقة من واقع الاختلاف
- سموم الوهابية المبثوثة على الإنترنت
- -ابن تيمية- يأمر بقطع يد شاب -الشرابية-
- من يجلس على عرش مصر
- -الإرهابية- تحترق بأفكارها الشيطانية
- أول القصيدة.. كفر -فنجان شاي- يضع النقيب في ورطة بيان عاجل.. ...
- اختفاء مؤسسة الأزهر... -الشريف-
- «إلي أنا».. قصيدة من ديوان «تسيالزم- إخناتون يقول» للشاعر طا ...
- الحرب التي تُدار في الخفاء -2-
- الحرب التي تُدار في الخفاء
- -7 دال- سيلفي مع عالم.. -هيثم عبد الشافي-
- حواري مع الأديب مصطفى نصر


المزيد.....




- العراق.. السيستاني يشعل تفاعلا ببيان عن استمرار استهداف إيرا ...
- هل ما يحدث في طهران استهداف لتغيير أو تدمير النظام؟.. شاهد ر ...
- أضرار جسيمة داخل مستشفى سوروكا ببئر السبع إثر قصف إيراني واس ...
- إيران تمدد إغلاق مجالها الجوي حتى يوم غد
- جنرال العقوبات والقبضة الحديدية.. من هو محمد كرمي قائد القوا ...
- ياسين بونو.. أسطورة مغربية تتألق في أكبر البطولات العالمية
- الجيش الإسرائيلي يبث مشاهد لاستهدافه مفاعل آراك (فيديو)
- الخارجية الإيرانية: عراقجي سيترأس الوفد الإيراني إلى مفاوضات ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد باغتيال خامنئي (فيديو)
- روسيا تطالب إسرائيل بوقف ضرباتها للمواقع النووية الإيرانية ف ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق سعيد أحمد - النمل مازال يلدغ والسكين لا تقتل