أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الشمالي - من دولة التشبيح إلى دولة التعفيش















المزيد.....

من دولة التشبيح إلى دولة التعفيش


محمد الشمالي

الحوار المتمدن-العدد: 5835 - 2018 / 4 / 4 - 14:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كلمة (غنيمة) لم تعد دارجة عندنا ولا كلمة ( نهيبه) أيضا . كلمة ( حرامي) أصبحت بلا طعم ولا ذوق ولا رائحه ...أو حتى لم تعد تهمة في ظل دولة من العصابات والقتلة وفي زمن غدا فيه اليوم حراميا وقاتلا كل من كان يدعي بالأمس أنه حاميا للقانون وللدولة والوطن ...
في هذا الإطار الأخلاقي , الصور الكئيبة لما بعد تدمير الغوطة تتزاحم حزينة , مؤلمة ومبكية , صورا لأشياء تكاد أن تنطق لتحكي لنا قسوة وحقد الجلاد , صورا تقول الكثير الكثير عن عنف لم يراه السوري في أكثر افلام الرعب عنفا ...صورا لأشياء تصطف على قارعة الطريق في ضواحي قلعة الصمود والتصدي : برادات , غسالات , أفران ... من كافة الأعمار معروضة للبيع كالسبايا على شدو فيروز :

شام يا ذا السيف لم يَغِبِ يا كلام المجد في الكُتُبِ

قَبْلَكِ التاريخُ في ظُلْمَةٍ بَعْدَكِ استولى على الشُهُبِ

لي ربيعٌ فيكِ خَبَّأتُهُ مِلْءَ دنيا قلبيَ التَّعِبِ

يومَ عيناها بساطُ السما والرماحُ السودُ في الهُدُبِ

تَلْتَوي خصراً فأُومي إلى نغمةِ النايِ ألا انْتَحِبِي

أنا في ظِلِّكَ يا هُدْبَهَا أحسبُ الأنْجُمَ في لُعَبِي

طابت الذكرى فَمَنْ راجعٌ بِي كَمَا العودُ إلى الطَرَبِ

شامُ أهلوكِ إذا هُمْ على نُوَبٍ قلبي على نُوَبِ...

فيروز تغني ولكن ليس في معرض دمشق الدولي . إنه العيد والفرح بعودة سبايا أهل البيت ...إنه يوم البعث والنشور ...إنه سبي عفش الغوطة وبيعها في سوق الأسد الوطني ...

أولا :من التشبيح إلى التعفيش

في الأمس وقبل الأمس ...وقبل قبل الأمس ...ومنذ بدات حرب الأسد على طواحين الهواء السورية لإسترجاع الجولان والقدس ...تكتظ شوارع سوريا بسبايا المطابخ وأثاث البيوت المدمرة فوق رؤس أهلها...أسواق عديدة متخصصة ببيع أثاث بيوت السوريين المنكوبين إلى السوريين الفقراء . أسواق تديرها حثالة المجتمع السوري من الجشعين عشاق الكسب السريع التي تتلمذت على ايدي السلطة القمعية الطائفية الأسدية...حثالة تحولت بفعل الظروف من البرطيل والنهب من خزانة الدولة إلى ضباع تليش بعد كل وليمة للأسد... وتبعا لتلك المعطيات التي أنتجتها 5 عقود من حكم الأسد غابت كلمات عن لسان السوريين وظهرت تحت الشمس كلمات أخرى ( بضم الألف) و هكذا أصبحوا يقولون: دولة تعفيش بدل دولة حراميه عندما يتكلمون فيما بينهم عن دولة الأسد الطائفية . والصورة التي ستبقى عالقة عن تلك الدولة في ذاكرة السوري هي صورة هؤلاء المرتزقة ( حماة الديار) يرافقون بكل فخر وسؤدد شاحنات إلى سوق التعفيش ...شاحنات تناطح السحاب أثاث البيوت التي طالها شرف التعفيش بعد كل معركة حسمها للتو جنود الأسد ضد المدن السورية ... ليكن ...

ثانيا: عودة للوراء

كلمة ( تعفيش) ترافقت ولادتها مع ولادة كلمة ( تشبيح ) ,.أما العسكر الذين يرافقون الأثاث المنهوب نسميهم ( عفيشه) على وزن ( شبيحه) . و( شبيحه) هي أسم الميليشيات الأسديه التي كانت تهاجم المتظاهرين السلميين في سوريا ...وهكذا صار في قاموسنا السوري مصطلحات تختصر لنا كل القيم الأخلاقية والوطنية في الشرف والكرامه التي تمخضت عن القيادة السورية تحت حكم الأسدين في سوريا ولبنان..
جهابذة العلمانيين السوريين ( كرها بالإخوان المسلمين ) يقولون أن التعفيش (كفعل) لاعلاقة له بالتشبيح . و بقناعاتهم أنه سلوك مرتبط بأخلاق دين محمد معتمدين في خلاصتهم على الآية الكريمة ( الأنفال) وبالأخص على عبارة جاءت في آية أخرى ( وما ملكت أيمانكم ) تذكيرا منهم لعبودية المرأة في ظل الديانة الإسلاميه.
أفراد الجيش العربي السوري ( أو ما بقي منه) لهم تجاربهم و ممارساتهم خلال فترة احتلالهم لبيروت . هناك في الحقيقة تلقوا أول درس في التعفيش , التعفيش الذي يحركه دافع الإنتقام أحيانا والثراء السهل أحيانا أخرى ... في عهد القمع الوحشي للثورة السورية أصبح تعفيش عسكر الأسد لبيوت السوريين الفارين من الموت نوعا من التشفي والإنتقام من المدن الثائرة ضد قائدهم أكثر مما هو جشعا مغروسا بدمهم أو حبا بالثراء ...لأن الموت كان يتربص بهم عند كل منعطف. لاتقف مدلولات التعفيش عند هذا الحد. فهو بالإضافة لذلك يرصد حالة من الإنفلات الأمني والقانوني وتغييب سلطة الدوله وتردي مستوى الحياة المعيشية في كل سوريا ...في ظل دولة ( كلمن ايدو الو) و في ظل خدمة علم أصبحت أطول من ليل امرؤ القيس... التعفيش بالنسبة للشبيحه أصبح أجرا ومكافأة أيضا ....

ثالثا : لماذا نجلد تاريخنا؟
ليس دفاعا عن العرب والمسلمين و بدون انحياز لأي من أطراف صراعنا السوري_ السوري , أقول أن ظاهرة (الغنيمة أو السلب والنهب ) هي قديمة قدم التاريخ... حتى أنها أصبحت في أغلب الأحيان هدفا مباشرا لنشوب الحروب : الملك بحاجة للذهب والأمراء للجميلات و الجنود للأسلحة و اللباس والطعام ...فالإغريق والفرس والطرواديون والرومان والفراعنة لم يجدوا فيها ما يتعارض مع فروسيتهم ...

الصليبيون عندما دخلوا بيزنطه ( قسطنطينيه أو استانبول حاليا) نهبوها وسبوا نسائها المسيحيات ودمروا كنائسها ونقلوا مجوهراتها ....حروب المئة سنه بين انكلترا وفرنسا كانت عبارة عن غارات هدفها السلب والنهب والسبي .
لم يكن الإسلام ليختلف عن غيره في هذا المجال: لكنه نظم ادارة الغنائم وجعل منها موردا من موارد الدولة و أعطاها المفهوم الحالي الذي نعرفه جميعا : فالمهزوم في أرض المعركة يترك سلاحه و حريته وماله ( من ذهب وفضة ونساء...)

رابعا : عندما تهتز أركان الدولة

في جوهرها , ظاهرة السلب والنهب التي يمارسها المقاتل تبقى شبه مقتصرة على الحروب الأهلية في العصر الحديث _ أي الحروب التي يقودها وتشارك فيها الى جانب القوات النظاميه , ميليشيات محلية أو أجنبية لقاء أجر _ وهو ما نطلق عليه اسم ( مرتزقة),
متى تلجأ سلطة ما الى استقدام المرتزقة لتقاتل في صفها ؟
اللجوء لعناصر عسكرية مرتزقة تتم في حالة اهتزاز عرش الطاغية أي في حالة حرب داخلية بين الديكتاتور وشعبه ( أو قسما منه) , حيث أعداد كبيرة من الجيش تنتفض لإسقاط زعيمها لأسباب عديدة وتخرج عن طاعته ... فالديكتاتور (أو الطاغية ) في هذه الحالة يجد نفسه مرغما للاستعاضة عنها بميليشيات أجنبية أو محلية لإعادة التوازن في جيشه وحفظ كرسيه .
في ظل هذا الواقع , تصبح عملية السلب والنهب والإغتصاب منهجية و غاية في حد ذاتها من منظور المرتزق نفسه ومن منظور قيادته ا. فهي :
_ تزيد من حماس المرتزقة في الثبات في أرض المعركة
_تسد العجز في صرف الرواتب
_تنشط الدورة لإقتصادية
_تفرغ المدن من سكانها بشكل لايسمح لهم بالعودة
إليها بالمنظور القريب...إلخ

الخاتمة

لقمة مغمسة بالدم تلك التي تتناولها ميليشيات لجان الدفاع الوطني وعناصر جيش بشار المجرم ,,. هكذا في ظل غياب كامل للمسؤولية الأخلاقية والتاريخية ( لما يمكن تسميته بالدولة السورية) , يصبح ( التعفيش ) مهنة السوري القذر... بموضوعيه وبلا بخ السم . النهب والسلب هي عادة وجدت مع وجود الحرب ...بل كانت المبرر الوحيد للغزو قبل المسيحيه وقبل اليهوديه ...
عندما دخلت اسرائيل لسوريا في حرب 1967 واحتلت ارضها سبى الجيش الإسرائيلي كل دبابات حافظ ومدفعيته ولم ترسل دولة العدو للنازحين السوريين امتعتهم وفرشهم التي تركوها وراءهم في طائرات خاصه... ليكن في بلد ( كلمن ايدو الو) بدولة بشار فا لأمر لا يبدو غريبا ...وبشكل عام : (تعفيش) تبقى ملصوقة ب( تشبيح) ...وستدخل قاموس اللغة العربية في هذا الإطار الأخلاقي الوطني لدولة الأسد .
كلمة أخيرة
أيها الجندي الأسدي : لو كنت تعفش عدوك الإسرائيلي مغتصب أرضك لأنحنت هاماتنا لك . لكنك عندما تغتصب حق السوري وتسلبه ممتلكاته فأنت تبقى مثلا في القذارة والخيانة كمثل سيدك . الألم الذي تسببه لكل السوريين الشرفاء الضعفاء ألم سيبقى في ذاكرتهم للأبد ... وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَـةً



#محمد_الشمالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل للصواتة التوليدية : قصيد أ. حمد حاجي نموذجا .. قراءة ال ...
- لا يا نتان ياهو مالك حق تستفز ريما فليحان !
- نداء 15 شباط صادر عن التكتل الوطني الثوري
- أخلاق التشبيح بين الثورة والنظام
- يا سماسرة المؤتمرات
- جينيف 2 ، مؤتمر بلا شرعية
- جنيف2 مؤتمر بلا شرعية
- بيان للتكتل الوطني الثوري حول مشروع مؤتمر قرطبه
- بيان للدكتور محمد الشمالي
- مؤامره ؟ نعم . لكن ضد من ؟؟؟
- إسرائيل وإيران وسياسة ذر الرماد في العيون
- مانديللا الرمز والشاهد الزور
- لماذا يا برهان غليون ؟
- ميثاق الجبهة الأسلامية بين المصداقية ودجل المعارضة السياسية ...
- الشارع العربي والثورة ضد بشار : الصورة الناقصة
- المهمة الصعبة : الأسد يحرم سوريا من مفاتيح التغيير
- -الشعب السوري واحد واحد- أسطورة أم حقيقة ؟
- الطائفية ، هذا الشيطان الأخرس في بلاد العراق والشام
- بيان للتكتل الوطني الثوري حول مشاركة رفعت الأسد في جنيف 2
- رسالة مفتوحة من التكتل الوطني الثوري إلى الائتلاف الوطني لقو ...


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الشمالي - من دولة التشبيح إلى دولة التعفيش