محمد الشمالي
الحوار المتمدن-العدد: 4272 - 2013 / 11 / 11 - 06:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الطائفية ، هذا الشيطان الأخرس في بلاد العراق والشام
الإيمان بالله وبرسائل الأنباء يبقى شيء مقدس وجزء من حريتنا الفردية مواطنين مؤمنين إذا لم نقع في حلقة التطرف الديني المفرغة والعبثية .هذا يعني أن محاربة التطرف الديني ليس بالضرورة دليل على الإلحاد أو العلمانية أو كره للدين، ولكنه نتيجة لعقلية منفتحة على الآخر المختلف وقبوله كما هو،مؤمنا كان أم كافرا ....
الإسلام في فلسفته أو في تعاليمه ليس مرادفا للتطرف " يهدي من يشاء" ، تماما كما أن المسيحية لم تكن دوما ديانة معتدلة وسمحاء عندما كانت الكنيسة على رأس السلطة في اوروبا ( الحروب الدينية ) . لقد فاض الإسلام علينا بدروسه في الإنسانية وبدأت الرسالة المحمدية بكلمة “ إقرأ “ وجاءت سورة الرحمن لتسمو بالإنسان إلى مستوى العقل وتنزهه عن العنصرية : “ الرحمن خلق الإنسان علمه البيان... » فإذا كان الإعتدال هو مرتبط با لعقل فإن التطرف هوغالبا للجهل .
أريد أن أقول أن محاربة التطرف الديني ليس بالضرورة غاية بحد ذاته بل وسيلةا احترازية تهدف قبل كل شىء إلى وقاية المجتمع من مخاطر الإنزلاق في دوامة الصراع الديني الطائفي الذي يبلغ ذروته عندما تحاول ديانة ما أوطائفة الإستئثار بالسلطة وتسخيرهذه السلطة لمصلحة هذا الدين أوتلك الطائفة .
المجتمع السوري بعد الإستقلال كان بمأمن من دوامة الصراع الطائفي على السلطة حتى وصول البعث للسلطة (3 196)والتي على أثرها بدأت عملية تطهير طائفي للجيش السوري من الضباط السنه . وتضخم الشعور الطائفي بعد وصول حافظ الأسد للحكم الذي وضع كل مفاتيح الدولة بيد الطائفة العلوية .
وازداد الإحتقان الطائفي بعد التحالف السوري ـ الإيراني الذي بدأ مع وصول الخميني للسلطة في ايران ( 1979) والذي تلاه دعم واضح للفرس في حربهم ضد العراق " الشقيق"(1980 ) ...
الحقيقة هذا التحالف فاجأ السوريين والعرب الذين تربوا على ثوابت تاريخية وسياسية معاصرة جعلت من الفرس دولة أكثر خطرا على الأمن القومي العربي حتى من إسرائيل نفسها ! الحقيقة ، القوميون العرب عاشوا مرحلة إحباط قوية جراء هذا التحالف الأسدي ـ الخميني السري و المخالف للطبيعة لا سيما عندما عادوا بذاكرتهم ثلاث عقود للوراء حيث قام شكري القوتلي بتسليم مفاتيح قصر أبو رمانه الرئاسي لجمال عبد الناصر (22 شباط 1958) وتوقيع ميثاق الوحدة الإندماجية السورية ـ المصرية خوفا على أمن سوريا القومي التي كان يهددها آنذاك حلف بغداد من الشمال والشرق واسرائيل من الجنوب .
ضحى النظام الأسدي الطائفي بالجولان و بأمن كل سوريا على حساب أمن واستقرار الدولة العسكرية الطائفية التي أصبحت منذ ذلك التاريخ دولة علوية شيعية بامتياز حسب المنطق والوقائع وكل المعطيات السياسية .
وكي يستطيع هذا المشروع الشيعي المرور خفية فكان لا بد من إرساء دعائمه على أرضية سياسية إقليمية مبنية على الخيانة و الدجل والخداع و كل متناقضات الكون : النظام السوري أخذ دور الممانع الأبدي لأي حل للصراع العربي ـ الإسرائيلي متجاهلا الجولان ... و إيران وضعت اسطوانة نجاد المشروخة التي تمحي كل يوم مئة مرة اسرائيل عن وجه الأرض . وهل تريد اسرائيل أفضل من هكذا أعداء لتكريس واقع الإحتلال ؟ وهل اسرائيل مستجدة في السياسة كي تأخذ استفزازات أحمدي نجاد المضحكة مأخذ الجد و تقوم بتدمير مفاعلاته النووية التي تعتبرها عمقا استراتيجيا لها ؟
عندما هددت الثورة السورية أمن الدولة الطائفية السورية تحركت أقطاب الحلف الشيعي لتنفيذ التزاماتها بحماية حليفها الأسد متحدية بذلك الشعب السوري وسيادته و و حدتة .
هذا يجب أن يقودنا لنتيجة حتمية وهي أن الشعب السوري لا يقود ثورته ضد طاغية فقط وإنما ضد حلف يجثم على صدر السوريين والعرب منذ وصول الخميني للسلطة ، وما تلاه من تأسيس حزب الله في لبنان و سقوط صدام حسين في العراق . في الحقيقة ، هذه المعادلة الصعبة هي التي أعطت لثورة السوريين طابعا مختلفا تماما عن ثورات الربيع العربي الأخرى وهي التي أدخلتها بتعقيدات بلانهاية وانسدادات متكرره لا يمكن حلها والتغلب عليها دون القضاء على رأس الأفعى ، ايران ، التي أدخلت منطقة الشرق الأوسط في سلسلة من الأحداث والمصائب كان المستفيد الوحيد فيها إسرائيل والولايات المتحدة .
النتيجة الثانية التي لا مفر منها وهي استحالة انتصار الثورة والقضاء على الطاغية دون سقوط الدولة السورية التي هي ليست في المحصلة سوى دولة مرتكزة بوجودها على المشروع الشيعي الكبير .
النتيجة الثالثة تنتج عما سبقها وهي أن تصفية بشار الأسد جسديا قد تقود إلى سقوط العائلة الحاكمة .لكن سقوط بشار لايعني بالضرورة انتصار للثورة . الثورة السورية لن تنتصر فعليا إلا بهزيمة المحور الشيعي وخروج ميليشيات حزب الله وايرن والعراق من سوريا .
سقوط المشروع الشيعي وخروج ايران مهزومة سيضع دون شك حدا للتطرف الديني في سوريا ولأحلام الجهاديين بإقامة دولة الخلافة الإسلامية . فالحركات الجهادية لم تأخذا دورا هاما على الساحة السورية إلاّ بعد مساندة الميليشيات الشيعية للجيش الأسدي .فبهزيمة ايران يزول حتما مبرر الوجود الجهادي في سوريا .
هل القوى المتصارعة طاتفيا ( الشيعة والسنة) اختطفت نهائيا ثورة الشعب السوري التي نادت بسقوط الطاغية وإقامة الدولة المدنية ؟ كثيرون يفكرون ذلك . بل ويعتقدون بأن الثورة كانت حلما جميلا تحول إلى كابوس بسبب تشابك وتعدد الأجندات الأجنبية التي لا يمكنها التوصل لحل وسطي و لتنازالات متبادلة إلا على حساب الدم السوري ومئات الألوف من الضحايا والقيم التي نادت بها القوى الشبابية .
تجارب الشعوب في هذا المجال أظهرت العكس تماما . فالثورة لا تموت طالما الأرض تدور . هناك طبعا أمور ما أن تتحقق يتحقق معها النصر: أي لا بد من قوة وطنية شعبية حره يمكنها تغيير قواعد اللعبة وتتحكم بمسيرة الثورة . الطائفية شيطان يشغلنا عن هموم الوطن وينأى بنا عن الشعور الوطني .
أخيرا، أية قوة على الساحة السورية لن تحظى با لشرعية الوطنية وبقبول الشارع الحر إذا لم تضع المشروع الديني الطائفي الإقصائي وراء ظهرها وتلتفت لبناء دولة جديدة مبنية على أسس انسانية وإسلامية خالدة كالحرية والمساواة والتآخي .
#محمد_الشمالي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟