أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - محمد الشمالي - رسالة مفتوحة من سوري إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند















المزيد.....

رسالة مفتوحة من سوري إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند


محمد الشمالي

الحوار المتمدن-العدد: 4254 - 2013 / 10 / 23 - 20:27
المحور: حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
    



أنتم تعرفون بدون أدنى شك المستوى المأساوي الذي تدنت له اليوم حالة الشعب السوري الضحية . الحقيقة المشهد السياسي والإنساني ‏والمعيشي في سوريا الجريحة والراكعة أصبح أكثر تعقيدا وأكثر سديمية وأكثر جنائزية من أي وقت مضى من عمر الثورة السورية ‏المهددة الآن بالسقوط على عتبة تاريخ لم ينصف حتى اليوم شعبا ضحي بحياته وبدمه وبماله من أجل استرداد كرامة هدرتها ظلما ‏طغمة حاكمة، لئيمة، حاقدة خائنة لله وللوطن ولكل القيم السماوية والعلمانية .‏

لا أريد أن أقول كم كان ومازال الشباب السوري المتطلع للحرية متأثرا بتراث الثورة الفرنسية وبفكرها وبشعاراتها : وبالفعل لقد ‏تفجرت الثورة وفجرت معها كل ينابيع الثقافة العلمانية التي غرفت احتياطها الإنساني في فترة الإنتداب الفرنسي على سوريا وطفت ‏على سطح الخطاب السياسي والإعلامي والفكري للثورة السورية كل رموز الثورة الفرنسية وعصر الأنوار : العقد الإجتماعي ، ‏وروح القانون ، والموسوعة ، وحتى لوحة دولاكروا : الحرية تقود الشعب ...أخذت مكانها على صفحات الفيسبوك ، باختصار ، كان ‏الحلم السوري كبير ولكنه ارتطم بالتدريج بقوة شيطانية وبنظام مستبد أقوى منه .‏

متى كان العالم المتحضر عاجز عن وضع حد لمأساة كالتي يعيش تفاصيلها اليومية شعب كالشعب السوري منذ أكثر من ثلاثين ‏شهرا ؟ أنتم تعرفون بدون أدني شك أن الإنسانية زودت المجتمع الدولي ،خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ، برصيد قانوني غني ‏بمادته دقيق في صلاحياته و رادع لكل طاغية يعتقد بأنه يملك حق الحياة والموت على الشعوب . ولكن ما قيمة هذا الصرح الكبير إذا ‏لم ترافقه إرادة دولية حرة تتطلع لنشر العدالة بأي ثمن وبكل الوسائل المتاحة لها ؟ محكمة نيرامبيرغ * ومحاكم كثيرة أخرى تلتها ‏ومؤتمرات و ورشات عمل قانونية ساهمت ببناء ركائز أخلاقية هدفها إجبار الإنسان على احترام الإنسان وقيمه ومعاقبة كل من ‏يعمل على هدر كرامتة واستعباده وقتله وإذلاله . وكما هو معروف ، فالجريمة من وجهة نظر القانون الدولي لا تعتبر فقط جريمة ‏ضد إنسان بعينه وإنما أيضا جريمة ضد الإنسانية . انطلاقا من هذا المبدء الإنساني الشامخ فقد تم ملاحقة الألوف من المجرمين ‏النازيين في أعقاب الحرب العالمية الثانية . أليس تطبيقا لهذا المبدء تم العام الماضي توقيف المجرم النازي لاسلو ساتاري* ( في ‏هنغاريا ) الذي يبلغ من العمر 98 سنة وذلك بتهمة المشاركة بجرائم تهجير وتصفية من 12000 إلى 15700 يهودي بين 1941 ‏و1944 . مات هذا المتهم الطاعن في السن منذ عدة أسابيع وقبل أن تتمكن العدالة أخذ حقها منه مما أحدث شيئا من المرارة وبالإحباط ‏في الأوساط الإنسانية اليهودية...‏
‏ والذي أريد قوله ، إذا كان واقع إفلات مجرم عجوز من يد العدالة لجريمة اقترفها منذ أكثر من 70 عاما بسبب ‏موته سبب الكثير من الحزن والألم لعدم تمكنهم من سماع كلمة اعتذار وأسف تنم عن تأنيب الضمير لما اقترفت يداه، فما بالكم بكمية ‏الألم عند الأمهات السوريات اللواتي شاهدن أطفالهن تذبح كالخراف عندما يعلمنَّ بأن قاتل أطفالهن فلت من العقاب تحت أي عذر كان ‏وأنه مازال حي يررزق ويتلقى كل علامات الإحترام وكأنه لم يقتل إلاّ نملة ! ‏
هل هناك، يا سيادة الرئيس ، فعلا خصوصية ما تجعل من ديكتاتورقاتل كبشار الأسد شخصا يسمو على القانون والعرف الدوليين ‏وتجيز له بالنتيجة ذبح وتهجير وتجويع وتسميم شعب ، ليس أي شعب ، إنه شعبه الذي يعيش تحت سلطته وعلى أرضه ، نساء وأطفالا ‏وشيوخا وحتى المعاقين ؟ هل الجريمة الأسدية ليست جريمة ومستثناة من الملاحقة القانونية الدولية ؟ وهل الأسد إله كي يضع شعبا ‏كاملا على حافة الهاوية دون مساءلة ؟ ‏
ومما يزيد الطين بلة هو أن الجرائم التي اقترفها ويقترفها النظام السوري الطائفي بحق السوريين لا يمكن تجاهلها ‏ولا نسيانها وهي ليست في الذاكرة كالجرائم النازية ولكنها تتدخل في حياة الإنسان اليومية تصعق المشاهد ترعبه وتترك آثارا سلبية ‏علية لا يمكن مداواتها افريقيا كان هذا المشاهد أم آسيويا أم امريكيا أم أوروبيا .إنها جرائم إبادة ، لون الدم فيها مازال يسيل أحمرا ‏قانيا ساخنا .جرائم تستهدف طائفة من البشر مثل الجرائم التي طالت الشعب اليهودي على أيدي النازية . وهي فوق كل ذلك موثقة ‏ومصورة ومسربة عن قصد من قبل الذين يقترفونها أنفسهم وذلك بهدف إذلال وترويع هذه الفئة لإجبارها على الهروب خارج سوريا ‏بقصد التطهير الطائفي أمام أعين المجتمع الدولي و المدني وكل مؤسساته الإنسانية والحقوقية. فهي قبل كل شىء تحد واضح ‏وصريح واستهتار مختل نفسيا بكل القوانين الدولية وبكل القيم الإنسانية .‏
ومن ثم، الجرائم التي اقترفها ومازال يقترفها الأسد وجهازه الأمني المنفلت من القيود الأخلاقية الأساسية هي ‏بامتياز جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وجرائم ضد السلم العالمي . تهجير السكان والمذابح الجماعية واستعمال السلاح الكيميائي ‏واعتقال مئات الألوف من المدنيين والتصفيات الجسدية... والتهديد الذي صرح به الأسد شخصيا عبر الصحف المحلية والعالمية ‏بمحي أوروبا عن الخارطة... وملاحقة السوريين المهجرين وقتلهم في العمق اللبناني وتهديده باشعال المنطقة والعالم بحرب مزلزلة ‏‏ ...أليس هذا يدعو للتساؤل أن ما يدور في ذهن رئيس سوريا هو أخطر بكثير مما كان يدور في خيال أدولف هيتلرنفسه؟ خاصة وأن ‏الإنسانية قطعت شوطا كبيرا في مضمار العمل على احترام حقوق الإنسان بعد كل تحملّه العالم من مصائب على يد النازية ؟ وهل ‏عند المجموعة الدولية أدنى شك بعد كل ما حصل للشعب السوري أن دمشق ليست أكثر من مسمكة لتربية الإرهابيين والقتلة ‏والمجرمين الذين على أضعف تقدير سيبحثون (عندما تنتهي مهمتهم في سوريا ) عن مرتع جديد لإجرامهم ضد بلدان الجوار ؟ ‏
أخيرا، من هو الشخص الذي يمكنه أن يجد تبريرا لجرائم الأسد أو أي سبب مخفف لها إذا لم يكن مجنونا أو ‏ميكيافلي في فلسفته؟ أي توصيف يمكننا إعطائه لهذه الجرائم سوى أنها عنصرية ومنافية لكل القيم والأخلاق والقوانين الإنسانية .إنها ‏تطهير ديني ضد فئة من الشعب السوري ، ضد الطائفة السنية ، مقدساتها أطفالها ،شيوخها ونسائها . هدفها استئصال هذه الفئة كليا ‏أوجزئيا وإخضاع ما سيبقى منها لهيمنة الطائفة العلوية التي اتخذها الأسد المجرم رهينة لتحقيق مخططه المجنون الذي يريد أن يجعل ‏من سوريا مملكة عنصرية علوية له و لأحفاده من بعده . الجنون الأسدي ليس حالة معزولة ، تدمير مدينة حماه السنية بكاملها في ‏‏1982 من قبل الأسد الأب يعطينا إشارة قوية في هذا الإطار. إنه استنساخ للفكر النازي بكل عنصريتة وإجرامة .‏
هيهات أن أفكر بإقناعكم، يا سيادة الريئس . تابع السوريون تصريحاتكم القوية وخاصة بعد مجزرة الغوطة الكيميائية في 21 آب ‏وعرفوا بأن فرنسا هي الشعرة التي ستقصم ظهر البعير. ولكن أسمح لنفسي أن أتساءل معكم :هل الأسد مختل عقليا كي يقترف كل هذه ‏الجرائم دون أن يفكر بالعواقب القانونية التي تقع على عاتقه كرئيس للجمهورية وقائد للجيش أم أن بحوزته كل الضمانات التي تعطيه ‏شكا على بياض و تجعله يطمئن بأنه بمأمن من أية مساءلة دولية أو محلية بجرائم القتل الجماعي واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا ؟ ‏
‏ أعتقد بأن الأسد تعلم درسا من تجربة والده بأن المنتصر في الحرب هو سيد القانون . لقد حكم حافظ الأسد على ‏الإخوان المسلمين بالإعدام علما أنه هو الذي دمر مدينة حماه بكاملها فوق رؤوس أهلها لتصل حصيلة القتلى إلى أكثر من 30000 من ‏المدنيين . لقد حاكمت أمريكا بشكل غير مباشر الرئيس العراقي السابق بتهمة جرائم حرب علما أن أمريكا هي الغازية وأنها هي التي ‏خرقت القانون الدولي عندما دمرت دولة ذات سيادة و قتلت وشردت الملايين من شعب العراق تحت حجة السلاح الكيميائي .‏
إذا كان الأسد ينطلق من هذا الجدل والمنطق في تصوره لتطور القضية السورية فإن الشعب السوري مازال حتما ‏في بداية نفق الموت المحتم ،وذلك الأسد لن يتراجع عن أي وسيلة مهما كانت درجة إجرامها بشرط أن ينتصر في حربه ‏ضد ما يسميه " الإرهاب " كي لا يفلت فقط من قبضة القانون الدولي أو الداخلي ولكن، أيضا ، كي يحاكم المهزومين أمامه ‏من معارضين وقادة عسكريين وكي يتوسع فيما بعد بمملكته العلوية كما يشاء ... من سيجرأ عندئذ على إحداث محاكم دولية ‏لمحاكمة الأسد ونظامه بتهمة القيام بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ضد الشعب السوري ؟ ومن المحتمل في مثل ‏هذه الحالة أن يقوم الأسد نفسه ( لاسمح الله) بتقديم هؤلاء الذين يحاربون إجرامه اليوم للمحاكم بتهم من هو اقترفها ‏وهندسها . ‏
الأسد يختبىء وراء قشة .وهذه القشة ليست سوى كتائب القاعدة والفصائل الإسلامية التي أدخلها النظام نفسه إلى ‏سوريا ليجعل منها مبررا للقضاء على الثورة السورية الحرة التي رفعت منذ اليوم الأول للإنتفاضة شعار الديمقراطية و ‏الدولة المدنية والتعددية الحزبية . إذا كانت هذه الحقيقة واضحة وضوح الشمس لماذا إذا هذا التخاذل من قبل العالم ؟ ما ‏هو الشيء الذي يمنع الولايات المتحدة وأوروبا ، أصدقاء الثورة السورية ، من إصدار تصريحا تدين به رسميا جرائم الأسد ‏وتطالب بتسليمه هو وجهازه العسكري القيادي والتنفيذي المدني إلى محكمة داخلية أو دولية بتهمة تهديد السلم العالمي ‏والإبادة الجماعية وبجرائم حرب. ألم يفعل الحلفاء هكذا عندما قام هتلر بإبادة اليهود في ألمانيا .ألم يصدروا تصريحا ‏رسميا ( اوكتوبر 1943 ) سمي بإعلان موسكو ووقع عليه كل من روزفلت وتشرشل وستالين والذي ينص على معاقبة ‏مجرمي الحرب النازيين أمام محكمة دولية عسكرية في البلدان التي ارتكبت فيها جرائمهم ...؟ ‏
‏ ألم يكن بمقدور فرنسا،يا سيادة الرئيس ، فرنسا التي أعلنت وقوفها منذ البداية مع الثورة السورية، القيام بخطوة مماثلة وتعلنون ‏سيادتكم رسميا الإعلان عن معاقبة الأسد وقادة أجهزته القمعية فور انتهاء الحرب أمام محكمة دولية والدعوة لتوقيع هذا ‏الإعلان من قبل كل من أوباما والأوروبيين وجامعة الدول العربية وهيئية الأمم ومنظمات حقوق الإنسان والفاتيكان و ‏الكريف ( المجلس الأعلى للمؤسسات اليهودية في فرنسا) و منظمة المؤتمر الإسلامي...؟ ‏
أمام لامبالاة العالم واكتفائه بدور المتفرج أو المواسي أو المحسن ، يصبح الخوف كل الخوف أن أمريكا وروسيا ‏تكونا بصدد إعداد أسدا منتصرا بكل المقاييس وأن لا يكون مؤتمر جنيف بالنسبة لهم سوى كذبة أو مهزلة أو وقتا ميتا مثل ‏مهزلة لجان الجامعة العربية أو مهمة المبعوثين الخاصين للأمم المتحدة أنان و الإبراهيمي ... التي استغلها النظام الأسدي ‏في كل مرة لتنفيذ المجازر الجماعية بحق السوريين .‏



#محمد_الشمالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنيف ، الكذبة الكبرى
- المعارضة السورية مريضة بداء البعث
- الثورة السورية وطائفة السنسماعيليين
- بيان صادر عن التكتل الوطني الثوري مجزرة القبو
- البيان التأسيسي للتكتل الوطني الثوري
- التدخل الأمريكي : أهدافه وتداعياته
- من درعا إلى الغوطة : جريمة ضد سوري
- عندما تصبح الطائفة تهمة


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي ... / أحمد سليمان
- ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة ... / أحمد سليمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير - محمد الشمالي - رسالة مفتوحة من سوري إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند