أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر - موت عبد الله














المزيد.....

موت عبد الله


غازي صابر

الحوار المتمدن-العدد: 5813 - 2018 / 3 / 12 - 00:30
المحور: الادب والفن
    


موت عبد الله
لاعدالة في الحياة الإنسان هو الذي يقرر مصيره فيها ومن خلال إختياراته .
كان نحيفاً مثل خيط اللوبيا وأسمر كأنه ماركة ودعاية للون الباذنجان .
لم يكن طويلاً ولاقصيراً هو أبن السابعة عشرمن سنيي عمره لم يوفق في المدرسة وتعثر وأي تعثر بين المدرسة وكرهه لها وبين ضغط الأب بمواصلة المدرسة وتحت ضل الفقر والحرمان القاتل .
كان جل وقته يمضيه مع أصدقاء السوء والهرب من المدرسة ومن الأهل والى الشارع وما فيه من موبقات وخراب للعقل وللبصيرة ، مل حياته البائسة حيث ينتظر أخيه الكبير حتى يعود من المدرسة من الدوام الصباحي لكي يستعير قميصه أو سترته أو حذائه ويذهب لمدرسته بعد الظهر وكان يشعروكأنه يجبر على لبس كفنه ويذهب للمقبرة بقدميه ..
يوم ولادته حسد كل الأقرباء والأصدقاء أبويه لجماله أسمر بلون الضل ومنير بعينيه بلون الشمس وينساب في تمطيه في القماط وكأنه نشوان بسحر بساتين العراق وما تحتها من أشجار للتفاح والرمان والبرتقال .
وعلى الرغم من فقر والده الا أنه حاول توفير كل ما تحتاجه عائلته الصغيرة من مأكل ومشرب ولكي يواصل أولاده الدراسة والنجاح ويحققون ما عجز عن تحقيقه في الحياة لكن عبدالله كان مثل البطة الراكدة لاينفع معها أي وخز وعتاب على التحرك والطيران في السماء كما هي الطيور المحلقة .
أمن والده بحياته وكان يعمل بمشقة بعد زواجه وإنجاب ثلاثة أولاد وخاب أمله في الكبير وبعبد الله لكنه نجح مع الصغير حتى أوصله للطب مع تمتعه بحياته مع زوجته .
كان يعود الى بيته بعد الظهر وفي الليل يتناول خمرته ثلاث مرات في الأسبوع وهو سعيداً مع زوجته والتي تحضر له مزته وتسامره حتى ينتشي ويذهبان للفراش بعد أن يسأل أولاده وما فعلوه في المدرسة وفي المنطقة ولن يرد أي طلب لأولاده في المدرسة وفي الحياة لكنه كان يشعر بالألم وبالخيبة من غباء ولده البكر والذي ترك المدرسة لأنه فضل الموت على المواصلة فيها وكأنها عالم لايفهمه والأخر عبد الله والذي يتهرب منها بين العجز عن فهمها وبين التعالي عليها وما فيها وفضل عليها صداقة أولاد المحلة والذين يشاطرونه التمرد والعمل على تحقيق الرغبات بأي ثمن .
كان عبد الله يخرج من البيت صوب المدرسة ويلتقي بأصدقاء السوء وهم يتنافسون في الحقد على المدرسة وينقسمان لقسمين قسم يفضل العمل وكسب المال وفي أي مجال وقسم أخر يفضل متابعة الفتيات وتعاطي الخمور والسكائر ولأنهم فقراء ولايملكون المال فأنهم يبحثون عن أي مخدر لايكلف الكثير حبوب شم السكوتين خمر حتى ضعف جسدعبد الله وإسود وجهه.
كان صديقه الأقرب حسن والذي يوفر المال لكل شئ و يأخذه معه وهما يجلسان مع الفتيات اللواتي يغريهن بترك المدرسة أيضاً ويدغدغ عواطفهن بالحب والزواج مع أنه مطارد من الأهل ويسرق ما يقع تحت يديه من المال والذي تحتفظ به العائلة .
تعلق عبدالله بحسن لأنه باب المتعة والمرح والضياع بلا ثمن مقابل سوء علاقته بوالده حتى أنه تعود السهر مع صديقه حسن بحجة الدراسة معه وهذا ما كانت إمه تبرر غيابه لأبيه ولايعود للبيت الا عندما يخلد أبوه للفراش وكثيراً ما ينام بلا طعام .
هزل جسده وتهدمت خلايا عقله من شم السكوتين وبدأ يحتقر نفسه لأن صديقه حسن كثيراً ما يسخر منه أمام الفتيات ويعامله وكأنه عبداً له وكره العودة للبيت وتحمل لعنات وشتائم وحتى ضرب الأب له وهو يردد عليه دائماً :
ــ أنت حمار ولانفع يأتي منك .
وتعود عبد الله تعاطي المخدرات على يد صديقه حسن وتعود طاعته وسماع سخريته أمام صديقاته وكان الوقت نهاية شباط حيث البرد والمطر وهو بملابس بالية ضل يحتسي الخمرة والمخدر وعلى معدة فارغة حتى سقط في طريق عودته الى بيت أهله ولم يجد من يتمسك بأذياله لطلب النجدة وكأن الطبيعة تعاديه حيث المطر والرياح وهروب الناس الى بيوتهم .
وفي الصباح وقبل ذهاب الأب للعمل حملوا سكان المحلة جسد عبدالله المتخشب والمزرق والملقى وسط الطريق هدية إليه فأصابته الدهشة ولم ينطق بحرف وحدهما عيناه بقيتا تفيضان الدمع وشفتيه تتحركان غيضاً وحسرة والم .



#غازي_صابر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العصبية والإسلام
- حسون ختمه
- صورة
- النبي والديمقراطية
- أولاد النار
- الثأر في الإسلام
- بين النبي وسبينوزا
- النبي والعقل العاصي
- صراع العقارب
- الله والجزية
- وطن بين ذئاب وخراف
- الوداع
- ماعون إمي
- اللقاء
- الشؤم
- جاسم والحب
- الإجتثاث في الإسلام
- إيران وزمن الثورات
- البطالة وفساد العقول
- في القلب جمرة والقمع العربي


المزيد.....




- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر - موت عبد الله