أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات - ريما كتانة نزال - الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية والمرأة















المزيد.....



الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية والمرأة


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 1483 - 2006 / 3 / 8 - 11:32
المحور: ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات
    


مقدمة:
في الخامس والعشرين من كانون الثاني لعام 2006، توجه اكثر من مليون مواطن ومواطنه الى صناديق الاقتراع لاختيار مائه واثنان وثلاثون عضواً للمجلس التشريعي الثاني، في انعطافه تاريخية جديدة حملت معها رياح التغيير والتجديد الذين بدأ عملياً منذ اللحظة التي قررت فيها جميع القوى السياسية من مختلف والتيارات الفكرية والسياسية المشاركة في الانتخابات، ( باستثناء مقاطعة حركة الجهاد الاسلامي لاسباب شرعية سياسية) مغادرة لمواقفها التي برزت في الانتخابات الاولى عام 1996 والتي انتجت مقاطعة لقوى رئيسية للانتخابات، ودعت لمقاطعتها لاسباب سياسية تتعلق باتفاقية اوسلو وملاحقها التي على اساسها جرت الانتخابات.
وكنتيجة للانقسام السياسي الى مؤيدين ومعارضين للانفاقات ، انقسمت أيضا الحركة النسائية الفلسطينية على ذات النسق بسبب ارتباط الاطر النسائية الجماهيرية بالفصائل السياسية، فشاركت بعض الاطر النسائية في الانتخابات وقاطعتها أطر أخرى على صعيد الترشيح والانتخاب.
المشاركة النسائية في الانتخابات التشريعية الاولى اقتصرت على ترشيح ست وعشرون مرشحة ينتمين الى الاطر النسائية التابعة لحركة فتح وحزب الشعب الفلسطيني والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا" وجبهة التحرير العربية والمستقلات المؤيدات للاتفاقات، وقاطعتها الاطر النسوية التابعة للجبهتين الشعبية والديمقراطية والمستقلات المعارضات للانفاقات وكذلك قاطعتها نساء من التيار الاسلامي المؤيد لحركة حماس التي لم تكن قد اسست ادواتها النسوية بعد.
الانتخابات التشريعة الأولى في حياة الشعب، جرت معها الانتخابات الرئاسية الأولى على ذات الأسس، وفي سابقة هي الأولى في العالم العربي ترشحت المرحومة "سميحة خليل" رئيسة جمعية انعاش الأسرة في البيرة ورئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية- فرع الداخل مقابل الرئيس المرحوم ياسر عرفات رئيس دولة فلسطين في خطوة تعبر عن تمايز المرأة الفلسطينية في نظرتها لنفسها وثقتها بنفسها وإرادتها في المشاركة السياسية في أعلى المناصب السياسية الرفيعة على قدم المساواة ، وقد حصلت المرحومة "ام خليل" على 12% من الاصوات الانتخابية في الانتخابات الفلسطينية الاولى.

تحضيرات مبكرة للانتخابات التشريعية:
ما بين انتخابات عام 1996 وانتخابات عام 2006 جرت مياه كثيره تحت الجسور الفلسطينية، فقد جرت تطورات سياسية هامة اثر اندلاع الانتفاضة الثانية، والعدوان الاسرائيلي الشامل على الشعب الفلسطيني والإجراءات الاحتلالية القاسية المتمثلة بالحصار والجدار والحواجز ومنع التجول والخنق الاقتصادي وازمة البطالة وتدني مستويات الدخل، بالتجاور مع تطورات سياسية على الصعيد الدولي والاقليمي، جملة هذه العوامل قادت الى حراك اجتماعي وسياسي وبرزت جمعيات ومؤسسات جديدة، واضمحلت اخرى، وممن توسع نفوذها القوى الاسلامية مما وضعف نفوذ وقوة التيار الديمقراطي والمستقلين، وتماهت الفواصل والتمايزات بين الاداء السياسي للفصائل، وخضعت القواعد لتأثيرات وضغط السياسة الاقوى والثقافة السائدة في غياب عمليات التثقيف والتوعية النوعية والمنظمة ، مما أدى الى نشوء استقطابات سياسية حادة لصالح القوتين الرئيسيتين.
في ظل هذه المتغيرات اعلنت السلطة الفلسطينية في منتصف عام 2003عن عزمها تنظيم انتخابات عامة، وتم تشكيل لجنة الانتخابات جملة هذه التطورات قادت الى حراك اجتماعي وسياسي ، ساهمت في تغيير الخارطة التنظيمية والانحيازات السياسية، وتشكلت لجنة الانتخابات المركزية لاجراء التحضيرات اللازمة ، وبدأ النقاش حول قانون الانتخابات الذي ستجرى على اساسه الانتخابات في المجلس التشريعي الاول، كما انخرطت القوى والمؤسسات المجتمعية بنقاش القانون الانسب للمجتمع الفلسطيني وموقع الاحزاب الصغيرة فيه بما يعبر عن الالتزام بالتعددية السياسية والفكرية في المجتمع ، وكذلك موقع المرأة في القانون، وانخرطت الحركة النسائية ممثلة بأطرها ومؤسساتها والشخصيات المستقلة كذلك في نقاش وضع المرأة القانوني انطلاقاً من مستوى التطور الاجتماعي وموقف المجتمع من مشاركتها السياسية وموقعها في الاحزاب السياسية، وقد حددت مطالبها وأولوياتها وكذلك برامجها المساندة وآلياتها التي تمثلت بتشكيل لجان تطوير مشاركة المراة في الانتخابات، وانخرطت في عضوية الحملة الوطنية لتغيير قانون الانتخابات المشكلة من القوى الوطنية والديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني، التي حددت مطالبها يتبنى واقرار النظام الانتخابي المختلط وتخصيص مقاعد مضمونة للمرأة بواقع 20% من العدد الكلي لمقاعد المجلس ضمن النظام المعروف بالكوتا الانتخابية.
وتجسيداً لرؤيا المؤسسات النسوية فقد قامت بتنظيم حملة تثقيف ونقاش واسعة تولتها الاطر والمراكز والجمعيات النسوية ، حول موقع المرأة الفلسطينية ودورها في المجتمع، وأهمية مشاركتها في مراكز صنع القرار والسبل الكفيلة بايصالها للهيئة التشريعة الاولى، وشرح نظام الكوتا ووظيفتها واسباب تبنيها، كما وجهت جزءاً آخر من تحضيراتها الى تمكين المرشحات على الصعيد الاعلامي، وعلى صعيد تأهيلهن تدريبهن لكيفية ادارة حملاتهن الانتخابية وتقوية قدراتها القيادية والمعرفية وتدريب مديرات حملاتهن الانتخابية وتمليكهن تقنيات إدارة الحملات الانتخابية وقيادتها.
المرأة في قانون الانتخابات العامة:
لا شك ان البيئة التشريعية الفلسطينية باتجاهها العام نحت منحا ايجابياً نحو المساواة وعدم التمييز، فقد شكلت وثيقة الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988 اساساً دستورياً ومرجعية مهمة في احقاق حقوق المرأة ، كما ان القانون الاساسي الصادر عام 2002 والمعدل في العام 2003 قد أكد على التزامه بمبادئ المساواة على صعيد المشاركة في الحياة السياسية. لذلك فإن المناخ العام الذي ستشتق من روحه القوانين ويشكل مرجعية لها يفترض ان يدفع ايجاباً باتجاه نصوص قانونية منسجمة مع روحية المرجعيات الايجابية بمسارها العام، وهذا صائب من حيث الشكل وغير مختلف عليه، الا انه من الناحية العملية، رافق نقاش قانون الانتخابات العامة تعقيدات ومعاناة طويلة وتحديداً ما له علاقة بموقع المرأة في القانون من ناحية تبني آليات توصلها الى قبة البرلمان، وكذلك بطبيعة النظام الانتخابي الذي يضمن تظهير التعددية السياسية والاجتماعية للمجتمع الفلسطيني، لذلك فقد استغرق نقاش القانون ما يقارب الثلاث سنوات بسبب الخلافات العميقة التي ظهرت بين القوى والمؤسسات المجتمعية من جانب والمجلس التشريعي من جانب آخر.
لقد ساهم في تفعيل النقاش تحديد موعد الانتخابات وعلى الرغم من عدم الالتزام بأكثر من موعد محدد لاجرائها، الا انها شكلت عاملاً ضاغطاً على الجميع والتزاماً من السلطة التنفيذية بإجرائها وإصدار القانون الذي شكل عدم صدوره معيقاً وقف امام الاستحقاق الهام الذي لم يكن مواتياً لحزب السلطة على صعيد عدم قدرتها على تحقيق نتائج هامة تمكنها من استعادة السيطرة على القرار، في الوقت الذي أعلنت فيه جميع القوى عن عزمها المشاركة بما فيهم حركة المقاومة الإسلامية " حماس" المنافس الأقوى.
اهمية القانون بالنسبة للمرأة تتمثل في تلافي الثغرات الكبيرة في القانون رقم 13 لعام 1995 الذي جرت على اساسه الانتخابات الاولى والمتمثلة بتبني نظام الدوائر الذي يضيق فرص وصول المرأة بحجمها، وفي عدم تبنيه لنظام الكوتا في ظل المفاهيم الاجتماعية التي تؤمن بأفضلية وأهلية الرجال في العمل السياسي. وبعد سلسلة من عمليات التجاذب أقرت الكوتا في قانون الانتخابات المعدل رقم (10) لعام 2005 والذي تبنى النظام المختلط القائم على المزج مناصفة بين القائمة النسبية والدوائر وبواقع 66 مقعداً لكل منهما ، وقد احتسبت حصة المرأة من خلال القائمة وبواقع امرأة واحدة في الاسماء الثلاث الاولى من القوائم، وامرأة ثانية في الاسماء الاربعة الثانية، وثالثة في كل خمسة تلي ذلك في القوائم، اما بالنسبة لقوائم الدوائر الستة عشر، فلم ينص القانون على أي شكل من اشكال الحماية القانونية بسبب موقف التيار التقليدي في المجلس الممانع لنظام الكوتا، والذي رأى في الكوتا مساساً بمصالحة، لاعتباره بأن تخصيص مقاعد لصالح المرأة يقلل فرصه في النجاح في ضوء انخفاض شعبية المجلس التشريعي في المجتمع، ومن هنا يأتي تمرير الكوتا من خلال القوائم وكأن المجلس يريد ان تكون حصة المرأة من حصة الاحزاب والقوى التي تبنت مطالب المرأة.
قراءة في نتائج الانتخابات على صعيد المرأة
أولاً:على صعيد الدوائر الانتخابية
جرت الانتخابات في الدوائر حسب نظام الاغلبية والاقلية ، وقد ترشحت اربعة عشرة امرأة لتنافس على ست وستون مقعداً، تمثل نصف مقاعد المجلس التشريعي دون وجود " كوتا" انتخابية، ولكن الرياح لم تأت كما اشتهت المرشحات, فلم تظفرأي منهن بمقعد.
مرشحات الدوائر في الانتخابات يمثلن نسبة 3% من اجمالي المرشحين البالغ عددهم اربعمائة واربعة عشر مرشحاً، بينما بلغت نسبة المرشحات في عام 1996بواقع 4% من اجمالي المرشحين للمجلس السابق، مع ملاحظة الفارق الزمني بين المرحلتين الذي كان من المفترض أن يأتي مساهماً في ردم فجوات تمييزيه اجتماعية عديدة لصالح ان نرى أعداداً أوسع من المرشحات نتيجة لازدياد الوعي المجتمعي العام من جانب ، ولازدياد الوعي والخبرة والأعداد المرشحة للتقدم لخوض التجربة.
عدد المرشحات يشكو من الضمور وهو أقل من عدد الدوائرالانتخابية الكلي، فقد خلت ست دوائر من أي مرشحة، وفي ثمانية دوائر ترشحت سيدة واحدة فقط, وفي دائرة نابلس ترشحت اربع سيدات، وفي دير البلح ترشحت سيدتان، الضمورالواضح بكل المقاييس لا يمكن اعتباره سوى هروب وفزع نسائي من الترشيح في هذا الإطار بسبب التنافس الحاد بين القوى الرئيسية التي أغلقت قوائمها على كل العدد المخصص للدائرة, لذلك فقد زهدت النساء الراغبات بالترشح, وأحجمن عن حكمة في الترشح.
في قراءة ضمور عدد المرشحات ، وتوزعهن الجغرافي والسياسي الذي اقتصر على مرشحات من حركة فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب، يمكن فهمه ارتباطاً بمستوى التطور الفكري والاجتماعي والسياسي لدى القوى السياسية، ونظرتها المبدئية لمشاركة المرأة، وكذلك بمستوى نضوج ووعي المجتمع لأهمية مشاركة المرأة في المستويات السياسية. ويمكن ايضاً قراءته وترجمته بعدم وجود خطة منهجية لدى المؤسسات النسوية ذات أهداف لا تنحصر في النجاح والوصول فقط, بل تحضرها أهداف أخرى ذات علاقة بكسر النمطية الرمزية للترشيح، كما يمكن فهم الهروب من استحقاقات الترشيح انطلاقاً من الوضع الذاتي للحركة النسائية الذي تعتريه مظاهر الخمول وفقدان المبادرة والتخطيط, الذي لم ينجح ولم يترفع عن الذاتية ومظاهر الفئوية, وعند الحدث الجوهري لا ترتقي إلى مستواه, ولاتبالي بالمصلحة النسوية العامة، وتتجلى بعدم القدرة على التوحد على مرشحات محددات يمتلكن الفرص الأوسع للنجاح، والإجماع على الأقدر والافضل للتمثيل النسوي، وفي تحديد الأسباب الذاتية الكامنة في الحركة النسائية ومسؤوليتها عن استنكاف النساء عن الترشيح، يتمثل بسكون ادائها وشلل فاعليتها ، وشكلية وحدة أدائها وأزمة قيادتها، وغياب الديمقراطية الحقيقية عن علاقاتها، وعن اسباب توقف عملها الموحد عند حدود اقرار الكوتا، ولم تتبع هجوم الكوتا بحركة نشطة باتجاه تحديد مرشحاتها ودعمهن وتنظيم تحالفات قوية توفر فرص النجاح لهن والعمل على ترتيب حملاتهن الدعاوية، في صباح السادس والعشرين من كانون الثاني، لم يكن اسم مرشحة واحده ناجحه من بين اسماء الناجحين البالغ عددهم ست وستون مرشحاً. لقد حصد الناجحون من المرشحين على (2239242) صوتا، من اصل حوالي خمسة ملايين وستمائه الف صوتاً هي اجمالي عدد الاصوات التي حصل عليها المرشحون بما فيهم المرشحات اللواتي حصلن على (96659) صوتا، أي ان الناجحين قد وصلوا بأصوات 42% من الناخبين، بينما بلغت نسبة الاصوات المهدورة بما يعادل 58% من حجم الاصوات الكلية، مما يؤكد بأن قانون الاغلبية والاقلية المعتمد في الدوائر هو المسؤول عن عدم تحول هذا الكم الكبير من الاصوات الى مقاعد ، وعدم تمكن ارادة أغلبية الناخبين من المشاركة السياسية ولم تحفظ حقهم الديمقراطي في التمثيل في الهيئة التشريعية، لذلك فإن الموقف الذي تبناه الرئيس محمود عباس، والذي تبنته وطالبت به الحملة الوطنية لتغيير القانون المشكلة من القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني باعتماد القانون النسبي بشكل كامل، كان اكثر عدالة وملائمة للمجتمع الفلسطيني، ويخدم تظهير التعددية السياسية والفكرية المميزة للواقع الفلسطيني، ولكن المجلس الذي وضعت الكرة في ملعبه, اظهرت نقاشاته عقم موقفه بالتمسك بقانون الدوائر، لإعتقاد أعضائه بأنه القانون الذي جاء بهم إلى المجلس في عام 1996 لا شك بأنه سيعيدهم اليه، ليفاجأوا بأنه أعاد خمس اعضاء فقط من أصل (35) عضواً مرشحاً من المجلس السابق بما فيهم مرشحتين، ومن ضمن الاعضاء الناجحين العائدين إليه عضوان حصلا على دعم وتأييد الحركة الاسلامية, وهكذا ذهبت آمالهم التي عقدوها على القانون أدراج الرياح, لأن موقف المجتمع من عودتهم كانت هي الأساس.
.
في قراءة نتائج المرأة على صعيد الدوائرأيضا، لابد من تسجيل شجاعة المرشحات، وامتلاكهن لارادة استثنائية، فالطريق وان كان صعباً وشائكاً فإنه ينم عن وعي وتصميم غير خافيين على أحد، فلم تهرب المرشحات الى القوائم المتاحة التي وإن واجهت التحدي الاجمالي الذي تقع في دائرته القائمة، فإنها لم تواجهه بالمفرق كما جرى على صعيد مرشحات الدائرة، وعندما تصبح المرأة في المواجهة فإن القضية تكون اكثر تعقيداً وتركيباً، فالمرشحة ستكون تحت اختبار وفحص مجهري لكفاءتها وأهليتها للمنصب وتاريخها وشهادتها العلمية, بالاضافة الى التدقيق الشخصي والذاتي لشكلها ومظهرها ولباسها وغطاء رأسها ووضعها الاجتماعي بشكل لا يتعرض له المرشح، وتصبح القضايا الشكلية والمعايير المجتمعية السائدة والنظرة النمطية للمرأة ولأدوارها التقليدية هي الأساس والمقياس والمعيار والمتطلبات للمواصفات التي ينبغي أن تتحلى بها عضوة المجلس, وليست معايير الكفاءة والأهلية والتاريخ النضالي والسياسي والنزاهة والمصداقية.
على صعيد القوائم:
التزاما بقانون الانتخابات العامة، قامت جميع القوائم بترشيح النساء بقوائمها وفقاً للترتيب الملزم قانونياً، وقد ترشحت (72)امرأة من خلال القوائم الاحدى عشر التي لم يلجأ أصحابها إلى إغلاقها على الرقم الكلي المطلوب، التي كانت في حال إغلاقها على ست وستين مرشحا فإنها لا بد وأن تحتوي على مائة وثلاث واربعين مرشحة، لقد اتجهت ارادة المشرع عندما وضع النص القانوني إلى ان تصل نسبة النساء في القوائم الى 20% منها، كنوع من الاستجابة الى مطلب الحركة النسائية والحملة الوطنية لتغيير القانون، الا ان الاستجابة كانت ناقصة عندما قرر أن تشمل نصف عدد المقاعد، بينما كانت مطالب المرأة والحملة متركزة على الحصول على النسبة من اجمالي عدد المقاعد.
التزام القوائم الحزبية والائتلافية بترشيح المرأة كان التزاماً بالقانون اكثر منه التزاماً بالفكرة، لذلك فقد وجدنا ان معظم القوائم اعطت المرأة ترتيبها في القائمة في نهاية مربوط الفئة، بمعنى انها جاءت في الترتيب الثالث من المقاعد الثلاث الاولى، وفي الترتيب السابع في المقاعد الاربعة التالية، وفي الترتيب الثاني عشر في المقاعد الخمسة التالية وهكذا دواليك، والاستثناءات القليلة التي جرت كان بحكم قوة ورمزية بعض المرشحات اللواتي فاوضن مباشرة دون وصاية من اصحاب القوائم. لقد ميزت قائمة حركة فتح نفسها بهذا الخصوص عندما قامت بالخروج قليلاً عن النمط، عندما وضعت المراة في مواقع اضافية, ، وهو ما يفسر خروج ثماني عضوات ناجحات من أصل (28) مقعدا وبزيادة لعضويين اثنتين عما كان منتظرا، بينما خرجت ست عضوات ناجحات من قائمة حركة حماس التي استطاعت أن تحسم تسع وعشرون مقعداً من قائمتها.
التحدي الواقع على المرشحات في القوائم كان اقل ضغطاً منه من التحدي الذي وقع على مرشحات الدوائر، فقد كان باطاره العام تحديا عاما على القائمة بمكوناتها السياسية وقياداتها الاولى وبرنامجها وثقلها في الشارع، لذلك فنجاح المرشحات او خسارتهن كان عاماً بعيداً عن التخصيص، كما ان المرأة في القوائم لم تواجه تحديا مخصصا ولم توضع في دائرة الفحص والشك بقدراتها وكفاءتها، فقد اخفت القوائم القدرات الفردية للمرشحات، ولم تكن محط الانظار والفحص والتدقيق، فقد كان الاهتمام منصبا على عدد المقاعد التي ستحصلها القائمة من مراكز الاستطلاع والمراقبين والمجتمع، اكثر من الاهتمام بمكونات القائمة الفردية الا في الإطار العام.

ما تستطيع ان تحققه " الكوتا" وما لا تستطيعه
ليس من باب التسرع ولم يمض سوى بضعة أشهر على الانتخابات ان نضع الكوتا في ميزان الارباح والخسائر ان صح التعبير، ولكن حيز الجدل الذي نالته الكوتا خلال مناقشة قانوني الانتخابات المحلية والعامة، والمواقف بصددها سواء المؤيدة أوالمعارضة لها، والتي توجت بإقرارها يكسب مسألة تقييمها الاهمية والضرورة.
لقد اعتبرت الحركة النسائية اقرار الكوتا حجر الأساسي المشاركة السياسية للمرأة، والحلقة المركزية لتوجهاتها، ومن اجل ذلك صنعت اصطفافا واسعا التف حول الفكرة من القوى السياسية والمؤسسات الاهلية وعدد لا يستهان به من الشخصيات الاعتبارية واصحاب الرأي من كتاب وصحافيين واعلاميين، وقد بنت آمالاً على إقرارها وتبنيها لجهة ان تساعد " الكوتا" في ايصال حصة مضمونة من القيادات النسائية والاجتماعية الى مركز القرار التشريعي كحق لها تضمنه المواطنة كما حددها النظام الاساسي.
التقييم لا يستهدف صعود ستة نائبات من حركة المقاومة الاسلامية "حماس" الى المجلس التشريعي بواسطة الكوتا على الرغم من تحفظ الحركة واطارها النسائي عليها، ولا ينطلق كذلك من اعتبار ان المشكلة في الكوتا في تمكينها من انجاح عضوات حماس بينما لم يحالف الحظ قياديات عملن من اجل اقرارها. عضوات حماس في المجلس يشكلن 35% من التمثيل النسوي الكلي البالغ سبعة عشرة عضوة، وهن يمثلن 21% من حصة حماس القادمة من خلال النصف النسبي، هذه الحصة التي من المؤكد ان حماس سنأخذها كلها في كل الأحوال من الشارع سواء كانت قائمتها رجالاً او نساء، والأمر سيان في هذه الحالة بين الأعضاء والعضوات في كتلة حماس قياساً بعدم وجود برنامج نسوي لدى الحركة او إطارها النسوي، ولعدم وجود استقلالية بالرؤية الاجتماعية الخاصة بقضية المرأة؛ على العكس من الفصائل الاخرى التي تحمل عضواتها بشكل عام فكرا ورؤية نسوية وبرنامجا نسوياً مستقلا عن الحزب السياسي، تسعى لتحقيقه من خلال القوانين، ومن خلال مراقبة سياسات السلطة التنفيذية وبرامجها التنموية وادماج المرأة في الوزارات والسياسات، او من خلال سياساتها في التعيين والترقيات.
لقد استفاد الجميع من الكوتا، وكان من الطبيعي أن تستفيد الأحزاب من امكانيات الكوتا وأن توظفها سياسياً، و تحديدا لما اكتسبته من كونها ملزمة قانونيا تحت طائلة رفض القائمة. اذن فإن التقييم سينطلق مما انجزته " الكوتا" قياساً بالاهداف التي قصدتها الحركة النسائية ومؤيدوها، والتي قصدت اولا وصول مضمون للمرأة الى عضوية المجلس، والمساهمة ثانيا في إحداث التغيير في النظرة لوجود المرأة في مراكز صنع القرار و تطبيعه وهذا ما سأتعرض له أدناه:
أولاً: الكوتا كآلية للوصول
لقد نجحت سبع عشرة عضوة من خلال القوائم الاحدى عشر، يمثلن 13% من عدد اعضاء المجلس التشريعي، بينما لم تنجح اربع عشرة مرشحة من خلال الدوائر العشر التي ترشحت من خلالها، ومتنعت عن الترشح في ست دوائر انتخابية لحسابات تتعلق بفرص الفوز التي كان معروفا مسبقا لدى الراغبات بالترشح بانعدام الفرص أمامها وعليه قامت بالهروب منها الى القوائم، او الى الزهد بفكرة الترشيح من اصلها ووضعها جانبا، لذلك فالكوتا من خلال القوائم كانت مفصلية في حسم وصول المرشحات، ولكن السؤال الذي يبرز ألم تكن الكوتا من خلال الفصيل السياسي اكثر سهولة وعدالة، وألم يكن ممكنا وعندما تعذر إقرار الكوتا في الدوائر وهذا بيت القصيد، بأن تبادر الحركة النسائية إلى سحب مطالبها ومطالبة الأحزاب للتوجه إلى إقرار كوتا نسائية في قوائمها ولا سيما أنها تؤيد الاجراء وتدفع به وتحديدا لأن القانون الذي تكرم به التشريعي ذهب الى التبرع بها من حصة الاحزاب، معفيا الدوائر منها لأنها كما توهم تتعارض مع مصالحه! ألم يكن استبدالها من خلال تثبيتها من الفصائل السياسية سيساهم في جعلها أكثر عدالة وإسهاما في تظهير الفرز ما بين الفصائل المؤيدة فعلا برؤيا مبدأية وبين الفصائل التي ألزمت بالقانون ولا تمللك تللك الرؤيا؟؟ وبأن الكوتا من خلال الاحزاب تستطيع أن تضمنها عضوات الفصيل السياسي بقوة حضورهن في مستويات الحزب القيادية والقاعدية بحجمها الحقيقي وترتيبها العادل؟ لابد ان هذا كان ممكنا، بل انه سيسهم في تقييم المواقف العملية للفصائل من المرأة والتمايز الفكري فيما بينها وواقعية التزامها بالعمل والممارسة وليس بالاقوال او بالالزام القانوني القسري الذي موه على التمايز، وساوى بين الجميع في النظره الى المرأة وموقعها ودورها.
ثانياً: مساهمة الكوتا في تغيير المفاهيم
ساهم طرح الكوتا في القانون في إذكاء الجدل حول واقع المرأة والادوار المناطة بها، وسلط الاضواء على مشاركتها في مراكز صنع القرار والمعوقات التي تواجهها، ووفرت حالة المد والجزر في نقاش قانون الانتخابات بالمجلس التشريعي بخصوص النصوص المتعلقة بالمرأة .
لقد وفرت الكوتا مناخاً للنقاش ولوضع الخلافات حول حقوق المرأة في دائرة النقاش والضوء، واستخدمت كوسيلة ومناسبة للتثقيف القاعدى ولتحشيد الرأي العام بالضغط لتلبية المطلب، ولكن لم يكن للكوتا ان توفر وتحقق نتائج أكثر على صعيد تغيير المفاهيم النمطية ازاء المرأة، بمعزل عن استراتيجية عامة للنهوض بواقع المرأة في كافة المجالات وبسياسات عامة متكاملة ذات أبعاد مختلفة مخطط لها، أبعاد ذات علاقة بالمناهج الدراسية، وسياسة إعلامية وتنموية واقتصادية وتشريعية متقدمة، سياسات اجتماعية تنطلق من ان قضية المرأة هي بالأساس قضية حقوق ديمقراطية لنصف المجتمع، عند ذلك يتحقق التغيير المفاهيمي، بالترافق مع تبني الكوتا كأحد الاليات في خدمة الخطط والسياسات الاجتماعية. الكوتا لم تأت كنتيجة للتطور الاقتصادي والاجتماعي الشامل، بل أتت بتدخل قيادي تحت ضغط سياسي بمعزل عن تطور المجتمع، ويمكن تشبيهه بالأثر الذي تحدثه طناجر البخار لإنضاج الطعام بتوفير شروط غير طبيعية لإنضاجه على عجل.

الاستخلاصات
* إن الهزة السياسية الذي احدثها فوز حركة حماس وبما مكنها من السيطرة على القرار الفلسطيني ، سيتبعه هزات ارتدادية على الصعيد الديمقراطي والاجتماعي، ربما من غير المتوقع أن تكون قريبة الا انها قادمة ومؤشراتها مرئية بالطريقة التي اتبعتها الحركة في التعامل مع البرلمان الفلسطيني الصوري في عام 1998، وفي الطريقة التحريضية للشارع لدى القراءة الاولى لمشروع قانون العقوبات، مما يستلزم التهيئة دون هواجس او مبالغة للحفاظ على مكتسبات المرأة التي حققتها عبر نضالها الطويل ومشاركتها بأعباء النضال الوطني والديمقراطي، وكذلك للعمل مع كل المعنيين من أجل الحفاظ علىالحريات العامة وعلى الحقوق الشخصية كما ضمنها النظام الأساسي على الرغم من صدور بعض التطمينات حولها.
* عدم نجاح المرأة من خلال الدوائر يشير بقوة الى عدم تقبل المجتمع للمرأة في مراكز صنع القرار لدى تنافسها مع الرجل ومقارنتها به ضمن معايير غير موضوعية ، مما كان أجدى بالقانون ان يخصص الكوتا من خلال الدوائر حيث تواجه المرأة مباشرة العقلية والنظرة التقليدية، في مساحة تكون المرأة في تنافس مع المرأة وضمن معايير وبشروط أكثر عدالة وموضوعية.
* النتائج اشارت الى ان قانون التمثيل النسبي اكثر عدالة وملائمة للواقع الفلسطيني، وقد عبر تبني القانون المختلط عن مرحلة وخطوة على الطريق لها سياقها المتعلق بحالة المجلس التشريعي السابق، الذي امتلك صلاحية اصدار القانون على الرغم من فقدانه لصفته التمثيلية ، لذا فإن الامور يجب ان تتجه الى اعتماد النظام النسبي الكامل، الذي ينشط الحياة السياسية ويقضي على العشائرية ويكرس الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة كنهج فلسطيني اصيل، وفي حال تبني النظام النسبي الكامل يصبح الاستغناء عن الكوتا سواء للمرأة او للأقليات ممكنا، على اعتبار ان الاحزاب ستوليها الاهمية من واقع مكونات قوائمها وبرامجها ،ويمكن المجتمع من الاطلاع على الالتزام الفكري للاحزاب بالقطاعات والفئات المختلفة بعيدا عن الالزام القانوني.
* بات من الأهمية بمكان ان تدرس وتقيم طبيعة البرامج التوعوية الموجهة للقاعدة النسائية، ومدى قدرتها على الوصول للقاعدة ومدى ملاءمتها وكفايتها قياسا بالظروف السياسية العامة وبالثقافة السائدة، والبحث والتدقيق بشمولها لقطاعات متجددة من المجتمع، والبحث في مدى فائدة البرامج المرتبطة بمشاريع مؤقتة وموسمية، وان يبحث بعمق وشفافية وجرأة عن طبيعة المعوقات التي تواجهها البرامج في طريق انتشارها قاعديا والعوامل الكابحة لها، وفي اطار التقييم الشامل والموضوعي الصريح ينبغي وضع الاستراتيجيات والخطط المستقبلية الكفيلة بإجراء التغيير الذي يتسم بالثبات والتطور والبناء عليه



#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اصطياد الجياد في نابلس
- تخوفات مشروعةعلى مكتسبات المرأة الفلسطينية
- لننتخب مرشحات الدوائر للمجلس التشريعي الفلسطيني لشجاعتهن
- لماذا هربت المرأة الفلسطينية من الترشح من خلال الدوائر للمجل ...
- المرأة الفلسطينية في الانتخابات المحلية بين قانونين
- في الطريق الى انتخاب بلدية نابلس الفلسطينية
- انعكاس أزمة اليسار الفلسطيني على الأطر النسائية الديمقراطية ...
- انتخابات المجالس المحلية في المحلة الثالثة والمرأة
- قراءة ثانية لمسودة قانون حقوق أسر الشهداء
- المرأة الفلسطينية في قانون الإنتخابات العامة
- الذكرى التاسعة عشرة لخالد نزال
- عنف سياسي ضد المرشحات
- المرأة على أبواب المرحلة الثانية لانتخابات الهيئات المحلية
- قتل على خلفية الشرف أم سفاح القربى ؟؟!
- قراءة نسوية لنتائج الانتخابات المحلية
- ليس بشطب -كوتا- المرأة تورد الإبل يا تشريعي
- تصحري يزداد اتساعا
- ملاحظات على مسودة قانون صندوق الشهداء
- اشكاليات صورة المرأة الفلسطينية في الاعلام انعكاس لاشكالية ث ...
- الكوتا لا تمس جوهر المساواة ولا تظلم الرجال


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- من اجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا : الجزء الثاني / محمد الحنفي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات - ريما كتانة نزال - الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية والمرأة