|
كن نقي النفس ، أو الجم لسانك .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5621 - 2017 / 8 / 26 - 14:16
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
امرأةٌ زانيةٌ أرادوا رجمها . قال السيد المسيح : من كان منكم بلا خطيئةٍ فليرجمها بحجرٍ . خرج الخاطئون واحداً تلو الآخر حتى بقيت وحيدةً مع السيد . قال لها : أما آذاك أحدٌ ؟! قالت : لا يا سيد . فقال : و أنا لن أدينك . انطلقي بسلامٍ ، و لا تعيدي الخطيئة .
نقطةٌ مضيئةٌ في تاريخ البشرية ، و قيمةٌ رفيعةٌ يستدعي الوقوف معها . على اعتبار أن كشف المستور يغير مجرى حياة المرتكب حسب تعاطي المجتمع مع قضيته ، و تحديد نوع العقوبة .
( العدل و الظلم ، الحسن و القبيح ، الفضيلة و الرذيلة ..... ) ثنائياتٌ متعاكسة ، و مفاهيم يراها مجتمعٌ ما فضيحةً ، و يرها مجتمعٌ آخر أمراً بسيطاً . العدل في الشرق قد يكون في الغرب ظلماً ، و الفضيلة في الغرب قد تكون في الشرق رذيلةً ..... و على المقاس نفسه تهضم القيم ، و تبتلع المبادئ ، و تسن القوانين .
دولٌ تتغذى على أفكار القرون الوسطى ، و تمارس أشد أنواع القهر الصارم ضد مواطنيها ، بصياغة قوانين إجراميةٍ دمويةٍ ، مع أنها لا تتكلم إلا بالديموقراطية أو الاجترار بحقوق الإنسان . و الأنكى أنها تفتخر بالقتل ، و ترفع هاماتها في الأعالي تمجيداً بلطخ أياديها بالدماء على غير وجه حقٍ .
و أخرى تهتدي بما يفرضه العقل المستنير ، و على ضوئه الساطع تصاغ قوانينها . خارج سيطرة المبادئ المتعفنة التي تبكي العدل ، و تقهقر الذهن . إلا أن القانون قد يكون عادلاً في فترةٍ ، ثم يمسي ظالماً في فترةٍ أخرى . و ذلك حسب مقتضيات التطور . كما في المجتمعات المتحضرة التي أغلقت أبوابها أمام العقول المتكلسة ، و الأذهان العاقرة .
الفيلسوف سقراط تجرع السم امتثالاً لقوانين بلاده الظالمة . مع أنه كان واقفاً في صف العدل و الصدق و انفتاح الفكر ، ضد الكذب و الفساد و الإجرام . قوانين محتواها ما كان عادلاً ، و ما كان يستسقى من القيم الإبداعية . لكون أن الأقوياء و الحكام هم الذين صاغوها حسبما اقتضت مصالحهم .
فهذا إفلاطون تلميذ أرسطو يتحامل على تلك القوانين و واضعيها انتقاماً لمعلمه قائلاً : ( لو أردنا تغيير الحياة الأخلاقية للناس ، يجب البدء بإصلاح الدولة أولاً ...)
لكن دول الشرق التعيسة معظمها لا يعنيها الإصلاح ، و آخر همها التطور و التغيير الإيجابي . و حكوماتها لا تصلح إلا للطغيان ، و استخدام القوة المفرطة في وجه الحرية بغية هضم حقوق مواطنيها . من خلال محاكمها الجائرة فظاعةً و جوراً ، و مقصلة فناء النفوس الراقية .
أما القوانين التي تصاغ بما يخص الشرف فظالمةٌ دمويةٌ ، تحرض الناس على القتل و سفك الدماء . و لا تدين القاتل إلا بسجنه لمدةٍ قصيرةٍ . ففي بعض البلدان لا تتجاوز شهرين فقط . و قصر هذه المدة تشجيعٌ لجريمة قتل النفس البديلة لأساليب أخرى . و ناهيك عن أن القاتل نفسه ، أو الذين يسارعون في تداول الفضائح الجنسية هم أكثر المتورطين بارتكابها ، و تلويثاً لشرف الآخرين – إذا اعتبرنا أن الشرف محصور بين فخذي المرأة – و ما إقدامه على قتل الزاني إلا بقصد غسل العار عنه . كما هو دارجٌ في أكثر المجتمعات تخلفاً و جهلاً . علماً أنه يفعل الشيء نفسه ، و يسمح لنفسه أن يلحق العار بغيره – إن صح التعبير – لكنه يحرم على غيره أن يلحق به الشيء ذاته فليعاقب نفسه أولاً ، ثم يقدم على معاقبة غيره .
ما أريد القول هو : تسليط الضوء على قول السيد المسيح : من كان بلا خطيئةٍ فليرجم ... و ليجلد ...و ليقتل . .... و من كان بلا خطيئةٍ فليضع القوانين ، و ليمارس مهنة القضاء . و من لم يكن طاغياً فليتكلم عن الديموقراطية . و من لم يكن مستبداً فليتكلم عن حقوق الإنسان . و من يساوم على بيع الأوطان فلا يتكلم عن الوطنية . و من لم يكن عفيفاً فلا يتكلم عن الشرف . و من كان فاسداً سيئ السمعة لا يحق له قذف الآخرين و التشهير بسمعتهم . اصلح نفسك أولاً ، و أحسن أخلاقك و سيرتك قبل لسانك .
مجتمعٌ في الجهل غارقٌ ، و في عالم المتسلٍّط ذائبٌ . و لقيم النظام معتنقٌ . و باقتداء الحكام مولعٌ . العقل فيه أمام فتاوى خفافيش الظلام غائبٌ . و الخروج عن الرؤية التقليدية للمؤسسات الدينية و السياسية كفرٌ و خيانةٌ . و صدق من قال : ( إنما الناس على دين ملوكهم ، و إنهم بأمرائهم أشبه منهم بآبائهم ) .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التمييز بين الموت الظالم و العادل .
-
المشعوذ النشال .
-
هياطهم زوبعةٌ في فنجانٍ .
-
من ألاعيب القدر .
-
حياةٌ عبثيةٌ .
-
رنين الهاتف .
-
أفئدةٌ أعياها المنفى .
-
أعناقٌ إلى الانعتاق تشرئب .
-
الأطراف الكردستانية كلها أمام امتحانٍ عسيرٍ .
-
دعابةٌ خاتمتها مسكٌ .
-
لوحدي أواجه الأقدار .
-
امضوا في استفتائكم ، و اضربوا عليه بالطبول .
-
إطفاء نور العقل بالسوط .
-
الضمائر الميتة تستغل المرأة ، ثم عنها تتخلى .
-
أذيال رجال السلطة .
-
حنينٌ فيروزيٌّ جارفٌ .
-
الأماكن تستحوزها الأرواح الحميدة .
-
أردوغان يضع حجر أساس الدكتاتوية .
-
صداقةٌ في مهب الريح .
-
أرواحٌ تهدم ، فلا تعرف البناء .
المزيد.....
-
السويد- رجل وامرأة يحرقان نسخة من القرآن قبيل انطلاق -يوروفي
...
-
اغتصاب واتجار وتخدير.. قصة اصطياد عصابة -تيك توك- للأطفال في
...
-
استقبل الآن… أحدث تردد قنوات الاطفال 2024 على القمر الصناعي
...
-
الأونروا: الحرب على غزة هي حرب على النساء
-
“اجا الحلو يا لولو!!”.. تردد قناة وناسة 2024 WANASAH TV لمشا
...
-
الأونروا: الحرب على غزة تستهدف النساء بشكل أساسي
-
في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. ما هو حال الصحافيات/ين الفل
...
-
عام من الحرب في السودان.. عندما تنطق الأرقام ألمًا
-
حليمة بولند خلف القضبان بسبب رجل مهووس
-
“سجل الان” طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 202
...
المزيد.....
-
العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا
/ وسام جلاحج
-
المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما
...
/ محمد كريزم
-
العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا
...
/ فاطمة الفلاحي
-
نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟
/ مصطفى حقي
المزيد.....
|