أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قحطان محمد صالح الهيتي - أواعْدَكْ بالوَعَدْ واسْگيك يا كَمْونْ















المزيد.....

أواعْدَكْ بالوَعَدْ واسْگيك يا كَمْونْ


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 5584 - 2017 / 7 / 18 - 00:33
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لا تجعلــوني ككمـونٍ بمزرعــةٍ
إنْ فاتـه السَقيُ يُسقيه الذي خلَقـا
بل اجْعـلونــي كأرْزٍ تحتـه لجـَجٌ
يُمسي ويُصبحُ بين الماء مُغترقـا
-
اكتب اليوم عن هذا المثل لأنه يمثل حالنا جميعا مع من تولى أمرنا من الساسة والقادة والحكام، المركزيين منهم والمحليين، فالكلُّ في وعودهم سواء. وأتمنى ألا تملوا، وأن تُكملوا قراءة المنشور حتى نهايته ؛ لتعرفوا القصص والروايات التي ذُكرت عن هذا المثل.وارجوكم ألا تسكتوا عما يجري لنا من تسويف في أمور مهمة وخطيرة ومن أهمها الأمن والأمان.
-
فمع أنه مثلٌ شعبي يُردده أغلب العراقيين عند كل خيبة تصيبهم ممن يعَدهم وينكثُ بوعده، إلا أن فيه من العِبر الكثير على وفق ما ورد في رواياته، التي تمثلت حكاياتها بحكاية الأستاذ والتلميذ، والصراع بين الحكماء، ولمن الغلبة؟ هل هي للطب أم هي للحكمة؟ ومن الذي سينتصر بالنهاية الحاكم أم الحكيم؟
-
الكَمُّونُ: نباتٌ زراعيٌّ عُشبيٌّ حوليٌّ من الفصيلة الخيميَّة، ثِمارُهُ من التوابل، وتستعمل بذوره في تَعْطير الخبز والجُبْن، وأَصنافه كثيرة، ومنه الكمُّون الحلو المعروف بالآنسون، أو اليانسون الذي تُستخرجُ مِنْه مَشْروبات صِحِّيَّة نافعة، وهو مُنبّهٌ للمَعِدة يُزيل سُوء الهَضْم والمَغْص.
-
والكَمُّونُ من النباتات التي تحتاج إلى قليل من السقي، وكان الفلاحون يتجاوزنه عند سقيهم لمزروعاتهم، وتزعم الحكاية إن الكمون أحتج وأحتج، وطالب بالعدالة ومساواته بباقي المزروعات ويَعدوه الفلاحون خيرا. إلا أنهم كانوا ينكثون بالوعد دائما؛ فصار هذا المثل:(أواعدك بالوعد واسكيك يا كمون). وعن هذا قال الشاعر:
-
لا تجْعلـوني ككمـون ٍبمزرعـةٍ
إن فاتهَ السَقيُ أغنتُه المواعيدُ
-
ولمثلنا هذا أكثر من قصة ؛ فواحدة تذكر أن لقمان الحكيم كان طبيبا حاذقا ماهرا في زمانه يعالج الناس كافة فيشفيهم. وكان يعمل معه صبي شاطر يساعده ويسهر على خدمتهِ أسمه كمون. وحصل ذات يوم أن بعث الملك حاجبه يدعو الحكيم لقمان للقصر لمعالجة ولي عهده حيث دخلت حشرة متعددة الأرجل إلى مُخه.
-
فكرَّ الحكيم بأن يخرج الحشرة اللعينة بأكثر من طريقة دون جدوى والصبي كمون يتفرج وهو غاضب من أستاذه الحكيم لقمان وفي لحظة غضب صاحَ النار يا حمار. أنتبه الحكيم لقمان لصوت كمون وحمى ملقطاً وكوى رأس الحشرة فماتت فرفعها بالملقط بيسر وسهولة من مخ الأمير. ولكن لقمان عزّت عليه نفسه وشتيمة صبيه كمون فقال اسمع يا كمون من اليوم أما أنا الحكيم أو أنت وتراهنا أن يعطي أحدهم للآخر سماً يشربه فمن عاش فهو الحكيم، واتفقا أن يشرب السم أولا لقمان؛ فجهزَ كمون السم.
-
وقبل أن يشرب لقمان السم جهز سائلاً زيتياً لطلاء جهازه الهضمي وطلب من زوجتهِ وولده بعد أن يشرب السم عليهم أن يشَرطوا جسده تشريطاً خفيفاً ثم يطلوه بالعسل ويفتحوا عليه خلية نحل حيث قام النحل بامتصاص دم لقمان المسمم وتخلص من السم ونجا.
-
وجاء دور كمون في شرب السم الذي سيجهزه له أستاذه الحكيم لقمان. الذي أعطى أكثر من وعد لكمون بأن يسقيه السم وكمون ينتظر مصيره المحتوم خائفا لا يأكل ولا يشرب ولا ينام وانتهى الأسبوع الأول والحكيم لقمان يخبر كمون انهُ يحتاج أسبوعا آخرا لإعداد مادة سمية تستطيع أن تقتله وكمون ينتظر وقد هزل هزالاً شديداً ومرض، وهكذا بقي الحكيم لقمان يؤجل الموعد عدة مرات إلى أن مات كمون من الخوف والقلق قبل أن يشرب السم؛ فقال لقمان: "أواعدك بالوعد وأسقيك يا كمون" فذهبت مثلاً.
-
والقصة الثانية لا تختلف عن سابقتها من حيث بطلاها وهما لقمان وكمون ولكنها تختلف من حيث الرواية التي تقول: كانت هناك قرية صغيرة يعيش فيها لقمان الحكيم في طرف وفي الطرف الآخر منها يعيش حكيم آخر يدعى كمون، وفي يوم من الإيام ذهب كمون الى لقمان الحكيم وقال: اسمع لا يجوز أن يكون في القرية الواحدة حكيمان؛ فيجب على أحدنا أن يرحل ويبقى الأجدر؛ فرد عليه لقمان الحكيم وما الحل برأيك؟ فأجاب كمون سأتحداك أمام جمع من الناس وليصنع كل منًا سماً يسقيه للآخر فمن استطاع أن يعالج نفسه وينقذها فهو الحكيم الأجدر في البقاء في هذه القرية فوافق لقمان الحكيم على اقتراح كمون.
-
وفي يوم من الإيام وأمام جمع غفير من الناس صنع كمون سماً للقمان الحكيم ليسقيه إياه. حضر لقمان الحكيم الى الساحة بعدما أوصى زوجته بأن تحضر له الحليب المغلي والماء المغلي ففعلت زوجة لقمان الحكيم ما أمرها به زوجها فقام لقمان وأمام جمعٍ من الناس بشرب السم الذي أعده كمون وبعد ذلك سارع عائداً الى منزله وشرب الحليب المغلي وتقيأ السُّم وبعدها استحم بالماء المغلي ورجع لقمان الحكيم الى الساحة التي تجمهر بها الناس ليثبت لهم بأن سُّم كمون لم يتمكن منه، عندها قال لقمان لكمون أمام الناس سأصنع لك سًّماً لن تستطيع أن تنقذ نفسك منه ولكن أمهلني (40 يوماً) وهي مدة التحضير فوافق كمون. عندها قام لقمان الحكيم بشراء مطحنة يدوية كبيرة وذهب الى بيته وبدأ في كل يوم يدق بالمطحنة اليدوية حتى كان صوت رنينها يصل الى أسماع أهل القرية، وتملك الفضول كمون من صوت المطحنة الصادر من بيت لقمان وبدأ كل يوم يمر بجانب بيت لقمان فيسمع صوت المطحنة، وهنا أحس كمون بالقلق وما هو نوع السُّم الذي يصنعه له.
-
وبعد مرور (40 يوما) تجمهر الناس في الساحة ليشاهدوا مفعول السُّم الذي صنعه لقمان الحكيم، وعندما حضر كمون لتناول السم كان متعب هزيل البدن جاحظ العينين فتناول قدح السم من يدي لقمان وعند أول رشفة توفي في الحال عند ذلك تعجب الناس من قوة السُّم وتساءلوا عن سرعة مفعوله فأجابهم، أنا لم أضع سماً وان الذي شربه هو مجرد ماء لكن الذي أماته هو الانتظار والخوف والقلق الذي عاشه خلال (40يوماً).
-
والقصة الثالثة تقول: إن الطبيب كمون جادل لقمان الحكيم مؤكداً أن الطب أفضل من الحكمة، ووصلت المنافسة بينهما إلى أن تحدى الطبيب (كمون) لقمان الحكيم على أنه سيعطيه شراباً خطيراً قد يؤدي إلى موته، وإذا كان للحكمة خير فلتنجيه من هذا الشراب.
-
وافق لقمان الحكيم على هذا التحدي، وأخذ الشراب معه إلى بيته، وقبل أن يشربه أخبر زوجته بأنه إذا شربه وغاب عن الوعي فأطلبي من أولادي أن يجردوني من ثيابي ويتركوني على مكب النفايات، وعلامة ذلك أني فاقد الوعي ويدي على رأسي، وهكذا حصل، إلا أنه أفاق من غيبوبته، ورجع إلى وعيه، وطلب لقاء الطبيب (كمون) .
-
وبعد أيام تم اللقاء ، وشرح لقمان الحكيم لهما كيفية نجاته ، وهو أن حشرات القمامة هي التي أنقذته بعد أن امتصت السم الذي كان في جسمه ، وبالمقابل سوف يعطي (كمون ) شراباً أستخلصه من وحي حكمته ، وعلى كمون أن يشربه ، ولينقذه طبُه. وما أن سمع (كمون) ذلك حتى أمتقع لونه خوفاً من وعيد لقمان، وأخذته الرعدة لأنه واثق من لقمان وحكمته. طلب لقمان من (كمون) أن يصعد على التل، وينتظر الشراب الذي سيبعثه إليه، وبعد فترة قضاها (كمون) رهبة من نتيجة منافسه. جاء إليه حامل الشراب فوجده قد فارق الحياة من الخوف، فدفن هناك، وهذا هو أصل المثل الشعبي (أواعدك بالوعد وأسقيك يا كمون).
-
وهناك قصة أخرى وهي أنه في قديم الزمان كانت هناك مملكة كبيره وكان على رأس هذه المملكة ملك ظالم جائر فاسد اسمه كمون، كان يقتل كل رجل عالم فاهم ذكي وكان يستبيح أموالهم ويغتصب نسائهم ويأخذ أولادهم، وكان يسكن في هذه المملكة رجل حاد الذكاء. ذهب هذا الرجل للملك وتحداه أن يقدر على قتله.
-
قال الرجل الذكي للملك: أتقدر أن تقتلني أمام جميع الناس أنا أتحداك. قال الملك الظالم كمون: طبعا أنا أتحداك غدا في المملكة أمام الناس سوف اقتلك بالسُّم. احضر الملك اقوى صانعي السم في المملكة وصنعوا له سما حتى يقتل به الرجل الذكي، وعندما حان وقت التحدي اخذ الرجل الذكي إناءً من العسل وأعطاه لزوجته وقال لها عندما اشرب السُّم اسكبي عليَّ هذا الإناء وارميني بالنحل. وعندما احضر كمون وجنوده السُّم للرجل الذكي قال الرجل الذكي لكمون وإذا أنا لم أمت بالُّسم سوف اصنع لك سُماً يقتلك. قال له كمون أنا موافق. وأمام كل الرعية وقف كمون وشرب كل السم عندها رمت زوجته العسل عليه ورمته بكوره من النحل؛ فمص النحل الدم المسموم مع العسل وتفاجئ الناس من هذا العمل الذكي. وبعد أيام شفى الرجل الذكي من السُّم ولسعات النحل؛ ذهب إلى كمون الخائف وقال له غدا سأحضر السُّم وتموت وهكذا استمر على هذه الحالة لمدة عشرة أيام إلى أن مات الملك الظالم من الخوف وليس من السم. فقال أمام الناس أواعدك بالوعد واسكيك يا كمون.
-
وقصتنا الأخيرة هي أنه كان هنالك رجل يملك كلباً وكان يدعوه بكمون وكان هذا الكلب وفيٌ لصاحبه لدرجة كبيرة جدا، وفي يوم من الأيام قرر الرجل مغادرة القرية التي يسكن فيها والانتقال إلى مكان آخر وقد حمل جزءً من أثاث منزله على امل الرجوع وأخذ الباقي وترك كلبه (كمون) في المنزل لحراسة الأثاث المتبقي وأوصد عليه أبواب المنزل. وترك للكلب بعضاً من الطعام والماء القليلين وقال في نفسه للكلب سأعود قريباً لأخذك ولن أتركك هنا تموت عطشاً على اعتبار إن الجوع يمكن تحمله لفترة طويلة ولكن العطش لا يمكن الاستغناء عنه لكثير من الوقت، ولكن حدثت بعض العوائق للرجل أثناء الرحيل واضطرته إلى تأخر رجوعه للمنزل القديم الذي فيه كلبه وعندما وصل إلى هناك (متأخراً جداً) فقد وجد كلبه نفق (فطس) بسبب العطش فقال: أواعدك بالوعد واسكَيك يا كمون.
-



#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللهم قد بلغت اللهم فأشهد
- حقيقة ما جرى ليلة العاشر من تموز في هيت
- أُمْنيات أتمنى أن تتحقق
- ألأمن واحد لا يتجزأ
- سلامات يا أبا خلدون
- مات البطل عبد الله
- چري سُعْدى، بين الحُبّ والشهادة
- رسالة الى القائد
- رجل من مدينتي- عادل عدنان عزيز
- ما بعد داعش
- عن المحاماة أتكلم
- والله ما عندي أسم
- نريد جوابا؛ فالساكت عن الحق شيطان أخرس
- علم من مدينتي - صبري فارس كماش الهيتي
- لا لمنع الحياة
- مكانك راوحْ
- لسانك حصانك
- مئذنة جامع الفاروق في هيت
- أنا هيتي؛ فلا تخافوا
- كي لا تتكرر التفجيرات


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - قحطان محمد صالح الهيتي - أواعْدَكْ بالوَعَدْ واسْگيك يا كَمْونْ