أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن حنيص - السقوط الحر في القاسمية














المزيد.....

السقوط الحر في القاسمية


محسن حنيص
(Mohsin Shawkat)


الحوار المتمدن-العدد: 5556 - 2017 / 6 / 19 - 17:28
المحور: الادب والفن
    



السقوط الحر في القاسمية
نص : محسن حنيص
٭ ٭ ٭

في ثانوية القاسمية للبنين لم يكن لدينا مختبر للفيزياء . وبعد ان عجزت المخاطبات التي اجراها مدرسنا (حاتم بديوي ) مع وزارة التربية , قرر ان يجعل من المدينة وأهلها مختبرا لتوضيح الظواهر الطبيعية .
وكلما التقيت ب (راضي سلمان ). شريكي مدى الحياة . في الخواطر والتأملات .وشريكي في المقعد الدراسي. نستعيد تلك التجارب التي شهدناها سوية . ونستحضر كلمة استاذنا عن (الفهم الحيوي) .
(الفيزياء قائمة على التجريب والمشاهدة . الحواس (وليس الكتاب ) هي التي تلعب الدور الاساس في الفهم الحيوي للظواهر الطبيعية . فلكي نحقق هذا النوع من الفهم ينبغي مشاهدة الظاهرة , ولمسها , وشمها , واذا كان بالامكان تذوقها . الورقة لا تحوي كل هذا . وفوق ذلك فهي سكونية و ذات بعدين فقط )
فيما يلي احدى التجارب التي اجراها الاستاذ حاتم بديوي في مختبره المفتوح على مدينة القاسمية كلها .
٭ ٭ ٭
السقوط الحر .
اختيرت عمارة الحاج ( دواي ) المؤلفة من اربع طوابق بديلا لبرج (بيزا ) لأثبات نظرية (غاليلو ) في السقوط الحر . وقد ذهلنا لحجم الاستجابة و المشاركة في التجربة , فقد تطوع معظم اهالي الحي بعد ان علموا ان الهدف هو التحقق من ان الطبيعة لا تعترف بوجود فرق بين مخلوق وآخر . لم يتطلب التنفيذ سوى معدات بسيطة متوفرة محليا .
اخرجت البطانيات و فرش النوم الاسفنجية وكومت فوق بعضها , فتشكل منها سريرا (فراش نوم ) يبلغ سمكه متر ونصف , كان كافيا لأخماد الاجسام الساقطة وتوفير الأمان المطلوب.
وضعنا المدرس ( انا و راضي ) في اعلى العمارة . واسند الينا مهمة التأكد من انفلات الاجسام في وقت واحد بالضبط . علينا تهيئة اثنين من المتقدمين للاختبار كل مرة . سوف نساعدهما على الوقوف فوق حافة السياج في الطابق الاخير للعمارة . وتكون مهمتنا دفعهما بالاصبع . سوف نعد سوية من الواحد الى الثلاثة , ثم بلكزة واحدة في الظهر يفلتان ويسقطان الى الاسفل . في الاسفل سوف يكون التحقق من التزامن اوتوماتيكيا . فلغرض التأكد من وصولهما الى الاسفل في وقت واحد بالضبط ( وهو لب التجربة ) مرر الاستاذ عصا طويلة في احدى طبقات التل (السرير) الاسفنجي تخرج من الطرفين . وضع في كل طرف من العصا ابرة صغيرة وثبت فوقها بالون . ضبطت المسافة بين الابرة والبالون ( بضعة ملمترات ) لتحقيق اكبر دقة في التجربة . وللمزيد من الوضوح شرح الاستاذ الفكرة للحاضرين .
(اذا لم يحصل التزامن , اي وصول الجسمان بوقت واحد (كما يؤكد غاليلو ) فسوف يحدث اختلاف يسمح لاحدى طرفي العصا بالصعود وثقب البالون . اما اذا وصلا بوقت واحد فان العصا سوف تخمد من طرفيها ويظل البالونان سليمين ) .
وضع الاستاذ حاتم في السقطة الاولى بطل اسيا بالوزن الثقيل و اقوى رجل في المدينة الملاكم (اسماعيل خليل ) مقابل (عبد الكريم النعيمي ) مدرس الكيمياء في ثانويتنا المؤلف من عظم وجلد وهواء ونظارة طبية . الذي يمكن لتمرة ساقطة من نخلة ان تقتله اذا ارتطمت برأسه . كانت ثقة النعيمي بزميله (الاستاذ حاتم ) هي التي دفعته للمشاركة . كانت النتيجة مذهلة للجمهور فقد وصل الملاكم والمدرس في وقت واحد بالضبط . لقد كانت هذه اول تجربة لأثبات ان الطبيعة لا تعترف بقوة الجسم ولا بقوة العقل معيارا للتفاوت بين البشر .
ثم تقدم امام جامع المهدي السيد (عبد العزيز الدروازي ) مقابل (فريد النجم ) عضو الحزب الشيوعي والملحد بشكل علني . وحققت التجربة نجاحا باهرا . ونزل (كريم ابو الفيل) مع نياكه المفضل ( عبدالله العصعوص ) في وقت واحد بالضبط رغم الاختلاف الكبير في الوزن بينهما . وانتدب الاستاذ حاتم السيدة ( فوزية ام الدرهم ) وهي قوادة اشتراكية متقاعدة من منطقة الميدان , وضعها قبالة السيدة العلوية ( سكينة الدروازي ) زوجة امام الجامع . الهبت النتائج الحماس وتصاعدت حمى المشاركة . تحدت (رسمية ام قاسم ) جميع الرجال الحاضرين . وهي ارملة تدير بقالية في سوق الگيارة ومن اشد المتحمسين للمساواة بين الرجل والمرأة . قبل جارها في السوق (ثابت العقيلي ) التحدي لا ليثبت لها العكس بل ليسقط ولو لحظة واحدة معها على سرير واحد . كان يعبدها , وكان مستعدا ان يسقط معها حتى من برج بيزا نفسه لو ارادت . وسقط الحاج دواي بكل ثرائه ونسائه الاربع ودكاكينه ومطحنته في نفس الوقت مع (عباس بيزة) الافقر في المدينة , والذي لايملك سوى الثوب والنعل الذي يلبسه . كانت المفاجاة هي سقوط حصان مياسة مع كلبة ( بيت منشد) في وقت واحد . واثبتت التجربة عدم اعتراف الطبيعة بلون البشرة حين وصل الزنجي (خصاف العبد ) في نفس الوقت مع ( حامد ابو شحيمة) الشاب الاكثر بياضا في الحي . وشارك في التجربة ( ابو سمير الصبي ) لكي يطمئن ان الطبيعة لاتفرق بين صابئي ومسلم . وشاركت الضرائر الاربع للحاج دواي في هذه التجربة بشكل دوري لاثبات بطلان افضلية ضرة على اخرى , سواء بالعمر , او الجمال , او الثراء . وتقدم ( ناصر فلك ) احد ابرز الفاشلين دراسيا في الحي حيث لبث في الابتدائية احد عشر سنة قبل ان يترك المدرسة نهائيا ليعمل حمالا في (علوة جميلة) للخضار . طلب منازلة الدكتور ( طالب الربيعي ) اخصائي الجملة العصبية في المدينة . ورغم ان الطبيب حضر للمشاهدة فقط , الا انه قبل المشاركة وتجشم عناء الصعود والسقوط ايمانا منه بالعلم واهدافه .
كان واحدا من الايام التي لا تنسى في المدينة . غيرت التجربة الكثير من المعتقدات السائدة , واثبتت عمليا ان الطبيعة لا تعترف بالفروقات بين البشر .
٭ ٭ ٭
في الدرس القادم سوف يأخذنا الاستاذ حاتم لقياس الجوع الجنسي في المدينة .
٭ ٭ ٭
من مخطوطة : ( لاعب النرد الخفي )
نصوص : محسن حنيص
٭ ٭ ٭



#محسن_حنيص (هاشتاغ)       Mohsin_Shawkat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرداب في البال
- درجة انصهار الحمير
- قريش ... القبيلة المعبودة
- البداوة المنزلة من السماء
- سعة اللوح المحفوظ
- خلل التكوين الانساني
- استعادة الدولة بخمسة ايام
- نداء
- الاستعمار الانساني ( الأرض مقابل الكرامة )
- السارق الميكروب ( نص مليء بالحقد والمرارة )
- ابو حالوب
- عقلية السجاد الايراني
- مصحف الملكة نفيسة
- الجوع الاردني
- العوق الروحي
- كل ما هو صعب المنال
- ستوديو جليل - نص مفتوح جدا-
- جمال ( أبو منقار)
- عرس عماد مياسة
- خمسة أعراس لم يرقص بها أحد


المزيد.....




- ماذا قالت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشهادتها ضد ترامب؟ ...
- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن حنيص - السقوط الحر في القاسمية