أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سهير فوزات - رمضان يزيد غربتي














المزيد.....

رمضان يزيد غربتي


سهير فوزات

الحوار المتمدن-العدد: 5545 - 2017 / 6 / 8 - 09:54
المحور: المجتمع المدني
    


رمضان يزيد غربتي، يرتفع كجدار مفاجئ بيني وبين العالم من حولي. فجأة أجد نفسي في ضفة الجحيم وحيدة.
في رمضان يتوقف الإيمان عن أن يكون طقسا روحيا وعلاقة داخلية بين إنسان وقوة خفية تحقق توازنه وتدعم حضوره الإنساني الهش في عالم متوحش وخطير حتى بملذاته؛ ليصبح مهرجانا يستعرض فيه كل ذي (إيمان) بضاعته، يصبح الإيمان طقسا جماعيا تقليديا يمارسه الجميع في انسياق مرعب في نمطيته، بتكرار مريب ينافي العقل البشري وطبيعة تطوره، وينافي أصلًا التعاليم التي أتى بها الإسلام نفسه حين كان دربا جديدا يغوي خطى المغامرين، ثم جاء الذين بعدهم فعبّدوه وأكملوا تزيينه وتمهيده عبر القرون. أو لم تكن تقوم ثورة محمد حينها على الدعوة إلى إعمال العقل ونبذ التقليد الأعمى للآباء كما في قوله (قَٰلَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قَالُوٓاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِهِ كَٰافِرُونَ)
وها نحن اليوم بعد كل تلك القرون نرى الأغلبية العظمى تقلد الآباء وتكرر نفس الطقوس الوثنية منها والإسلامية بل ونرى المزاودة في تطبيقها والتباهي باتّباعها بشكل لو رآه الأقدمون لانقلبوا على ظهورهم ضحكا. بينما كل ما يفعله ذوو العقل والثقافة نقاش الفتاوى الصادرة وأخذ الأسلم منها والأقصر طريقا نحو الله الذي يفترض أنه فوق كل تلك الطقوس وأكبر من رهن باب الجنة والنار على صلاة فائتة أو صلاة ينحرف شعاعها عن زاوية بيته الحرام أو صيام فاسد.
حتما ليس ما يشكل غربتي هم جموع الناس الذين يحتاجون عادة دربا واضحا -وحبذا لو كان طريقا معبّدا- ليسلكوه. ويحتاجون قوة غيبية تسند ضعفهم وتعدهم بعدالة مؤجلة تعيد للحياة القاسية معناها. وتخفف مرارة فكرة الموت التي شغلت البشر منذ فجر وعيهم الوجودي. بل شريحة المثقفين والمبدعين!
الشريحة التي يفترض بها أن تشقّ بنفسها دروبا جديدة وتضيئها. الأشخاص الذين من المفترض أن يدركوا الفرق بين الإيمان وطقسية الإيمان، وبين جوهر الله والصورة التي قدمت عنه للمرة الأخيرة منذ ألف وأربع مئة سنة، فهؤلاء من المفترض أن يعيشوا روحانياتهم الخاصة خارج الطقوس والقوالب المسبقة. وهذا ما لخصه كازنتزاكي الفيلسوف المتصوف في روايته زوربا حين قال (هناك أبدية حتى في حياتنا الفانية، إن البعض فقط يتوصلون الى أن يعيشوها، ولما كان الآخرون سيهلكون فقد أشفق عليهم الله و أرسل لهم الدين ليعيشوا الأبدية من خلاله).
ربما حين يصبح الإيمان كما يفترض به أن يكون، ممارسة داخلية تفكك كل طقسية وتأخد ما يوافق العقل وترمي ما ينافيه حسب كل فرد وتجربته وخبرته وطبيعته، وليس حسب سنن الأولين، ولا حسب فتاوى المجتهدين. حينها سنجد أول خطانا نحو التحضر والدخول في زمننا المعاصر بدل اجتراره واستهلاك منتجاته الجاهزة، والعيش في زمن آخر.
من يجيل النظر في قائمة مبدعي العصر الذي سمي بعصر النهضة الأدبية حتى يومنا، ولا يجد منهم ما يزيد عن عدد الأصابع، ممن تجاوز خلطات الإيمان المستهلكة وتجرأ على خلق عالمه الروحي الخاص وكسر حاجز الخوف والاستلاب المترافق من التديُّن. يدرك أن أمة يرزح مبدعوها تحت الخطوط الحمراء الوضعية، ويرزح الأدب والإبداع على هامش تسليتها، ستظل تراوح مكانها إلى قيام الساعة... إنْ!
ليست دعوة للتفكير واستعادة العقل بل مجرد صرخة في وادٍ، أثق أن هناك من يكتم مثلها. علنا نصير يوما شعبا قال عنه نيتشه: ( أنتم يا من تعيشون وحدكم اليوم وتقفون جانبا، ستصيرون شعبا في يوم من الأيام)



#سهير_فوزات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبرٌ أبيضُ
- إن كنت مثلي
- المُسقّف العربي وذو اللحية الزرقاء
- ما هو إلا بعض الخدر
- قبل الطلقة الأخيرة
- قليل من الوقت الإضافي
- الحب... وفخ العيش المشترك
- بحيرة الحقيقة
- قصة لن تنتهي
- قيس وليلى...والذئب


المزيد.....




- مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة
- -حماس- تعلن تسلمها ردا رسميا إسرائيليا حول مقترحات الحركة لص ...
- تحتاج 14 عاماً لإزالتها.. الأمم المتحدة: حجم الأنقاض في غزة ...
- اليمنيون يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة
- عائلات الأسرى تتظاهر أمام منزل غانتس ونتنياهو متهم بعرقلة صف ...
- منظمة العفو الدولية تدعو للإفراج عن معارض مسجون في تونس بدأ ...
- ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة ويحمي اقتحامات المستوطنين ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سهير فوزات - رمضان يزيد غربتي