أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كمال - الربيع الفرنسي ربيع سلمي















المزيد.....

الربيع الفرنسي ربيع سلمي


محمد كمال

الحوار المتمدن-العدد: 5511 - 2017 / 5 / 4 - 12:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الربيع الفرنسي ربيع سلميالغرب بقيادة أوروبا، أوروبا القديمة، تشهد تغيراً في مجرى تدفق مياه السياسة؛ فبعد الحرب العالمية الثانية و دحر سيدة التطرّف السياسي المتمثل في أقصى التطرّف اليميني النازي عاشت أوروبا حقبة من الزمن الى حاضر يومنا و هي في وادٍ مناهض شبه معادٍ لليمين المتطرف. و لكن النُخَبُ السياسية التي تسلمت زمام الحكم في أوروبا لم تستطع أن تحقق للشعوب الأوروبية طموحاتها ، لا على المستوى الداخلي و لا الخارجي؛ و فرنسا هي بوصلة تحرك الرياح السياسية في أوروبا. فمنذ الثورة الفرنسية في عام 1789 و البناء السياسي يتأرجح بين أنماط من الملكية و الجمهورية و حتى الإمبراطورية، فتسمت أنماط البناء السياسي بالملكية الفرنسية و بعدها الجمهورية الأولى مروراً بحكومة القناصل و الامبراطورية الأولى إلى الامبراطورية الثانية و الجمهورية الثانية ، و آخر تلك الأنماط هو الجمهورية الخامسة التي مازالت حية الى يومنا هذا ؛ و هذه الجمهورية الخامسة تشكلت مع الدستور الفرنسي في 5 أكتوبر 1958 و رجوع شارل ديجول الى الحكم في فرنسا بعد الإنقلاب الذي أطاح بالجمهورية الرابعة. في ظل هذه الجمهورية الخامسة كان الحكم شبه تبادل بين اليمين التقليدي و اليسار الوسط (التقليدي) المتمثل في الحزب الاشتراكي، فتشكل مع هذا الإختزال السياسي نخبة سياسية مسيطرة على الواقع السياسي الفرنسي، رغم وجود أحزاب سياسية من ألوان أخرى من أقصى اليسار الى أقصى اليمين؛ منذ دستور 1958 و عودة شارل ديجول الى اليوم و فرنسا في حال من يراوح في مكانه، فاليمين التقليدي مطمئن على موقعه و دوره في الحكم ، و الحزب الاشتراكي تعود أن يطرح برامج يسارية في فترة الحملات الانتخابية بينما كان أكثر يمينية من اليمين التقليدي في السياسة الداخلية و الخارجية، حتى أن الاشتراكيين كانوا أكثر ميالين الى الحلول العسكرية للقضايا الدولية من اليمين، فأضحى الحزب الاشتراكي أكثر يمينية من الأحزاب اليمينية.
الفصل ربيع و الإنتخابات الرآسية في فرنسا تموضعت في الربيع ، و الشعب الفرنسي ، بعد سنين من الشلل السياسي و الاقتصادي، يفتح على وطنه ربيعه الخاص ، ربيع سلمي قاعدته الديمقراطية، و بنيته الإجتماعية حضارة و تحضر.
الشعب الفرنسي مَلَّ من هذا الواقع شبه المشلول فرآى أنه من حقه و من مقتضيات واجبه الوطني أن يبحث عن قيادات جديدة متحفزة قادرة على علاج الشلل السياسي ، و سبيله لعلاج هذا الشلل هو أدواته الديمقراطية ، فقرر أن يقول كلمته في إنتخابات الرآسة في الجولة الأولى في 23 أبريل 2017، فأزاح ثلاثة من من المترشحين للرآسة المنتمين للنخب التقليدية ، أثنان من اليسار و واحد من اليمين الوسط (الجمهوريون)، و أقل الأصوات كانت للحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه الرئيس الحالي ، و هذا يدل على تدني جماهيرية الحزب الحاكم ؛ حزب يساري اشتراكي يحصل فقط على 7.7٪‏ من الأصوات. و صعد إلى الجولة الثانية السيد إيمانويل ماكرون من حزب جديد يدعي الوسطية تحت قيادة وزير الاقتصاد السابق في العهد الحالي و مؤسس الحزب الجديد، حزب "!En marche " أي "إلى الأمام!" ، و السيدة مارين لو پين زعيمة حزب "الجبهة الوطنية"، و هو الحزب اليميني المتطرف في فرنسا...
حزب "إلى الأمام!" تأسس في عام 2016 بعد أن ترك مؤسسه السيد إيمانويل ماكرون وزارة الاقتصاد كوزير ، و كان قبلها قد ترك الحزب الاشتراكي الذي كان عضواً فيه من 2006 الى 2009. فماكرون سياسي جديد متجدد ، تخصصه الادارة و الاقتصاد ، و ميوله السياسية متحركة من يسارية الحزب الاشتراكي إلى فترة من الاستقلالية إلى أن أسس حزب "إلى الأمام!" و الذي يجمع فيه بين اليمين و اليسار ؛ ففي الخط اليميني هو في أقصى يساره ، و في الخط اليساري هو في أقصى يمينه، و معروف عن هذا الخط الوسطي بمصطلح "centralisme " ، و هذا المصطلح لا يوحي بدقة الوسطية و لكنه يوحي بمعنى النقطة المركزية للدائرة، فالدائرة كلها و بتغير مساحاتها لا يمكنها إلاّ أن تحوم حول مركزها، و هذا مفهوم جديد في السياسة يحاول أن يجمع بين اليمين و اليسار ببعد مركزي و ليس وسطي؛ و يتمتع السيد ماكرون بذكاء متقد ، و شخصيته جذابة ، و خطابه هادئ واضح ، و شعاراته محسوبة بدقة، و قد حصل على 23،2٪‏ من الأصوات.
أما السيدة مارين لو پين فقد حصلت على 22،3٪‏ من الأصوات، فالفارق بين المتنافسين هامشي. السيدة مارين لو پين إسم لامع في عالم السياسة على المستوى الفرنسي و الأوروبي؛ فهي زعيمة حزب يميني متطرف له خط واضح لا يحيد أبداً عن عنصرية اليمين و لا يساوم عليه؛ إستطاعت بحنكتها السياسية و قوة شخصيتها و طموحها السياسي الواسع من أن تطيح بأبيها من زعامة الحزب، و بعد أبيها أجرت تعديلات مهمة على أيدولوجية الحزب ، و من أهمها أنها تقبل بفرنسية كل مواطن يحمل الجنسية الفرنسية بغض النظر عن موطنه الأصلي، و قبولها بالمحرقة النازية ، الهولوكوست، ضد اليهود، و تخفيف خطابها المعادي للسامية، و هي بهذه الخطوات لا تتقرب من اليهود ، و لكنها تتقرب من الشارع الفرنسي؛ و بالنسبة للمهاجرين فإنها تقبل عدداً سنوياً لا يزيد على العشرة آلاف مهاجر، و بهذا العدد تريد أن توازن في الوظائف بين الفرنسي و المهاجر. شخصيتها قوية لا شك ، و خطابها واضح ، و نبرة خطابها حاد جازم قوي، و هي بهذه النبرة تعبر عن صرامة اليمين المتطرف، و شعارها الأساس هو الشعب-الجمهورية-فرنسا، و من أجل المحافظة على ثالوث الشعار فإنها تضيف مهمة أمام الحكومة التي ترغب في رآستها و هي ضرورة التصدي للإسلام و المسلمين؛ فهي تعادي الاسلام في خطابها السياسي الانتخابي دون مواربة و لا دبلوماسية؛ أما شعاراتها الاقتصادية فهي تحاول أن تنافس منافسها ماكرون بفوارق هامشية معه؛ و نتائج الجولة الأولى تفيد بأن برنامجها السياسي و شعاراتها مقبولة أمام شريحة واسعة من الشعب الفرنسي...
نتيجة الجولة الأولى تنم عن تحول نوعي في المزاج السياسي للشعب الفرنسي، فقد أطاح هذا المزاج بالنخب السياسية التي تربعت على عرش الحكم في فرنسا منذ بدء الجمهورية الخامسة، و ها هو الشعب يختار يمين متطرف ، و حزب سياسي جديد عمره لا يتعدى العام الواحد ، فقد تأسس حزب "إلى الأمام!" فى السادس من أبريل 2016، و عدد أعضائه وصل الى أكثر من مائتين و ستين ألف عضو، بقيادة شخصية جديدة على السياسة ، و لكن هذه الشخصية تحمل رؤية جديدة مغايرة للسائد في الساحة السياسية التقليدية؛ و الفارق بين حزب اليمين المتطرف و الحزب الجديد، الجامع بين اليمين و اليسار، فارق هامشي، و كأن الشعب الفرنسي أمام مفترق الطريق ؛ طريق على مساراليمين المتطرف ، و طريق على مسار فكر سياسي جديد و غير تقليدي... فالشعب الفرنسي بهذا الخيار يضع مصيره أمام إختبار صعب ، و الخيار يميل الى اليمين بشكل عام، لأن خياره لليمين المتطرف واضح ، و خياره للحزب الجديد كذلك يوحي بالميل الى اليمين ، لأن مؤسس الحزب تحول من اليسار الاشتراكي الى نهج يجمع بين اليسار و اليمين، فوجهة المؤسس واضحة، وجهة من اليسار في إتجاه اليمين؛ إذاً فالوجهة العامة و الغالبة للشعب الفرنسي في هذه الانتخابات هي السير إلى الأمام على طريق اليمين...
يوم السابع من شهر مايو سيكون يوم الفصل في الخيار النهائي للشعب الفرنسي؛ فماذا تقول التوقعات ؟ التوقعات كلها مبنية على الدعم الكبير من النُخَبُ السياسية للسيد ماكرون، و آخر الإحصائيات تشير توقعاتها إلى حصول ماكرون على 61٪‏ ، و السيدة ماري لو پين على 39٪‏ ؛ السيد ماكرون يحضى بدعم من المؤسسات السياسية و الاقتصادية في فرنسا و كذلك بدعم من المجموعة الأوروبية ؛ فهل ستكون النتيجة الفاصلة على هوى إحصائيات الدراسات ، أم أن الشعب الفرنسي سوف يفاجئ فرنسا و أوروبا باختيار مغاير ؟ لا ندري... و لكن الواضح و بغض النظر عن من سيدخل الى قصر الإيليزيه فإن فرنسا مقبلة على عهد جديد ، و تبعات هذا العهد الجديد قد تقتضي لزاماً بتخطي الجمهورية الخامسة و تدشين جمهورية سادسة... فرنسا ستتحول الى ساحة لتجاذبات سياسية حادة بين اليمين و اليمين مع شبه غياب لليسار، و شخصياً لا أستبعد صعود اليمين المتطرف الى سدة الحكم في فرنسا.

محمد كمال
28 أبريل 2017
-------------



#محمد_كمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساره الهاني ملكة الصوت الغنائي
- مجزرة باريس و الحوار المرعوب
- رمسيس مصر و مصر السيسي
- ماضي التضامن و حاضر التشرذم
- الاعلام و الاٍرهاب
- الطائفية و الوعي الوطني
- دم المرأة بين عارها و شرف الرجل
- المنظومات الفكرية والالتزام العاطفي بها
- التصورات حول الأوضاع العربية
- طنين الإرهاب في فرنسا
- ماضي التضامن وحاضر التشرذم
- الجنوب اليمني وعودة الوعي
- الذكر والأنثى والتفاضل بينهما
- وعود برلمانية في أكفان زاهية
- آفاق تكنولوجيا المعلومات
- الانتخابات بين المترشح و الناخب
- الانتخابات بين المشاركة والمقاطعة
- الخطاب الطائفي المعارض
- توظيف الطائفة في الطائفية
- التمازج بين العقيدة والتاريخ


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كمال - الربيع الفرنسي ربيع سلمي