|
الاعلام و الاٍرهاب
محمد كمال
الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 28 - 16:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاعلام و الاٍرهاب إختلط التوجس من الاٍرهاب بتنفس الهواء ، مثل الهواء الذي نستنشقه في كل لحظة على مدى الحياة الباقية ، كذلك الاٍرهاب أصبح مادة لاسماعنا في كل لحظة من حاضر أيامنا؛ و الاعلام هو الوسط و الوسيط الذي يطرق ابواب سمعنا ليل نهار عن جند الاٍرهاب و صولات الاٍرهاب من قتل و تدمير و زلزلة لعروش الحكم و تفكيك لكيانات الدول و تفريغ المجتمعات من ابنائها؛ و جند الاٍرهاب يتفننون و يبتكرون أساليب متطورة في أنماط الترهيب و التفكيك و التدمير ، بينما الاعلام الرسمي و الشعبي يغذي المجتمعات و الناس بما يفعله و ينجزه جند الاٍرهاب ، و كأن هذا الاعلام هو الوسط لنشر الدعوة الإرهابية ، و لا غرابة في ذلك عندما نسمع من الاعلام ذاته عن الذين يدخلون في صفوف جند الاٍرهاب و انتصارات مدافع الارهاب ؛ فهذه المؤسسة الإرهابية آخذة في التوسع جنداً و حضانةً ، بينما الاعلام يصرخ انيناً من الاٍرهاب و يستصرخ الشعوب و الدول لفعل شيئ مجدٍ و مؤثر لكبح جماح هذا الاٍرهاب إن لم يكن بالإمكان قطع الهواء عن نَفَسِهِ ؛ هذا هو حال الاعلام مع صولات الاٍرهاب ؛ الاٍرهاب يتوسع في صولاته و الاعلام يستمر في تغذيته لبنية الاٍرهاب ، كان ذلك بعلمه او بجهل منه ، لا ندري . لقد أوضحنا في مقالات سابقة بأن الاٍرهاب وسيلة و ليس هدفاً و أن العقول التي تخطط و تدبر ، و الايادي التي تنفذ ، تهدف الى تحقيق مشروع كبير ، و لا يمكن لهذا المشروع أن يتحقق إلّا بالأساليب التي يراها المخططون المتمصلحون ؛ و هذا المشروع و منذ ما يزيد على الثلاث سنوات و هو آخذ في التوسع على الارض و الاستزادة من الجند و الحواضن ؛ هذه حقائق تؤكدها صولات الكر و الفر على رقع متعددة من أراضي دولٍ ذات سيادة ، و هذا الكر و الفر آخذ في التمدد الى رقع كانت بالأمس آمنة مطمئة . إن النهج الإعلامي السائد و الذي يصرخ ليل نهار مندداً بالارهاب ، فانه بهذا النهج اليتيم ، الذي يفتقر الى استراتيجية وطنية شاملة ، مدروسة فاعلة متكاملة ، إنما يطعم الاٍرهاب (المشروع الكبير) بنشر دعوته و دفع النشئ من الشباب للتوجه الى صفوف جند المشروع الكبير ، و إغراء أصحاب المال و الجاه بفتح خزائن الدعم و المال له ، و دفع المجتمعات لتكون حواضن للمشروع ؛ هذا المشروع الذي لا يفرق بين (سينٍ) و (شين) ، بين مذهب و مذهب ، بين دين و دين ، بين بدوٍ و حضر ، بين دولة و دولة ، فالكل مستهدف الى أن يتحقق مخطط المشروع الكبير و هو يجدّف في قارب يسبح على نهر من الدماء و المعاناة و دمار المؤسسات ، و عندها يكون لكل حادث حديث ، إن بقى للمنطق و للحق حديث . إن حلقة الوصل و القناة الناقلة فكراً و دعوة هو الاعلام بمعناه الشامل و بمكوناته المتعددة و المختلفة ؛ فالمكون الإعلامي ليس حكراً على الدولة ، بل أن هناك شريك طبيعي مجتمعي يتمثل في ما تقوم به المؤسسات المدنية و الدينية و دور الأفراد في نشر المواد الإعلامية ذات الطابع الترويجي لافكار الاٍرهاب و التحريض ؛ الاعلام الرسمي يكاد أن يكون جزيئاً في مجمل البناء الإعلامي ، و أقل تأثيراً و فاعلية ، إضافة إلى أن هذا الاعلام الرسمي هو بذاته في حالة تلاطم و تناقض لا يمكنه أن يكون وسطاً و وسيطاً في معترك المواجهة مع دعوات الأسلوب الإرهابي الذي يعتمد الترهيب و التكفير في مسعاه الحثيث لتحقيق المشروع الكبير . وسطاً إعلامياً بسيطاً في مادته ، دون جهد مضنٍ و لا مالٍ ذات شأن هو الملصقات الصغيرة المنتشرة في كل المكاتب الحكومية و مكاتب المؤسسات غير الحكومية و على قوارع الطرق ، و إينما وليت وجهك رأيت ملصقاً يحمل رسالة بسيطة موجزة مغزى مفادها "التحريض و التكفير و شرذمة المجتمع و تشطيره" ، و هذه وسائط و وسائل منتشرة و مؤثرة كالنار في الهشيم دون حسيب و لا رقيب ؛ و هذه الملصقات هي طوبٌ من بنيان إعلامي مجتمعي مدني ديني على طول البلاد و عرضه ؛ حتى صياغة الكلمات و المقالات و الرسائل المبثوثة ، عبر الصحف و الاعلام الرسمي ، من الأفراد و من هذه المؤسسات غير الحكومية تستطعم منها نكهة التحريض و الدعوة الى شاكلة الاٍرهاب ؛ فأين جحافل الاعلام الرسمي لدول ذات سيادة أمام هذا الاعلام الموازي (غير الرسمي) لها و الأكثر فاعلية و تأثيراً ، بينما الاعلام الرسمي يُؤَذِّنُ في خرابة . نحن إذاً امام مهمة إعلامية كبيرة ذات طابع وطني مصيري و مهمة استراتيجية هادفة فاعلة ، و مسئوليتها لا يمكن إلّا أن تكون معهودة ، في هذه المرحلة المصيرية الحرجة و الخطرة ، الى الدول أصحاب السيادة و النفوذ و القدرة إقتداراً فاعلاً . لا يمكن ترك حبل الاعلام على غارب الأحداث و المستجدات و أهواء القائمين (أفراداً مسئولين) على مفاصل الاعلام و رسالته و أهدافه . من الواضح حسّاً و فكراً واعياً أن ماكينة الاعلام تفتقر إلى إستراتيجية وطنية شاملة نابعة من نتاج دراسة واعية للواقع الموضوعي حتى يمكن لهذا الاعلام أن يتحسس مساره في معركته ضد الاٍرهاب (المشروع الكبير) ، و أن لا يكون هناك إعلام موازٍ ، غير الرسمي ، يصدح خارج السرب الذي خطته الاستراتيجية الإعلامية الوطنية الشاملة . إن اعتماد استراتيجية إعلامية وطنية شاملة ، بموازاة الإجراآت الأمنية و السياسية الاخرى ، هو الدعم الفاعل و الفعّال في المعركة المصيرية ضد الاٍرهاب و منابع الدعم المادي و البشري و التبشيري لهذا الاٍرهاب الآخذ في الانتشار و التثبت على الارض . هذه الاستراتيجية الإعلامية الوطنية الشاملة من الواجب أن لا يختلط فيها الحابل بالنابل ، بأن لا تكون تكميماً للأفواه الوطنية المخلصة التي تجتهد بالفكر و القلم من أجل وطن يحتضن الجميع من كل الأعراق و الأديان و المذاهب ، دون تفريق و لا تفضيل ، و أن عماد الوطنية هو أن الوطن للجميع ، لا ترهيب و لا إقصاء و لا تكفير ، بل عمل و بناء من أجل وطن آمن عزيز ، تحترمه كل الدول و الشعوب .
#محمد_كمال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطائفية و الوعي الوطني
-
دم المرأة بين عارها و شرف الرجل
-
المنظومات الفكرية والالتزام العاطفي بها
-
التصورات حول الأوضاع العربية
-
طنين الإرهاب في فرنسا
-
ماضي التضامن وحاضر التشرذم
-
الجنوب اليمني وعودة الوعي
-
الذكر والأنثى والتفاضل بينهما
-
وعود برلمانية في أكفان زاهية
-
آفاق تكنولوجيا المعلومات
-
الانتخابات بين المترشح و الناخب
-
الانتخابات بين المشاركة والمقاطعة
-
الخطاب الطائفي المعارض
-
توظيف الطائفة في الطائفية
-
التمازج بين العقيدة والتاريخ
-
التناظر بين البيولوجيا و الدولة
-
لاستبداد سَيِّدٌ في نفوسنا
-
من الأسرة إلى الدولة
-
الاستبداد يُوَلِّدُ الإرهاب
-
الجغرافيا العربية باحة لحرب المشاريع
المزيد.....
-
وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم
...
-
البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ
...
-
كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري
...
-
بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض
...
-
السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم
...
-
وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس
...
-
-حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع
...
-
دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|