أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - يوسف أحمد إسماعيل - أسئلة في الحاجة إلى الثورة(2) -التحرر من الصيغ الجاهزة-














المزيد.....

أسئلة في الحاجة إلى الثورة(2) -التحرر من الصيغ الجاهزة-


يوسف أحمد إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5504 - 2017 / 4 / 27 - 11:58
المحور: حقوق الانسان
    


الثورة في مفهومها الحضاري هي قفزة في الوعي الجمعي ضد البدهيات التي تحولت إلى تابوات محرمة بفعل رسوخها في العرف الاجتماعي أو الوعي الديني الشعبي أو الطقس الموروث. وفي مفهومها السياسي المحدود هي انقلاب على السلطة؛ تبرره الرغبة الشعبية الجامحة في تغيير السلطة الحاكمة لإغراقها المجتمع بالفساد السياسي والإداري والاقتصادي. وبهذا يكون ذلك الانقلاب فعلا إجرائيا أوليا يتماهى من حيث الفعل مع مفهوم الانقلاب العسكري، ويختلف عنه من حيث الغاية والمشروعية؛ إذ يعبر الانقلاب العسكري عن طموح فردي إلى السلطة، كما حصل في سورية في خمسينيات القرن الماضي. ويعبر الانقلاب في إطار الثورة عن حاجة اجتماعية للتغيير، ويكون بمثابة خطوة مرحلية لإزالة العوائق في طريق المشروع النهضوي الحضاري الذي يمس حرية الانسان أولاً، كما حصل في مصر في ثورة تموز سنة 1952 م. وذلك بغض النظر، إن حصل بعد ذلك التغيير المنشود أم فشل.
وعليه فإن الثورة بمفهومها النهضوي تحمل فكرا تحرريا، يعمل على تخليص المواطن من عوائق تمرده على العبودية المترسخة في وعيه الجمعي كأنساق ثقافية مقدسة؛ إن كانت هذه الأنساق موروثة من عصور سابقة أو مكتسبة من مرحلة تسلطية راهنة. وقد تتداخل أحيانا الموروثة والمكتسبة لتضفي طابعا سلبيا على الوعي برمته فيمتاز به بعض المواطنين، ويتمرد عليه آخرون، بل يسخرونه لخدمة مصالحهم.
ومن أبرز تلك الصور العيش في إطار" الصيغ الجاهزة"؛ وتتمثل تلك الصيغ بالمقولات العامة السياسية او الاجتماعية، والعيش فيها يعني الاستسلام لها، وتكرارها بغباء لا يأخذ بعين الاهتمام التفاصيل الموضوعية للحظة الراهنة، وبالتالي فإن العيش تحت شعارها يلغي المسافة الفارقة بين الظالم والمظلوم أو بين الحق والباطل او بين القاتل والضحية، كأنْ نشيد بدور المعلم العربي في عيده، ونمجد مهمته وتضحياته، ونتغافل عن علة التعليم الراهنة في الوطن العربي ، والتي للمعلم فيها حصة كبيرة. أو نصفق بشموخ وكبرياء وغبطة لافتتاح أبواب المدارس والجامعات مع بداية العام الدراسي في سورية مثلا، دون أن نلمح ولو بإشارة عابرة إلى الأجيال التي حُرمت من التعليم في تلك الحرب القذرة. أو نردد بين وقت وآخر عبارات وطنية عشوائية قد تدل على طيبة وصفاء نية ولكنها في المقابل تدل على الغباء لأن تكرارها دون ملاحظة الواقع الموضوعي يعني القفز فوق المعطيات والاستسلام للشعارات أو الصيغ السياسية الجاهزة، مثلا" المجد لسورية الموحدة، الشعب وحده من يقرر وحدة سورية،،،،" نعم، أخلاقيا وأمنيات وأحلاماً " المجد لسورية الموحدة، الشعب وحده من يقرر وحدة سورية" ولكن التاريخ لم يثبت تلك المقولات؛ فالمجد مرتبط بالعمل وليس بالأمنيات؛ وإسرائيل تنتصر على العرب بالعمل وليس بالشعارات! فكيف يتحقق المجد في ظل انتشار ثقافة الاتكال والتبعية والكسل والربح المجاني مثلا! وكيف يقرر الشعب وحده وحدة سورية وهو محروم لعقود مضت من التفكير بالسياسة أو المشاركة في شؤون وطنه؟! ألم يتغير موقفه " العروبي " من الحرب العراقية الإيرانية لتغير موقف السلطة الحاكمة.! ألم يشارك الجيش السوري مع أمريكا العدو الأول في القائمة الرأسمالية الإمبريالية في تحرير الكويت؟ طبعا هناك من سيقول: تلك كانت مواقف السلطة الحاكمة وليست مواقف الشعب السوري! وهنا تكمن المفارقة بين الصيغة الجاهزة وبين الواقع: فالشعب لا يصنع مستقبل بلاده السياسي وإنما يصنعه الساسة المحليون والدوليون.
وليس للصيغ الجاهزة ماهية ثابتة أو ثيمة محددة؛ إنها طريقة تفكير وتعبير عن وعي، فمتمثلها يعبر عنها في أي حقل دلالي يتحدث به؛ فإذا سمع أن الشاعر خليل الحاوي انتحر احتجاجا على دخول الجيش الإسرائيلي لبيروت، تحدث هو عن قتل النفس في الإسلام! وإذا قال نزر قباني " كل النساء أمي" كفّره وزندقه. وإذا قال كاتب: الكتابة هي دفاع عن النفس ضد الموت، قال هو" الكتابة نبراس الحياة" وإذا قالت شخصية روائية: إن الله لم يعد يهتم بحاجتنا الشديدة للكرامة. قال هو: استغفر الله العظيم ولا تشرك به أحدا.
إن العيش تحت سقف الصيغ الجاهزة له صورتان: الأولى صورة عبودية تعبر عن حالة الاستلاب. والثانية انتهازية تسلطية تعبر عن حالة الاستعلاء. يعيش في الأولى مثقف السلطة المصاب بما يسمى في علم الاجتماع بـ" العنف الرمزي" أي أن المثقف يتمثّل ثقافة السلطة، ويعيد إنتاجها ، ويحرص على تعميمها وشرحها والدفاع عنها فيفقد بذلك قدرته على التمييز بين ما يراد في الواقع وما يراد في القول؛ إذ يصبح الشعار العام ديدن تلك الثقافة، ويترافق ذلك مع نقيضه في أرض الواقع. ويعيش في الثانية المتسلط بصوره المختلفة، ووفق موقعه؛ إذ يدرك أن صيغه الجاهزة حق يراد به باطل، وتنطوي على مفارقة بين الواقع والشعار، ولكنه يحرص على تمثل الصيغ الجاهزة في منطوقه لكي يرسخ ثقافته، ويؤكد على ربطها بالمثقف المستلب لتبنيها والدفاع عنها. وبذلك يصبح مثقف السلطة هنا حصان طروادة للهيمنة واستمرار لعبته التسلطية.
وعليه، فإن الحاجة إلى الثورة هي في جوهرها حاجة إلى تغيير المنهجية في التفكير والوعي؛ والانقلاب على السلطة بشكله الفردي العسكري لا يدفع بوعي المواطن إلى هذا المنحى، وبشكله الجماعي لا يحقق هدفه قفزة واحدة، ولا يدفع بوعي المواطن تجاه التغيير إلا إذا كان الانقلاب على السلطة فعلا إجرائيا أوليا ومرحليا في مفهوم الثورة الاجتماعية التي تقيم القطيعة مع صور الوعي القديم الذي يرهن الوجود الوطني بالسلطة بصورها المتعدة ودورها الاستلابي.



#يوسف_أحمد_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة في الحاجة إلى الثورة (1)
- التابو المحرم والثقافة المضادة- نوال السعداوي-
- لماذا إدلب؟
- دول التبعية ولعبة الشطرنج الدولية
- دون رتوش (2 )
- دون رتوش(1)
- أسئلة استنكارية
- البيئة الاجتماعية الحاضنة
- التصنيف العشوائي
- الخراب والأسئلة
- أمراء الحرب والسلطان المتحوّل
- تشويه الآخر تحت سقف الوطن
- مثقف السلطةومثقف المعارضة
- الانتصار للحرية
- الطابور الوطني الساذج
- النظام الجمهوري العربي
- الوطنية شراكة إنسانية
- حلب تحترق 2
- حلب تحترق
- البوكر والعيش المشترك


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - يوسف أحمد إسماعيل - أسئلة في الحاجة إلى الثورة(2) -التحرر من الصيغ الجاهزة-