أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي -الفصل الثالث-5-















المزيد.....

قيود أمّي -الفصل الثالث-5-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5470 - 2017 / 3 / 24 - 20:04
المحور: الادب والفن
    


-كيف حالك يا عائشة؟ لم أرك منذ عدة سنوات. تغيّرت كثيراً.
-لا تقولي اسمي يا عليا. غيرت اسمي إلى زهراء. أخاف أن يقتلني سكان هذه البلدة، فهم لا يحبون عائشة، أنا لست هي. هو مجرّد اسم اختاره أبي لي.
اسمعي: لديّ قصّة سوف أرويها لك. هل تذكرين عندما حصلت على الثانوية؟ لم يكن عندي تكاليف الجامعة. قدّمت طلباً كي أصبح معلّماً وكيلاً، كان جارنا أبو بكر يعمل في مديريّة التربية فجاء تعييني إلى قرية قريبة من الصّحراء. كنت فرحة كثيراً. سوف أغادر بيت عائلتي الذي لا أحبّ أن أبقى فيه فهو مليء بالشجار، والمتاعب.
ذهبت إلى القرية قبل يوم واحد من افتتاح المدرسة. استأجرت غرفة عند سيدة أرملة ، كان في الغرفة فراشاً، ووسائد فقط. لم يكن في البيت حماماً، ولا بيت خلاء.بدا الأمر صعباً في البدء، ثم تعودت عليه.
كنت أعمل معلّماً وحيداً في مدرسة هي عبارة عن غرفة واحدة فيها خمسة صفوف، وكانت المدرسة ملكاً لامرأة عجوز تبرّعت بغرفة من غرفتيها الاثنتين لتكون مدرسة، وبقي لها غرفة، وخم دجاج، وبعض الأغنام.
عندما وصلت إلى باب المدرسة صاحت الأغنام: ماع. في الحقيقة لم يكن هناك باب حقيقي. هو فتحة عريضة بين سور البيت سوف تكون باباً في المستقبل.
لن أطيل عليك الحديث. أتى مفتش المدرسة يوماً، سألني: كيف تقبلين أن تعيشي أنت والأغنام معاً؟ استغربت سؤاله في البدء، لكن على حدّ علمك فإنني أتميّز بلساني الطّويل. أجبته على الفور، وكأنّني كنت قد حضّرت الجواب من قبل: وهل هذه مسؤوليتي. لماذا لا تبني مديرية التربية مدرسة؟
في تلك الأثناء أتت صاحبة المنزل، وهي تحمل بيدها كأسين من حليب الغنم السّاخن مع علبّة السّكر، ورغيف خبز صنعته للتوّ. قالت له: أهلاً بك في داري. طلب أن تأتي له بصحن فارغ، فتّ الخبز في الصحن، ودلق كأس الحليب فوقه، وضع فوقه الكثير من السّكر، أكله بنهم. قال لي: لم أتناول طعام فطوري، وكان الخبز قد بدأ يتشرب الحليب ، فأضفت له كأسي، وأنا أقول ربما يخفّ غضبه، ويتسامح مع الأغنام. بعد أن شبع، وشكر ربه. جلس إلى الطاولة. أعدّ تقريره، وطالب بإغلاق المدرسة، وتسريحي من العمل.
كنت قد تعوّدت على المكان رغم مساوئه، وكان شاب من القرية أعجب بي، طلبني من أهلي وتزوجته.
سكنت في القرية فيما بعد . كان هناك صعوبات كبيرة. وفيما بعد تظاهر السكان من أجل إيصال المياه إلى قريتهم ، وفتح المدارس، فقتل شرطيّ زوجي.
أعمل الآن في مطعم. طلب منّي صاحب المطعم أن أسمي نفسي زهراء، وسمى نفسه عبد الحسين مع أن اسمه عمر كي لا نتعرض للإيذاء.
-هل كنت تحبين زوجك يا عائشة -عفواً- يا زهراء؟ وهل كان هو يحبّك؟
- لا أعرف يا عليا. كان لي أسرة، وزوج، واليوم أنا مشرّدة. لم نتحدّث عن الحبّ، كان كبيراً أمام ناظري، يحاول إرضائي. أتمنى لو قضينا العمر معاً. أرغب أن أترك هذا المكان. لم يعد لديّ فيه ذكرى. ليس لديّ زوج، ولا أطفال.
. . .
قد تكون عائشة على صواب. بذلت كلّ ما تستطيع كي تبني أسرة، ورغم أنّها التقت برجل شهم، وربما كان رجلاً حقيقيّاً يعرف مركزه في الحياة.
لماذا قتل زوجها؟ كان يطالب بالماء.
ما أغباني!
نحن مقتولون ولو كنّا أحياء. فعائشة ماتت وحلّت مكانها زهراء. في يوم ما سوف يكشفونها.
سوف ألحق بها لأسألها: لماذا عرّض زوجها نفسه للموت، هل كان من الضروري أن يطالب بالماء، أو المدرسة؟
لو حافظ على حياته لما كان الأمر يصل بها إلى أن تعمل في مطعم تتعرّض فيه لشتى أنواع الإهانة.
أتحدّث عنها، وكأنّني أعيش في الجنّة. أنا الأخرى لست على قيد الحياة.
قرأت البارحة مقالاً مترجماً في صحيفة كانت مرميّة عند حاوية القمامة. جلبتها إلى المنزل. قرأتها كلّها. لم أقرأ منذ زمن طويل. أعجبت بمقال يتحدّث عن حرّية المرأة يقول: " إذا لم يكن هناك قانون يعطي المرأة حقوقها، ولا يحابي الرّجل، فسوف تبقى خاضعة للظلم" لا شكّ أن كاتبة المقال من بلدي. لأنّها تتحدّث عن الرّجال الذين يحميهم القانون، والذين يتنمّرون ليس على زوجاتهم. بل على المجتمع ككلّ.
. . .
-مرحبا يا عليا. هل عرفتني.
-طبعاً أعرفك. أنت عيسى التي تعشقه الفتيات.
-بل أنا عيسى المظلوم.
أرغب أن يأويني أحد الليّلة. طردتني زوجتي من المنزل، وضربني أخوها، هددني والدها أنّ أولادي ليسوا لي، وأتيت إلى هنا فرأيتك.
-ليس لدّي مأوى مثلك تماماً، لكنّني أسمع أنّ النساء فقط هنّ المظلومات، والرّجال هم الظّالمين.
-من حيث المبدأ نعم. لكن ما يحكم الأمر هو المال، والسّلطة.
أقول لك كيف؟
كنت أعمل جيداً، أعطي المال لزوجتي كي تدّخر قسماً منه للمستقبل.
فجأة أصبح والدها عضواً في البرلمان، واغتنوا خلال خمسة أيام. طلبت منها أن نسهر معاً، وأن لا تخرج في تلك الليلة إلى حفلة الدّبكة، فسطّرت لي حقوق النّساء على الصّينيّة. لم أكن أعرف أنّها سوف تخرج لترقص مع صديق والدها الحالي. هي من قال لي ذلك. اتفقت معه على الزّواج، وأنّها سوف تتركني أعوّي كالكلاب.
هي تملك المال والسّلطة. لذا تتنمّر. ألّفت كتاباً كتبته في خمس دقائق عنوانه" كيف تحقّق أحلامك في خمسة أيّام" اليوم سيقدّم لها الشّاعر العالمي كتابها في صالة " أحلى بنات" على فكرة. الطبعة الأولى نفذت، وهي محجوزة عن جميع الفضائيات لمدة شهر.
-هل مصطلح الكلاب هو مصطلح عام عند المتنمرّين. فقد قال لي نفس الجملة: سوف أتركك تعوّين كالكلاب. أحبّ الكلاب، أشعر بالسّعادة في حضور كلب ، لماذا يشتمونهم؟
هل تعتقد نفسك مختلفاً عن بقيّة الرّجال؟
-لا أدري يا عليا. الموضوع ليس كما تعتقدين. عندما يكون الظلم متاحاً ربما أكون ظالماً دون أن أدري، نحن نعيش في مكان يبيح الظلم. الرجل مظلوم وظالم. والمرأة هي الأكثر تعرّضاً للظلم، السبب بسيط لأنّه لا يوجد قانون يحمي الحقوق.
-تتحدّث عن أشياء لم أسمع بها. تبدو صحيحة، لكنّني لا أثق بها. لديّ شعور أنّ الصراع بين الخير والشّر لن يستمرّ إلى الأبد، وقد انتهى بانتصار أحدهما، أعتقد أنّه الشّر.
مدري يا عيسى ليش بحس قلبي مجروح
تراني مثل المضيع طريقو ، مابعرف وين اروح
وحيدة بهالدني مالي صديق، ومالي سما تحميني
مدري الزمان هو اللي خاين مدري السما صارت بعيدة
تراني حاملة روحي على كفّي
خلّي اللي بدو يصير يصير

-يا بنت بلادي خليكي متل ما أنت
عم شمّ من حكيك ريحة ترابنا
الزمن مو زمنّا ياعليا ، والقهر عمّى على قلوبنا
تعالي نمشي سوى ع خط الأمل
يمكن نقدر نغيّر بزمنا ، وننسى اللي فات
يا بنت بلادي. يا عليا هاتي حلو الكلام
خلّي الزمان يتسلى وينسانا
نمشي على الدرب، والأمل ويانا. . .



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-4-
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-3-
- مناسبات ثورية، وغير ثوريّة
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-2-
- قيود أمّي-الفصل الثّالث-1-
- قيود أمّي-الفصل الثّاني-5-
- قيود أمّي-الفصل الثّاني-4-
- قيود أمّي- الفصل الثّاني-3-
- قيود أمّي-الفصل الثاني-2-
- قيود أمّي- الفصل الثّاني-1
- قيود أمّي . الفصل الأوّل-5-
- قيود أمّي . الفصل الأوّل-4-
- قيود أمّي. الفصل الأوّل -3-
- قيود أمّي . الفصل الأوّل. 2
- قيود أمّي
- غرائب تحدث كلّ يوم
- حق الاقتراع للنّساء
- واقعة في الحبّ
- هذه الليلة لي
- إن أراد الله فناء قوم ابتلاهم بالإيمان


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - قيود أمّي -الفصل الثالث-5-