أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كلكامش نبيل - بلاد النهرين ومصر القديمة: سمات الإستقرار والإبداع في حضارتي المشرق















المزيد.....

بلاد النهرين ومصر القديمة: سمات الإستقرار والإبداع في حضارتي المشرق


كلكامش نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 5403 - 2017 / 1 / 15 - 15:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تعتمد هذه المقالة على ما ورد ذكره في كتاب، "الشرق واليونان القديمة" بقلم أندريه أيمار، الأستاذ في جامعة السوربون والعميد السابق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في باريس وجانين أوبوايه، أمينة متحف غيمة. حيث يتكلم الأستاذ أيمار وأوبوايه عن مصر وبلاد ما بين النهرين في الفصلين الأول والثاني من المجلد الأول من موسوعة "تاريخ الحضارات العام" بإشراف موريس كروزيه. المجلد الأول ترجمة فريد داغر وفؤاد أبو ريحان. لم يدخل المؤلفان في عرضهما هذا في إشكالية أقدمية أي الحضارتين، إذ يعتقد بأن كلاً منهما قد برز في فترة مقاربة وبشكل مستقل عن الآخر. فعن موضوع قدم الحضارتين نقرأ، "نحن أمام حضارتين أصيلتين نشأتا الواحدة بمعزل عن الأخرى، ودون نقل أو نسخ الواحدة منهما للأخرى، مع بعض اقتباساتٍ طفيفة. ولكل من هاتين الحضارتين فجرهما الخاص وضحاها المميز، وكلاهما يستدعي تبني مئات الألوف من الناس واقتباسهم لمجموعة من العقائد والمذاهب، ذات فعالية مدهشة كان اثرها قبل التجربة غامضاً مجهولاً، يصعب تحديده او تبيانه، صحّت أساساً وطيداً لهذه الحضارة، ونقطة انطلاق لها نحو الظهور فالتجلي فالازدهار." كما يشير الكتاب إلى صعوبة إختصار جميع مناحي الحضارة لدى هذين الشعبين في فصول قصيرة فحسب لتوسع إنجازاتهما وعظمتها.

وحدة مصر وتوسع ما بين النهرين:

من الشائع كون "مصر هبة النيل" ولكنني أرجح القول بأن مصر هبة النيل والصحراء، فالأول وهبها أسباب إزدهارها فيما وفرت الثانية لها الحماية والعزلة. يرجح الكتاب كون "التعلق بالماضي والحنين إلى الأيام الحلوة، هذا الماضي الذي عرف الوحدة وحضنها وحافظ عليها كان الدافع إليه المصلحة العامة المشتركة" هو ما ساهم في الحفاظ على وحدة مصر، لدرجة أن السكان كانوا يشعرون بالقلق حيال أي طارئ يهدد وحدة البلاد التي ترسخت منذ القدم وأرتبطت بأجواء السلام والإزدهار. لكن مشاعر الخوف من التجزئة لم تكن متوفرة بقوة في بلاد ما بين النهرين، البلاد التي إمتازت بتنوعها الإثني واللغوي منذ القدم، حيث نقرأ، "وخلافاً للشعوب المصرية، فان سكان بلاد ما بين النهرين لم يُدعوا للوحدة ولم تُلجم أطماع رؤسائهم التوسعية التي لم تتعثر بعراقيل طبيعية إلا في البعيد البعيد عن بلادهم. ودون أي ضرر جلل يسهل تقسيم البلاد إلى عدة دول، كما تستوعب بأكثر سهولة المؤثرات والنفوذ الأجنبي، بل هي أكثر عرضة للغزوات. وبالمقابلة فهي تواقة أكثر إلى أن تلقي بقواها ورجالها خارج حدودها وتصهر بواسطتهم حضارتها." وأعتقد بأن هاتين الميزتين لا تزالان تطبعا واقع مصر والعراق اليوم.

إنغلاق مصر وإنفتاح ما بين النهرين:

يعزو الكتاب إستمرارية أصالة الحضارة المصرية إلى عاملين: الموقع الجغرافي والفخر القومي المصري. حيث نقرأ، "التلاحم في ساحات الوغى كثيراً ما أدى بالمدنيات القائمة وجهاً لوجه للاحتكاك والتصادم، الا أن الحضارة المصرية قلما تعرضت لمثل هذه الأمور في تاريخها السحيق. وهكذا استطاعت هذه الحضارة، أن تحافظ على أصالتها، بأيسر مما استطاعته أية حضارة أخرى. وكان من أثر هذا كله على المصريين، أن حرك فيهم كغيرهم من الشعوب الأخرى، الشعور بالفخر والمباهاة، وهو شعور أشد عندهم وأقوى منه عند الغير، كما نلحظ ذلك من كلام كهنتهم لبعض الرحالة اليونان عندما خاطبوهم قائلين: "أنتم اليونان لستم سوى اولاد صغار"." بينما في بلاد ما بين النهرين، نجد شعوب كثيرة تتعايش في ذات البقعة، بسبب الهجرات والغزوات المتعاقبة، والسبب أن الصحاري المحيطة بالعراق أسهل إجتيازاً وأشبه بالبوادي منها عن صحاري مقفرة منيعة كما هو حال الصحاري المحيطة بوادي النيل.

الثيوقراطية والديمقراطية:

رغم إلوهية ملوك مصر إلا أن السلطة لم تكن للكهنة على الدوام في مصر، حيث نقرأ، "نادرة جداً في تاريخ مصر القديم المناسبات التي استحال الحكم فيها ثيوقراطية، آلت فيها حقيقة الحكم والادارة إلى طائفة من الكهنة." ولكننا نقرأ، "مع ذلك عرفت مصر النظام الثيوقراطي البحت في أواخر عهد الامبراطورية الحديثة، بعيد السلالة التاسعة عشرة، سلالة رعمسيس الثاني، أي مع سلالة كهنة آمون العظام، وهي المعروفة بالسلالة العشرين." أما في بلاد ما بين النهرين، فقد كان الملك خاضعاً للعرافين وما يخبرونه عن التنجيم والفلك، ولكنه كان بمثابة الملك الكاهن في الوقت ذاته، مع ذلك كانت هناك إشارات للقضاء على الدور الكهنوتي، حيث نقرأ، "ومنذ الألف الثالث افتخر أحد ملوك لكش بأنه وضع حداً نهائياً للخداع الذي استخدمت بموجبه "ثيران الإله" لأعمال زراعية في أرض يملكها شخصياً أحد الكهنة." كما يشير الكتاب للديمقراطية البدائية التي تضم مجلسي الشيوخ والشباب في العصر السومري.

الحرب والسلام: ما بين النهرين ومصر

مرة أخرى، نجد بأن موقع مصر وعزلتها وإستقرار سكانها من ناحية الوحدة الثقافية منحها فرص أكثر لإدامة السلام، حيث لم يكن هناك إهتمام بالحرب في مصر وكان أغلب جيشها من المرتزقة، وغالباً ما كان يُهمل في أوقات السلم، وكان التوسع إلى سوريا موضع إدانة البعض في داخل مصر، وعن ذلك نقرأ، "الإشادة بحب السلام، والاستمساك بعراه والتغني بنعمائه بعبارات ولهجة لا تنبو عن نزعات العصر الحديث، كل ذلك من المميزات التي أتسم بها الأدب السياسي في مصر قديماً. ومثل هذه النزعة تبدو واضحة بارزة في مجالات أخرى من الوضع الاجتماعي الذي سارت عليه البلاد." ونقرأ أيضاً، "لم تكن هناك تمارين ولا مناورات عسكرية خلال أيام السلم، فإذا ما أرتفعت الحرب وخيّم السلام على البلاد، تنوسي أمر الجيش. فالمصري نفر دوماً من الحياة العسكرية، فلا يتقبل الفكرة ولا يقبل عليها باختياره." أما بلاد ما بين النهرين، فقد حتم عليها موقعها الجغرافي وأطماع دول الجوار فيها، فضلاً عن رغبات ملوكها في التوسع، أن تعيش حالة شبه دائمة من الحروب والصراع ممّا برز في أعمال ملوكها وأمجادها العسكرية وكثرة الاهتمام بالصيد وتصاوير الحروب.

التفوق القانوني لبلاد ما بين النهرين

بينما زخرت حضارة بلاد النهرين بالكثير من القوانين منذ عهد أورنمو في الألف الثالث ق.م وحتى أكمل القوانين المتمثلة في شريعة الملك حمورابي في القرن 18 قبل الميلاد، لم نجد في مصر ما يدل على وجود قوانين مهمة تظاهي ما عرفته بلاد النهرين، حيث نقرأ، "مصر القديمة عرفت ولا شك، إلى جانب الأعراف المحلية أو الإقليمية المعمول بها، مجاميع من الشرائع والقوانين سنها نظام ملكي مركزي. ولكننا لم نجد بينها للآن ما يشبه، من قريب أو بعيد، الدساتير التي عثر عليها في ما بين النهرين. نحن هنا أمام تقاليد ومراسيم حفظها لنا مؤرخو اليونان." ومع ذلك يبدو أن هناك تفوق بابلي على الآشوريين في مجال القوانين، فنقرأ، "أعظم الملوك الآشوريين لم يأتوا بشيء يفوق تقدماً ما أتى به حمورابي. انهم لربما تعاطوا أكثر منه مع جماعات بشرية من قبائل جبلية أو قبائل على نصف بداوة، وهي أقل تنظيماً وأقل خضوعاً حتى أرتضت بنظام إقطاعي أكثر رخاوة."

الخضوع والتمرد

من أسباب السلم الذي ساد مصر، نزعة شعبها للخضوع لملوكهم، رغم أنهم يقاومون التغيير الذي يفرض عليهم من الخارج، لكأنهم يفضلون دائما الإنكفاء على أنفسهم ولا يحبذون التغيير، حيث نقرأ، "نرى الفلاح المصري يرضح مستسلماً للواقع، قلما يرفع صوته شاكياً وقلما يحاول الإنتفاضة منجاة له من مظلمة تصيبه. فالفاتحون والغزاة الأجانب الذين سولت لهم النفس بفتح مصر وغزوها، كثيراً ما عولوا على ما عُرف به الفلاح المصري من روح الاستسلام فباء فألهم وعادوا بأكثر من خيبة عندما حاولوا العبث بتقاليد البلاد الحضارية ولا سيما بتقاليدها الدينية." أما بلاد ما بين النهرين، فقد إمتاز سكانها بالنزعة للحرب والعمل الجاد والرغبة في تحسين واقع حياته في هذا العالم، في ظل غياب لأي تصور جيد عن حاله بعد الموت، حيث نقرأ، "لإنصهار الفرد في بلاد الرافدين بالمجموعة الاجتماعية الذي تفرضه عقائد أخف وطأة مما هي في مصر، وقعاً أقل شدة وقساوة. وهذا ما يفسر لنا مداورة كيف أن الفرد في بلاد ما بين النهرين احتفظ بقسط قليل بمبدأ حرية العمل مع خضوعه لمقتضيات الجماعة وللأوامر الإلهية، ومع خوفه من التهديدات والاشراك السرية التي تحيط بحياة الإنسان وسعادته." ونقرأ، "نلمس عندهم الجد والدقة والمثابرة على العمل، وكلها عوامل قادتهم إلى تخوم بعض العلوم المباشرة. وسيحصد الورثة ثمرة جهودهم، ولكنهم سيتبعون طرقاً اقل حكمة، وإن كان ذلك بصورة اللاوعي، وأقل تواضعاً ومثابرة، مما يحملهم على ارتكاب أكثر من خطأ."

أبوية أم نسوية

مع إشارة الكتاب لزواج الأخوة في مصر، وذكره للنظريات التي تفند ذلك أو تحصر الممارسة في الأسر الملكية، وذكره لموضوع تعدد النساء المتخذات كزوجات، حظيت المرأة بوضع متميز في مصر القديمة، حيث نقرأ، "يبدو أيضاً أن الأسرة المصرية موسومة بأعراف تحل المرأة في مركز مرموق بل في مركز الصدارة أحياناً. فغالباً ما انتسب الأبناء إلى أمهاتهم انتسابهم إلى آبائهم. واذا ما توفي الزوج، وليس بين أبنائه من بلغ سن الرشد، انتقلت سلطته إلى امرأته حتى في علائق الأسرة بالدولة." وهذا ما يمكن إعتباره نوعاً من المزج بين النظام الأبوي والنظام الأمومي. أما في بلاد ما بين النهرين، فقد كان وضع المرأة في سومر أفضل منه في العصور اللاحقة، لكننا نقرأ عن ما يمكن أن يُعتبر إشارة إلى وراثة الوضع الاجتماعي عن طريق الأم، حيث نقرأ، "أعتبر الأولاد الذين هم ثمرة زواج فتاة حرة مع عبد أحراراً كوالدتهم، في حين أن الأولاد الذين يستولدهم سيد خليلة عبدة لا يعتقون بملء الحق في الوقت الذي تصبح والدتهم حرة، إلا عند وفاة والدهم." كما نقرأ أيضاً عن إمتلاك المرأة لاستقلالية كاملة كشخصية قانونية في عقود الشراء والبيع والتصرف بأملاكها بملء إرادتها، ومنع القانون إلقاء القبض على شخص الزوجة من قبل دائن زوجها. وعن الطلاق نقرأ عن نوع من المساواة والعدل، "يستطيع الزوج دون شك أن يطلق إمرأته، ولكن القوانين تحميها إذ ذاك ضد قراره التعسفي، إذ عليه أن يلجأ إلى المحاكم ويثبت شكواه بأدلة عادلة وقويمة. وعلاوة على ذلك فإن سوء سلوك الزوج يعطي الزوجة الحق بإقامة دعوى مماثلة لتعود إلى ذويها." وهنا، على شعبنا أن يدرك بأنه قد إمتلك نظاماً رصيناً فيما مضى وأنه لا يدين لأحد في تطوره، ولا سيما الأديان الوافدة التي خلقت مجتمعاً أقل تطوراً في الواقع وتشكل نقطة تراجع في حضارته.

ومن المميزات الأخرى في بلاد النهرين، نظام الزوجة الواحدة، حيث نقرأ، "ونظام الزوجة الواحدة هو القانون، يحد من شدته حق تأمين ذرية الرجل، لذا فإن عقم الزوجة ومرضها هما من أسباب الطلاق الشرعية كرفض المرأة القيام بواجباتها كزوجة وربة بيت أو تهاونها في أدائها. ويحق للزوجة العاقر أن تهدي زوجها عبدة بمثابة خليلة." وهذا يذكرنا بقصة إبراهيم وسارة والزوجة الأخرى هاجر، وهنا يجب أن نتذكر بأن على الزوجة أن تحترم أفضلية الزوجة الأولى، وقد ينص صراحة عقد النكاح الثاني على أن الزوجة الثانية "تغسل رجلي الأولى!"." في العهد الآشوري، كانت المرأة أقل أهلية مدنية، حيث "لا نراها فقط إلا في القرنين الثامن والسابع، أيام سلالة السرجونيين، فريقاً في عقود البيع أو أفعال مماثلة، وذلك بصورة أكثر ندرة مما هو الحال في بلاد بابل. ويعاقب القانون كل من يقرضها حتى لو كان غريباً عن الأسرة ويجهل بأنها متزوجة. ويمكن طلاقها دون تعويض أو لجوء إلى المحاكم. ويجبرها القانون، بعد موت بعلها، على الزواج من أخيه أو من أحد الأولاد الذين أنجبهم من زواجه الأول. ويحق للزوج أن يتخذ خليلة أو خليلات عدة، ويرفعهن إلى مرتبة الزوجات." وربما يعود ذلك إلى طبيعة المجتمع الآشوري الجبلي والحربي. مع ذلك، عرفت آشور ملكات كثر كزوجات للملوك ومنهن من حكمن على إنفراد مثل الملكة شمورامات "سميراميس".

ما بين النهرين: رواد علم الفلك

يذكر الكتاب التفوق الكبير للبابليين في علم الفلك وكل إنجازاتهم في رصد الكسوف والخسوف، وإيلائهم ذلك أهمية قصوى في تسيير أمور الحياة، ويقارن ذلك بوضع الفلك في مصر حيث نقرأ، "ما من ريب في أن التبصر في السماء قد أثار اهتمام شعب أسكن فيها كبار الآلهة، وبنوع أخص، اهتمام كهنة هليوبوليس المكرسين لعبادة الشمس، رع. وقد حمل رئيس كهنتهم هذا اللقب الرسمي: "أكبر الرائين". فقد لاحظوا إذن بعض الأحداث الفلكية، ولكن لم يبلغوا بملاحظاتهم ما بلغه سكان ما بين النهرين من علم منظم مفيد. فلم يعيروا أهمية، مثلاً، للكسوفات الشمسية ولم يهتموا لإدراكها قبل حدوثها."

شهرة مصر العالمية ودور اليونان في ذلك

يذكر الكتاب الإنجازات الكبيرة لسكان بلاد ما بين النهرين في الجغرافيا، ورسم الخرائط، وعلم الفلك، وإيجاد التقويم القمري وتعديله، والنظام الستيني، والأدب والملاحم والتأثير الديني الأخلاقي على العديد من الحضارات المجاورة، والكيمياء، وصناعة الزجاج وسن القوانين، وبناء القصور المهيبة، والزقورات المدرجة، لكنه يقول بأن مصر نالت شهرة أكبر في كل هذه المجالات والسبب هو دخول اليونانيين إليها في وقت أبكر عن دخولهم إلى بلاد النهرين، حيث نقرأ، "تخطى سكان بلاد ما بين النهرين المصريين في كل نواحي هذه الحياة تقريباً. وفي نظر الإغريق، يبدو أن المصريين قد بلغوا بل تجاوزوا، على صعيد الفكر والعلم، الشهرة التي بلغها سكان ما بين النهرين. ولعل مرد ذلك إلى أن مصر المفتوحة على البحر والداخلة، قبل فتح الاسكندر، في صراع ضد ملك الفرس، عدوهم، كانت تستهويهم وتفتنهم أكثر فأكثر. ولعل لذلك سبباً أقل تعقيداً، وهو أن المصريين، الذين يجيدون الكلام، قد تفوقوا في التباهي والتفشير." وبالإضافة إلى ذلك، يعتقد الكاتبان أن لحضارة ما بين النهرين ميزات تجعلها أقل حظاً في أن تكتسب شهرة عالمية رغم عظم إنجازاتها، حيث نقرأ، "انها تفتقر عادة إلى عوامل الاغراء والجمال والطلاوة، ولا نجد فيها إلا مكاناً ضيقاً للسخرية والفرح. لا بل ان القسوة والكربة المتأصلتين فيها منذ القدم لا تستميلان النفس، كما لا تؤثر الشراسة المقصودة التي يظهرها الآشوريون وكثيراً ما تلامس عظمتها فظاظة غير إنسانية، حتى غدت هذه الصفة من مقوماتها المستديمة."

النزعة الماضوية في الشرق

يبدو أن النزعة للماضي وإحياءه قديمة قدم المشرق، وأن هذه الأحلام بإستعادة أمجاد "عصر ذهبي" خلا قديمة ومتأصلة في الحضارتين، حيث نقرأ، "الحق يقال، في مصر كما في بلاد ما بين النهرين، وبشعور أقل إستمراراً فقط في مناطق دجلة والفرات مما هو في وادي النيل، توخّى في عصر دعوه بالذهبي إحياء الماضي السحيق الأكثر قدماً." ويبدو أن هذه النزعة لا تزال موجودة في المنطقة، وكأن دولنا عاجزة عن تصور المستقبل ويرتبط المجد في نظرها بما حققه الأقدمون.

في النهاية، الكتاب مهم جداً، وقد أغفلت هذه المقالة مناقشة مجالات مهمة تم ذكرها فيه بخصوص الانجازات الفنية والعلمية والأدبية والعمرانية للحضارتين، بالإضافة لمناقشات مهمة بخصوص الأفكار الروحية السائدة فيهما وطبيعة نظم الحكم. الكتاب مهم ولكنه سيكون صعباً بالنسبة لقارئ غير مطلع على الحضارتين لأنه يذكر التفاصيل بشكل مركز ومقتضب.



#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمحات عن العراق في القرن السابع عشر – قراءة في رحلة تافرنييه ...
- أحوال أديرة المشرق - قراءة في كتاب -الديارات- لأبي الفرج الأ ...
- العراق عام 1797 في عيون الرحالة البريطاني جاكسون - قراءة في ...
- آراء في وقت الفراغ والديمقراطية والتكاثر السكاني – قراءة في ...
- عشق في ظروف غير مواتية – قراءة في رواية -ملك أفغانستان لم يز ...
- تساؤلات في الوجود، الحب، والإنتماء – قراءة في رواية -فالس ال ...
- شتات يأبى التشتت – قراءة في رواية -شتات نينوى- للروائية العر ...
- ثنائية الموت والرعب - قراءة في المجموعة القصصة -معرض الجثث- ...
- نبوءة عرّاف كلخو - قصة قصيرة
- غموض ذاتٍ عدمية - قراءة في رواية -الغريب- للكاتب الفرنسي ألب ...
- مجتمعاتنا العمياء - قراءة في رواية العمى للكاتب البرتغالي جو ...
- صراعات الذات واللاهوت – قراءة في رواية عزازيل للكاتب المصري ...
- وداع نينوى – الأمّة والتاريخ – وسط صمت العالم
- صراعات مقنّعة بالجمال – قراءة في رواية -عن الجمال- للكاتبة ا ...
- شارلي إيبدو – ضريبة الحريّة الباهظة
- لم يحن الوقت بعد - قصة قصيرة
- عبث الحياة - قصيدة
- تراجيديا عراقيّة – قراءة في رواية -فرانكشتاين في بغداد- للكا ...
- ألف ليلة وليلة الفرنسية – قراءة في رواية زديج لفولتير
- قبول الآخر – قراءة في رسالة الفيلسوف جون لوك عن التسامح


المزيد.....




- علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لحل مشكلة اختفاء -غابات بحري ...
- خبيرة توضح لـCNN إن كانت إسرائيل قادرة على دخول حرب واسعة ال ...
- فيضانات دبي الجمعة.. كيف يبدو الأمر بعد 3 أيام على الأمطار ا ...
- السعودية ومصر والأردن تعلق على فشل مجلس الأمن و-الفيتو- الأم ...
- قبل بدء موسم الحج.. تحذير للمصريين المتجهين إلى السعودية
- قائد الجيش الإيراني: الكيان الصهيوني اختبر سابقا ردة فعلنا ع ...
- الولايات المتحدة لا تزال غير مقتنعة بالخطط الإسرائيلية بشأن ...
- مسؤول أوروبي: الاتحاد الأوروبي يحضر الحزمة الرابعة عشرة من ا ...
- إصابة 3 أشخاص في هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل عمالًا ياباني ...
- إعلام ونشطاء: هجوم صاروخي إسرائيلي جنوبي سوريا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كلكامش نبيل - بلاد النهرين ومصر القديمة: سمات الإستقرار والإبداع في حضارتي المشرق