أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كلكامش نبيل - شتات يأبى التشتت – قراءة في رواية -شتات نينوى- للروائية العراقية غادة صديق














المزيد.....

شتات يأبى التشتت – قراءة في رواية -شتات نينوى- للروائية العراقية غادة صديق


كلكامش نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 5285 - 2016 / 9 / 14 - 17:51
المحور: الادب والفن
    


لم أفارق الكتاب - الصادر عن دار الفارابي في حزيران 2016 - منذ أن بدأت القراءة، ذلك الكتاب الذي إختزلت فيه الروائية غادة صديق حكاية العراق المعاصر من خلال حديثها عن الموصل، مدينتها أم العلا كما تحب تسميتها، فبدأت الحكاية من العصر الملكي وحتى حقبة الظلام الداعشي. تبدأ الحكاية بالحديث عن أسرة أحمد وشقيقه اللدود عباس الذي إختارت غادة أن يكون أعمى البصيرة قبل أن يكون أعمى البصر. ستقرأ عن هذه الأسرة وجيرانها، ومحلتهم، فتأخذكم في رحلة عبر الزمكان، فتحب الشخصيات وتحزن لرحيلها تباعاً.

في الرواية شوق وحنين لعراق الماضي، عراق السلام والأمن، وحزن مبكي على ما آل إليه وضعه الحالي. تختصر الرواية كل شيء، حكاية وطن بأكمله، وتصور تنوعه الذي بناه التاريخ تباعاً في سطورها التي تمتاز بلغة مؤثرة وجميلة. سيحب هذه الرواية كل من يشتاق لوطنه، ويفتقد ماضيه الجميل، وسيبكي – كما بكيت – كثيراً، لكنه لن يتركها بالتأكيد.

في الرواية أيضاً، كنايات عن الصراع بين الحداثة والرجعية، من خلال الحوارات بين أحمد – الذي يميل لأفكار اليسار – وشقيقه عباس – الذي أجبره العمى في بيئته المنغلقة على أن يختار ما بين الشحاذة أو قراءة القرآن، لأن خيار الموسيقى غير متاح في بيئته – فنقرأ عن الإنسان الحقود الذي أصبحه عبّاس وكرهه لشقيقه ومقاطعته به ووشايته به بعد سنين طويلة. فضلاً عن محاولاته لعزل إبنة خال والدته "زينة" ومنعها من الدراسة، لكن تأثيره كان محدوداً في العراق ذو الطابع العلماني في فترة ما قبل التسعينات. تزخر الرواية أيضاً في مناقشات تدعو للتسامح وإختيار أحمد لصداقته بخضر مفضلاً إياها على تشدد أخيه عباس، فيما قاد الظلام الفكري عباس لمقاطعة شقيقه والتبرؤ منه على مدى أربعين عاماً لدرجة أنه رفض دخول منزل شقيقه "غير الطاهر" حتى عند وفاة والدتهما.

تتكلم الرواية عن محلة الشيخ فتحي ورمزيات ذلك المكان وألم فقدانه، وتقرأون فيها تفاصيل حقيقية عن معاناة العراقيين في الحرب العراقية الإيرانية، وحرب الكويت، وملجأ العامرية، والحصار الإقتصادي، ومعاناة سنوات الإرهاب بقصصه المرعبة في السنوات الأخيرة. ستقرأون عن أسباب تنامي الإرهاب السياسية والإجتماعية وكيف ساهم الجميع في قتل هذا الوطن المنكوب بالجيران والأبناء. الرواية تتكلم عن الجميع وتدينهم لأن ولاءها الأول هو العراق وشعبه بكل أطيافه. سيزداد وقع الألم والفراق في نهاية الرواية، وأرجح أن دموعكم لن تتوقف وأنتم تقرأون عن تهجير خضر أول مرة، وتهجيره للمرة الثانية بعد إحتلال داعش لبغديدا "الحمدانية"، وستقرأون قصص مرعبة وحقيقية عن معاناة الأيزيديين، ولكن الكاتبة تصر على أن المختطفات قد نقلن إلى الرقة وتم توزيعهن بين الإرهابيين ولم يكن هناك مزاد علني لبيع الرقيق. وسنقرأ عن المعاناة القاسية لتلك الفتيات الجميلات في مستشفى إبن سينا. وههنا ستكرهون عباس أكثر عندما تقرأون عن دوره مع التنظيم الإرهابي، وتعرفون عندها بأن الكلب "سبع" أفضل من ذلك الشقيق الشرير بكثير. تدين الكاتبة كل ما قامت به الأحزاب – بمختلف مشاربها – ودورها في تخريب الوطن، وإنتشار الفساد بقصص واقعية نعرف جميعاً بحدوثها لكن أحداً لا يتكلم عنها.

إن تقنية السرد مبتكرة وتشوق القاريء لأنه سيكتشف أموراً جديدة في النهاية لم يكن ليتوقعها، كما أن اللغة مناسبة وسهلة لكنها مؤثرة جداً وهو السبب الذي جعلني أفسد بعض الأوراق بسبب الدموع على دمار العراق، وفراق الأصدقاء والأحبة، وشتات وطن وشعب بأكمله. هنالك روحانية في الرواية ممثلة بقصة دفن أحمد حياً – وهي قصة حقيقية كما علمت من حواري مع الكاتبة – فضلاً عن شخصية عزيز. ويكمن ذكاء الكاتبة في تصوير كل ما هو مثير للجدل وقوي على لسان الأطفال الأبرياء والأشخاص شبه المجانين لتمنح الرواية طابع الغموض والتشويق.

تستذكر الكاتبة الموصل – مدينة للتعايش – وتصر على أن تحتفظ بذلك، من خلال صداقة أحمد وخضر وبقاءها معاً للنهاية، وأن التهجير نفسه لم يفرقهما، قبل أن يجتمعا في قبرين متجاورين تحت سماء تركيا – في منفاهمنا الذي حرمهما من التراب والسماء الأثيرين لديهما. تجاور الهلال والصليب في تلك البقعة وجاء حاخام ليصلي على القبرين، فهزمت صداقتهما الحقيقية حروب السماء على الأرض.

ختاماً، إنها حكاية وطن بأكمله، وحكاية مدينة سلبوها هويتها وكيانها وأهلها الأصليين، إنها حكاية تغصّ بألم الواقع وألم الحنين للماضي. لم أكتب هنا عن كل الرمزيات القوية والذكية التي وردت فيها لكي لا أحرمكم متعة القراءة. إنها رواية بلسان عراقي حقيقي لا يروق له كل من مرّ على حكم هذه البلاد، لا قديماً ولا حديثاً، لأن العراقي الحقيقي المخلص للوطن وحده سيتمكن من تحديد دور كل هؤلاء في خراب وطنه. إقرأوا عن قصة العراق النقي ومحاولات تشويهه، ولا تنسوا المناديل لأنكم حتماً ستبكون وسط إبتساماتكم!



#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية الموت والرعب - قراءة في المجموعة القصصة -معرض الجثث- ...
- نبوءة عرّاف كلخو - قصة قصيرة
- غموض ذاتٍ عدمية - قراءة في رواية -الغريب- للكاتب الفرنسي ألب ...
- مجتمعاتنا العمياء - قراءة في رواية العمى للكاتب البرتغالي جو ...
- صراعات الذات واللاهوت – قراءة في رواية عزازيل للكاتب المصري ...
- وداع نينوى – الأمّة والتاريخ – وسط صمت العالم
- صراعات مقنّعة بالجمال – قراءة في رواية -عن الجمال- للكاتبة ا ...
- شارلي إيبدو – ضريبة الحريّة الباهظة
- لم يحن الوقت بعد - قصة قصيرة
- عبث الحياة - قصيدة
- تراجيديا عراقيّة – قراءة في رواية -فرانكشتاين في بغداد- للكا ...
- ألف ليلة وليلة الفرنسية – قراءة في رواية زديج لفولتير
- قبول الآخر – قراءة في رسالة الفيلسوف جون لوك عن التسامح
- إطلالة قصيرة على كافكا
- تناقضات النفس البشريّة – قراءة في رواية -الإنسان الصرصار- لل ...
- لا يزال ثبت الملوك السومري يحيّر المؤرّخين بعد مرور اكثر من ...
- أنشودة في عشق الطبيعة – قراءة في رواية بيتر كامينتسند للكاتب ...
- إعادة قراءة التاريخ - قراءة في كتاب -الفتوحات العربية في روا ...
- إكتشاف أنفاق سريّة تحت الأرض تعود لعقيدة نهرينيّة قديمة تحت ...
- علماء يستعدّون لحل لغز الحمض النووي السومري - موضوع مترجم


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كلكامش نبيل - شتات يأبى التشتت – قراءة في رواية -شتات نينوى- للروائية العراقية غادة صديق