|
مسطرة النقد
هاله ابوليل
الحوار المتمدن-العدد: 5373 - 2016 / 12 / 16 - 16:28
المحور:
الادب والفن
مسطرة النّقد قال الملك:" الآن جاء دور البيّنة ومن ثم يأتي دور الحُكُمْ ". قالت الملكة " كلا ,الحكم أولا ثم البيّنة ".
" هراء " صاحت أليس بصوت عال جعل الكل يقفز من مكانه إزاء فكرة إصدار الحكم قبل البيّنة".
في النقد تتضح البينّة هي النص الأدبي في حين أن الحكم هو النقد(1) وقد تعودنا أن نحكم على الأعمال التي نقرأها بناء على أحكام الآخرين , فمن منا قادر على أن يقول أن أعمال نجيب محفوظ عادية و مكتوبة بنثر أدبي عادي , وليس في رواياته - تلك اللغة الجمالية المشّوقة ولا ترقى لغته لمستوى أدبي رفيع . عندما صرحت الكاتبة الفلسطينية سلمى الجيوسي وقالت :" إنها لا تستمتع بقراءة أدب نجيب محفوظ (2) وهذا حق لها ولغيرها ولا يمكن مصادرة حق الآخرين بالرأي , ومع ذلك لم يعجب ذلك الكثير من الكتّاب والكتبة والمستكتبية وأنصاف الكتاب كتاب التقارير كتاب التددخل الرسيع بل لم يعجب ذلك شكسبير نفسه في قبره وعندما افاضت بالشرح وقالت تفسيرا لفوز نجيب محفوظ بالجائزة ألعريقة إياها , أن ثمة أكاديمي معارض لمنح نوبل لأي عربي من ضمن أعضاء ألأكاديمية السويدية ,وقد تغيب للصدفة في ذلك اليوم الذي يتم فيه الإختيار , ففاز نجيب محفوظ , إنقلبت عليه أسنة أقلام كثيرة – رغم أن ما قالته لا يعد غريبا ,وهذا شيء معروف حيث تعتبر هذه الجائزة صهيونية ولا يفوز بها سوى اليهود فهل يعقل أن ثماني نساء في نوبل "يهوديات ",حصلن عليها في السنوات الأولى من عمر الجائزة ,حتى عندما فازت توني اميرسون كثامن إمرأة تحصد نوبل للآداب ,,,صرخت مستنكرة وغيرمصدقة : أنا لست يهودية ! بمعنىآخر كانت تستفسر " كيف أخطأت الأكاديمية بمنحي الجائزة فما لم تأت به الكاتبة الجيوسي أن هناك قمع لكل صاحب نقد مخالف وأنا من الناس أيضا لم استمتع برواياته قط , ماعدا قصة ميرامار واللص والكلاب . إنقلبت الأرض ولم تقعد ,وتم إتهام الأديبة بكل الإتهامات , أما في الغرب فعندما يصرح (3) "ترومان كابوت، الكاتب الامـــيركي صاحب «إفطار عند تيفاني» و «بدم بارد»،أن رواية «العــــجوز والبحر»الشهيرة لارنست همنغواي , أسوأ رواية قرأها خلال سنوات طويلة. فأن الأمر - حتما - سيكون عاديا بلا شك .
فما هي مواصفات مسطرة النقد التي يكون بناء عليها القياس في النقد ! ثمة دلالات ومقاييس وأوزان يقاس به قيمة العمل الأدبي ؟ فما هي ؟ وهل نتائج قياسها دقيقة , و ما هي معايير هذه المقاييس! وهل أحكامها مقدسة ومحمية لمن ينالون الجوائز . الجدير بالذكر أن جائزة كتارا التي تنطلق من العاصمة الدوحة ,وبعد إعلان فوز الأعمال الأدبية مباشرة , أصدرت الّلجان التحكيميّة ولأول مرة مسطرتها الناظمة للنقد (4), و و وجدنا أرقام محسوبة ,تقيس تلك المعايير مثل ,بنية النص والعقدة و درجة الجدّة في الموضوع ,المعالجة والخلاص ,التكثيف والإيحاء , وهناك مقاييس الّلّغة ومقاييس للفكاهة والتذوق . كل ذلك يحيلك لمصطلحات المقارنة والمفاضلة ما هي الأسس التي تمت عليها المفاضلة!! كيف يمكن لناقد بعيدا عن العوامل الخارجية أن يثبت أن عملا أفضل من الآخر ؟ إذا ما تشابهت الأسس والنقاط النقدية لكلا العمليّن , وحصلوا على علامة متساوية في درجات التقييم؟ وجدير بالقول على الرغم من عمر جائزة كتارا الذي لم يبلغ سوى عاما واحدا , فقد كانت أكثر شفافية من جائزة البوكر التي تخفى معاييرها وتجعل من التوافق بين اللّجان كمسطرة للنقد و ربما لهذا لحق بالجائزة العالمية للرواية العربية الكثير من النقد لتجاهلها عرض مسطرتها النقدية في تقييم الأعمال المرشحة التي تفوز بدون عرض لتلك التقييمات ولا حتى بتزويد القراء بنبذة عن المداولات والنقاشات التي تتم بين لجان التحكيم , لذا صار من الضروري, بل مطالبا منها , أن تقوم بعرض مسطرتها النقدية . وأخيرا إن حرية النقد ستبقى مرهونة بحرية الأشخاص الذين يتناولونها بموضوعية النقد والتمحيص و لا يمكن أن يكون هناك عمل أفضل من غيره بسبب أن تلك الأعمال - لو- تم عرضها على أربع لجان مختلفة و من بلاد متنوعة. سنجد أن نسبة قليلة من التوافق ستحدث ,وستكون فعلا رواية عظيمة تلك التي إتفق عليها الأكثرية . (مائة عام من العزلة حصلت على ذلك الإتفاق العالمي فهي الرواية التي يعرفها طوب الأرض جميعا ) , ولكن يبقى لطبيعة العمل النقدي بيئة غير ودودة و مريحة . لأن مسطرة النقد غير متشابهة لكل الثقافات والأجناس والإثنيات ,و سيكون دائما هناك معترضين , سواء أكان ذلك بمقاييس البيئة المحلية, أو بالمقاييس العالمية .
#هاله_ابوليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأدب والكتابة ودموع قيصر
-
مرآتي يا مرآتي , والحكايات الخرافية و تحرير النساء
-
الكتابة بلا بوصلة و - بيدرو بارامو - مثالا
-
-سطوة القارىء على النص وإحتمالية موته -
-
المرض النفسي وقراءة الروايات
-
-أثر الحورية - لنص يخطف الدهشة ويتوارى !
-
طفولتي الروائية
-
بالقراءة ,,, انت تعيش الحياة في مكان آخر
-
- جميعنا نمتلك حكايات تخصّنا، لكن معظمنا لا يقدم على كتابتها
...
-
حقيقة بطل الرواية الجيدة !
-
بدون أي حكمة
-
الرواية والصناعة البصرية
-
نريد مائة عام من العزلة ليصبح لدينا مكتبة للمكفوفين
-
رسالة الى المعلم الأول - أصنع الشغف لطلابك
-
كلمتك الحرّة بمواجهة - الديستوبيا-والمدينة الفاسدة
-
كلمتك في مواجهة -الديستوبيا -والمدينة الفاسدة
-
الإسترخاء ,, رحلة تأمل ,,,, و إنتفاضة يوغا صامتة
-
هايكو الحب الياباني
-
محاكمة للذات الأنثوية - أنت ياسيدتي - سبب توارث التخلف
-
سأتكلم عن الحب , بمحبة اقل ,,,,,
المزيد.....
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|