أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مزوار محمد سعيد - الطرف الأيمن على العتبة اليسرى














المزيد.....

الطرف الأيمن على العتبة اليسرى


مزوار محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 5270 - 2016 / 8 / 30 - 13:33
المحور: المجتمع المدني
    


مريح جدا أن يقول الفرد لنفسه أنه بخير، هو يعمل وينتظر أجرا، مؤدب مع الناس، له مأوى يلجأ إليه، يلبس ألبسة جديدة، وقد يقود سيارة في وضعية جيدة، يزور الشاطئ، ويتحدث مع الفتيات على هاتفه... الخ، إنه بخير وغير قلق، فهو حرّ ولو في اعتقاده، والرفاهية تلفه وتدير حياته، والجميع أو على الأقل من يلتقيهم ويرتاح لهم هواه، هم يشيدون بمناقبه التي لا تظهر سوى قليلا، أو لنقل نادرا.
تلك العلاقة المخفية بين الفرد وذاته هي التي تحدد مصيره، هي التي ترفع معنوياته إلى مستوى الحماس، وهي التي تضعه في مواقف مدمّرة في أوّل إمتحان جدّي للغاية، وعذرا فإنّ سكان الجزائر من الجزائريين يرسبون أمام هذا الإمتحان والناجحون فيه، تلك القلة القليلة هي عصامية المنشأ والتعليم.
هي أمور بسيطة أو حتى تافهة أمام "الكاميكاز" الجزائري، المستقبل هو آلة تلتهم حاضره، وماضيه هو أبهى صور مستقبله الضائع، ما يشدّ انتباهي هي تلك اللا-مبالاة الباتالوجية "المَرَضية" التي تصيب الجزائري بشكل عنيف، وتستولي على مراكزه العصبية وحتى أتفه تفاصيل يومياته، لتصنع منه نموذجا أقل ما يقال عنه أنه لا يعرف من هو.
لقد سألتُ احدى الجزائريات عن كلمة "رؤيا" وما قد تعنيه لها كلمة كهذه فردت عليّ قائلة: باغدون مسيو... فهمتُ أنها لم تفهم من اجابتها الهروبية، ثمّ أعدتُ السؤال بشكل آخر فقلتُ: ما الذي يخطر ببالك عندما تسمعين كلمة "رؤيا-فيزيون" فأجابت: "هي أمر ما يدخل في خصائص الإنسان".
من حادثة بسيطة كهذه سهل على المتأمّل أن يدرك بأنّ كلمة "رؤيا" هي من خصائص الإنسان فعلا، والفتاة الجزائرية مصيبة في هذا، لكن في إجابتها أمور غامضة، لما استعملت لفظة إنسان ولم تستعمل كلمة "أنا" أو من خصائصي؟ ولما إحتاجت إلى وقت كسبته من إعتذار أوّلا لتستجمع إجابة لم تحضرها في حينها؟ ولما إحتاجت لترجمة للكلمة العربية إلى قرينة فرنسية؟
لأنها لا تملك رؤيا، وهي تعتبر الأمر مزعجا لأنه لا يعنيها، فهي تعيش العبث الذي يديره غيرها، وهذه الأمور أو حتى التفكير من أجل الخوض فيها هي ثرثرة بالنسبة لها، وأنا صرتُ في خانة المغضوب عليهم عندها لأنني وضعتها أمام مرآة ذاتها، وبطريقة ذكية جدا طلبت اعتذارا مبطنا بلوم لكنني أصريتُ على الإجابة فصرفتني باجابة مؤلمة عازمة على عدم خوض حديث معي مستقبلا في قرارة نفسها.
لقد صار العدو بالنسبة للجزائريين هو ذاك الذي يسمونه بأوصاف كثيرة إلا صفة "الصداقة"، هو ذاك الخائض في مسائل روحية معيشية، ولو كان مؤدبا طالبا لرأي لا أكثر، فمجرّد إثارته لمواضيع كهذه تجعله في خانة الأعداء أو المتطفلين أو المزعجين و "حاسبين ريسانهم" في أحسن الأحوال؛ فالجزائري يهرب في كل الاتجاهات ما عدى مواجهته لنفسه.
من الغرابة التي تثير الصداع اجتماع الجزائريين على "الهرب" الروحي هذا، إلا من رحم ربي طبعا، هناك أمور خفية تثير العجب، يفسرها البعض بالصدمة الحضارية، والبعض الآخر بالظلالة عن سبيل الله أو الحق، وآخرون بالكسل والخمول، لكن متى احتاجت الروح للعمل لتواجه روحانيتها؟
التبريرات مختلفة متعددة، هناك الكثير من الأطروحات لمن يجتهدون مشكورين في اضفاء تصوّر لتفسير ما يحدث، لكن المجتمع هو أكبر من فرد، والأفراد عاجزين عن تصوّر الأمم، وهذا هو العامل الأساس في العجز الذي يتوارثه الجزائريون، فبدلا من الخوض في معالجة وتحديد الأدوار بين الأجيال، نشأ صراع تبريرات بينهم، فكل جيل يتهم الآخر بالتخاذل ويجعله محورا لكافة الأشرار والشرور.

ملاحظة: هذا النص مهدى للإنسان (ة)، الذي نبهني إلى موضوع هام كهذا، موضوع روحي عميق، شكرا جزيلا لك.

[email protected]



#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم ندرك هذا سوى بعد ضياع كل الأمور، أدركنا أننا ندور خارج ال ...
- ذاك الذي اعتقد أنه من الآلهة، ذكّره الجزائريون بأنه بشر
- بعض توابل التفكير على الضمير قد تنفع صاحبه
- زحمة يا دنيا زحمة؛ زحمة وتاهوا الحبايب
- حريق على أعتاب دار التفكير إنتقاما من ذاته الموغلة فيه وتحرش ...
- -بريك-إقزيت- عنوان مسرحية خروج شكسبير بوند من إتحاد أوربا
- لا يمكننا شراء الجرءة
- أكتبُ ما يحلو لي رغم أن هذا يسبب لك مشكلة
- معاني أسماءنا المكتوبة على جبين نيويورك
- التفكير في الممنوعات طريق الحرير الجديد إلى الشهرة
- سرقة الزمن كأداة للاضطهاد الجماعي والبؤس الروحي بين أزمة الأ ...
- أورلاندو فلوريدا تذكرنا بالخفيّ من وجهنا
- بكلّ مودة ورحمة أحمل الثمن الاجتماعي وأتحمّله
- مؤتمر التخلّف بعد قرون من التعرّف
- دعاء الفحم
- ومع ذلك هناك ألم
- المسابقات الاكاديمية الجزائرية: حتى أنت يا بروتوس!؟
- ماذا لو صار غاليلي رئيسا للجزائر؟
- جوزفين (Joséphine): بإمكاني ان أوجد في الغرفة وخارجها في الو ...
- أرقام الرهبنة الثقافية


المزيد.....




- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مزوار محمد سعيد - الطرف الأيمن على العتبة اليسرى