أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزوار محمد سعيد - لا يمكننا شراء الجرءة














المزيد.....

لا يمكننا شراء الجرءة


مزوار محمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 5203 - 2016 / 6 / 24 - 17:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أستسمحكم عذرا ودعوني أبدأ في ذي بدء بمفهوم "القابلية"، هذا المفهوم المحوري والحساس في فكر فيلسوف الجزائر "المطرود" مالك بن نبي، بحيث ربط الشعوب العربية-المسلمة بالقابلية للإستعمار، وهي في واقع الأمر فكرة بمثابة الفتح لمفكّر مخضرم إن ما ربطنا حياته بالفترات الاستعمارية، فقد عاش فترة الاستعمار التقليدي، وبعدها عصر الامبريالية العالمية "العولمة"، كانت فكرة القابلية + الاستعمار تعتبر قمة الدهاء وبالغ البعد في النظر وانفتاح هام لبصيرة الفرد آنذاك.
يتحدث الفيلسوف مالك بن نبي عن تهيئة الأرضية لحضور الاستعمار، ومن ثمة أداء الاستعمار ذاته اللعبة التي عبر عنها بكلمة "المسرحية"، وهي بالذات عملية شدّ وجذب، مع تكسير للبنية السوسيو-ثقافية لتجمّع سكاني معيّن، ثم الاجهاز عليهم عبر اقامة بنى فكرية تكون امتدادا لبناه الفكرية الامبريالية، لكن بطرائق ناقصة جدا، عبر نخب "كسولة" لا تحمل من إسم "النخبة" سوى زفير الكِبر المتعالي على شعوبهم والتملق الوديع أمام المستعمر "الأب الروحي" بالنسبة إليهم.
لقد حدث هذا بالفعل على الأرضية العربية-المسلمة، حيث أنّ بعض البلدان التي كانت وقتها حديثة بالاستقلال أغوت نخبها الأكاديمية ومفكرّة منها بالأساس شعارات "الشيوعية-الاشتراكية" بايعاز من الامبريالية الاستعمارية ذاتها، وبالتالي وجد قطاع كبير من التجمّع العربي-المسلم ذاته المعنوية ضمن الاشتراكية-الماركسية، وقد تمّ شحن الحشد العربي-المسلم بالشعارات العاطفية المحرّكة والمجيشة إلى أن استفاق على كذبة الشيوعية الكبرى، التي وعدت العمّال بجنة على الأرض مع انهيار الاتحاد السوفياتي ذاته، لتركن هي بالتالي إلى الفوضى، على الرغم من التنبيهات المتكررة التي أطلقها مالك بن نبي في أكثر من مقال في عز الصراع "البارد" بين السوفييت والغرب، حيث أنه أشار إلى انهيار الامبراطورية اللينينية كونها بدأت مع سبعينات القرن العشرين تفقد مبرراتها الوجودية.
بهذه الحركة العاطفية الشعبية كسبت السلطات العربية-المسلمة وقتا على مقاعدها، وخسرت الشعوب المستقلة حديثا زمنا ثمينا، بل الأسوأ من هذا، فإنّ العالم العربي-المسلم ركن إلى الفوضى عبر ركوده، ومحاولات تصحيح اتجاه بوصلته، فاقدا بذلك الشمال الحقيقي، إما بالتوجه نحو المستعمر التقليدي تحت عنوان "المصالحة التاريخية" أو نحو بلاد العم السام، والتي كانت قد حسمت أمرها بتدليل الابن غير الشرعي للامبراطورية البريطانية "إسرائيل".
تلعب الكتلة الغربية أمام العالم العربي-المسلم لعبة كثيرة الحركة، هي عملية الضغط النفسي الجماعي بشكل ملفت، عبر الاستناد إلى مرجعياتها الانثروبولوجية الدقيقة، ولنا في كلارك ويسلر وتايلر ودراسات أخرى الكثير من الأمثلة، حيث نجد بلادا مستقلة حديثا كالجزائر وبعد أكثر من خمسين سنة من الاستقلال لا تزال تطالب بالخرائط الخاصة بالمياه الجوفية الموجودة على ترابها من الاستعمار الفرنسي الذي خرج منها بعد فترة احتلال دامية.
التفوق العلمي للغرب والقوة التي تختفي خلف الاستراتيجيات المختلفة الخاصة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هي الورقة الحاسمة في هذه اللعبة المصيرية لمنطقة كثيرة الحساسية دينيا وقوميا، إثنيا وطائفيا، بل هي أكثر من ذلك وأكثر مما نتوقع بكثير؛ بحيث تبدأ تأثيرات كلمة "القابلية" من الذات الفردية للفرد العربي-المسلم، حيث فشلت هذه الشعوب في تحديد اتجاهها الثقافي-السياسي الجديد، وبتدمير البنى التي أشرتُ إليها سابقا، فإنّها بقيت أكثر وضوحا وأكثر تفتتا في انتظار دورها على لائحة الاختراق من طرف القوى العالمية وخاصة "الغرب" في صورة الولايات الأميركية المتحدة على العموم.
لم يكن الضعف العربي-المسلم في أيّ يوم من الأيام ضعفا في الموارد الطبيعية كانت أو البشرية منها، وإنما الضعف في كلّ من النفسيات المقهورة المهزوزة، تلك التي وصلت إلى مراحل متقدمة من أمراض كثيرة، لعلّ أبلغها وأكثرها خطورة هو: فقدان الثقة والأمل في النفس والمحيط، ذاك الذي حاصرته الطوباويات المحنطة من جهة، ودعاة المجون بلا أي قاعدة هادية من جهات أخرى، بشكل يجعل من الفرد أكثر ضياعا مما يمكن لأي منا أن يتخيّل.

[email protected]



#مزوار_محمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكتبُ ما يحلو لي رغم أن هذا يسبب لك مشكلة
- معاني أسماءنا المكتوبة على جبين نيويورك
- التفكير في الممنوعات طريق الحرير الجديد إلى الشهرة
- سرقة الزمن كأداة للاضطهاد الجماعي والبؤس الروحي بين أزمة الأ ...
- أورلاندو فلوريدا تذكرنا بالخفيّ من وجهنا
- بكلّ مودة ورحمة أحمل الثمن الاجتماعي وأتحمّله
- مؤتمر التخلّف بعد قرون من التعرّف
- دعاء الفحم
- ومع ذلك هناك ألم
- المسابقات الاكاديمية الجزائرية: حتى أنت يا بروتوس!؟
- ماذا لو صار غاليلي رئيسا للجزائر؟
- جوزفين (Joséphine): بإمكاني ان أوجد في الغرفة وخارجها في الو ...
- أرقام الرهبنة الثقافية
- تفاصيل العودة إلى التدبير، طلقات نحو جسد الماهية
- تسوّلٌ دقّ باب الفلسفة، ابتعد لأرى الشمس
- فلسفة اليونان لم تقنع أخيل بأنّ طروادة بريئة
- أولاس تي ميزون
- مشكلة الثقافة وثقافة المشكلة عند مالك بن نبي
- تسابيح متجددة بتجدد ما لقيصر فهو لقيصر
- مايكل لايزال نشيطا


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مزوار محمد سعيد - لا يمكننا شراء الجرءة