|
سماء سوريا مُحرقة
شريف مانجستو
الحوار المتمدن-العدد: 5268 - 2016 / 8 / 28 - 13:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حينما بدأت شرارة الثورة السورية فى درعا فى 26 فبراير 2011 ، كانت كالنبتة الصغيرة التى تحتاج إلى قطرات من الماء لإيجاد روح تبحث عن الحياة والارتقاء من جديد ، كانت لحظات البعث الحقيقية لطفولة تُنادى على الجماهير لكى تُقاوم . فالمقاومة لنظام بشار الأسد البعثى -الطائفى هى فرض عين ، بل أراها من أركان الإيمان . حيث كلمة الحق التى ينطق بها المرء أمام الطاغية فى لحظات الضيق والغضب .وكانت الانطلاقة فى 15 مارس 2011 استجابةً لدعوات تشجيعية -تحريضية للتظاهر،وذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعى، التى أسقطت نظام الاستغلال والاستبداد المُباركى فى مصر . وكان الهدف من هكذا تظاهر ، هو إيجاد طريق جديدة ، طريق واعدة ، طريق باعثة على الأمل فى عهد الضلال الأسدى . ولكن دائماً ما تكون الرياح هى الحائل أمام تحقيق الأهداف . حيث استخدم النظام السورى أبشع أنواع القمع والقهر والقتل والاعتقال والتنكيل. وعليه ازدادت رغبة الجماهير الصادقة فى إنهاء عُصبة دراكولا المُتمثّلة فى " قمع بعثى - علوى ، الحاضنة الإيرانية للنظام ، ميليشيات حزب الله حليف البعث الورى ، و التى تسكن كالأشباح فى قبور لبنان الجريح " . كانت هبّة ملحمية رائعة ، حين يخرج الشعب السورى فاضحاً لتحالف طائفى استغلالى كريه . هكذا تحالف ألقى بسوريا على أرصفة التاريخ الإنسانى . هذا التحالف المشئوم تاجر بمنتهى الوضاعة بالممانعة والمقاومة ، وهو من أضاع الممانعة والمقاومة . ألم يقتل حافظ الأسد المقاومة الفلسطينية فى تل الزعتر فى منتصف السبعينيات ؟؟.. ألم تتعاون إيران الخومينى مع إسرائيل عسكرياً ؟؟. ألم ينفذ حزب الله أجندة إيرانية فى حرب تموز ، والتى كانت تهدُف لإبعاد الأمريكين عن مشروعها النووى ؟؟. ألم يُساهم بشار الأسد و الملالى فى طهران فى قطع كُل جسور التواصل بين الفرقاء الفلسطينين ، وذلك بتعميق الانقسام الدموى فى فلسطين بين فتح و حماس ؟؟.وبالفعل استغل النظام هذا الحِراك الشعبى المتصاعد ، وأكّد أن ما يحدث على الأراضى السورية ماهى إلا مؤامرة مُحكمة للقضاء على محور المُمانعة !! ، و خرجت بيانات رسمية من الحكومة السورية ، تؤكد أن التحالف الصهيوأمريكى يقود حرب كونيّة ضد سوريا ، حيث إن سوريا هى بوابة الشرق . ولكن الجموع تزداد فى الشوارع ، فى حماة واللاذقية و المزة والقابون و دوما والزبدانى وداريا وغيرها من مناطق ريف دمشق الصامد .وبدأت كُرات الجليد تعصف بأصنام القمع المُشتعلة . وللأسف ظهرت خفافيش الموت ، وهى تدُك حصون الثورة برايات سوداء تحمل لفظ الجلالة . كان الحشد الطائفى القادم من صحراء الخليج ، يعبث بعقول الشباب السورى المكافح ، وبدأت أصوات ترتفع ، وهى تحمل نعرات طائفية قميئة ، مُنادية بمواجهة الطائفة العلوية وجيش بشار الدموى الصفوى ، ودُفعت أموال طائلة من اجل عسكرة الثورة السورية .ولعبت دول إقليمية وعربية دور بشع فى حرق الشعب وتحطيم الأمل فى التغيير . فهذه الدول تحمل لواء الدفاع عن أهل السُنة والجماعة من أخطار التشيع . ولم يتجرأ أحد من هؤلاء القوم ، أن يُناهض فكرياً أى ملمح استبدادى أو انتهازى داخل طبقات الحُكم فى الخليج ، أو حتى رفع شعارات تحريضية على الجهاد ضد الكيان الصهيونى الغاشم . إنه فكر وهابى صحراوى ، يؤمن بالهيمنة الطبقية استناداً لمراجع فقهية قديمة . فالخروج على الحاكم باطل ، والملكية الفردية هى السائدة . وهذا بالتأكيد مُطابق للطبيعة القبلية التى تعيش فيها تلك البلدان . ولا يليق أن نصف هكذا تطرف أو رجعية بالإسلام ، فالمُسلمون فى الماضى رغم ارتكابهم أخطاء فادحة ضد الآخر ، إلا أنهم نجحوا فى فهم الفلسفة ، بل أضافوا رؤى فلسفية جديدة ، وبرعوا فى علوم متنوعة وفنون عديدة . أما الوهابيون ، فالله الأمر من قبل و من بعد . فالصدمة كانت شديدة ، حينما ترى عدنان العرعور السلفى ، وهو يتوسل إلى الناس للنزول ، انتقاماً من عُصبة دراكولا البعثية ، التى ارتكبت مجزرة حماة فى عام 1982 . ولهذا السبب شعرت أن الثورة ستتحول إلى احتراب أهلى ، سيستثمره النظام بمزيد من القتل والتدمير والتشريد. وجائت الطامة الكُبرى ، حيث فتحت تُركيا حدودها ، لتمرير أكبر عملية إدخال ميليشيات فى التاريخ الحديث ، مدعومة بأموال قطرية وسعودية ، وبأسلحة كرواتية أوكرانية من مخلفات دول الاتحاد السوفياتى المنهار كمداً فى بداية التسعينيات . وبالتأكيد تطورت الأمور ، و تم خلق دعم سياسى من الولايات المتحدة للميليشيات المُسلحة ، التى تقطع الرقاب وهى تقول الله أكبر ، فى مشهد مُبتذل ومؤسف . وبدأ السلاح الأمريكى يدخل من الشمال السورى ، و تلقى الجيش السورى ضربات متتالية أفقدته اتزانه ، فلجأ لحلفائه المعروفين ، فبدأت أفواج عناصر حزب الله تأتى للأراضى السورية ، دفاعاً عن النظام السورى ، الذى يضمن لحزب الله التمويل والدعم الاستراتيجى ضد مجموعة 14 آذار و سمير جعجع . وبدأت إيران تُرسل قاسم سُليمانى و بعض العناصر الثورية ، من أجل مواجهة السعودية " العدو المركزى لطهران " . حتى العناصر الفلسطينية داخل المخيمات ، انقسمت انقساماً شديداً . ودخلت إلى العراق ميليشيات شيعية دعماً لبشار وجنوده ، و دحراً للوهابية التى تقتل وتحرق وتنهب . والبراميل المتفجرة تقتل الشعب يومياً ، والاشتباكات فى كل المدن والبلدات مستمرة حتى الآن ، وماتت ثورة أرادها الشعب انتصاراً ، وحولتها الأجندات الأمريكية والإيرانية إلى هزيمة كاسحة للحُلم المُبهر ، الذى انتظرته الجماهير كثيراً . حتى روسيا وضعت لها قدماً فى هذا الوحل ، والهدف معروف طبعاً . وهو نقل الصراع مع الولايات المُتحدة من شبه جزيرة القرم إلى الشرق الأوسط على أعتاب طرطوس السورية " الروسية السيطرة " . تحدثت كثيراً مع بعض السوريين المحسوبين على نظام بشار الاسد ، وتناقشت معهم بخصوص الدمار الشامل والدور التركى القذر ، والتواجد الروسى المشبوه . فكانت الردود تقليدية جداً ، وهى أن التحالف " الدولى " يُريد إنهاء وجود سوريا الدولة ، ويسعى لخلق سوريا الطوائف ، وأن التواجد الروسى أمر طبيعى خصوصاً و نحن نواجه مخاطر كبيرة ، وتشريد لملايين السوريين ، والتوغلات الأخيرة للأتراك فى العمق السورى ، وإن ما تفعله سوريا يُشبه ما فعله جمال عبدالناصر فى استدعائه لعشرات الآلاف من الروس إبّان حرب 1967 . فهذه الردود تؤكد أن عقلية البعث لن تتغير و دائماً تُقدّس تجارب الماضى التى فشلت فى تحقيق أى انتصار عسكرى حقيقى . فكل هذا لا يعنينى ، لأن ما يعنينى هو الشعب السورى الذى ينزف ويغرق و يُحرق أطفاله بحمض الكبريتيك المُركّز . فثقتى بالله أن الشعب السورى سيعود إلى أرضه ، بدون داعش وبدون بعث صفوى . و ثقتى ان السماوات الملتهبة فى سوريا ستكون برداً وسلاماً على السوريين ، ولكن على الجميع أن يُنقذ هذا البلد من التفتيت والاحتلال .
#شريف_مانجستو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسرائيل كيان إرهابى
-
لحن الأمل
-
طنط سامية شنن
-
شاطىء الحقد
-
عصام حجى .. بين الرغبة والهذيان
-
جمهورية تركيا الإخوانية المُتحدة
-
الصحة المصرية فى خطر
-
الإجابات السبعة لأسئلة يسرى فودة (2-2 )
-
الإجابات السبعة لأسئلة يسرى فودة (1-2)
-
المكارثية فى مصر
-
دونالد ترامب والمعسكر الديمقراطى
-
و انتصر القضاء المصرى على ثورة الشك
-
جماعة الإخوان المسلمين و بئر الخيانة
-
مصر أكبر من أى ميليشيا
-
انقلاب حماس الدموى بعيون مصرية
-
أحزاب المعارضة المصرية تحتضر
-
الشعب المصرى و الثقافة الاستهلاكية
-
عن المُستشار هشام جنينة أتكلم
-
معاناة المرأة فى عصر الخوف
-
راشد الغنوشى يتخلى عن الحاكمية لله
المزيد.....
-
أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي
...
-
كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير
...
-
جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
-
الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
-
الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
-
احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
-
شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي
...
-
نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
-
تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
-
الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|