معاناة المرأة فى عصر الخوف

شريف مانجستو

الحوار المتمدن-العدد: 5181 - 2016 / 6 / 2 - 14:13
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

لا أستطيع أن أنسى المرأة التى رأيتها منذ 4 سنوات وقد تم سحلها فى الشارع الذى أقطُن فيه . فالفاعل للأسف كان زوجها ، كانت الرحمة والشفقة غائبتين فى تصرفه الأخرق . لا أستطيع أن أتجاهل ما يحدُث للعديد من النساء فى محاكم الأُسرة فى مصر ،إنها مأساة وملهاة فى نفس الوقت . فالمرأة التى أرادت أن تستقر فى بيت الزوجية وتبنى للاستقرار وطناً ، أبت الأعراف إلا أن تسحقها تحت أقدام الظروف وحماقات بعض الرجال وتعنُت بعض الإجراءات الشكلية . فآلاف القضايا يتم النظر فيها داخل محكمة الاُسرة ، والأوجاع تُحطم قلوب الجميع . فمن العار والقُبح أن تتسول المرأة نفقات معيشتها من رجُل لا يعرف للإنسانية سبيل . ألم يلتهم هذا الرجُل جسد هذه المرأة شرعاً ؟. ألم يشعُر معها ولو للحظات بشىء من الامتنان ؟. إنه شعور بالغُبن أن تجد نفسك تتسول نفقات معيشتك من شخص . ماذا نقول لإمرأة أرادت أن تحصُل على حريتها ، ولكن البيروقراطية لا ترحم إلا بعد معاناة طويلة ، يضيع فيها عُمر المرأة هباءً منثورا .وللإنصاف علينا أن نؤكد أن محكمة الاُسرة انتصرت نسبياً للمرأة فى العديد من القضايا فى 2015 ، وفقاً للإحصائيات التى أصدرتها محكمة الأُسرة . حيث شهدت مكاتب التسوية خلال عام 2015 رفض 6000 دعوى نشوز بعد التأكد من أنها كيدية ومحاولة تعسف الرجال فى طلب حقوقهم التى يروها شرعية. فيما كان قد تقدم 2000 طلب فى بيت الطاعة بعد رفض الزوجات الرجوع لأزواجهن بسبب استحالة العشرة وبعد التأكد من صحة معاناتهن تم رفضها. وكان الخلع والطلاق الحل الوحيد لنساء تعرضن للإيذاء الجسدى والمعنوى من قبل أزواجهن فلجأن للمحاكم الأحوال الشخصية وعرضن مشاكلهن مما دعا المسئولين المختصين بمساعدة ما يقارب من 13 ألف سيدة. وعن معاناة السيدات من رفض ازواجهن دفع النفقة الخاصة بأطفالهن وتركهم دون أى دخل يساعد فى سد احتياجات ابنائهم من مسكن وملبس ودواء وتعليم، ألزمت محكمة الأسرة 5000 رجل بدفع النفقة مقابل حق الرؤية. ولكننا نحتاج للمزيد من الإنحياز للمرأة الضعيفة أكثر . بالإضافة إلى أنه توجد إشكالية كبيرة عند تنفيذ الأحكام ، فهُناك ضُعاف نفوس فى جهاز الأمن المصرى ، لا يُطبقون القانون إلا وفقاً لرغباتهم ، والحلول المُتاحة للمرأة تكون غالباً قليلة . وهذا أيضاً لا يمنع أن هُناك رجال يعانون من مشكلات عويصة من أجل رؤية أبنائهم إلى غير ذلك .فما علينا الآن أن نعرفه ماهى الأسباب وراء تخبط المجتمع اجتماعياً ، وازدياد معدلات الطلاق ، حيث أكدت بعض الدراسات أن معدلات الطلاق فى مصر ترتفع بجنون ، و أنه ستكون فى عام 2022 حالة طلاق كُل 35 ثانية !!!. فهذا الأمر مُحزن للغاية ، حيث البيوت تتشتت والأولاد يجمحون فى سياق تصارع أُسرى لا يقود أبداً إلى خير . هل انتهى الحُب بين الزوجين ؟. هل النظرة للمرأة بهذه الدونية لدرجة أن ترى بعض النساء يُضربن بشكل فج و مُبرح ؟.ولماذا يحدث هذا فى المجتمعات العربية والإسلامية بشكل كبير ؟. إنها أسئلة تحتاج لإجابات شافية . فالمرأة للأسف فى مصر تشعُر بالخوف ، لأنها لا تجد الحُب الذى يحتوى ، ولكنها تجد فقط الحُب الذى يشتهى ، لا ترى إلا حُب الامتلاك و الانانية من الرجُل ، لا ترى أيضاً إلا القمع والقهر من هذا الرجل باسم التقاليد والعادات التى دمرتنا جميعاً بسبب سوء توظيفها اجتماعياً . المرأة غالباً تخشى أن يتركها زوجها ويبحث عن غيرها ، فدائماً تتحمل .المرأة غالباً تخشى من تشويه مُتعمد من المجتمع فى حال فشلها الزوجى ، فلذلك تتحمل . المرأة غالباً تتحمل إهانات من الرجل . فلقد قالت لى إحدى الصديقات من بريطانيا لها باع طويل فى دراسة قضايا المرأة، أن المرأة الشرقية تُعانى من اضطرابات نفسية تُهدد سلامها الاجتماعى والعقلى . والسبب هو النظرة الدونية للمرأة والتعامل معها على أنها شر لابُد من إخفائه أو احتوائه أو قمع رغباته الجنسية ، لكيلا تقوم بفتنة الرجُل.فهذه النظرة تدفع المجتمع للعصف بحقوق المرأة . فلقد قرأت تصريح لإحدى المُتخصصات فى شئون العلاقات الزوجية أكدت أن الفهم الخاطئ والمغلوط لما جاء فى القرآن الكريم والسنة المحمدية من الأسباب المباشرة فى العنف ضد المرأة، وكثير من الزوجات تتحمل العنف هى الخوف من التفكك الأسرى والطلاق والحرمان من الأطفال والخوف من إيذاء الأبناء وعدم القدرة المالية بسبب عدم عملهن ، و واصلت طرحها لجذور الإشكالية الزوجية التى تتعرض لها المرأة فقالت " أن ساعد على تفشى العنف الذى تتعرض له الزوجات عدم وجود القوانين الرادعة من قبل الحكومات والسلطات، ودور الإعلام فى العنف ضد المرأة يمثل عاملا أساسيا إذا لا زالت ترتكز على النظرة التقليدية للمرأة الخاضعة التى لا تستطيع أن تقوم بأى دور دون الرجل". فالمُعضلة كبيرة جداً وتشرذم المجتمع يُهدد بانهياره و سقوطه لا قدر الله .فالمرأة هى التى تبنى الأوطان وتبنى الزعماء و العُظماء . فأنا لا أنحاز للمرأة من مُنطلق فكرى أو مُناصر لها بشكل أيديولوجى ، بل أنحاز لها من مُنطلق إنسانى بحت . لأن المرأة هى سر الوجود الاجتماعى . وهى رغم كُل الصعاب قادرة على إعطاك الحُب بإخلاص و أن تتحمل منك الكثير إن عاملتها كإمرأة لها كيان ومشاعر وأخلاقيات . وأخيراً على المجتمع أن يتطهر من نظرته السلبية تجاه المرأة ، ولن أُطيل فى هكذا أمر ، بل يكفينى أن أذكُر مقولة الشاعر السورى - نزار قبانى : كيفَ تقول أن المرأة ناقصة عقل و دينْ ؟!!و كيف ( لناقصةِ عقلِ ) أن تسلب (عقلك الكامل ) ولبكْ.و كيفَ (لناقصةِ دين ) أن (تُكملَ) لك نصف دينكْ !!.

#شريف_مانجستو (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات