|
الدناءة
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 5268 - 2016 / 8 / 28 - 09:09
المحور:
كتابات ساخرة
المفروض أن الصفات الظاهرية للإنسان تتناسب رفعة أو دنوّاً مع وضعه في المجتمع ، سواء تقلّد هذا الوضع إستحقاقاً أو بدونه . فالمرء يتوقع من دنيء الإساءة والغدر ، ولكننا نرى أناساً قد بلغوا درجة إجتماعية ، أقل ما يُقال عن أسلوب وصولهم إليها ، أنها بدون إستحقاق حقيقي ، فيظهرون ، في حياتهم وتصرفاتهم على حقيقة طبعهم الدنيء .
تداول الناس ، همساً أو سرّاً ، قبل التغيير الذي حدث في 2003 قصصاً كثيرة عن تصرفات عديٍّ إبن المقبور صدام : عدوانه على أعراض بنات الجامعة من اللواتي كان يعترضهن ويختطفهن ويأتي بهن إلى واحدة من بيوته ، ويقضي معهن وطره ثم يطلق سراحهن مع التهديد بسوء العاقبة إن هنّ بلّغن أحداً بذلك . أو الليالي الحمراء التي كان يحييها ، والتي كان تصل به حالة السكر والعربدة أن يعتدي على أيّ شخص مهما كانت منزلته ، ومن مثل هذه الحالات قتله للطباخ الذي كان مسؤولاً عن تذوّق أكل صدّام لوجبة الأكل التي كانت تُعدّ له ، لمجرّد أن هذا كان قد أقام حفلة بمناسبة زواج ، كان فيها صوت الموسيقى والغناء عالياً مما أزعج عديّاً ، فأرسل إليه ، ولما حضر ضربه بعصاً كهربائية سقطت على رأسه فمات . هذا بالإضافة إلى ما ذاق من أعماله رياضيو العراق عندما كان رئيساً للجنة الأولومبية العراقية من القسوة في فرض العقوبات الكيفية ، وحسب مزاجه ، ولم ينجُ منه حتى وزير الشباب والرياضة حين إختلف معه وكال له اللكمات والركلات . ولم يكتفِ عديّ بتصرفاته الشخصية بل أنه دخل أيضاً سوق التجارة الفاسدة ؛ يعمل في الإستيراد ويفرض على التجار شراء بضاعته بالسعر الذي يحدده هو ، ويكافح التجار المنافسين أن يفسد عليهم إدخال بضاعتهم من قبل السلطات الكمركية فتبقى في المنطقة الحدودية حتى تفسد ، أو يفرض الأتاوة ( الخاوة ) على التجار ، وحتى الشركات المنتجة والمحلات التجارية . ومن القصص المضحكة عن عديِّ إعلانه يوماً ضياع بطاقته التموينية ، طالباً من من يجدها إيصالها له ، وكذا تصريحه البائس أن أباهُ ( صدّام حسين ) لا يملك من الملابس غير البدلات التي يظهر بها !!
" ودارت الأيام " أغنية شجيّة غنتها أم كلثوم ، وجاءنا التغيير في 2003 محمّلاً بحفنة من الأرذال ، أوصل بعض الناس الطيبين البسطاء إلى حال الذين ترحموا على حافر القبور ونابش القبر بعد دفن الميّت وسارق الكفن ، عندما أورث حرفته إلى إبنه الذي صار لا يكتفي بنبش القبر وسرقة الكفن بل يضع خازوقاً في دبر الميّت . أقول حفنة من الأرذال ، لا حياء لديهم من ما يرتكبون ، لا حياء لديهم تجاه " مرجعياتهم " أو " رعيّتهم "؛ يسرقون ، ينهبون ، يكذبون ، يحرّفون الحقائق ، ويتكلّمون " بثقة عالية بالنفس " وكأنهم يتكلّمون الصحيح، واحدهم يظهر على صفحة قناة فضائية متقمّصاً قميص الصالحين النسّاك ، وهو في الحقيقة نهّابٌ وسارقٌ ومختلسٌ للمال العام والخاص ، قابعٌ على عقارات من الدولة أو خلق الله بدون وجه حقّ . هؤلاء هم خلفاءُ ذلك الزمن الذي كنا ندعو لإزالته ، ولم نفطن أن هؤلاء أرذل من من سبقهم .
إن كان الناس يتحدثون ، همساً أو سرّاً ، عن عديّ ، قبل 2003 ، مخافة العقوبة أن تنزل عليهم ، فإن الحديث بعد 2003 " وبفضل الإحتلال الأمريكي " أصبح علانية ، إذ أطلق عنان الألسن ، وصارت حرّة في الكلام ، على الرغم من عمليات الإنتقام التي تمارسها عصابات وميليشيات الحفنة التي ورثت النظام الجديد . أصبح الناس يتكلمون في المقاهي العامة وفي التجمعات الخاصة وعلى صفحات الصحف والمجلات وصفحات التواصل الإجتماعي والقنوات التلفزيونية الفضائية . يتحدثون عن البلاوي الجديدة التي لم تكن مألوفة في ما سبق : يتحدثون عن كل مراجعة لمواطن إلى أية دائرة حكومية ، فقضيته لا تأخذ مجراها الصحيح إلاّ بعد أن يسدد الأتاوة ( الرشوة ) إبتداءً من أصغر موظف إلى القمة . يتحدثون عن المشاريع الخدمية والعمرانية التي تعلن عنها الحكومة ، ثم لا يرون لها أثراً بينما الأموال المخصصة قد صُرفت . يرون جرائم كبيرة تُرتكب ، والجاني معروف ، والسلطات الأنية تكتفي بإلقاء القبض على الجثة ، ويدعون الجاني يهرب ، يتحدثون عن هرب وزير للدفاع بعد أن إختلس المليارات من الدولارات ، يتحدثون عن تهريب وزير التجارة ، المختلس لمليارات الدولارات ، من قبل رئيس الحكومة . يتحدثون عن مساومات جرت لتقوية الدواعش وبيع الأسلحة لها من قبل مكتب وزير الدفاع ، ثم تكليف رئيس العشيرة ذاتها بمكافحة الدواعش !! يتحدثون عن الصفقة التي سمحت للدواعش إحتلال الموصل ، وهروب القادة العسكريين ، وتسليمهم كافة الآليات والمعدات والأسلحة أبان دخول الدواعش المدينة ، وهم الذين كانوا مخولين كامل صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة ، ورغم مرورأكثر من سنتين على خيانتهم للوطن ، وعلى الرغم من الأحداث الفضيعة التي عقبت ذلك ، من توسع الدواعش في ثلث أراضي العراق ، ومجزرة سبايكر وتلعفر والمجازر التي أرتكبت بحق الإيزيديين والإيزيديات ، فإن أولئك الضباط لم يُحالوا إلى المحاكم لحد الآن .
قصصٌ مأساوية كثيرة حدثت ، والحثالات التي بيدها تسيير أمر البلاد والعباد لاهية عن كل ذلك ، وتعمل ما في وسعها إطالة مدة حكمها ، لتستغل الفرصة في تكديس ما يمكن تكديسه من المال ، ناسية أن لا حال يدوم لأحد .
من غرائب قصص ما بعد 2003 تشابه بعضها مع قصص ما قبل ذلك التأريخ :
ففي فترة حكم الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر ، وبالتحديد فترة ما سُمّي " بمجلس الحكم الإنتقالي " ، كان أحد أعضائها عبد العزيز الحكيم ( والد عمار الحكيم الحالي ) ، تحدّث الناس كثيراً عن إستغلال عمار لموقع أبيه ، وكانت له صولات وجولات من ذات صولات وجولات عديِّ ، ومنها مراودة إحدى الموظفات العاملات في القناة التلفزيونية التي يمتلكها أبوه ، حتى تمكنت تلك الموظفة ، وهي إمرأة متزوجة ، من حفظ عِرضها بمغادرة العراق . وأما إستغلال عمار لموقعه بعد رحيل والده ، فقد تحدث عنها كثيرون من النواب وليس آخرهم الدكتور مهدي الحافظ الذي تحدّث عن مجمع الجادرية التي إستحوذ عليها عمار ( والله وحده يعلم كيف حصل له ذلك ) ، وكذلك لجنته الإقتصادية في كتلته المجلس الأعلى الإسلامي ، وإستحصال نسبة من العقود التي تبرمها الوزارة المعطاة إلى أحد أتباعه .
ومن قصص عمار المضحكة التي تذكّر بالدعويين اللذين إدّعاهما عدديّ ، تصريحه أنه ما زال منذ 2003 يعيش ، هو وعائلته ، في سرداب البيت !! عجيبٌ ... أي فرد بسيط يسمع هذا الكلام يحسبُ أن عمّاراً في مستوى ً من الوَرَع والتواضع أنّه لم يغيّر سكنه إلى سكن يليق بمقامه ، لما هو في موقع قيادي لكتلة سياسية لها نفوذ مؤثر في سياسة البلد . يا ناس .. يا أهلي من بسطاء الناس .. عمار الحكيم يعيش في القصر الذي كان قد بناه طارق عزيز ، من أموال وزّعها صدّام حسين على جميع قادة حزبه ، ليبنوا بها قصورهم ، ولتكون مؤهلة لتجمعاتهم بحضوره ، وقد كان طارق عزيز يعرف أن صدّاماً يحبذ الجلوس على الأرض تشبّهاً بالخلفاء والقادة التأريخيين ، فقد أثث سرداب قصره بما يليق لهذا الغرض .. وعمار ( الحكيم ) يريدُ خداع السامعين بإدعائه هذا ، وهو الكاذب .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قنّ الدّجاج ومجلس القضاء الأعلى
-
طريقُ المصالحةِ الوطنية .. وتكاليفُها
-
وُجوبُ ما يَجيبُ
-
نَحنُ . . هُم
-
الذّيليّة *
-
عجيبٌ ... لا مؤامرة و لا إستعمار !
-
كَشَفوا نِقابَهُم
-
أفكارٌ عقيمةٌ تحكمُنا
-
مُجَرّد حوار مع الذات
-
خارطة طريق
-
رِسالَةٌ مُبَطّنَةٌ
-
رَجُلٌ يُعتَمَد أم خُرّاعَةُ خُضرَة ؟
-
قانونُ البطاقة - الوطنية -
-
قُدرَةُ حَيدَر العباديّ
-
إحذَروا المُتآمرين
-
ثَورَةُ الشّعبِ وحيرةُ العبادي
-
قصّتان ؟ لا... بينهما رابط .
-
التَدَبُّر ومفتاحُ الحل
-
هَل مِن رجالٍ لفجرٍ جديد ؟
-
فَلِيَخسأ المُحَرّفون .. ولِيَنتَصر الشُرَفاء
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|