أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - جروح لا تندمل














المزيد.....

جروح لا تندمل


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 5242 - 2016 / 8 / 2 - 22:03
المحور: الادب والفن
    


جروح لا تندمل

-" ما أكثر الندوب في يديك وساقيك.. وكأنكِ خضتِ معارك شرسة "
ضحكتُ بيني وبين نفسي، ولعلّ طيفَ ابتسامةٍ فرّ مني وزار مبسمي وأنا أتخيّل نفسي وكأني خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو على فراش الموت: «لقد حضرت كذا وكذا زحفًا وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، وها أنا أموت على فراشي حتفَ أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء»،
طفلتي التي كانت ترقد إلى جانبي تفحصني بيديها، كما يفحص الطبيب مريضاً، وأنا مستسلمة للمساتها الرقيقة ، أحاول استغلال تلك اللمسات لاستدراج استرخاء يتبعه نوم، أحاول أن أركّز على مسار تلك اللمسات، بل و أحاول أن أوجّهها في الاتجاه الذي يريحني علّ بعض عضلاتي المتشنجة ينالها قدر من التدليك يجعلها توقف استنفارها وتكتّلها وتستعيد انبساطها..
لكن الصغيرة لمحت شبح الابتسامة .. :
" أمي هذه الندوب عند ركبتيك، ما قصتها ؟ هل هي عقوبات مدرسية ؟"
-" لا ، ليست عقوبات ، كنت قائدة الفصل بالمدرسة وبالتالي كنت نظامية وبعيدة عن العقوبات، قد تنالني بعض العقوبات الجماعية ، كتنظيف باحة المدرسة وما شاكل ذلك ، لكن .."
وسرحت في ذلك الزمن، حين كانت أحلامي كبيرة لا يسعها جسدي الصغير ، فتتفلّت منطلقةً تركض وتمرح وتقفز و تتسلّق ، تقع، وتتعارك ، تجرّ معها ذلك الجسد ليتلقّى السحجات والكدمات والجروح ، وكأنه درع يحمي الروح من طعنات ربما كانت نافذة ...
"أمي تكلّمي ، أعرف أن لديكِ الكثير من المغامرات ".
" حسناً، على ركبتيّ وأكواعي الكثير من السحجات بعد عدة سقطات أثناء ركضي ، وأثناء قيادة الدراجة والموتوسيكل ".
قاطعتني بذهول : " الموتوسيكل ؟ هل كان لديك موتوسيكل؟! ".
ضحكت كثيراً ، وقد فقدت كلَّ أمل بالاسترخاء ، الصغيرة لن تتركني ، ستعرف قصة كل جرح وكل ندبة
-" لا لم يكن لدي موتوسيكل ، لكني كنت أقايض أحدهم ، أعطيه دراجتي وبعض النقود وآخذ الموتوسيكل خاصته ...
طبعاً ننتهي بعراك لأنني أعيد إليه آلته متهالكة، الكثير من الحوادث والاصطدام بالرصيف والحائط .. - أغفلت ذكر حادثة صدمت بها جارتنا الشريرة - لكن بالنتيجة تعلمت قيادته بعد عدة انزلاقات خطيرة، كان لطف الله حاضراً .. "
-" وهذه البقعة الداكنة على يدك ؟"
-"حرق ! حاولت أن أساعد أمي بقلي البطاطا ، قلّ الزيت بالمقلاة فأضفت الماء ! فاشتعلت المقلاة بنار عظييييمة أكلت يدي التي كانت ما تزال تصب الماء ..!"
-" وهاتان الندبتان في أعلى كتفك ؟"
" ندبة ناتجة عن اللقاح، أخذته عند الطبيب، إلّا أن معلّمتي أصرّت على أن آخذه مرة ثانية في إطار الحملة المدرسية الصحية ، تغيّبت على إثرها عن المدرسة أسبوعاً، وقد كنت حريصة على أخذه قبلاً في الصيف كيلا أتغيّب ...!"
-" وهنا أمي ، وهنا ، وهنا ".
-" سقطة عن الشجرة ، ركلة من حمار ركبته مع خمس من صديقاتي، سقوط على صخور بحرية ، وقوع في بركة زلقة ،"
-" أمي ، كنت دائماً مجروحة أو معطوبة .. كنت في ألم دائم ؟"
-"لا أبداً ... لم أكن أشعر بالألم ..جروح الطفولة لا تؤلم ، هي كوخزة دبوس ، آنية .. كنت أنظر إلى سحجاتي وكأنها وشم غجري جميل ..أحصيها كل ليلة قبل النوم ...، لكن جروح الكبار لا تلتئم بالكامل ، وتنزّ كُلَّمَا عضّتنا الذكريات ..."
ركضت عينها إلى جرح في ساقي،
أصبت به منذ سنوات في معركة صرعتني فيها الحياة .. زرعت في القلب خيبة .. وفي الجسد ...
-" أمي ، هذا الجرح في ساقك اليمنى ، أراك دائماً تضعين عليه ضمادة ، ما قصته ؟!".

د. عبير خالد يحيي



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حفل شواء
- سوريتي
- نضج
- قراءة في تجربة أديب الأطفال جاسم محمد صالح
- هل أبكي ..؟
- رحلة
- محكمة
- التابوهات وقلم الأديب
- جنة ... أم جحيم؟
- الغرائبية والانزياح في نصوص الأديب العراقي الأستاذ عبد الرزا ...
- التحدي العظيم
- طيف
- إشهار كتاب ( رسائل من ماض مهجور ) مجموعة قصص قصيرة للكاتبة ا ...
- المحاكاة الداخلية في نصوص الكاتبة المصرية هالة محمود مقدّم م ...
- نقد أدبي لنص ( جنون في النقل لا في العقل ) للكاتب العراقي كر ...
- قراءة نقدية لنص ( أحلام ورق ) للكاتب المصري محمد البنّا مقدم ...
- انتظار
- قراءة نقدية لقصيدة ( كارثة ) للشاعر العراقي عبد الرزاق عوده ...
- قراءة نقدية لنص ( الغائب ) للكاتب صاير الجنزوري مقدم من الدك ...
- حديث سمر


المزيد.....




- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...
- فيلم السرب 2024 بطولة احمد السقا كامل HD علي ايجي بست | EgyB ...
- أستراليا تستضيف المسابقة الدولية للمؤلفين الناطقين بالروسية ...
- بعد إطلاق صندوق -Big Time-.. مروان حامد يقيم الشراكة الفنية ...
- انطلاق مهرجان أفلام السعودية في مدينة الظهران


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - جروح لا تندمل