|
طريقُ المصالحةِ الوطنية .. وتكاليفُها
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 5235 - 2016 / 7 / 26 - 23:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الظواهر المتكررة في حل الخصومات والصراعات المستعصية بين القوى السياسية العراقية أن تتدخل جهة غير عراقية بين الأطراف وتتوسّط في تقريب وجهات النظر والوصول إلى تسويات ، قد تكون قصيرة الأجل في بعض الأحيان ، ولكنها بأي حال تفتح أبواباً للإستقرار وتقدّم فسحة للشعب أن يركن إلى العمل والإنتاج . تعود أسباب إستعصاء الحل بين تلك القوى السياسية العراقية إلى إنعدام الثقة بينها ، فما تتفق عليه جهة اليوم تخالفه في غدٍ ، بل تخون العهد وتتآمر وتنقلب على الجهة التي إتفقت معها . وقد تكررت هذه الظاهرة مرّاتٍ عديدة في التاريخ المعاصر على الأقل ، ومردّ ذلك أن كل قوة سياسية تريد أن تنفرّد بالحكم وتتصرّف لصالحها وليس لخدمة العراق وشعب العراق . وهكذا فإننا ندور، من عقود ، في دوامة حلقة مفرغة : تأتي فئة وتحكم البلاد بإسم القومية والوحدة العربية ، دون إخلاص أو إيمان حقيقي بالشعارات التي ترفعها ، غير مبالية بالتركيبة السكانية للشعب العراقي المتكوّن من قوميات مختلفة ، ثمّ تأتينا فئة أخرى تحكم البلاد بإسم الدين ، وأيّ دين ، بل مذهبٌ من مذاهب دين ، وهي الأخرى غير مؤمنة بالشعارات التي ترفعها ، بل حسب تجربة ما يزيد على عقد ، ديدنها السرقات والإستحواذ على ما يمكنها من المال الحرام ، غير مبالية هي الأخرى أن شرائح الشعب العراقي تتنوع في دياناتها ومذاهبها . كثُرت مشاريع الإصلاح ، وعُقدت مؤتمرات ومؤتمرات ، يُنظمها ويحضرها أفرادٌ وجماعات من جميع الأشكال والألوان ، رسمية وغير رسمية ، مشاركة في السلطة أو معارضة ، أو تدّعي الحياد ، وتصدّر بيانات تحتوي بنوداً ومقترحات بل خططاً ، أو تسمّى عند بعضهم خارطة طريق ، ثم يذهب كل شيءٍ أدراج الرياح ، وتبقى الإشكالات والصراعات ، حتى وصلنا حافة الهاوية . هل عدمت عقول العراقيين من الوصول إلى وسيلة تمنع سقوطنا النهائي ؟ أصحاب المؤتمرات ومشاريع الإصلاح يدعون ، قاطبة ، إلى صلاح الوطن والشعب ، ودعواتُهم ، في الحقيقة ، رياءٌ تخفي وراءها مصالح كل جهة تبغي تحقيقها أو الحفاظ عليها . من هنا نأتي إلى نقطة بداية التفكير في الحل : إيجاد القاسم المشترك بين مصالح تلك الفئات المتصارعة ، سواء كانت تلك المصالح إقتصادية أو إجتماعية أو حتى سياسية . إن عملية جرد عمليّ ، وبأسلوب علمي ، وتحليل مصالح جميع الفئات المتصارعة ، وإيجاد القاسم المشترك بين تلك المصالح يُعتبر الخطوة الصحيحة الأولى في عملية بناء الوحدة الوطنية . إن العملية النضالية التي تبدأ على هذا الأساس توفّر الطمأنينة عند الجميع على مصالحهم ، وتوفر الأجواء لتبادل الثقة بينهم ، وتقرّب بين وجهات النظر ، التي تبدو متنافرة . إن عملية كهذه تكون غالية الثمن ، إذ تتضمّن مساومات حول قضايا قد لا يكون من السهل تفسيرها ، وعلى الخصوص في قضية إصدار عفو عام شامل على أساس " عفى الله عن ما سلف " ، ولكن كل تلك التكاليف يجب إعتبارها رخيصة في سبيل إنقاذ العراق من الدوامة التي تؤدّي إلى الهاوية . قد ترتقي هيئة من عقلاء العراقيين إلى مستوى يؤهلها لهذه المهمة ، وتحمل أمانة الإخلاص للعراق وشعبه ، ولها من الجرأة والشجاعة والإقدام لفتح الحوار مع جميع الجهات السياسية المتصارعة ، بدون إستثناء ، مستخدمة سلاحها العلمي والعملي لتقريب المصالح والأفكار وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية ، تضع العراق على عتبة عراق جديد معافى .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وُجوبُ ما يَجيبُ
-
نَحنُ . . هُم
-
الذّيليّة *
-
عجيبٌ ... لا مؤامرة و لا إستعمار !
-
كَشَفوا نِقابَهُم
-
أفكارٌ عقيمةٌ تحكمُنا
-
مُجَرّد حوار مع الذات
-
خارطة طريق
-
رِسالَةٌ مُبَطّنَةٌ
-
رَجُلٌ يُعتَمَد أم خُرّاعَةُ خُضرَة ؟
-
قانونُ البطاقة - الوطنية -
-
قُدرَةُ حَيدَر العباديّ
-
إحذَروا المُتآمرين
-
ثَورَةُ الشّعبِ وحيرةُ العبادي
-
قصّتان ؟ لا... بينهما رابط .
-
التَدَبُّر ومفتاحُ الحل
-
هَل مِن رجالٍ لفجرٍ جديد ؟
-
فَلِيَخسأ المُحَرّفون .. ولِيَنتَصر الشُرَفاء
-
إمام أبو الخرگ
-
إسگينا العَلگم
المزيد.....
-
بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية
...
-
مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد
...
-
بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر
...
-
ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ-
...
-
رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع
...
-
-حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر قيادة بثكن
...
-
-لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي
...
-
سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا
...
-
طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار
...
-
أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|