أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - مقال الناقد سيد الوكيل عن رواية جسد ضيق














المزيد.....

مقال الناقد سيد الوكيل عن رواية جسد ضيق


هويدا صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5191 - 2016 / 6 / 12 - 04:20
المحور: الادب والفن
    


على الرغم من أن (هويدا صالح) تذهب بعيدًا في الماضي لتؤسس قواعد روايتها ( جسد ضيق ) إلا أننا لسنا أمام رواية أجيال كما يوحى السياق الذي يستدعي الجذور الاولى لنشأة بعض الشخصيات. فلهذا الاستدعاء ضرورة فنية تخدم موضوع الرواية. صحيح أن الرواية تحتشد بشخصيات عديدة مثل: الست سارة .. يوسف ..الشيخ صالح.. تواضروس.. برسوم منير نخلة وماريا، وغيرهم الكثير من الشخصيات،لكن المتن الروائي يتأسس على قصة حب بسيطة تقوم بين الفتى محمود ابن المتصوف المتسامح ( الشيخ صالح) وفردوس المسيحية ابنة دميانة، ولدميانة قصة سنعرفها لاحقًا. صحيح هى قصة حب بسيطة جداً ونظيفة أيضاً، فنحن لانرى لواعج ولاممارسات هذا الحب، ولكنها على النقيض من ذلك قصة شديدة التعقيد بفضل التراث الثقافي المضطرب في العلاقة بين عنصري الأمة، وهو تراث يتعاظم في البيئات المحافظة على العادات والتقاليد كبيئة الصعيد التي تدور فيها أحداث الرواية. لهذا فقصة الحب هذه تنتهى مثل غيرها بالفشل بل ويبدو أن بطليها –ايضًا- استسلموا بسهولة لحكم الواقع وقوته، هكذا ينتهى محمود إلى حياة تعيسه بعدما أُجبر على الزواج من ابنة عمه وفقًا للعرف الصعيدي. وتنتهى فردوس العاشقة إلى الدير وفقًا للعرف المسيحي، بعد أن عاشت تجربة زواج فاشلة مع شاب اتضح أنه عاجز جنسيًا.

هذا –إذن- مجتمع لايسمح بالحب فحسب، بل هو مكبل بالتقاليد البالية وبالانحرافات الجنسية أيضًا. ومن هذا المعنى قد نفهم عنوان الرواية ( جسد ضيق) إذا يلعب الجسد وأزماته دوراً واضحاً في الرواية، فهذا الباش حكيم ( الممرض) المسيحي، دأب على معاودة امرأة جميلة رحل زوجها الى بلاد النفط وتركها تعاني وحدتها ولوعة الشبق، وأثناء ذلك اشتعل جسديهما، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة ، ليس ورعاً، ولكن خشية لما يترتب على هذه العلاقة عند أهل البلد المسلمين، فعلى الأقل سيفقد ثقتهم بما يؤثر على عمله كممرض يدخل كل بيوت البلد. هكذا دعا إلى الرب ألا يدخله في تجربة مرة أخرى.

أما دميانة ( أم فردوس) فهي تعيش بعقدة، كانت أمها قد عشقت تاجراً مسلماً بعد وفاة زوجها، فخرجت من المسيحية وتزوجته، مما جلب عليها العار، فعاشت تصب غضبها على ابنتها فردوس خشية أن تكرر مع محمود مافعلته أمها في الماضي.

ولعل هذا الميراث الثقافي المتواتر في بيئة الرواية، هو الدافع لأن تذهب الكاتبة إلى الماضي البعيد، وتعمى بالتأصيل التاريخي لبعض الشخصيات، فتضفي على الرواية عمقاً زمنياً، وفي نفس الوقت تؤكد موضوعها، الذي هو: ميراث التقاليد في مجتمع الصعيد. هذه هي القصدية المعرفية المحركة لأحداث الرواية، وهي التي دفعت الكاتبة إلى سياق معرفي آخر - لم تكن مضطرة إليه – يظهر في التأسيس التاريخي عن نشأة المسيحية في مصر وتأثرها بالعبادات والآلهة الفرعونية، مما اكسبها روحاً مميزة عنها في أى مكان في العالم، بل وسنجد إشارات عديدة عن الأديرة ونظام الرهبنة ولا سيما رهبنة النساء.

وعلى ذكر النساء، يذكر أن أبطال الرواية معظمهم من النساء، ويعني هذا أن النزعة النسوية الواعية بوضعية المرأة في المجتمعات المحافظة، كانت تعمل على قدم وساق في وعي الكاتبة، ومن أثر ذلك، أننا لا نعرف إلا النذر اليسير عن محمود، في الوقت الذي تتبعت فيه الكاتبة حياة فردوس بمنتهى الدقة منذ طفولتها الباكرة مروراً بصباها وبلوغها الجنسي وحبها الأول وزواجها الفاشل، بل وتتبعتها –ايضاً- في رحلتها إلى الدير، وهذا يجعل شخصية ( فردوس) هى الشخصية المركزية في الرواية، والتي تدور حولها معظم الأحداث والشخصيات، ومن ثم لا يملك القاريء إلا أن يتعاطف معها لتمركزها في بؤرة وعيه. وهو تمركز يهمنا الإشارة إلية لتواشجه مع وعي الكاتبة –نفسها- ورؤيتها لمشكلة الهامش الاجتماعي الذي كان موضوع رسالتها لنيل الدكتوراة. وهكذا فنحن أمام تركيبة خاصة لبناء رواية تفصح بقوة عن وجهة النظر أو ما يسمية النقاد بايديولوجيا النص، أي العقيدة الفكرية له. ويبرر هذا التوجه اهتمامها بقضايا النساء المهمشات في مجتمع مهمش أصلا هو مجتمع الصعيد، فما بالنا لو كن مسيحيات!!

وبهذا المعنى نحن أمام رواية تثير كثيراً من الأسئلة والقضايا المسكوت عنها في مجتمعنا المصري، وكان من الممكن أن تثير –أيضا- المتعة بدرجة أكبر لو اهتمت الكاتبة بالتكوين الجمالي للغة، كما اهتمت بصحة ومتانة البناء اللغوي نحواً وصرفاً.


3



#هويدا_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشغف المصري في كتاب فرغلي عبد الحفيظ
- التحيّزات الثقافية والحضارية وأثرها على العمران والمدينة الع ...
- جهود فاطمة المرنيسي في مساءلة التراث العربي .
- التفاعلات النصية في ديوان -بياض الأزمنة - لعلي الدميني
- اشتغال الأدب الشعبي في -حكايات شاي الضحى -
- دور المثقف في صناعة المجتمع..قراءة في كتاب -واحد مصري- لوليد ...
- السوسيولجيا السياسية في رواية أوقات للحزن والفرح
- تعرية الثقافة الذكورية في رواية نوافذ زرقاء لابتهال سالم
- الصراع بين الثقافة المحلية والثقافة الوافدة في إيران
- مفهوم مختلف للدين في أعلنوا مولده فوق الجبل
- اللامنتمي يحتج على قسوة البشر
- فن السياسة والأحكام السلطانية في كتاب-دولة الخلافة-
- هشاشة الخطاب الديني في حركات الإسلام السياسي
- عوائق مراجعة المفاهيم في الفكر الإسلامي
- أول محاولة لقلب نظام الحكم في التاريخ العربي
- الحب العذري عند العرب
- مقال د. سيد ضيف الله عن رواية - عشق البنات - لهويدا صالح
- قراءة في رواية ممرات للفقد ..لدكتور عمار علي حسن
- نجيب محفوظ بين السيرة الذاتية والتخييل السردي .. أصداء السير ...
- طرف من سيرة جدتي دولت


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - مقال الناقد سيد الوكيل عن رواية جسد ضيق