أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - مقال د. سيد ضيف الله عن رواية - عشق البنات - لهويدا صالح















المزيد.....

مقال د. سيد ضيف الله عن رواية - عشق البنات - لهويدا صالح


هويدا صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4831 - 2015 / 6 / 8 - 20:26
المحور: الادب والفن
    


"عشق البنات" روايةٌ تنبش في المقبرة المخصصة للنساء
سيد ضيف الله
"عشق البنات" رواية صدرت في ديسمبر 2008 عن دار الهلال للكاتبة هويدا صالح، وهي تتكون من أربعين فصلاً، وكأننا في حالة حداد روائية تمتد لأربعين يومًا/فصلاً تروي الراوية في كل يوم/ فصل بكائية أو "عدوتة"، ومن المعروف في فن العديد الشعبي أن المُتوفى ما هو إلا تكئة لبكاء موتانا ومصيرنا، فكلٌ يبكي على حاله. وكذلك تفعل الراوية مع شخصياتها النسائية على مر الفصول، إذ تبدو تلك الشخصيات تكئة لرثاء الراوية لحالها بوصفها امرأة أو بوصفهن صورًا لكيان واحد وإن اختلفت أسماء الشخوص التي تندرج تحت مظلته. فالكل في واحد هو الراوية ، وهذا الواحد موزّع على كل الشخوص بالتساوي. أما التركة التي تتقاسمها شخوص الرواية فليست سوى مصيرٍ أبان الإهداء عن ملامحه؛ " إلى صباح محمد مرسي التي تنام في مقبرة بلا اسم .. فقط مخصصة للنساء". إن هويدا صالح جعلت من ممارستها لفن "العديد" على طريقة الرواية وسيلة لتغيير وظيفة "العديد" "التنفيسية" التقليدية، فجعلت من روايتها شاهد قبر يعرّف بكل امرأة لم تسكن المقبرة المخصصة للنساء بعد، لكنها تحوّلت هي نفسها إلى مقبرة تُغري بالنبش فيها. إن النبش فعل هدم ومجرد من الإنسانية ، وهو نقيض البناء وهو في غاية الإنسانية، لكن عندما يكون الأمر متعلقًا بتحويل المرأة إلى مقبرة، فإن الدلالات تتحول لنقائضها، فيغدو نابشو القبور بهذا المعنى أطول عمرًا وأجل قيمة من بنّائي تلك القبور.
إن الفصل الأول بمثابة المخطط للرواية بأكملها، حيث تشير الراوية فيه إلى منهجها في كتابة الرواية ، وهو انها تريد أن تعيش حياتها في حيوات أخريات وأن تخلق كائنات تشكلها كما تريد متحررة من دور القديسة الذي يتلبسها ثقافيًا رغم أنفها. إن هذه الكائنات الجديدة ما هي من وجهة نظري إلا كرات اللهب المدفونة داخلها ، أي في جوفها ، وما الجوف إلا التسمية البديلة للمقبرة المخصصة للنساء، " أقول لك : خذي بفكرة صديقك، اخلقي كائنات جديدة ، امرحي في حيوات أخرى. شكليها كما ينبغي، وكما تريدين"( ص9).
ومن هنا ، فإننا نجد الراوية بدءا من الفصل الثاني وحتى قرب نهايتها بقليل أي تحديدًا حتى الفصل الثامن والثلاثين عبارة عن عمليات استخراج لكرات اللهب عبر كائنات جديدة اتخذت أسماء مختلفة وهي (مها الحسيني- علياء- سلوى- غادة ماجدة عز الدين- عبير أنور- سمية- منال)، ويجدر بنا أن نلاحظ أن ضمير المستخدم في السرد في كل هذه الفصول هو ضمير الغائبة(هي)، ومع ذلك تستطيع الراوية أن تصف أحاسيس كائناتها الجديدة بدقة من يصف أحاسيسه الذاتية.
وإلى هذا الحد ليست الرواية إلا رواية نسوية حداثية عادية ترثي حال النساء المقهورات اجتماعيًا وجنسيًا وثقافيًا... إلخ, ومن ثم تثور حينًا على الرجل القاهر لها أو تشفق عليه باعتباره ضحية الجهل والفقر والمرض، أو تنتقم منه حينًا بأن تحوّله إلى طفل يبكي بين فخذيها استرضاء لأنوثتها. لكن مع الفصل التاسع والثلاثين يظهر ضمير الأنا في الحكي لأول مرة على لسان شخصية (نجوى) التي أهملتها الراوية حكائيًا على مر الرواية، فلم تخصص لها فصلًا ، وإنما جاء ذكرها عابرًا كشخصية هامشية تشكو من تعمد سائق السيارة الاحتكاك بصدرها عندما يفتح لها الباب، وتتعمد أن تركب نفس السيارة كل يوم و لا تعدم تقديم مبررات لنفسها أو لسلوى، لكنه فعل تواطؤ واضح من شخصية نسوية تريد وتشكو في نفس الوقت. إن أهمية هذه الشخصية تكمن في أنها واعية بتجاور المتناقضات في داخلها دون إدانة لذلك التجاور، بل ربما في حالة دفاع عما يحققه ذلك التجاور للمتناقضات من سعادة مصدرها اتساق الذات مع نفسها. ونظرًا لهذه الأهمية فإن تلك الشخصية -بظهورها في الفصل 39 مستخدمة ضمير الأنا بهدف مساءلة الراوية عما فعلته على مدى 38 فصلاً في الرواية، هادمة لها كل ما غزلته من نسيج روائي،- تنقل الرواية إلى منطقة أخرى وهي منطقة التمرد على الرواية النسوية الحداثية التي تضع صورة للمرأة بهدف كسب تعاطف القارئ؛ لأنها صورة تدعو للأسى، تلك الصورة التي قدمتها "عشق البنات" على مدى 38 فصلاً ونقضتها في فصلين بفضل ذلك الصوت المسائل لبنية الرواية الحداثية.
"لا تقدمين لي صورة تدعو للأسى، صورة تجعل القارئ لروايتك البائسة تلك يتعاطف معي . لا تقدمين نيابة عني مبررات لما يسمونه سقوطًا . أنا لست ساقطة ، ولست امرأة عُذبت برجل ما قهر روحها، لا زوج لي يقهرني ، ولا أخ أكبر مارس علىّ الضغط والحبسن ولا أب تخلّى عن أمي أو عاملها بقسوة، انا بنت عادية خالص، تربيت في أسرة عادية ومستقرة."( ص-ص162-163)
يبدأ هذا الصوت في تفكيك الرواية عبر السخرية من شخصياتها وتصرفاتها الأخلاقية غير المبررة أنثويًا. إن هذا الصوت الصارخ المتوتر هو الصوت المؤهل روائيًا لأن يحمل أكثر كرات اللهب اشتعالا ويقذفها في وجه الثقافة، وهذه القذيفة هي قذيفة تغني الطفلة بما عزفته يد خالها من ألحان على جسدها.
"بنت صغيرة عرفت يد خالها، التي لم تكن مدربة جيدًا كيف تلامسها"ص166/ "وحين فاجأتها دورتها الشهرية، لم يكن معهما أحد في المنزل، غسل(خالها) لها ما بين فخذيها.. صار لها كل الأشياء المريحة والمحرقة وصارت له متعته الوحيدة...لازم أخته سنوات الدراسة ، رفض خلالها كل عروض الزواج التي نقلتها له" (ص-ص167-168)
بعد هذا الدرس النقدي الذي قدمه صوت"الأنا- نجوى" المتمرد على صورة المرأة في الرواية الحداثية نجدنا امام راوية تساعد بطلاتها (غادة/ سلوى)على الوصول للحظة الغامضة غير المكتملة بعد أن كانت تحرمهن منها باسم الفضيلة أو المحافظة على "شال الأب ناصع البياض"، فقد حرمت منها ماري عندما جمعتها الصدفة بماري الإنجليزية في غرفة واحدة بفندق ، وحرمت منها سلوى التي كانت تنتظر دورها مع بدور ميرفت ومنى في غرفة بدور وهن يدرسن ويحفظن نتائج الحملة الفرنسية!!
"وتركت(سلوى) لأصابع غادة التي تبدومدربة ، تداعب حلماتها. ضحكت المرأتان مرة أخرى، وقامت غادة : لنغلق باب الغرفة"(ص170)
على الرغم من وصول سلوى وغادة للحظة الغامضة واكتمالها بعيدًا عن كل صور الرجل خلف باب مغلق، إلا أن تمرد "عشق البنات" من وجهة نظري ليس تمردًا كاملاً يمكّنها من الخروج عن التصورات الإدراكية السائدة عن المرأة في الثقافة العربية التي تتمرد عليها ، لأنها مازالت أسيرة تلك التصورات التي تدرك المرأة باعتبارها جسدًا فحسب، لتبقى نقطة التمرد كامنة فيمن يتعامل مع هذا الجسد وبأية كيفية، ونقطة التمرد هذه لا يمكنها أن تنتج تصورات إدراكية مختلفة عن المرأة تصلح بديلاً لما هو سائد، فضلاً عن أن تنتج تلك التصورات الإدراكية غير المنجزة بعد لخصوصيتها على مستوى تقنيات السرد.



#هويدا_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية ممرات للفقد ..لدكتور عمار علي حسن
- نجيب محفوظ بين السيرة الذاتية والتخييل السردي .. أصداء السير ...
- طرف من سيرة جدتي دولت
- الكرنفالية وتعدد الأصوات في رواية - كلما رأيت بنتًا حلوة أقو ...
- هل قتل النبي كعب بن الأشرف بكلمته؟!
- الخروج: آلهة وملوك.. أم إثبات حق العودة ؟!
- قراءة في صورة لقاء المثقفين بالرئيس عبد الفتاح السيسي !!
- امرأة الميدان ( حكاية عن شهرزاد يوم جمعة الحداد)
- المجتمع وضريبة الجسد !
- جابر عصفور والتنوير !!
- المثقف الميداني واستراتيجية العمل الثقافي
- خرائب النصر
- تشظي الذوات في نصوص فرق توقيت
- نماط متمايزة تصوغها رؤية أدبية مكثفة للواقع صورة المثقّف في ...
- العلاج بالفن في متتالية بيوت تسكنها الأرواح د. عمرو منير
- وجع اللذة في تمارين لاصطياد فريسة لعلي عطا
- سيرة الحرب والحب في رواية تيو
- بلاغة التفاصيل في رواية - الذرة الرفيعة الحمراء -
- التحريض والتثوير في روايات نجيب محفوظ
- الخطاب الأبكم الهامس في الفقه الأصولي .. قراءة في كتاب -النص ...


المزيد.....




- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - مقال د. سيد ضيف الله عن رواية - عشق البنات - لهويدا صالح