أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هويدا صالح - خرائب النصر














المزيد.....

خرائب النصر


هويدا صالح
روائية ومترجمة وأكاديمية مصرية

(Howaida Saleh)


الحوار المتمدن-العدد: 4579 - 2014 / 9 / 19 - 08:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كانت الكاميرا تجول وصوت المذيع يصف الدمار الذي خلفه العدوان، هنا دمية صغيرة لصبية لم يعثروا بعد على جثتها، وتلك أغراض لمنزل فقير تناثرت بين الخرائب، تتوقف الكاميرا وسط سيل من الجمل الشعرية المؤثرة التي تهدف إلى إثارة تعاطف مشاهد موجود أصلا، فكل من يشاهد هذه السرديات للحدث التي تقوم بها الكاميرا حتما يتعاطف، بل تشخب دموعه دون جهد على شعب تسيل دماؤه حارة ، وتصرخ ليس في القاتل وحده، بل في كل الإنسانية التي تعرف يقينا أن هذا قاتل ولا تتحرك لتردع آلة قتله التي تقتل الصغار والعجائز، وتدمر كل مظاهر الحياة . تصل المأساة لقمتها حين يظهر المذيع في الكادر وهو يقترب من زهرة تناضل من أجل الصمود والوقوف ، وتمد عنقها من بين الخرائب. هنا يزداد المذيع شجنا ، ويخاطب المشاهد بلغة أكثر دراماتيكية وشعرية وهو يؤكد على استحالة إبادة الشعب الفلسطيني الذي سيصمد دوما في وجه آلة القتل المخيفة للعدو الصهويني مثلما صمدت هذه الوردة الصغيرة الضعيفة في وجه الدمار، وقد كان لهذه الصور التي سارت خلفها الكاميرا رمزيتها الشعرية.
أكفان الشهداء يسير بها الناس في شوارع غزة بعد وقف إطلاق النار مكللة بالزهور، الزغاريد تعلو، والرصاصات تطلق في الهواء كما زخات مطر عفي، نساء تقف تتفقد الخرائب والدمار ، أطفال فقدوا براءتهم وطفولتهم وهم يقفون في ذعر وسط كل هذه الأشلاء هذه ليست أول مجزرة يرتكبها العدو، ثمة مجازر سابقة لعل ، أبرزها وأقربها للذاكرة مجزرة ديسمبر 2008، وهذا التاريخ قريب من عمر نشأة حماس التي نشأت عام 2007 ، وبغض النظر عن الاتهام لها أنها صنيعة إسرائيل من أجل تفخيخ القضية الفلسطينية من داخلها ، ومن أجل شق وحدة الصف إلا أنها تسلمت الحكم في القطاع، وبدأ الانشقاق للصف الفلسطيني ما بين القطاع والضفة ، وحماس ومنظمة التحرير ، وخالد مشعل وأبو مازن. من هنا بدأت عسكرة المقاومة المحاصرة لكي يفقد العالم تعاطفه، وللإيحاء بأن المقاومة التي تعسكرت تتخذ من أهل غزة درزعا بشرية .ومن ثم يصبح قتل المدنيين من قبل الكيان الصهيوني دفاعا عن النفس، ومن ثم تم تدمير كل شئ، ثم تم اجتياح غزة مرة ثانية عام 2012، وكان الاجتياح هذه المرأة من أجل اختبار النظام المصري الجديد، نظام حكم مرسي والإخوان المسلمين. كان مرسي قد أعلن أنه يحترم اتفاقيات مصر الدولية في إشارة إلى اتفاقية كامب ديفيد، فكان لابد من اختبار ذلك على أرض الواقع. بحثت إسرائيل عن ذريعة للاجتياح، ولا أظنها بحاجة لذرائع فهي كثيرة، فيكفي أن تطلق حماس بضعة صواريخ في أرض فراغ في إسرائيل لا تصيب أحدا، اللهم إلا حفرة في الأرض، وساعتها يقرر قادة إسرائيل اجتياح غزة. ويتدخل النظام المصري المتمثل في محمد مرسي ومن ورائه الإخوان المسلمين، ويتم الاتفاق حسب شروط الكيان الصهويني، وينتهي الغزو بوقف اطلاق النار بعد قتل المئات من الفلسطينيين.ثم تذرعت مجددا إسرائيل بمقتل ثلاثة شبان إسرائيليين على يد حماس، ونفت حماس ذلك تماما، وبدأت تطلق صواريخها باتجاه العدو، كبدته بعض الخسائر في الأرواح لأول مرة ، لكن بالمقابل كانت خسائر الشعب الفلسطيني بالآلاف ، ما بين قتيل وجريح ، وتم تدمير غزة ، تدمير البنية التحتية لها تماما، تعطلت كل محطات الماء والكهرباء وضرت المدارس، وبات الناس يحتمون بالخرائب. وعرضت المبادرة المصرية على حماس ورفضتها ، ووضعت حماس شروطا مشروعة طبعا ، من فتح المعابر وتوسيع دائرة الصيد ودخول مواد البناء المطلوبة، وقبلت إسرائيل تحت الضغوط التي مارستها الإدارة المصرية الجديدة بقيادة عبد الفتاح السيسي. قبلت إسرائيل شروط حماس، تحت ضغط تفادي وقوع إصابات في جنودها جراء إطلاق حماس لصواريخها التي صارت بعيدة المدى أكثر من السابق، وأيضا استجابة للوسيط المصري الذي أجاد التفاوض، على خلاف المرة السابقة في عام 2012، حيث تم وقف اطلاق النار بوساطة الإخوان دون أي مكاسب لحماس.
وبدأت حرب التصريحات بين الجانبين، حماس تحتفل وترفع رايات النصر، وتدعي أنها انتصرت، أي انتصار هذا الذي قتل فيه أكثر من ألفين من المدنيين وآلاف الجرحي؟! أي انتصار هذا الذي دمرت فيه غزة كاملة؟! لكن حماس تراهن على المانحين، صحيح أن غزة دمرت لكن الدولارات قادمة لإعادة الإعمار، وكذلك إسرائيل ادعت النصر،وخاطبت الرأي العام الداخلي بأنها انتصرت، وذلك حتى يضمن نتيناهو كسب المعركة الانتخابية مجددا، ورغم أن خسائر إسرئيل البشرية أيضا أكثر من أي مرة اجتاحت فيها القطاع، إلا أنها استطاعت أن تخفيها عن الرأي العام الداخلي حتى لا تظهر أمام شعبها أنها غير قادرة على تحجيم حماس والقضاء عليها ، ورغم أنها لم تحجم حماس ولا يحزنون، فمن قتل من قادة حماس لا يتعدى أصباع اليد الواحدة، فكل ضحاياها من المدنيين تقريبا.إذن من الغالب ومن المغلوب في هذه الحرب. هل نستطيع حقا أن نرفع رايات النصر احتفالا بحماس ونحن نسمع أنين الشهداء تحت الأنقاض بين رجال ونساء وشيوخ وأطفال ؟! هل نستطيع أن نرفع رايات النصر ونحن نرى كل هذه الدماء البريئة تسيل من المدنيين؟! هل نستطيع أن نرفع رايات النصر وحماس محاصرة للقطاع، وتعمل على تفريغ القضية الفلسطينية من داخلها، فجميعنا يدرك أن ولاء حماس الإخوانية للتنظيم الدولي، وليس للقضية كلية، وكلنا يدرك أن جرائم الإخوان التي تم ارتكابها بعد وصولهم للحكم جعلت الناس تفقد تعاطفهم مع القضية الفلسطينية التي تم اختزالها في حماس. صحيح ثمة أصوات كثيرة عاقلة نادت أن فلسطين ليست حماس، لكن من ينزع من عقول الناس اتهاما لحماس بالتورط مع إخوان مصر في ممارسة الارهاب ضد الشرطة والجيش المصري؟!



#هويدا_صالح (هاشتاغ)       Howaida_Saleh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشظي الذوات في نصوص فرق توقيت
- نماط متمايزة تصوغها رؤية أدبية مكثفة للواقع صورة المثقّف في ...
- العلاج بالفن في متتالية بيوت تسكنها الأرواح د. عمرو منير
- وجع اللذة في تمارين لاصطياد فريسة لعلي عطا
- سيرة الحرب والحب في رواية تيو
- بلاغة التفاصيل في رواية - الذرة الرفيعة الحمراء -
- التحريض والتثوير في روايات نجيب محفوظ
- الخطاب الأبكم الهامس في الفقه الأصولي .. قراءة في كتاب -النص ...
- إعادة استباحة مصر مجددا / ردا على تصريحات فاطمة ناعوت في جري ...
- دماء الصبايا على مذابح الإخوان المسلمين في مصر
- ذاكرة مصر البصرية في لوحات زهرة المندلية - حياة النفوس -
- أزمة الجسد في رواية عالم المندل
- ليس ثمة موسيقى .. لكنها سترقص غدا
- المستبعد واللامقول في رواية - وردية ليل - لإبراهيم أصلان
- هل آن أوان ربيع النساء في ظل الثورات العربية ؟!
- مرايا الذات المتكسرة في رجوع الشيخ
- اللحن المتصاعد في الحالة دايت
- وخزات الألم
- مثقفون مصريون يرفعون صوت الثورة السورية في سماء القاهرة
- بيان الكتاب والمثقفين العرب ضد مذابح بشار الأسد بحق الشعب ال ...


المزيد.....




- 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب في إيران -تحيّر غروسي-
- -حرب القمامة- في كولومبيا.. عقاب قاس من جامعي النفايات
- فرق الإطفاء تواصل محاولات إخماد الحرائق في جزيرة خيوس اليونا ...
- ترامب يسعى لإغلاق ملف الحرب الإيرانية بنهاية درامية.. هل ينج ...
- نتنياهو وبزشكيان يشيدان بإنجازات بلديهما -التاريخية- في الحر ...
- القسام تعلن استهداف دبابة بعد تنفيذها كمينا آخر مركّبا في خا ...
- إيران تحتشد في ساحة الثورة وتؤكد صمودها في وجه التحديات الإس ...
- إسرائيليون يعتبرون نتنياهو -ملك إسرائيل- وآخرون يرونه خطرا ع ...
- هكذا خططت إسرائيل لقتل الفلسطينيين في نقاط توزيع المساعدات
- ما بعد الحرب.. إيران في مواجهة اختبار الداخل وإعادة التموضع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هويدا صالح - خرائب النصر