أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المريزق المصطفى - الجامعة فضاء لتلقين الدروس و ليس ل-تحليق الرؤوس-














المزيد.....

الجامعة فضاء لتلقين الدروس و ليس ل-تحليق الرؤوس-


المريزق المصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 5174 - 2016 / 5 / 26 - 17:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجامعة فضاء لتلقين الدروس و ليس ل"تحليق الرؤوس"
المريزق المصطفى

و أنا لم أتجاوز الحادية عشرة من عمري، قال لي يوما حلاق قرية غفساي (عمي السلاسي) في إحدى زيارتي له بمناسبة إحدى الأعياد الدينية:
حين نحلق الرأس يجب أن نستحم مباشرة بعد ذلك قبل أن نرتدي بذلة العيد.
و قبل أن أغادره، سألته:
كم من رأس تحلق في السنة؟
تردد قليلا قبل أن يجيب: لو كانت أيام الله كلها عيد لكنت من أغنياء القرية..
تركت حلاق القرية منشغلا بزبنائه المنهمكين في مناقشة أحوال و شؤون القرية الاجتماعية و الاقتصادية، وخرجت من قاعة الحلاقة ووجهي متجه إلى منزلنا لأعمل بنصيحته استعدادا لاستقبال العيد..
استحضرت حلاق قريتي النبيل و الشريف، و أنا أتابع اليوم ما حصل في إحدى كليات جامعاتنا المغربية من مظاهر الانحطاط و الإذلال و صلت إلى حد الاعتداء على مواطنة "بنت الشعب" و حلق رأسها ليس لاستقبال العيد، بل لدوس على كرامتها كإنسانة تستحق الحياة و الحماية و العيش الكريم.
استحضرت حلاق قريتي "عمي السلاسي"، لأتذكر كذلك واقعة لازالت موشومة في ذاكرتي يوم طاردني أحد أفراد القوات المسلحة ليحلق رأسي بأمر من القائد الممتاز " مصطفى أيت سيدي مومة" الذي كان حاكم قريتي في زمن الجمر و الرصاص.
كما استحضرت ما قرأته عن العقاب الذي تعرض له أبناء جبالة و اغمارة في نهاية القرن التاسع عشر، بأمر من القواد و البشوات و أعيان المناطق الشمالية، حين أمروا بحلق رؤوس "المتمردين" بعد اعتقالهم. و نتذكر جميعا ما تعرضت له الحركات الاحتجاجية، في السبعينات و مطلع الثمانينات من القرن الماضي، من قمع و اعتقال بتهمة "إطالة الشعر" و الانتماء إلى حركات شبابية عالمية "الهيبيزم"، رافضة للبرالية و الاستغلال الطبقي، أو ما كان يتعرض له المعتقلين السياسيين في السجون من تعذيب و قمع مزدوج، كان يتوج بحلق رؤوسهم و الزج بهم في زنازين العزلة الانفرادية "الكاشو"..
و اليوم،و احصرتاه! تتحول الجامعة المغربية التي رضعنا فيها حليب الحرية و التربية على التعايش و الحق في الاختلاف و الديمقراطية الناشئة، إلى حلبة للاعتداء المادي و المعنوي على الأفراد و الجماعات. و ما واقعة "شيماء" سوى وجه من و جوه انتهاك جسد الآخرين و العبث بأعضائه، و هو ما يجب شجبه و إدانته من دون أي تحفظ.
فبعد ما كانت مهنة الحلاقة التي تعتبر من أقدم المهن - كما تشير إلى ذلك العديد من الدراسات و الأبحاث التي لامست مكانة الحلاق في مصر الفرعونية، حيث كانت حلاقة الفرعون جزءا أساسيا من طقوس التنصيب -، و أمام ما يشهد به التاريخ القديم و الوسيط و الحديث من نبل و شرف هذه المهنة التي أصبحت لاحقا علما له علاقة بالطب و الفنون، إلى أن انفصلت عن مهنة الطب بقرار من البرلمان الانجليزي في منتصف القرن الثامن عشر، ثم في فرنسا بقرار الملك لويس الرابع عشر..؛ و بعد ما كان للحلاق - كذلك- وظائف موازية مثل قلع الأضراس أو ختان الأطفال و علاج بعض الأمراض الجلدية، يحول "الحلاق الجديد" الجامعة من فضاء لتلقين الدروس إلى وظيفة بشعة لانتهاك حقوق الإنسان و إشاعة قانون الغاب.
هكذا تم السطو على مهنة الحلاق الرائعة، و تم استعمالها في تحقير و إذلال و تشويه مواطنة من الشعب، تستحق الأمن و الأمان مهما كانت درجة الاختلاف معها.
إن ما يقع في الجامعة اليوم، نبهنا إليه في أكثر من مناسبة، و يجب أن ننتظر الأسوأ، في غياب مقاربة شاملة تبدأ أولا وقبل كل شيء، بتوفير شروط تلقين الدروس العلمية و الفكرية و التربوية داخل الجامعة، و إعطاء الأولوية لمستلزمات العيش الكريم لكل الطالبات و الطلبة، و إعمال آليات التكوين و تطوير القدرات و المهارات، و خلق مرافق الترفيه و التثقيف و الرياضة. أما من لا زال يحلم بأمجاد الجامعة كفضاء للتنشئة السياسية، فلن يعيد إنتاج سوى ما يفعله الحلاق المتطاول على المهنة برؤوس اليتامى.



#المريزق_المصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنتدى الوطني للمدينة: البيان العام
- رسالة مفتوحة إلى صديقي الوزير
- المدينة المواطنة
- -الكيف- بين الصراع الطبقي و الانتقال الديمقراطي
- فتيحة بائعة - البغرير- و أقصى درجة الحكرة
- في الحاجة إلى تدريس الفلسفة من المهد إلى اللحد
- أطلقوا سراح كل الطلبة المعتقلين
- سبة رئيس الحكومة في حق المجتمع المدني
- سلامي لك أيتها الأنثى بمناسبة عيدك الأممي
- وجع الماضي و جراح السنون
- تخليد اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية خطوة على درب المصالحة ...
- المؤتمر الوطني الثالث لحزب الأصالة و المعاصرة: سؤال -المدينة ...
- على أبواب المؤتمر الثالث لحزب الأصالة و المعاصرة: الخط السيا ...
- -الأصالة و المعاصرة-: الأسباب الفلسفية و الإضاءة الرمزية
- الواقع السياسي و الواقع الذاتي ... بين القطيعة و الاستمرارية
- أضواء على حزب الأصالة و المعاصرة عشية المؤتمر الوطني الثالث
- الطليعة الواعية في أفق 2016
- من أجل يسار الوسط
- الجامعة المغربية..قنبلة موقوتة
- الجهوية المتقدمة و القضية الوطنية


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المريزق المصطفى - الجامعة فضاء لتلقين الدروس و ليس ل-تحليق الرؤوس-