دمعة على خد الوطن------

سلطان الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1391 - 2005 / 12 / 6 - 08:42
المحور: كتابات ساخرة
    

كم سررت من كل قلبي عندما علمت بأن السيد محمد حبش عضو مجلس الشعب السوري، زار أمريكا القذرة النتنة المجرمة، واشترى منها بضعة تماثيل مصغرة لتمثال الحرية، الذي أعجب به واستهواه، وأمتعه منظره، كما سررت بالغ السرور لكون أولاد السيد محمد عضو الوثيقة الوطنية للتحرير والصمود والتصدي والعمل والأمل ومنافحة الإمبريالية والصهيونية ومعاداة الليبرالية المجرمة.سُررت وسُر كل أطفال الوطن، لأن أولاد السيد محمد اشتروا الباربي الشقراء، والبيبي ---ما قاله.

وبلغ عظيم سروري عندما بدأ بشتم أمريكا الظالمة، فمن لا يشتم أمريكا اليوم هو غير وطني. ومن يشتمها يستطيع أن يدخل في الحوار الوطني ويكون له نصيب من الكعكة القادمة.

أمريكا يا محمد- ليست مطلع أغنية جديدة لشعبان- أمريكا نعم لديها مصلحتها الخاصة في العراق، وفي كل مكان، أمريكا تستعمل الخداع والكذب والنفاق حتى تصل إلى مصلحتها، نعم.

ولكن أمريكا أيضا هي التي زرتها حضرتك، والتي يحلم حضرتنا بزيارتها ولو في الجيل الثالث كما يقول جيراننا الدروز، أمريكا هي الحضارة الحديثة، هي فرص العمل، هي الرفاهية، هي التي زرتها يا محمد_

مثلي مثل غيري من العربان السوريين، لا نعرف من هم قادتنا عظماءنا وزراءنا نوابنا، وبالتالي سمعت انك نائب في البرلمان السوري العتيد، والذي أرجو أن يحلوه ويبدأوا بانتخابات نزيهة جديدة، مع العلم أننا كنا في السابق نعرف أن نصف المقاعد ستذهب للبعث وأتباعه أو أحبابه اخف وطأة، ولكن اليوم أصبح خوفنا أعظم، مع صدور الوثيقة الوطنية، وبالتالي سيطير النصف الثاني من المقاعد، على يد تحالف الوثيقة الوطنية مع الجبهة الوطنية ما غيرها.

السادة نواب الشعب؟ ماذا فعلتم لهذا الشعب؟ أعرف أنكم تعانون، ألا يكفي حيرتكم عند انتقاء السيارة، اللون، السعة، المحرك، عدد المقاعد، كان الله في عونكم أيها السادة نوابنا، وبعد معاناة السيارة، ستعانون من تركيب الجبيرة التي تجعل اليد مرفوعة دائما، وهو الم لا يطيقه إلا من ركب الجبيرة، كان الله في عونكم. وسمعنا عن اقتراح جديد بعد انضمام الوثيقة الوطنية إلى الجبهة الوطنية، بتعليق الذراع في الرقبة، حيث أن الأمور ستكون محسومة أكثر، وأيضا فيها معاناة، كان الله في عونكم.



لماذا تمثال الحرية في أمريكا اللاديمقراطية، وما الذي تشكو منه أهرا مات الأتربة والأوساخ والجارة في سوريا الديمقراطية، اعلم انك سمعت كثيرا عن أطفال الحجارة الأبطال في فلسطيننا، ولكنك فيما يبدو لم تسمع عن أطفال القمامة في سوريانا، هؤلاء الأطفال الذين يسهرون الليل، متنقلين من حاوية إلى أخرى بحثا عن عبوة بلاستيك فارغة، أو بقايا طعام، أو حتى قدم لعبة صغيرة، طبعا ليست باربي ولكنها قد تكون عجلة للعبة، وهي في الأكيد تُفرحهم كما يفرح أولادك بالبار بي يا سيدي.

ماذا فعلتم نواب الشعب من اجل فقر الشعب وعوز الشعب وقمع الشعب؟



السلطة أو النظام أو أي اسم آخر، عندما أحست بالخطر، لم تتوجه لا للأمن ولا للعسكر ولا لكم أيها النواب الكرام، ولكنها اتجهت نحو الشعب، شعبها السوري، لأنها كانت تعلم حقيقة العلم، إنكم جميعا تقبضون ثمن ما تقدمون، وإنكم في تلك اللحظة، ستغادرون انتم وأولادكم لتشتروا نماذج مصغرة من تماثيل الحرية لكم، وباربي شقراء لأولادكم. أما هذا الشعب الطيب، فرفع شعاراته، أهل الشام أهل حلب أهل حمص أهل اللاذقية أهل دير الزور أهل السويداء أهل الرقة أهل حماه أهل القامشلي أهل الحسكة---ولم نجد فرع الأمن العسكري ولا فرع السياسية ولا فرع الداخلي ولا فرع الخارجي ولا فرع على اليمين ولا فرع على اليسار. وحده الشعب السوري وقف مع سوريا، لأنه لا يسمح أبدا لأحد إن يهين سوريا، سوريا التي أحبها. ويريد منكم أن تردوا الجميل، حلوا هذا المجلس، وادعوا إلى انتخابات جديدة، وأصدروا قانون الأحزاب، وخففوا الضغط عن الأحزاب العلمانية الليبرالية، لأنها وحدها ستنقل سوريا إلى الأفضل والأجمل والأرقى.

كيف سيكافئ الشعب السوري على مواقفه الوطنية؟ بزيادة عدد الزنزانات أم بتفريغها؟ بالغاء الأحكام العرفية ام بتمديدها؟ بزيادة ضغط القبضة الأمنية على المعارضة ام بالحوار الوطني الحقيقي؟ الحوار الوطني بين السلطة والبعث، ام بين السلطة والمعارضة؟ بعودة المنفيين ام بنفي الموجودين؟ برفع مستوى المعيشة ام بزيادة عدد الحاويات؟ بالصفع على الوجه ام بالتربيت على الكتف؟ بالسماح بالتنفس الطبيعي ام بزيادة عدد الكماماة؟

ننتظر مكافأتكم يا سلطة!!!!!!!!!!!!!





من قضى شبابه وحياته في مجلس الشعب دون أن يحب أبناء شعبه، أو يُقدم لهم ما يساعدهم على النمو والتطور، كانت شيخوخته أشبه بفصل شتاء تملأ الوحشة أرجاءه. انه قد أمضى في المجلس أكثر أيامه بلا فائدة، فأضاع، في النهاية، كل شيء. ومن ساعد الناس ووقف معهم في ضيقاتهم، ولبى احتياجاتهم، وجد في الشيخوخة زمن حصاد، فبذور الحب والأمل والمساعدة والعطاء التي زرعها بكل اهتمام، ومنذ زمن بعيد، نبتت وأينعت، فالإنسان المعطاء يجد نفسه في غسق الحياة مُحاطا بحب الآخرين واهتمامهم--فما أعطاه بكرم وفرح ومحبة ووطنية أُعيد إليه مع ربحه.

#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات