أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شذى احمد - الحائط














المزيد.....

الحائط


شذى احمد

الحوار المتمدن-العدد: 5131 - 2016 / 4 / 12 - 01:16
المحور: الادب والفن
    



بني من نفس مكونات أي حائط اخر، لكنه لا يشبه سواه فكل من سواه اخرس اما هو فمهذار لا يتوقف عن الضجيج !!. لطالما
صدع رؤوس ساكني ضفتيه، ولم يغفو حتى في عتمة الاهوال

بين حبات طابوقه تناثر لؤلؤ الصبا، ومع حلة كل عيد يطلى بها يخبئ شيئا من حلوى الفرح وعرق الساعات، بعض الضجر للراغبين بالعبث بعيدا عنه

كبر الجميع وهما منهم. كانت تناديه ليساعدها بسقاية المزروعات ونشر او جمع الغسيل ، وتدفع له اجرته دوما بحل فروض القواعد والرسم الذي كان يكرهه كرها شديدا !!. وتمنى لو انهم ما خصصوا هذه المادة للدراسة بتاتا


في ايام الحرب والقصف كانا ملاصقين للحائط كل في جهة، يتبادلون الخوف والهلع بنقرات خفيفة وحتى النكات أحالوها هي الاخرى الى نقرات يقهقهون بعدها .دوي القنابل المتساقطة يصم الاذان، فلا يعرف احد اذا ما كانت هذه الضحكات من نوبات حزن وهلع ام هستيريا اصابتهما بسبب القصف

غير ان الحقيقة كانت ابعد ما تكون عما يفكر الجميع به.كانا سعيدين وفارين من جحيم الموت القادم في أي لحظة الى عالم افتراضي صنعاه بنقرهما الذي اكتملت ابجديته وصار ينطق بفصاحة عن كل ما يجول بخواطرهما


في بغداد لا نهاية للحروب مثلما لا بداية لها كل حقبها وعقودها وأزمنتها معبأة بالحروب لها اسباب لكن لا حلول لها فصول تتوالى لكنها لا بتغير


ومثل عدو الريم ظلت بغداد دهورها تعدو،وسهام اعدائها تنهال عليها بلا رحمة،فإذا ما تفادت سهما لاحقها رمح مسموم ، لتسقط مضرجة بالدم مثقلة بالجراح تكاد زفراتها تصم الاذان

وسقطت بغداد في عز نيسان والحائط مازال هناك ، غيب الموت والقهر والأوجاع والاحتلال والدسائس بعضا بل اكثر من بعض بكثير من ساكني ضفتيه

راح الاب وغيب السجن والخطف الاخ والخال وابن العم . من عندها لكنه اعطى له القوة والمنعة والجاه والسيادة فقط لان انتمائه يناغي انتماءات من جاءوا بعد سقوط بغداد


لم تفطن لتأتأت الحائط بل الامر ولا لتعثر جمله. كانت مشغولة بموارة الكثير من الاحبة التراب ..و بذرف دموع مدرارة على من غيبه السجن

بدأ القلق ينتابها لما احست بصمت الحائط المطبق ذات يوم ، هزته، صرخت به ، قدمت له كل الاسعافات الاولية فلم يجدي نفعا، ضربته بكل قوتها بقبضة يديها اليمنى ثم اليسرى فلما ادمتهما خرت منهارة باكية ... ما الحل؟ بل ماذا حصل؟


اين اختفى ، هل لاقى مصير أبيها وأخيها والآخرين من افراد اسرتها وأقاربها.

لم يبقى في البيت معها إلا أمها بعدما أعمتها فواجعها التي انهالت عليها تباعا بلا رحمة.

صاروا بمنتهى الشراسة المتنفذين في بغدادها التي لم تعد بغدادها .. يدخلون البيوت ويستولون عليها يزجون النساء في السجون بتهمة ام بدونها. قصص تروى برعب القنابل التي كانت تنهال على رؤوسهم بالماضي القريب

صارت الليالي اشد حلكة ،ولم تعد تقدر على النوم بعيدا عن حضن أمها التي صارت لها عينها ورفيقتها وكل أهلها، فصارت تكتم تنهداتها متبادلة مع ابنتها احاديث الماضي الجميل وقصص الاجداد الذين واجهوا المصاعب بقوة ورباطة جأش. فتفهم عظمة هذه السيدة المحطمة التي تعطي وهي رماد بقايا نارها لتدفئها في هذا الصقيع المجنون الطائش !!.

في صباح احد الايام سمعت طرقا خفيفا على الباب فتوجست خيفة ، اقتربت بخطوات وئيدة وبيد ترتعش خوفا فتحتها على مضض . كانت تعرف عواقب تمنعها عن فتح الباب فقد تكسر وتلاقي ما لا يحمد عقباه.

ولشدة دهشتها كان رفيق الصبا قصخون الضفة الثانية امامها لشدة شوقها ارتمت بأحضانه فرحة بعينين تفيضان دموعا سألته عن احواله .. اين كنت ماذا فعلت .. لما اختفيت كل هذا الوقت لم تسمع رسائلي. هل زج بك بالسجن......لم يتوقف هذرها إلا بعدما لمحت رفيقيه وهما يمضيان بلا دعوة الى داخل البيت ، استغربت وقاحتهم بادئ الامر . مسحت عينيها تفرست بوجهه مستفهمة لكنه كان صامتا لا ينبس ببنت شفة مما زاد من حيرتها. وتعجبها.

سمعت احدهم يسألها: هذا البيت لك ؟

-نعم
- كبير جدا هذا البيت لم يعد يناسبك
فتابع الثاني : عليك الانتقال الى بيت صغير او شقة تناسبك انت وأمك المسكينة . لم يبقى لها احد سواك اليس كذلك ؟.

هؤلاء قادمون يعرفون كل شيء عني ،وعن اسرتي لكن ما باله ولما هو معهم. ما الذي يحصل .. راحت التساؤلات تهطل على رأسها مثل الصواعق مخلفة حرائق لا تبقي ولا تذر. اما هو فكانت تجد له في كل مرة عذرا حتى حاصرتها الشكوك
هدأت ملتمسة له بعض الاعذار.... مجبر وتحت التهديد جاء مع هؤلاء الاوغاد. ينتظر منها ألا تخطئ . جاء ليكون حضوره دعما وسند لها . لن تخيب ظنه هذا ما قررته.
ردت مستجمعة شجاعتها : لا افكر بترك البيت .هنا ولدت وهنا وسأموت وأحست بغصة تعتصر قلبها لما نطقت .. سأموت.

قريب جدا الموت الذي كان ابعد ما يكون عن تفكير هذه الصبية الجميلة .. لكن من يهتم بالشظايا عندما تنكسر التحفة الفريدة وتتناثر في كل مكان .

- ربما من الافضل لك ولأمك المغادرة. لم يعد البيت أمنا لكما سمعته وهي لا تريد تصديق أذنيها. هو صوته. كلماته فمه لكنها لا تريد ....نكست رأسها ولاذت بالصمت.


هموا بالمغادرة . عند الباب التفت اليها احدهم متصنعا الكرم : هل تكفي ثلاثة ايام. اجمعي ما تحتاجيه أنت وأمك من الاشياء وغادرا.


شيعته بنظراتها .. بدى اكثر مرارة من تشيعها لأي فرد من اهلها فالآخرين شيعتهم موتا سجنا. خطفا .. إلا هو تشيعه حاضرا بكامل عافيته وعنفوانه بل عنجهيته

هرولت الى الحائط تشكيه مأساتها فوجدته قطعة كالحة غزتها التشققات ..تحسست انفاسه لكن هيهات كان كتلة هامدة



#شذى_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من بين الانقاض
- كلمة . كتاب . رف
- تستنكف من مصرية
- مهرجان السياحة... مهرجان الازاحة
- عيد سعيد بالطبع لا
- احلام العصافير
- ترنيمة العجوز الحائرة
- طار غراب مصطفى
- 100ثانية.. ضوء خافت لنهايتك
- اضحية العيد
- قبل ان تفتح ابواب جهنم- المدير العام
- قبل ان تفتح ابواب جهنم- شهادة الزور
- قبل ان تفتح ابواب جهنم-شعارات مدبلجة
- قبل ان تفتح ابواب جهنم
- العراق= المانيا
- ضريبة الالوان
- الغلاف السميك - وطني حبيبي
- هل
- الغلاف السميك رحلة عمل
- الغلاف السميك الكتيب القديم


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شذى احمد - الحائط