أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - ليلة من ليالي رأس السنة















المزيد.....

ليلة من ليالي رأس السنة


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5031 - 2016 / 1 / 1 - 17:28
المحور: الادب والفن
    


((ليلة من ليالي رأس السنة))

من منا لا يتذكر ليالي رأس السنة؟
لا أعتقد أن هناك أحد، ورغم تشابهها من حيث الأحتفال والرقص والغناء حتى الصباح لكنها تفرز بعض الأحيان ليالٍ متميزة، لا يميزها الأحساس الطبيعي بالفرح والسعادة بين الأهل والخلان، وإنما لأختلافها عن مثيلاتها...
ومع أن البعض يفضل أن يقضيها بالبيت حيث الأحساس بالأمان والراحة والمبالغة في كل شيء، الأكل والشرب والأبتهاج كل بطريقته، لكن الأغلبية يفضلون السهر والأحتفاء خارج جدران البيت، كي يحسون بأنه يوم مميز يشاركهم فيه الآخرين فيبادلونهم التهاني ومشاعر الفرح بشكل مباشر أي وجهاً لوجه...
× × ×
خطر ببالي ليلة أمس، أحدى الليالي التي قضيتها في رأس السنة وما كانت كسائر الليالي، دعوني أستذكرها معكم...

في العراق بالسبعينات، كانت قليلة النوادي التي تحتفل وتدعو أعضائها وضيوفهم للمشاركة، فيعزفون الألحان ويأكلون ويشربون ويتسامرون حتى الفجر...
ولا أتذكر ومنذ منتصف السبعينات، أنني لم أذهب لنادي التعارف في حفلاته السنوية إلا ما ندر، إما بسبب حداد على الأهل أو لظرف قاهر حينما يدخل البلد بمغامرات الحرب من الجيران...
من بين تلك الليالي القليلة التي لم أحضر أحتفال نادي التعارف فيها، ليلة رأس السنة الجديدة 1978 حيث كانت القاعة التي حجزها النادي صغيرة لا تتسع لجميع الأعضاء وضيوفهم، وكنت ممن خسر كرسيه لسببٍ ما، فقررت أن أتحدى الظرف وأن أكون أقوى منه وأن أحتفي بهذه المناسبة بالشكل الذي يجعلها متميزة جداً...
أتصلت بصديقي (عادل) الذي يعزف الغيتار وشجعته أن ننظم حفلة صغيرة في بيتهم في ساحة (ميسلون) حيث والده دبلوماسي يعمل بالسفارة العراقية بتركيا وهو يسكن مع زوجته بأنقرة، فنجحت بأقناعه وبدأنا العمل قبل عدة أيام فقط من الليلة المنشودة... ليلة العام الجديد.
أتصلنا قبل موعد الحفل بالأصدقاء ودعيناهم للسهرة، ومن بين من دعينا، بنتين حلاويتين جميلتين كان (عادل) قد تعرف عليهن بالباص بحكم دوامه بمعهد أدارة حلة، وهنّ طالبتين في كلية التربية الرياضية ويسكنّ بالأقسام الداخلية.
ظمنا عدد يكفي ووزعنا أجور التكلفة على الجميع، أمنّا مستلزمات الأحتفاء، ضبّط (عادل) بعناية فائقة (كيتاره) وأجّرنا (أورغ) ليعزف عليه صديق لم يجد له موطئ قدم بين العازفون في أحد حفلات ذلك العام، أشترينا شرب يكفي الحضور، ونصبنا (الأورغ) وتسوقنا طعام... ليأتينا تلفون بأن والدَي (عادل) قد أعداها مفاجأة بأن حصلا على أجازة أستثنائية وهما في طريقهما لبغداد!
أختل توازننا وأعتذرنا عن الأحتفال، تخلى الجميع عنا وراح كل واحد يبحث عن فرصة أخرى وقد رموا كل الذنب علينا، تحملنا تكلفة الأعداد لليلة وإيجار (الأورغ) وأخذنا مستلزمات حفلنا الملغى بسيارتينا بعدما محينا كل أثر في البيت (للجريمة)...
ولأن موعدنا مع البنتين بقي ولم يتغير، كان علينا أن نمر لأخذهن من أمام كلية التربية الرياضية بالوزيرية، وفعلاً وجدناهنّ بأبهى صورة مما أحرجنا أن نخبرهن بأن مفاجأتنا لهن بهذا اليوم قد ألغيت، فأصطحبناهنّ لنثبت لهن بأن مجازفتهن بالخروج لم تذهب سدى...

كنتُ أعلم بأن في منطقة المسبح وشارع العرصات الذي كان شارع سكني بوقتها وليس تجاري، يحتفل الناس (الهاي لايف) براحة تامة لعدم أمكانية وصول شباب طائش هناك لأن نفر قليل من السباب كان يمتلك سيارة خاصة تقله لهناك.
كانت في حدائق المسبح ثلاثة مطاعم معروفة، قصر الشوق والبادية ومضارب حاتم الطائي، وكان هذا الأخير مبني من القصب والبردي بالضبط مثل دواوين شيوخ الأهوار...
ومع أن الموقف محرج لأن هذه المطاعم غالباً ما تزدحم بمرتاديها الذين يحجزون أماكنهم مسبقاً، لكننا بقينا نتنقل بينها ونحاول حجز أماكن لنا دون جدوى. وكانت فكرة جيدة أن يحمل (عادل) كيتاره لإدارة مطعم مضارب حاتم لطائي بعد أن لاحظنا عدم وجود فرقة موسيقية هناك، ليخبرهم بأننا فرقة يمكنها العزف بأجهزتها التي نحملها بسياراتنا، وافقوا في الحال وجهزوا لنا زاوية صغيرة...
كانت لحظات جميلة وحققنا سهرة ممتعة وأرقصنا جميع الحضور وأضفنا أجواء مثيرة وساخنة حتى وقت متأخر، بعدها عدنا أنا و(عادل) بالبنتين للقسم الداخلي الذي وجدناه مغلق حيث التعليمات كانت صريحة وتنص على أنه يجب أن يُغلق قبل الساعة العاشرة مساءاً...

تحيرنا كيف (نتخلص) من البنتين، ودرنا الشوارع الصاخبة حتى هدأ (لعب) الناس المحتفلين وصخب سياراتهم. أستقر الحال بنا في شارع أبا نؤاس، كانت لا تزال حركة بينه وبين شارع السعدون، وهناك سيارات وبنات لكن معظمهما حركات مريبة تخيفنا خصوصاً ولا تزال البنتين بمسؤوليتنا...
أقترحت أحداهن بأن نستأجر لهن فندق ممكن أن تبيتا فيه، دخلنا فندق وحجزنا غرفة وبدلتا البنتين ملابس السهرة بملابس كانت بحقيبة كنّ يحملنها. لكننا سرعان ما أكتشفنا بأن الفندق (مشبوه) وأنه من الخطأ أن نترك البنتين فيه، فهممنا بالمغادرة معهن بسرعة، خصوصاً حين تبين بأن الأدارة كانت على أستعداد لأن تقبل أي مقترح يتعلق بمبيتنا جميعاً بمقابل أن ندفع لهم أكثر.
كان هناك حلقة مبهملة وكأن مؤامرة تحاك ضدنا نجهلها جيداً نكون نحن ضحاياها، فرفضنا البقاء بالفندق في سبيل حماية أنفسنا نحن الأربع من (بطش) رواد الفندق، وخرجنا مسرعين من منطقة البتاوين التي كانت تعج بالسكارى ومشاكل و(طلايب) لا نقدر على تحملها، وتوجهنا الى كراج العلاوي على أمل أن تبدأ حركة المسافرين وأن تعودا البنتين للحلة...
ما أن شق الفجر حتى بدأتْ حركة جنود، بقيتا البنتين بالسيارة التي ركناها جانباً، جلبنا فطورنا من عربات كانت تقدم كافة أنواع الماكولات الطازجة، البيض بجميع أنواعه، مسلوق ومقلي ومخلمة وأومليت... تشريب باقلة وقيمر عرب مع الدبس والعسل... الشاي والحامض... حياة عامرة ودنيا لم يصادف أن نراها من قبل.
جاء الصباح وبدأت حركة لأناس مدنيون، وتوجهتا البنتين الى الحلة بوداع وتعب ونعاس.
× × ×
بعد عدة أيام، ألتقينا صاحبنا عازف (الأورغ) وقصصنا عليه ماجرى لنا بعدما عاد من سهرتنا الجميلة، وحكينا ما يدور وما بقي يشغلنا لينبهنا الى أمر غريب حدث لنا ولم ننتبه له، فكيف يجرءن على مغادرة القسم الداخلي وهن يعلمْنَ بأن لا سبيل لعودتهن له في الليل، تصرفاتهن وأصطحابهم حقيبة ملابس وموافقتهن دخول فندق مشبوه ببرودة أعصاب، كانت كلها تُشير بل وتؤكد بأن (نظرية مؤامرة) كانت قد حيكت ضدنا...

قال صاحبنا بأنه على صلة في كلية التربية الرياضية بأحد الأساتذة المتخصصون بالطب الرياضي، ووعدنا بأنه ومن خلاله يمكنه الولوج خلف أبواب الكلية ويكتشف أسرارها، وأنه (سيتحرّى) عن البنتين.
... كشفت لنا (تحرياته) مدى أستغفالنا أو ربما حتى غباءنا، فقد حصل على معلومة تقول بأن هاتين الصديقتين لا تسكنان في القسم الداخلي وإنما في غرفة مع عائلة بحي القاهرة، وأن حقيبة ملابسهن التي حمَلـْـنَها حين انتظرننا بتلك الليلة، هي جاهزة على الدوام لمن يدفع في ليلتهن أكثر!!


عماد حياوي المبارك

× رفض (عادل) أن يقطع علاقته بصاحبته، فقد وجد بأن (الطرق) مفتوحة لأستمرارها، بينما أنا شخصياً، فضلتُ الإبتعاد ليس عنهن فقط، وإنما عن أبواب كلية التربية الرياضية منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا!







#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كرسمس
- للأذكياء فقط... أيضاً
- للأذكياء فقط... رجاءاً
- من هم الأذكياء؟
- حدث بشارع حيفا
- كونتاكت
- أبو ناجي
- لاند خود
- ((زوغق))
- ((ديوان بالديوانية))
- (أوتو ستوب)
- ((خوردل روز))
- آيدلوجيات وأستراتيجيات
- بين الرصافة والكرخ
- ((أطوار))
- حزب الفراشات، بين الباستيل والخضراء
- (( وعد الله))
- ناس تأكل الكباب...
- ((لستُ أدري!))
- ((وساطة!))


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - ليلة من ليالي رأس السنة