أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حياوي المبارك - بين الرصافة والكرخ















المزيد.....



بين الرصافة والكرخ


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4914 - 2015 / 9 / 3 - 02:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


((بين الرصافة والكرخ))

تتمدد المدن وتتسع على ظفتي النهر مما يتطلب توفير وسائل لربطها عبره، والجسور هي أحدها وأهمها وأنجحها...
في لندن وعلى نهر التايمس يوجد 34 جسراً تخدم السيارات والمشاة، أقدمها (ريجموند بردج) بني في 1777 وهو حجري، وأحدثها جسر السيارات المعلق (كوين إليزابث الثانية) بني في 1991 و(ملينيم بردج) للسابلة وقد بني في 2002، ولكن يبقى أشهرها هو (جسر لندن) الذي يشرف على مبنى البرلمان وساعة بك بن وقد بني في 1894...
وفي باريس هناك أنفاقاً لعبور السيارات والقطارات وجسوراً فوق نهر السين تبلغ 37 جسراً، ويوجد لمرور السابلة فقط 49 جسراً...

اليوم وبكل سهولة يمكننا أن نطلع على كافة الجسور وتواريخها وأشكالها ومميزاتها من خلال العم كوكل ومنها جسور بغداد الأثني عشرة، لذا ففي مقالنا هذا، سنتطرق لما في ذاكرتنا عنها وليس ما في ذاكرة العم كوكل.
ومن الضروري أولاً أن نتكلم قليلاً عن تارخ جسور بغداد، فقد ذكر (إبن بطوطة) لدى زيارته بغداد قبل قرابة الألف عام، بأن كان فيها جسرين (عائمين) من الخشب، أما أول جسر حديدي وهو عائم أيضاً فقد أنشأ في العهد العثماني وكان سابقة لدى البغادلة أحتفوا بها أيما احتفال...
في بداية القرن العشرين، أنشأ الأنكليز جسر مود العائم، وأول جسرين ثابتين بنيا بنهاية الثلاثينات، العتيق (الشهداء) ومود أو الملك فيصل (الأحرار)، ونقل العائم ونصب بين الكاظمية والأعظمية...
توالت الجسور بعد ذلك في الخمسينات... الصرافية والجمهورية والأئمة، وفي الستينات... المعلق والصرافية، وفي السبعينات باب المعظم والمثنى، والثمانينات جسر الجادرية والدورة وفي التسعينات ذي الطابقين...
لكن بغداد اليوم ومن خلال حركة مليون سيارة بشوارعها ـ تقول دراسة ـ أنها على الأقل بحاجة لخمسة جسور أخرى مع مقترباتها...

سنتوقف مع حادثة واحدة على الأقل مع بعضها الذي أرتبط بنا فأرتبطنا به...
× لما بني جسر السنك، أقتُطع لأجله جانب من شارع الرشيد كان فيه فندق جميل وردي اللون أسمه فندق إبن خلدون، وفي ركن منه كان (تيك أوي) أبو يونان الشهير، والجسر يعبر فوق شارع الرشيد ليخدم ساحة الخلاني وشارع الخلفاء من جهة الرصافة، بينما كان من المفترض أن يعبر فوق شارع حيفا كي لا يتسبب بإختناقات، تلك التي نشهدها حتى اليوم بجانب الكرخ، وخلال حرب الكويت والقصف الجائر على بغداد، كنا نتخوف من أن تطاله قنابل الأمريكان لأن يعبر عليه الكيبل الضوئي الهام في الإتصالات والذي يصعب إصلاحه بين يوم وليلة...

× أما جسر الجمهورية، فقد يشرف على أجمل مناطق بغداد وأكثرها قرباً من وجدانهم، ساحة التحرير ونصب التحرير الخالد، ومن جهة الكرخ يشرف على بناية وزارة التخطيط التي بُنيت بشكل عمودي على ضفة النهر وقد تلاها فندق ميليا المنصور بنفس الطريقة، وقد طالت هذا الجسر يد العدوان فدمرت إحدى فضاءاته الكبيرة بالعام واحد وتسعين، وتم معالجته بجهود ومواد عراقية أيام الحصار وذلك بنقل (شيلمانات) عملاقة من موقع عمل آخر، وما كانت العملية لتنجح لولا مهارة المهندس العراقي، ولحد اليوم فإننا نرى (قمتين) للجسر!
وقفت الدبابة الأمريكية في العام 2003 فوقه لتعلن للعالم سقوط النظام ولتباح كافة محرمات البلد الآمن وتسبى أعراضه في مسلسل لم تنتهِ حلقاته حتى اليوم ولا أحد يعلم هل نحن في بداية هذا المسلسل المقيت أم اشرفنا على نهايته؟

× جسر الأحرار يرتبط بذكرياتنا في شارع النهر الذي يشرف عليه، وكم نزلنا من الباص ذو الطابقين وهو يسير نازلاً الجسر حين يقترب من مدخل شارع النهر، وقد وقعت على وجهي في أحد مغامرات نزولي منه وكادت عجلاته أن تدهسني، وأنتهت بأقل الخسائر وتمزق بنطلوني (الجارلس) وكسر كعب حذائي ذو الخمس إنجات!
كان نفق المشاة الذي يستخدمه الجميع في إلتزام شديد لأنظمة المرور نظيفا فيه مكتبة ومحل مرطبات وآخر لبيع وتصليح (بنادق) الصيد، لحد اليوم (تنتظر) بندقية ابني التصليح لديه!
حين سكنت شارع حيفا، كنت أعبر هذا الجسر يومياً لشارع النهر وأجتر ذكريات تلك الأيام الخوالي، وأحياناً أعبره لأكثر من مرة، ولي حادثتين طريفتين فوقه... كان شيخ يسير فرأى قطعة (صمون) على الأرض فدنا منها وحملها ونفخ عليها ليبوسها ويطبقها ثلاث مرات على جبينه ثم وضعها على حافة سياج الجسر وبد يستغفر ربه بسبب رمي (نعمة الله) على الأرض فأثار اعجاب المارّة الذين راقبوه عن كثب، لكن ما هي إلا ثوانٍ لتهب نسمة هواء ولتطير هذه (الصمونة) وتنزل متبخترة على مهل نحو الماء ولتكشف لنا عن حقيقتها التي لم تكن سوى قطعة (أسفنج) قديمة مقطوعة من (دوشك) عفا عليه الزمن!
كان حرجنا أكبر من حرج الشيخ الذي تلفتَ ذات اليمين والشمال وليمضي بطريقة يتلو الآيات ويستغفر ربه ويلعن من وضعه بهذا الموقف الحرج أمامنا.
أما الثانية فهي تتعلق بكون هذا الجسر وجسر الشهداء بُنيا ولهما قمة هرم وليس سطح مستوي كما تبنى وبُنيت الجسور التالية، ربما لأن تصميمها قديم. وبينما كنا مجموعة نتجه لحفلة زواج، نركب السيارة المنطلقة بنا بسعادة من جهة الصالحية بإتجاه ساحة الوثبة (حافظ القاضي)، ووصلنا لقمة (الهرم) وإذا بالسير متوقف ولم تُجدِ الفرملة لأن السيارة ثقيلة، وبدل ما نكون (بالعرس) قضينا بقية اليوم نبحث عن (دعامية وبنيد ولحية ولايتات...)!

× الجسر المعلق له ارتباط بنشأة الجمهورية العراقية والقصر وقاعة الرباط ومنطقة إتخاذ القرار لتشهدت برمتها أحداثاً من تاريخنا المعاصر، والذكرى التي في بالي عليه أن طياراً أمريكياً حين أسديت له مهمة تدمير الجسر في عام 91 وبينما يوجه صاروخه في فجر أحد الأيام، وإذا بسيارة تعبره، ومن أجل (الدعاية) الرخيصة والفبركة الأمريكية لطمر جرائم أكبر وافضع، أدعى ـ الطيار ـ أنه (اضطر) لإنتظار السيارة تعبر الجسر قبل تدميره، وقال بالحرف... (كم محظوظ سائق هذه السيارة...)!
اُعيد بناءه بجهود استثنائية حيث نزل الغطاسون في عمق المياه لتقطيع الأجزاء السليمة التي رقدت في طين القاع، وتم معالجتها وتعويض النقص من المتوفر برغم الحصار ماعدا الأسلاك التي أشتراها العراق ـ أغلب ظني ـ من شركة (نمساوية) وبتكلفة يُقال أنها توازي كلفة بناءه قبل ثلاثون عام من تاريخ تدميره...
كان من المقرر أن يُطلى باللون الأبيض ليتميز ويُشير للنقاء والسلام، لكن ولكون جميع جسور بغداد تُطلى باللون الأخضر، مشت القاعدة علية وليعود زاهياً بجهود فنية عراقية غاظت الأصدقاء قبل الأعداء.

× جسر باب المعظم اُنشأ لمّا كنت طالباً بالجامعة، وبالتحديد في عام 77 من قبل شركة يابانية، وهو أول جسر ذو مسار مستوي على طول النهر، وكانت الشركة (تُراهن) على (خبطة) سحرية للأسفلت تتحمل حرارة الصيف ولا تنصهر تحت عجلات باصات (اللايلاند) العريقة، وألتجأت الشركة لمختبراتنا في الجامعة التكتلوجية ولخبرة أساتذتنا، لكن حين لم تفِ بالغرض قامت الشركة بأستيراد مختبر متخصص من اليابان...
لكن لم تنجح (خبطتهم) السحرية فأذلتها شمس تموز وأعادت حساباتهم لنقطة الصفر ولتزال الطبقة الأسفلتية بعد أشهر وتعاد (بخبطة) عراقية، صحيح لم تقاوم كثيراً لكنها على الأقل كانت أطول عمراً.

× الجسر ذو الطابقين... كان أسمه (جسر صدام) وكنت آمل بأن تتغير كل كلمة (صدام) لكلمة (سلام) على كل شارع وجسر ومستشفى وغيرها كانوا قد أطلقوا الأسم عليه، لكن للأسف نحن نتخبط اليوم بالتسميات ونطلقها حسب هوانا، الأمر الذي حير (العم كوكل) بوضع التسمية النهائية لحاراتنا ومدننا...
المهم هذا الجسر كان مخطط له منذ زمن بعيد بأن يعبر طريق مستقيم من جهة الكرخ (أم العظام) للدورة من خلال منطقة (الزوية) بالرصافة، والسيارة التي تأتي من جهة الدورة يمكنها وبخط مستقيم أن تنزل للرصافة جهة الجادرية ثم وبنفس الإستقامة تصعد المعلق لتصبح بجهة الكرخ من جديد، إلتواء نهر دجلة جعل تلك المنطقة وكأنها شبه جزيرة جميلة جداً زاخرة ببساتينها وتُشير مصادر إلى أن كلمة (زوراء) تُشير لذلك اللتواء.

× جسر الأئمة أنشأ بعد نمو الكاظمية والأعظمية، وكان اطلاق تسمية عليه هو ما حير الحكومة، فكل طرف يسميه بحسب (إمامه)، حتى أقترح السياسي المحنك (نوري السعيد) أسم (جسر الأئمة) وليجنب الطرفين أي إحتقان محتمل، وكان حل رضي به الطرفان...
ونتذكر كيف شهد الجسر فوضى وتدافع حجيج بطريقهم لزيارة الإمام (موسى بن جعفر) وليطفح كيل الجسر بهم فتساقط العشرات وغرق في مياه النهر، وقد قام أحد السباحين المهرة بإنقاذ العديد من الضحايا وليستحق لقب البطل...
كانت ظلاله تشهد في الثمانينات والتسعينات مجالس إلقاء الشعر والقصيدة بين رجالات الأعظمية وكتابها وصحفييها البارزين...

× أما جسر الصرافية ذو الهيكل الحديدي الرشيق، فقد جُلب لبغداد بعد أن كان جاهزاً أن يُنصب في مدينة سيدني الأسترالية ثم أستعيض عنه بآخر... ويُعتبر بمقترباته ثاني أطول جسر حديدي في العالم بوقتها، نصبته شركة بريطانية بحديد ذي نوعية فاخرة مقاوم لعوادي الزمن.
أرتبط هذا الجسر بذكرياتنا بين منطقتي الوزيرية والعطيفية، وكان دجلة يلتف تحته ليبسط أرضاً رملية رائعة تسمح لنا بلعب الكرة والـ (بار بي كيو) خلال (بكنك) نقوم به لنهار كامل، وكنا نسبح بالنهر ويمكننا عبوره مشياً على الأقدام لضحالة الماء بسبب عرض النهر وسرعة تياره...
كان عند تصميمه يسمح بعبور الخط المتري لقطار بغداد كركوك أربيل، وكان بممر واحد لكن وحين ألغي خط القطار صار الجسر بممرين، وفي حادثة فريدة أتذكرها جيداً، كنت بسيارتي الجديدة في العام 79 في الشارع جهة كورنيش العطيفية عند عبوره تحت مقتربات الجسر، ثم مسك بي زحام شديد، في هذه الأثناء مر قطار بضائع بقاطرة بخارية، ثم لسببٍ ما، توقفت القاطرة على الجسر بشكل عمودي فوق سيارتي، كانت تصب تحتها سوائل ودهونات ساخنة أربكتنا من تحتها، لكن لم يكن من مفر فاغلقتُ زجاج سيارتي ولم يكن بيدي سوى أن أنظر لمشهد تلوث سيارتي ولتترك تلك الحادثة على طلاء سيارتي الأبيض بُقعتين صفراوتين يشهدان صحة حكايتي وسط الدهشة أو عدم القناعة بها...
فجرَ تنظيم القاعدة بشاحنة محملة بالموت هذا الجسر الرائع بتحدي مقيت لمشاعر البغادلة، لكنه ما لبث أن صحا من جديد بجهود أهله ليُحدث العراقيين عن مدينة يمكنها النهوض عبر التاريخ بعد كل كبوة غادرة...

× حينما أنشأت شركة ألمانية (غربية) جسر الجادرية وهو الأطول في بغداد، كنا نسميه الجسر السياحي لأنه يمر بمنطقة غابات نخيل وجزيرة الأعراس (أم الخنازير) ومبنى جامعة بغداد، وكنت اقرأ في الثمانينات لوحة بنهاية شارع بيتنا بحي القادسية تتحدث عن فترة بناء الجسر وكلفة انجازه التي على ما اظن كانت بين الثلاثون والأربعون مليون دولار، أي بقدر (رشوة) لمسئول عراقي في الوقت الحاضر لتجهيز مفردة السكر بالبطاقة التموينية لعام واحد، لا تقبل التجديد لعام ثاني إلا لو تدفع الرشوة ثانيةً مقدماً ببنوك بيروت!

× واخيراً لنسرح مع أقدم جسور بغداد وأكثرها مثقلاً بالذكريات... جسر الشهداء، والذي كنا نسميه جسر المتسولين (المجادية) لما يتزاحم على جانبيه من سائلي المعروف، وشهد هذا الجسر عمليات انتحار ومغامرات بالقفز من فوق الجسر للماء، حيث أنه وبين النقطتين التي يربطها الجسر، يكون دجلة في أضيق وأعمق حالتين، وتحت الجسر كانت تقوم معامل صناعة وتصفية الذهب بقذف مخلفاتها السامة، لكن بينها نسبة ولو بسيطة جداً جداً من ترسبات الذهب مما يجعلها على مدى عشرات السنين، (منجماً) يحمل في أعماقه عشرات الكيلوغرامات من الذهب...
وقد شهد الجسر عام 91 قصف (غير دقيق) لطائرة معادية (ثلمت) جزء من كتفه وحدثت فجوة يمكن أن ترى الماء يجري تحتها، ولم تتوقف الحياة عليه بل استمرت غير مبالية بالجريمة حتى تم اصلاحه وطلائه من جديد...
وقد حمل هذا الجسر العريق ذكرى شديدة الأهمية لي ولكل العراقيين ظلوا بإنتظارها سنين... ففي بدية شهر آب عام 88 وبينما كنت أعبر الجسر وقت المغرب لسيارتي التي أركنتها في ساحة الشهداء، سمعتُ بضعة كلمات بقي العراقيون يرددونها...
((كان أرحم علي ان أجرع السُّم على أن أرضى بالقرار 598...))
كانت سماعات كبيرة (لود سبيكر) تذيع كلمات من خطاب للإمام الخميني، وقد أستغربتُ حينها أني ولأول مرة فضاء شوارع بغداد أستمع لنص خطاب باللغة الفارسية ثم ترجمته الحرفية للعربية، لم أستطع وقتها تجميع الكلمات بسبب الصدى الشديد الذي سببه كثرت تلك السماعات حيث شعرتُ حينها وكأنني أستمع لنداء في محطة قطار أو في مطار، لكنني سرعان ما تيقنتُ وكل العراقيين بأن الحرب العراقية الأيرانية لفظت أنفاسها بهذا الخطاب وانها ستنتهي خلال بضعة أيام.
لم يأتِ توقعنا بنهاية الحرب من فراغ، فقد كنا نقرأ التطورات ساعة بساعة ونتوقع ما سيحدث، كانت الأيام في ربيع عام 88 تمر ثقيلة على الايرانيين وقادتهم، بينما جيش العراق يتقدم ولم يتوقف فقط عند الانتصار الذي حققته عمليات تحرير الفاو التي كانت فعلاً بوابة النصر على إيران في حرب السنوات الثمان، فقد طهّرت جحافل العراق كل الارض العراقية برغم هيجان نهر دجلة وفيضانه وتهديد الايرانيون بنسف سد دوكان، وكان بالإمكان ملاحقة الجيش الايراني المنكسر المهزوم المتقهقر حتى داخل أراضيه.
الأخبار عن الأنتصار والتفوق العراقي، وصلت طهران ودفعت القيادة الايرانية لـ (نفض) التراب عن قرار مجلس الامن 598 واعادة مراجعته، واسداء النصيحة (لقائد الثورة) بأن يخطب بشعبهِ ويبرر قبولهم به بأنه بدا ملحّاً الموافقة عليه، ليتجنب الطرفان مزيد من الاستنزاف بالدم وبالمال.
ووجدها العراق فرصة ان يكيل للاكراد وميليشياتهم الذين تمردوا بدعم إيراني، فأطاح بهم بقسوة بيد من حديد ودفع بقادتهم الى القبول (بالمر) واللجوء لأيران...
الحديث عن الحرب في بلد الحرب لا ينتهِ، وليس عيب أن نتذكر تاريخنا في زمن صرنا نحن العراقيون نتجنب القول ـ برغم الثمن الغالي الذي دفعناه ـ بأننا أنتصرنا بالحرب على إيران!

عماد حياوي المبارك

((ربما من الغريب أن يراود مخيلتي اليوم، أنه أفضل لنا لو لم تتوقف الحرب العراقية الإيرانية، وأن أتمنى لو أنها أستمرت حتى الآن، ربما شعور مجنون أنني أرجو لحربنا مع إيران وبرغم تضحيات الشعب واستنزاف أقتصاده أن تبقى، لكنني ربما أكون على حق لمنع ما وصلنا إليه الآن بإنحطاط المجتمع وإختلال موازينه، فلو لم تتوقف تلك الحرب، لما أحتل العراق جارته الكويت وصار ما صار، وما أن حاصرنا العالم ودمر إرادتنا، وربما كانت إيران ولحد اليوم لم تتجرء على أحتلال العراق والعبث بمقدراته وبنسيجه الإجتماعي...))
أليس أن هكذا شعور... غريب وأحمق؟




تتمدد المدن وتتسع على ظفتي النهر مما يتطلب توفير وسائل لربطها عبره، والجسور هي أحدها وأهمها وأنجحها...
في لندن وعلى نهر التايمس يوجد 34 جسراً تخدم السيارات والمشاة، أقدمها (ريجموند بردج) بني في 1777 وهو حجري، وأحدثها جسر السيارات المعلق (كوين إليزابث الثانية) بني في 1991 و(ملينيم بردج) للسابلة وقد بني في 2002، ولكن يبقى أشهرها هو (جسر لندن) الذي يشرف على مبنى البرلمان وساعة بك بن وقد بني في 1894...
وفي باريس هناك أنفاقاً لعبور السيارات والقطارات وجسوراً فوق نهر السين تبلغ 37 جسراً، ولمرور السابلة فقط 49 جسراً...
اليوم وبكل سهولة يمكننا أن نطلع على كافة الجسور وتواريخها وأشكالها ومميزاتها من خلال العم كوكل ومنها جسور بغداد الأثني عشر...
لكننا وكما تعودنا، فسنتطرق لذكرياتنا معها وبما تحتفظ به ذاكرتنا، لكن من الضروري أن نتطرق لتارخ جسور بغداد، فقد ذكر (إبن بطوطة) لدى زيارته بغداد قبل الف عام، بأن كان فيها جسرين (عائمين) من الخشب، أما أول جسر حديدي وهو عائم أيضاً فقد أنشأ في العهد العثماني وكان سابقة لدى البغادلة أحتفوا بها ايما احتفال...
في بداية القرن العشرين، أنشأ الأنكليز جسر مود العائم، ثم أول جسرين ثابتين بنيا بنهاية الثلاثينات، العتيق (الشهداء) ومود أو الملك فيصل (الأحرار)، ونقل العائم ونصب بين الكاظمية والأعظمية...
توالت الجسور بعد ذلك في الخمسينات... الصرافية والجمهورية والأئمة، وفي الستينات... المعلق والصرافية، وفي السبعينات باب المعظم والمثنى، والثمانينات جسر الجادرية والدورة وفي التسعينات ذي الطابقين...
لكن بغداد اليوم ومن خلال حركة مليون سيارة بشوارعها ـ تقول دراسة ـ أنها على الأقل بحاجة لخمسة جسور أخرى مع مقترباتها...
سنتوقف مع حادثة واحدة على الأقل مع بعضاً منها الذي أرتبط بنا فأرتبطنا به...
لما بني جسر السنك، أقتُطع لأجله جانب من شارع الرشيد كان فيه فندق جميل وردي اللون اسمه فندق إبن خلدون، وفي ركن منه كان (تيك أوي) أبو يونان الشهير، والجسر يعبر فوق شارع الرشيد ليخدم ساحة الخلاني وشارع الخلفاء من جهة الرصافة، بينما كان من المفترض أن يعبر فوق شارع حيفا كي لا يتسبب بإختناقات، تلك التي نشهدها حتى اليوم بجانب الكرخ، وخلال حرب الكويت والقصف الجائر على بغداد، كنا نتخوف من أن تطاله قنابل الأمريكان لأن يعبر عليه الكيبل الضوئي الهام في الإتصالات والذي يصعب إصلاحه بين يوم وليلة...
أما جسر الجمهورية، فقد يشرف على أجمل مناطق بغداد وأكثرها قرباً من وجدانهم، ساحة التحرير ونصب التحرير الخالد، ومن جهة الكرخ يشرف على بناية وزارة التخطيط التي بُنيت بشكل عمودي على ضفة النهر وقد تلاها فندق ميليا المنصور بنفس الطريقة، وقد طالت هذا الجسر يد العدوان فدمرت إحدى فضاءاته الكبيرة بالعام واحد وتسعين، وتم معالجته بجهود ومواد عراقية أيام الحصار وذلك بنقل (شيلمانات) عملاقة من موقع عمل آخر، وما كانت العملية لتنجح لولا مهارة المهندس العراقي، ولحد اليوم فإننا نرى (قمتين) للجسر!
وقفت الدبابة الأمريكية في العام 2003 فوقه لتعلن للعالم سقوط مدينة ونظامولتباح كافة محرمات البلد الآمن وتسبى أعراضه في مسلسل لم تنتهِ حلقاته حتى اليوم ولا أحد يعلم هل نحن في بداية هذا المسلسل المقيت أم اشرفنا على نهايته؟
جسر الأحرار يرتبط بذكرياتنا في شارع النهر الذي يشرف عليه، وكم نزلنا من الباص ذو الطابقين وهو يسير نازلاً الجسر حين يقترب من مدخل شارع النهر، وقد وقعت على وجهي في أحد مغامرات نزولي منه وكادت عجلاته أن تدهسني، وأنتهت بأقل الخسائر وتمزق بنطلوني (الجارلس) وكسر كعب حذائي ذو الخمس إنجات!
كان نفق المشاة الذي يستخدمه الجميع في إلتزام شديد لأنظمة المرور نظيفا فيه مكتبة ومحل مرطبات وآخر لبيع وتصليح (بنادق) الصيد، لحد اليوم (تنتظر) بندقية ابني التصليح لديه!
حين سكنت شارع حيفا، كنت أعبر هذا الجسر يومياً لشارع النهر وأجتر ذكريات تلك الأيام الخوالي، وأحياناً أعبره لأكثر من مرة، ولي حادثتين طريفتين فوقه... كان شيخ يسير فرأى قطعة (صمون) على الأرض فدنا منها وحملها ونفخ عليها ليبوسها ويطبقها ثلاث مرات على جبينه ثم وضعها على حافة سياج الجسر وبد يستغفر ربه بسبب رمي (نعمة الله) على الأرض فأثار اعجاب المارّة الذين راقبوه عن كثب، لكن ما هي إلا ثوانٍ لتهب نسمة هواء ولتطير هذه (الصمونة) وتنزل متبخترة على مهل نحو الماء ولتكشف لنا عن حقيقتها التي لم تكن سوى قطعة (أسفنج) قديمة مقطوعة من (دوشك) عفا عليه الزمن!
كان حرجنا أكبر من حرج الشيخ الذي تلفتَ ذات اليمين والشمال وليمضي بطريقة يتلو الآيات ويستغفر ربه ويلعن من وضعه بهذا الموقف الحرج أمامنا.
أما الثانية فهي تتعلق بكون هذا الجسر وجسر الشهداء بُنيا ولهما قمة هرم وليس سطح مستوي كما تبنى وبُنيت الجسور التالية، ربما لأن تصميمها قديم. وبينما كنا مجموعة نتجه لحفلة زواج، نركب السيارة المنطلقة بنا بسعادة من جهة الصالحية بإتجاه ساحة الوثبة (حافظ القاضي)، ووصلنا لقمة (الهرم) وإذا بالسير متوقف ولم تُجدِ الفرملة لأن السيارة ثقيلة، وبدل ما نكون (بالعرس) قضينا بقية اليوم نبحث عن (دعامية وبنيد ولحية ولايتات...)!
الجسر المعلق له ارتباط بنشأة الجمهورية والقصر وقاعة الرباط ومنطقة إتخاذ القرار في العراق فشهدت برمتها أحداثاً من تاريخنا المعاصر، والذكرى التي في بالي عليه أن طياراً أمريكياً حين أسديت له مهمة تدمير الجسر في عام 91 وبينما يوجه صاروخه في فجر أحد الأيام، وإذا بسيارة تعبره، ومن أجل (الدعاية) الرخيصة والفبركة الأمريكية لطمر جرائم أكبر وافضع، أنه أدعى أنه (اضطر) لإنتظار السيارة تعبر الجسر قبل تدميره، وقال بالحرف... (كم محظوظ سائق هذه السيارة...)!
اُعيد بناءه بجهود استثنائية حيث نزل الغطاسون في عمق المياه لتقطيع الأجزاء السليمة التي رقدت في طين القاع، وتم معالجتها وتعويض النقص من المتوفر برغم الحصار ماعدا الأسلاك التي أشتراها العراق ـ أغلب ظني ـ من شركة (نمساوية) وبتكلفة يُقال أنها توازي كلفة بناءه قبل ثلاثون عام من تاريخ تدميره...
كان من المقرر أن يُطلى باللون الأبيض ليتميز ويُشير للنقاء والسلام، لكن ولكون جميع جسور بغداد تُطلى باللون الأخضر، مشت القاعدة علية وليعود زاهياً بجهود فنية عراقية غاظت الأصدقاء قبل الأعداء.

جسر باب المعظم اُنشأ لما كنت طالباً بالجامعة، وبالتحديد في عام 77 من قبل شركة يابانية، وهو أول جسر ذو مسار مستوي على طول النهر، وكانت الشركة (تُراهن) على (خبطة) سحرية للأسفلت تتحمل حرارة الصيف ولا تنصهر تحت عجلات باصات (اللايلاند) العريقة، وألتجأت الشركة لمختبراتنا في الجامعة التكتلوجية ولخبرة أساتذتنا، لكن حين لم تفِ بالغرض قامت ااشركة بأستيراد مختبر صغير من اليابان...
لكن لم تنجح (خبطتهم) السحرية فأذلتها شمس تموز وأعادت حساباتهم لنقطة الصفر ولتزال الطبقة الأسفلتية وتعاد (بخبطة) عراقية، صحيح لم تقاوم كثيراً لكنها على الأقل كانت أطول عمراً.

الجسر ذو الطابقين... كان أسمه (جسر صدام) وكنت آمل بأن تتغير كل كلمة (صدام) لكلمة (سلام) على كل شارع وجسر ومستشفى وغيرها كانوا قد أطلقوه عليه، لكن للأسف نحن نتخبط اليوم بالتسميات ونطلقها حسب هوانا، الأمر الذي حير (العم كوكل) بوضع التسمية النهائية لحاراتنا ومدننا...
المهم هذا الجسر كان مخطط له أن يعبر من الجادرية للدورة منذ زمان بعيد والخطة أنكليزية تقول بأن السيارة التي تأتي من الكرخ جهة الدورة يمكنها وبخط مستقيم أن تنزل للرصافة جهة الجادرية ثم وبنفس الإستقامة تصعد المعلق لتصبح بجهة الكرخ من جديد.
إلتواء نهر دجلة جعل تلك المنطقة وكأنها شبه جزيرة جميلة جداً زاخرة ببساتينها يسميها البغادلة بمنطقة الزويّة.

جسر الأئمة أنشأ بعد نمو الكاظمية والأعظمية، وكان اطلاق تسمية عليه هو ما حير الحكومة، فكل طرف يسميه بحسب (إمامه)، حتى أقترح السياسي المحنك (نوري السعيد) أسم الأئمة وليجنب الطرفين أي إحتقان محتمل، وكان حلً رضي به الطرفان...
وهو كما نتذكر شهد فوضى وتدافع حجيج بطريقهم لزيارة الإمام (موسى بن جعفر) وليطفح الكيل وتتساقط العشرات وتغرق في مياه النهر، وقد قام أحد السباحين المهرة بإنقاذ العديد من الضحايا وليستحق لقب البطل...
كانت ظلاله تشهد في التسعينات مجالس إلقاء الشعر والقصيدة بين رجالات الأعظمية وكتابها وصحفييها البارزين...

أما جسر الصرافية ذو الهيكل الحديدي الرشيق، فقد جُلب لبغداد بعد أن كان جاهزاً أن يُنصب في مدينة سيدني الأسترالية ثم أستعيض عنه بآخر... وهو كان مع مقترباته، ثاني أطول جسر حديدي في العالم بوقتها، نصبته شركة بريطانية بحديد ذي نوعية فاخرة مقاوم لعوادي الزمن.
أرتبط هذا الجسر بذكرياتنا بين منطقتي الوزيرية والعطيفية، وكان دجلة يلتف تحته ليبسط أرضاً رملية رائعة تسمح لنا بلعب الكرة والـ (بار بي كيو) خلال (بكنك) كنا نقوم به لنهار كامل، وكنا نسبح بالنهر ويمكننا عبوره مشياً على الأقدام لضحالة الماء بسبب عرض النهر وسرعة تياره...
كان عند تصميمه يسمح بعبور الخط المتري لقطار بغداد كركوك أربيل، وكان بممر واحد لكن وحين ألغي خط القطار صار الجسر بممرين، وفي حادثة فريدة أتذكرها جيداً، كنت بسيارتي الجديدة في العام 79 في جهة كورنيش العطيفية عند عبوره تحت مقتربات الجسر ثم مسك بي زحام شديد، في هذه الأثناء مرت قاطرة بخارية فتوقفت فوق سيارتي على الجسر، كانت تصب تحتها سوائل ودهونات أربك من تحتها، لكن لم يكن من مفر فاغلقتُ زجاج سيارتي ولم يكن بيدي سوى أن أنظر لمشهد تلك السوائل الساخنة تلوث سيارتي وتترك على طلائها الأبيض بُقعتين صفراوتين يشهدان صحة حكايتي وسط دهشة أو عدم قناعة بها...
فجرَ تنظيم القاعدة بشاحنة محملة بالموت هذا الجسر الرائع بتحدي مقيت لمشاعر البغادلة، لكنه ما لبث أن صحا من جديد بجهود اهله ليُحدث العراقيين عن مدينة يمكنها النهوض عبر التاريخ بعد كل كبوة غادرة...

حينما أنشأت شركة ألمانية (غربية) جسر الجادرية وهو الأطول في بغداد، كان الألمان يسمونه الجسر السياحي لأنه يمر بمنطقة غابات نخيل وجزيرة الأعراس (أم الخنازير)، وكنت اقرأ في الثمانينات لوحة بنهاية شارع بيتنا بحي القادسية تتحدث عن فترة انجاز الجسر وكلفة انجازه التي على ما اظن كانت بين الثلاثون والأربعون مليون دولار، أي بقدر (رشوة) لمسئول عراقي في الوقت الحاضر لتجهيز مفردة السكر بالبطاقة التموينية لعام واحد، لا تقبل التجديد إلا لو تدفع رشوة ثانيةً مقدماً ببنوك بيروت!
واخيراً لنسرح مع أقدم جسور بغداد وأكثرها مثقلاً بالذكريات... جسر الشهداء، والذي كنا نسميه جسر المتسولين (المجادية) لما يتزاحم على جانبيه من سائلي المعروف، وشهد هذا الجسر عمليات انتحار ومغامرات بالقفز من فوق الجسر للماء، حيث أنه وبين النقطتين التي يربطها الجسر، يكون دجلة في أضيق وأعمق حالتين، وتحت الجسر كانت وعلى مدى عشرات السنين، تقوم معامل صناعة وتصفية الذهب بقذف مخلفاتها السامة، لكن بينها نسبة ولو بسيطة جداً جداً من ترسبات الذهب مما يجهلها (منجم) يحمل في أعماق طينه عشرات الكيلوغرامات من الذهب...
وقد شهد الجسر عام 91 قصف (غير دقيق) لطائرة معادية (ثلمت) جزء من كتفه وحدثت فجوة يمكن أن ترى الماء يجري تحتها، ولم تتوقف الحياة عليه بل استمرت غير مبالية بالجريمة حتى تم اصلاحه وطلائه من جديد...
وقد حمل هذا الجسر العريق ذكرى شديدة الأهمية لي ولكل العراقيين*، حيث ظلوا بإنتظارها سنين... ففي بدية شهر آب عام 88 وبينما كنت أعبر الجسر وقت المغرب لسيارتي التي أركنتها في ساحة الشهداء، سمعتُ بضعة كلمات بقي العراقيون يرددونها...
((كان أرحم علي ان أجرع السُّم على أن أرضى بالقرار 598...))
كانت سماعات كبيرة (لود سبيكر) تذيع كلمات من خطاب للإمام الخميني، وقد أستغربتُ حينها أني ولأول مرة في شوارع بغداد أستمع لنص خطاب باللغة الفارسية ثم ترجمة حرفية للعربية، ولم استطع وقتها تجميع الكلمات بسبب الصدى الشديد الذي سببه كثرتها حيث شعرتُ حينها وكأنني أستمع لنداء في محطة قطار أو في مطار، لكنني سرعان ما تيقنتُ بأن الحرب العراقية الأيرانية ستنتهي خلال بضعة أيام، وهو ما حصل بالضبط.
لم يأتِ توقعنا بنهاية الحرب من فراغ، فقد كنا نقرأ التطورات ساعة بساعة ونتوقع ما سيحدث، كانت الأيام في ربيع عام 88 تمر ثقيلة على الايرانيين وقادتهم، بينما جيش العراق يتقدم ولم يتوقف فقط عند الانتصار الذي حققته عمليات تحرير الفاو التي كانت فعلاً بوابة النصر على إيران في حرب السنوات الثمان.
فقد طهرت جحافل العراق ـ برغم هيجان نهر دجلة وفيضانه وتهديد الايرانيون بنسف سد دوكان ـ كل الارض العراقية، وكان بالإمكان ملاحقة الجيش الايراني المنكسر المهزوم المتقهقر حتى داخل أراضيه.
أخبار عن انتصار وتفوق عراقي وصلت طهران ودفعت القيادة الايرانية لـ (نفض) التراب عن قرار مجلس الامن 598 واعادة مراجعته، واسداء النصيحة (لقائد الثورة) بأن يخطب بشعبهِ ويبرر قبولهم به بأنه بدا ملحّاً الموافقة عليه، ليتجنب الطرفان مزيد من الاستنزاف بالدم وبالمال.
ووجدها العراق فرصة ان يكيل للاكراد وميليشياتهم الذين كانوا قد وجدوها فرصة للتمرد بدعم إيراني، فأطاح بهم بيد من حديد وبقسوة وأحرق قراهم ودفع بقادتهم الى القبول (بالمر) واللجوء لأيران...
الحديث عن الحرب في بلد الحرب لا ينتهِ، وأن نتذكر تاريخنا ليس عيب في زمن صرنا نحن العراقيون نتجنب القول ـ برغم أن الثمن الغالي الذي دفعناه ـ بأننا أنتصرنا بالحرب على إيران!
عماد حياوي المبارك
(( ربما من الغريب أنني اليوم أفضلُ لو لم تتوقف الحرب العراقية الإيرانية، وأن أتمنى لو أنها أستمرت حتى يومنا هذا، ربما شعور مجنون أنني أرجو لحربنا مع إيران وبرغم تضحيات الشعب واستنزاف أقتصاده أن تبقى، لكنني اليوم ـ ربما ـ أكون على حق، فما وصلنا إليه الآن بإنحطاط المجتمع وإختلال موازينه، فلولم تتوقع الحرب لما أحتل العراق جارته الكويت وصار ما صار، وما أن حاصرنا العالم ودمر إرادتنا، وربما كانت إيران ولحد اليوم لم تقوَ على أحتلال العراق والعبث بمقدراته وبنسيجه الإجتماعي...
أليس أن هكذا شعور يراود مخيلتي... غريب وأحمق؟))




#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ((أطوار))
- حزب الفراشات، بين الباستيل والخضراء
- (( وعد الله))
- ناس تأكل الكباب...
- ((لستُ أدري!))
- ((وساطة!))
- مجرد كلام سلطنة
- سليخة
- وهابيون جدد
- ثلاثاً في ثلاث
- هبهب
- من نصرٍ... إلى نصر
- جواسيس (غشمة)
- حواس وعجايا
- فيكتوريا
- عادلون
- رحلات الصد ما رد...
- أذكياء لكن... أغبياء
- شكراً عم (جيليت)
- حارث


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حياوي المبارك - بين الرصافة والكرخ