أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فضيل التهامي - هل المغرب بحاجة إلى -ملكية برلمانية- ?!















المزيد.....

هل المغرب بحاجة إلى -ملكية برلمانية- ?!


فضيل التهامي

الحوار المتمدن-العدد: 4959 - 2015 / 10 / 18 - 16:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يطرح نقاش "الملكية البرلمانية " كشكل للنظام السياسي في المغرب بشكل "مناسباتي" ، طرح بعد الإستقلال من طرف الجناح التقدمي لحزب الإستقلال آنذاك ، طرح أيضا في سنوات التسعينيات مع الإصلاحات الدستورية عام 1992 و 1996 ، ليطفو إلى السطح بعد انطلاق الحراك الإجتماعي الذي تزعمته حركة 20فبراير إبان عام 2011 .

إن هذا النقاش في - حد ذاته - يعد مطلبا تاريخيا رفعته العديد من الأحزاب و التنظيمات السياسية إلى المؤسسة الملكية - كفاعل مركزي في النسق السياسي المغربي - للنظر فيه ، بغية التنازل على جزء من إختصاصاتها ، أو بالأحرى البقاء كرمز سيادي يسود ولا يحكم على شاكلة الملكيات الأوروبية . لكن المسار التاريخي أظهر أن المؤسسة الملكية لم تستجب لهذا المطلب كما تم رفعه تحت مبرر " الخصوصية المغربية " ، وبقيت ملكية تنفيذية تسود و تحكم ، بل هناك من يتجه إلى القول أنها وطدت صلاحياتها أكثر فأكثر ، لا سواء من داخل النص الدستوري أو من خارجه .

في الوقت الذي عرفت فيه أغلب الدول العربية"إهتزازات أمنية" بفعل الإنعكاس السلبي للحراك العربي، إستفرد المغرب بحالة الإستقرار ، مما جعله أنموذجا يحتدى به في المنطقة برمتها . فهل هذا الوضع -الإيجابي - يمكن أن يدفع المغرب إلى" دمقرطة " حياته السياسية عبر وضع أرضية لتبني نظام "الملكية البرلمانية "كما هو متعارف عليه في التجارب الأوروبية ؟
هذا السؤال يدفعنا إلى طرح أسئلة فرعية أخرى من قبيل: هل الشروط الموضوعية متوفرة للمطالبة بنظام "الملكية البرلمانية " في المغرب ? وهل المؤسسة الملكية تدرك أن المجتمع المغربي يعيش ديناميكية على المستوى السوسيولوجي ؟ وهل فعلا نتوفر على نخب سياسية و مجتمعية قادرة على خوض هذه التجربة إن توفرت الشروط ؟

أولا - " الملكية البرلمانية " : هل نتوفر على شروط تأسيسها مجتمعيا ؟

أغلب الباحثين المغاربة الذين حاولوا تفسير إمكانية تأسيس " ملكية برلمانية " كشكل للنظام للسياسي في المغرب ،إرتكنوا في مقارباتهم إلى المدرسة الفرنسية في علم السياسية ، والتي تعتمد المذخل الدستوري في التحليل . فنظام " الملكية البرلمانية " - حسب هؤلاء - لا يخرج عن نطاق توسيع مجال القانون ، و إعطاء الأهمية للمؤسسة التشريعية على حسب المؤسسات التنفيذية ( الحكومة - رئاسة الدولة ).

هذه المقاربة ضعيفة من الناحيتين المنهجية و التحليلية، فلنفترض جدلا أن المغرب يتوفر على دستور ديمقراطي ، فيه فصل للسلطات ، يعطي حيزا واسعا لمجال القانون ، موقع المؤسسة الملكية فيه لا تتعدى صلاحية الحكم (بفتح الحاء )كباقي الملكيات الأوروبية. ..هل هذا كافي للقول أن نظام الحكم في المغرب هو نظام ملكي برلماني؟ وإذا قبلنا بهذا مبدئيا ..فما موقع صلاحيات المؤسسة الملكية خارج الدستور ؟ نقصد إمارة المؤمنين ومراسيم البيعة والولاء ، و باقي الطقوس التقليدية الآخرى ...

إن الشروط الدستورية و السياسية غير كافية للتحليل ، وليست محددا مركزيا ، لدى وجب التساؤل عن الشروط السوسيولوجية ، فهل المجتمع المغربي - بكل مكوناته - يمكن أن يتعايش مع نظام الملكية البرلمانية كنمط في الحكم ؟
إن المتأمل في تركيبة المجتمع المغربي لا يمكن أن ينفي "تقليدانية" هذا المجتمع رغم مظاهر الحداثة التي تظهر عليه ، كما لا يمكن أيضا النفي بوجود رواسب منطق القبيلة والعشيرة و الولاء للبديهيات و حتى الخرافات أحيانا (حالة الأضرحة ) .

إن أغلب المغاربة يحملون تمثلا سوسيولوجيا خاصا عن المؤسسة الملكية كجهاز تنفيذي ، فعلاقتهم بها علاقة تاريخية تعود إلى قرون خلت ، لدى من الصعب أن يستصيغ المواطن المغربي البسيط مسألة إكتفاء المؤسسة الملكية بصلاحيات رمزية فقط ، و هو معتاد على مشاهدة الملك في القنوات الرسمية يدشن مشاريع في القرى النائية .

فهذا الوضع لا ينفي بدئ تبلور واقعا آخرا مضادا ، مضمونه أن المجتمع المغربي ليس مجتمعا "ستاتيكيا " كما حددته بعض الدراسات الكولونيالية ، بل هو مجتمع يعرف ديناميكية سوسيوسياسية، يمكن أن تدفع بوضع الحجر الأساس لنظام" الملكية البرلمانية " إن توفرت الإرادة السياسية ، فهناك قاعدة شبابية مهمة ، إتساع رقعة التعليم ، بروز حركات اجتماعية خارج النسق السياسي الرسمي متجاوزة للبنيات السياسية التقليدية ، الإنفتاح على المحيط الخارجي ، بروز هيئات المجتمع المدني رغم ضعفها ، إرتفاع نسب التمدن ، تنامي الطبقة الوسطى، انتشار التكنولوجيا. ...كلها عوامل يمكن أن تساهم في بلورة ثقافة سياسية جديدة ، وبالتالي فتح الأبواب في اتجاه " لبرلة " كل من المجتمع و الدولة ، ومن تم تصبح مفكرة المواطن المغربي البسيط قابلة لنفض غبار الثقافة التقليدية التي ترسبت بفعل الاديولوجيا و التنشئة الإجتماعية بالفهم الدوركايمي.

ثانيا - "الملكية البرلمانية " : موانع التأسيس

حتى و إن افترضنا أن الشروط المجتمعية متوفرة بالكامل لتأسيس نظام " الملكية البرلمانية " بالمغرب ، وحتى إن توفرت الارادة السياسية للمؤسسة الملكية ، فهناك بعض الموانع ، أولها يتجلى في وجود "شبكة علائقية " قوية ، لها مصالح مشتركة ، و تتحكم في الاقتصاد و بالتالي في القرار السياسي بشكل ضمني و صريح أحيانا . هذه الشبكة يصطلح عليها في الأدبيات السياسية ب"الدولة العميقة " ، و التي تتحرك و تضغط لمنع حدوث أي تغيير في البنى السياسية و المجتعية الذي لا يخدم مصالحها الاقتصادية والاجتماعية ، وكذا اجنداتها السياسية . هذا " التغيير الممنوع" هو في نفس الوقت المذخل المعول عليه لتأسيس نظام "الملكية البرلمانية" . بإختصار شديد إنها هي - " الدولة العميقة "- من تفرمل دوران عجلة التاريخ نحو هذا النمط المأمول من الحكم .

إن آخر مناورة أقدمت عليها "الدولة العميقة " لمنع أي اختلال في طبيعة البنى السياسية و المجتمعية المكونة للمجتمع كانت إبان خروج حركة20 فبراير إلى الشارع ، فقد حدث أن ضغطت على مناضلي الحركة الإجتماعية، من خلال إعطاء الضوء الأخضر لبعض الشركات و المقاولات التي تملكها لطرد العديد من من خرج إلى الشارع من وظائفهم ، مع العلم أن أغلبهم من الطبقة الوسطى المثقل كاهلها بالقروض و والضرائب .

ثاني هذه الموانع هو سياسي أيضا ، يتمثل في وجود نخب سياسية مغربية "مريضة "و غير قادرة على خوض هذا الغمار ، نخب ضعيفة تنظيميا و اديولوجيا ، لا يهمها سوى تحصيل المكاسب و المصالح الذاتية ، بإختصار نخبنا السياسية أضحت نخبا " انتهازية " ، لكن ما السبب في ذلك ؟ كيف تحولت من نخب قوية و فاعلة ومؤثرة خلال الستينيات و السبعينيات إلى نخب هجينة في الفترة الراهنة ؟
إن الجواب عن هذا السؤال يقتضي إستحضار علاقة المؤسسة الملكية بهذه النخب تاريخيا ، خاصة بعد الإستقلال ، فالنخب التي أفرزتها الشروط الموضوعية انبثقت وهي قوية ومؤثرة في الفعل السياسي المغربي ، لكن مع مرور الوقت وطول فترة صراعها مع المؤسسة الملكية تعرضت للضعف و التهجين .أما النخب التي لم تولد ولادة طبيعية فهي أصلا خرجت معاقة من مشتلها.

إن عملية البحث عن امكانية إيجاد نخب سياسية من عدمها لقيادة تجربة نظام "الملكية البرلمانية " غير كافية ، بل تحتاج إلى نخب مجتمعية للتفاعل ، على اعتبار أن نخب المجتمع المدني هي من تضغط على نخب المجتمع السياسي لبلورة وتنفيذ سياسيات عمومية معينة ، كما هو معمول به في أرقى الديمقر اطيات البرلمانية. لكن في الحالة المغربية ، نخب المجتمع المدني كنخب المجتمع السياسي ، مازلت فتية ، ضعيفة و هجينة بدورها ، بل هناك صعوبة حتى في التفريق بينهما ( نخب المجتمع المدني /نخب المجتمع السياسي ) ، تجد كل نخبة سياسية تصنع دراع مجتمع مدني ، وهنا يقع الاختلاط ، و تطرح إشكالية الإستقلالية ، و يظهر عدم قابلية المجتمع المدني بدوره في التأثير و المساهمة في تجربة نظام " الملكية البرلمانية " إن وجد .

هذا الوضع يمكن إسقاطه أيضا على النخب الأكاديمية ، التي بدورها إما أنها فظلت أبراجها العاجية ، و نقاشات الصالونات المريحة ، و التنظير ، وتغليض المفاهيم الأكاديمية ، وإما أنها اختارت موقعا جغرافيا آخرا ، ..في كلتا الحالتين يغيب دورها إزاء مجتمعها مع وجود استثناءات.

عموما ، فبعد خروج المغرب من دوامة " الربيع العربي " منتصرا ، بحفاضه على مكسب حالة الاستقرار - وقيمة الاستقرار لا تدركه إلا الشعوب التي دمرت ( بضم الدال ) أوطانها - ، زادت فرصته أكثر في "دمقرطة " حياته السياسية - إن تم إستغلالها - عبر إمكانية تأسيس نظام " الملكية البرلمانية " أكثر من أي وقت مضى ، خاصة أن وضعه هذا سيساعد على صنع الأرضية المناسبة لذلك ، عبر جلب رؤوس أموال أجنبية ، وبتالي تصبح إمكانية" لبرلة " الحياة الإقتصادية و السياسية حاضرة أكثر ... ، ورغم إمكانية توفر كل هذه الشروط ،و محاولة تجاوز الموانع السالفة الذكر ..هل المؤسسة الملكية ستسمح بالتنازل على صلاحياتها لا سواء من داخل النص الدستوري أو من خارجه ؟ ومتى يحين الوقت لذلك ؟ هذه الأسئلة و غيرها ، المستقبل القربب - و ربما البعيد - هو من سيجيب عليها .

فضيل التهامي :باحث في العلوم السياسية -
https://www.facebook.com/fadil.touhami?__nodl
[email protected]



#فضيل_التهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطرف وميكنزمات انتاجه في العالم العربي ...!
- النسق السياسي المغربي..صعوبة في التفسير !!!
- الدولة المدنية وتحدياتها بعد الحراك العربي
- أسئلة حول تنظيم - داعش -.
- القصف على غزة ...و الكل- يتكالب -...
- الاساتذة الجامعيون المغاربة و سؤال - العلمية - .
- العهدة الرابعة في الجزائر... محاولة للتحليل
- ملاحظات حول الحكومة المغربية الجديدة
- اعتقال -علي انوزلا - : صفعة اخرى لحرية الصحافة في المغرب
- سوريا وعملية التجاذب الدولي
- حركات الاسلام السياسي : معادلة السلطة ام الارهاب ؟
- الانتقال الديمقراطي ومعيقاته في البلدان العربية
- الازمة السورية... الى اين ؟
- اشكالية محاربة الفساد في المغرب
- - الربيع المغربي - ماذا تحقق ؟؟؟
- إنه الشارع يا رئيس الحكومة .
- المغرب : بين خطاب الإصلاح و الديمقراطية المؤجلة
- الثورات الديمقراطية في العالم العربي – تونس نموذجا – ( الجزء ...
- الثورات الديمقراطية في العالم العربي – تونس نموذجا – ( الجزء ...
- ثورة 25 يناير المصرية و الصراع العربي- الإسرائيلي


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فضيل التهامي - هل المغرب بحاجة إلى -ملكية برلمانية- ?!