أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فضيل التهامي - الثورات الديمقراطية في العالم العربي – تونس نموذجا – ( الجزء 1 )















المزيد.....



الثورات الديمقراطية في العالم العربي – تونس نموذجا – ( الجزء 1 )


فضيل التهامي

الحوار المتمدن-العدد: 4160 - 2013 / 7 / 21 - 17:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مع نهاية سنه 2010 ، و دخول 2011 ،شهدت المنطقة العربية حراكا اجتماعيا لا مثيلا له ، بعد أن ظلت هده المنطقة خارج موجات التغيير ، و التحول الديمقراطي التي ضرب العالم بأسره خلال فترات متعاقبة ، مما دفع البعض للحديث عن وجود استثناء عربي في هدا المجال ، أو عن وجود تناقض صارخ بين الثقافة العربية و قيم الديمقراطية ،لتشهد هده الأقطار بؤر للتحركات الاجتماعية أشرت على تفكك بنيات ألأنظمة العربية التسلطية ، بفعل إنتفاضات شعبية إنتشرت في كافة الأقطار العربية ، معلنة مفاجأة من العيار الثقيل إنطلقت من تونس لتعبر دول عربية أخرى .
فهده المفاجأة " الانهيار المتتالي للأنظمة العربية " ، أثبتت فشل النسق المعرفي و الادراكي في العلوم الاجتماعية الذي لم يعطي أهمية بالغة في دراسة الظاهرة الثورية ،و التوترات البنيوية و الاجتماعية الموجودة في المجتمعات العربية ، كما لم ينتبه هدا النسق الى تشكل قوى اجتماعية ، ومدى نسجها لتفاعلات أسهمت في إشعال فتيل التغيير . بل فقد كانت اغلب دراسات العلوم الاجتماعية ، "علم السياسة على الخصوص " مهتم بدراسة اطروحات استقرار النظم العربية الابوية ، خصوصا بعد تراجع منظور التحول الديمقراطي ، بحيث دهب اغلب الباحثين في اتجاه ان قدرة هده الانظمة على التكيف بشكل كبير ، و مرونتها في التعامل مع التحديات الداخلية و الخارجية ، و استطاعتها خلق و فبركة صراعات و اصطدامات افقية بين البنيات السياسية و العسكرية.
وهكذا تم الترويج لمجموعة من الاطروحات التي تبقي الأنظمة العربية على رأس السلطة ،كغياب التجانس المجتمعي والثقافي التي كرستها هده الانطمة ، و موقع القرب الجيوستراتيجي من مركز الصراع العربي _ الاسرائيلي.
فالأطروحة الأولى اثبتت فشلها بعد ان اصبح التجانس المجتمعي حاضرا كشرط لامكانية التغيير في المجتمعات العربية ، وقد تجسد دلك بعد ان خرجت حشود في ساحات التغيير في كل من تونس و مصر وليبيا ، رغم وجود بنيات قبلية ، اثنية ، طائفية ، و اختلافات اديولوجية تحت شعار واحد :وهو المطالب الاجتماعية بعد ان تطورت الى مطالب سياسية.
اما التصور الثاني الذي تجسد في الموقع الجيوستراتيجي لهده الدول ، فقد تأسس على مسلمة مفادها أن الأنظمة العربية المنشغلة بالصراع العربي – الاسرائيلي تتمتع يفترة سماح مع شعوبها ،والتي تعطي الأولوية لهدا الصراع على حساب حقوقها، و مطالبها ، و بالتالي تجيز هده الشعوب استمرار الأنظمة التسلطية البترمونيالية حتى و إن تطلب الأمر التضحية بحقوقها و مطالبها الاجتماعية و السياسية.
فهدا التصور بدوره أثبت فشله مند بداية الاحتجاجات التونسية ، وزكته الجماهير المصرية بحكم موقع مصر من اسرائيل ، حين ركزت في شعاراتها بإعطاء الأولوية للمطالب الاجتماعية و السياسية ، دون أي ذكر اي شعار يخص الصراع العربي الاسرائيلي ، او ما شابه دلك.
عموما فقد تبين محدودية البراديغم الشائع في العلوم الاجتماعية و علم السياسة على الخصوص ، الذي يرى أن التغيير على المستوى السياسي يقع من اعلى الهرم ، مكتفيا بتفسيره طبيعة الأنظمة السياسية و علاقتا بالنخب ، و المعاراضات الهجينة ، وتجاهلها التحليل العميق لديناميات البنيات الاجتماعية التي اثبتت قدرتها – مع توفر الشروط البنيوية و الظرفية – على ابتداع وسائل الضغط ، وإحداث تغيرات جذرية في الأنظمة السياسية ، لا سواء بالدفع بإصلاحها ، او القيام بثورات لإسقاطها.
وهدا ما حصل بالفعل في تونس ، بعد ميلاد حركة احتجاجية شبابية ،بمواصفات خاصة: حركة سلمية ، ( رغم محاولة النظام جرها للممارسة العنف ) ظهرت خارج الاطر و البنيات التقليدية ، من احزاب سياسية ونقابات ( اثبتت التجربة عدم قدرتها على مجارات النظام البوليسى التونسي ) لا تحمل اية اديولوجية فلم تستطع الإديولوجيات التقليدية ان تركب على الحدت و تستثمره سياسيا باسمها ( الاسلامية ، القومية ، الماركسية ) ،حملت مشعل التغيير ، حيث دفعت الاسباب المتراكمة الى احداث تغيير جدري في النظام التونسي بإسقاطه ، ومحاولة دك البنية السياسية السابقة ( حل حزب التجمع الدستوري )، وبروز نخبة جديدة كانت في المعارضة " الفعلية "، بعد عودتها من المنفى و السجون.
فالى أي حد يمكن للثورة التونسية أن تؤسس لتجربة ديمقراطية جديدة ، تخلق القطيعة مع النظام السابق ؟

_ فرضيات الدراسة :

- طبيعة النظام السياسي التونسي المنغلقة ، كانت مؤشرا على تراكم الأزمات السياسية ، سرعت بانهياره.
- بنية الحركة الاحتجاجية التونسية( التجانس المجتمعي و الثقافي ) مؤشر على نجاحها.
- أفول بنية النظام السابق وحلها ، قد يجعل عنصر القطيعة حاضرا ، بالتالي التطلع نحو الديمقراطية
- الدوافع البنيوية ، و المساعدة للثورة كانت متفاعلة في ما بينها ،سرعت بإنفجار الحدث
- غياب الطابع الاديولوجي، ووحدة المطالب داخل مكونات الحركة الاحتجاجية ،قد يخفف من الصراعات الافقية
- محدودية التدخل الاجنبي في تونس اثناء الاحداث قد يسرع في عملية الدمقرطة
- إنفراد الثورة التونسية بخصائص و سمات جديدة ، جعلها تختلف مع الثورات الكلاسيكية .

وبعد طرحنا لإشكالية الموضوع ، و الفرضيات التي سنسعى لاختبارها ، لا بأس أن نطرح بعض الأسئلة الفرعية ، لتجزيئ محاولتنا الإجابة عن الإشكال المطروح.
- ما معنى الثورة ؟ وماهي الأبعاد الذي يحملها هدا المفهوم ؟ و ما الفرق بينها و بين مفاهيم أخرى مرادفة ( كالإصلاح ، الانقلاب، الانتفاضة ).
- ماهي طبيعة النظام السياسيى التونسي ؟ وماهي سماته ؟
- ماهي الدوافع و الأسباب التي فجرت الثورة التونسية؟ وهل كان هناك تلاقح و إنسجام بين الإسباب البنيوية و المساعدة ؟
- ماهي السمات التي أتسمت بها هده الثورة؟ وما هي الإنجازات التي حققتها؟
- الإطار النظري للدراسة :
بعد استقلال " تيشيكوسلوفاكيا " سنة 1945 ،و تنظيم إنتخابات برلمانية أفرزت فوز الشيوعيين ، بحيث قاموا بالتحكم و السيطرة على كل مناحي الحياة السياسية ، إلى أن تم الإطاحة بهم سنة 1989 عبر ثورة ليست ككل الثورات الكلاسيكية القديمة التي عرفها العالم ( الثورة الفرنسية ، الثورة البلشفية ، الثورة الصينية...) ، أصطلح عليها ب " الثورة المخملية " هدا المصطلح أطلقته بعض الحركات المعارضة في التشيكوسلوفاكيا على نفسها ، ليروجه الإعلام الغربي في دلالاته على الطابع السلمي للحركات الإجتماعية ، و المخمل هو إشارة الى القماش الرقيق و الناعم الذي يعبر عن السلام، فهده الثورة إتخدت شكلا سلميا رغم القمع الذي تعرضت له الإنتفاضة الشعبية بشوارع " براغ " التي تزعمها الطلاب في البداية ، بعد أن إلتحقت بهم الشرائح الإجتماعية الأخرى ( المثقفين و الكنيسة ...) ، بحيث نجحت في الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية و خلق بنيات مؤسساتية جديدة ( قانونية و سياسية ) ،و أعادة القيام بترتيبات إجتماعية و إقتصادية . كما كانت بوصلتها قوة الشعب عبر تحركات جماهيرية إتخدت طابعها السلمي، بدون خلفيات إديولوجية ، و إن وجدت كانت دافعة و محركة لها عبر قادة استطاعوا تعبئة الجماهير.

وفي الوقت الذي كان فيه الكل تقريبا ( مفكريين ، باحثيين في العلوم الإجتماعية )، يتحدثون عن الاستثناء العربي من الموجات التي إجتاحت العالم ، جاء الربيع العربي ليفند هده الأطروحات محدثا تغيرات جذرية في الأنظمة الأبوية ، عبر ثورة سلمية في تونس أشرت على حضور "الثورة المخملية " بأثر رجعي الى الفضاء العربي ، بكونها حملت تقريبا نفس الخصائص ، و نفس الأهداف.

- تصميم الدراسة :
1- الثورة : تحديد مفاهيمي
1 -1 مفهوم الثورة
1-2 مفهوم الثورة....و مفاهيم أخرى...( الانتفاضة ، الإصلاح ،الانقلاب...)
2 - طبيعة النظام السياسي التونسي
2-1 بيئته الداخلية ( في عهد بورقيبة و بن علي )
2-2 خصائصه
3- الثورة التونسية : محاولة للتحليل
3-1 الدوافع و الأسباب التي فجرت الثورة
3-2 سمات و إنجازات الثورة التونسية


1- تحديد مفاهيمي :
1-1 - مفهوم الثورة

من الصعب تحديد مفهوم " الثورة " بدقة و حصر معناه ، فدلك راجع الى اختلاف الفلاسفة و المفكريين ، وكدا اختلاف المرجعيات السائدة . ففي العصر القديم برز هدا المفهوم الى حيز الوجود في مجال علم الفلك مع المؤرخ اليوناني " بوليبيوس " ( 200- 118 ق م ) الذي أرخ لفتوحات روما ، و معناه : الحركة الدائرية و المتكررة للنجوم ، ليتبلور بشكل واضح مع الفيلسوف اليوناني كدالك "كوبرنيكوس " في كتابه de revolution ibusorbium coelestium . ومن هنا دخلت هده الحركة الدائرية و المتكررة للنجوم الى مجال السياسية لتصبح حاملة معنى اخر هو ان الحكومة القليلة تدور بين البشر، بمعنى التداول على السلطة بين الاغلبية و المعارضة بالمفهوم المعاصر.
اما افلاطون فقد اعتبر ان الثورة هي تحول طبيعي في شكل من اشكال الحكومة الى شكا اخر ، في حين ان ارسطو ، و في سياق تناوله في كتابه " السياسة " انماط الحكم ( الديمقراطية و الاليغارشية ) انهما معرضين للثورة ، ليقسم الثورات الى قسمين اساسين : الاول يفضي الى تغيير القوانيين القائمة ، و الثاني يغير الحكام مع تغيير بنية النظام ككل.
كما قد اختلف تحديد هدا المفهوم باختلاف الاطار الفكري و المرجعي لكل اتجاه على حدة : فالبيراليين و بعد القضاء على النظام الافطاعي حاولو تأسيس الجهاز السياسيى لضمان حرية الافراد ، ليعتبروا هدا الإجراء ثورة على نظام اقطاعي استغل الانسان مند ظهوره . في حين يتجه التصور الماركسي في الثورة الى اعطاء الاولوية للطبقة العاملة ( البروليتاريا ) بعد امتلاكها لوسائل الانتاج ،و تحكمها في اجهزة الحكم ، تمهيدا لالغاء الدولة ، و رسم الافق الشيوعي.
فالثورة حسب هدا التصور تنبني على ركائز اساسية من قبيل الوعي الثوري ، القيادة الثورية ، الاديولوجية المؤطرة للجماهير الشعبية ، تغيير نمط الانتاج. كل هده العناصر تخلق القطيعة مع البنية السابقة بعد دكها.
و في نفس السياق و على دكر القطيعة ، يرى " فرانسوا شاتليه " ان كلمة " ثورة " تحيل تاريخيا على معنى القطيعة ، و اعادة التأسيس لنمودج جديد ، مبني على أسس جديدة ، في حين رسم "جول مونروا "
Jules monnerot خطاطة لمفهوم " الثورة " ، تضمنت ثلا تة مراحل :
- المرحلة الاولى : تداعي البدأ في انهيار النظام القائم ، و محاولة القطع معه ، سواء كان هدا النظام سياسيا ( مؤسسات و اجهزة الحكم ) ، او اجتماعيا اقتصاديا ( توزيع الثورة و نمط علاقات الانتاج ) ،او قيميا ( القواعد السلوكية الموجهة للافراد و الجماعات داخل نسق مجتمعي معين ) . ففي هده المرحلة و بعد بدأ تداعي النظام بالانهيار ، يلجأ بالقيام ببعض الاصلاحات و التعديلات التي قد تأجج قوى المعارضة ، و بالتالي تدفع الى القيام بالثورة ، بعد تسارع ظهور الاختلالات فى بنية النظام مما يعجل بانهياره.
- المرحلة الثانية : الغليان الثوري و بروز ارادة التغيير: ففى هده المرحلة تظهر الخصائص المتداخلة للفعل الثوري ، و التغيير الجدري للنظام بعد فقدانه للشرعيته ، مما يدفع الى تقويض البنى السياسية ، الاقتصادية ، و الاجتماعية ، و هدمها هدما كليا.
- مرحلة التأسيس و اعادة البناء : بعد تحقيق الثورة و انهيار النظام السابق ،يتم بناء و اعادة تأسيس النظام الجديد بهياكل مؤسسات و نخب جديدة ، و حتى اديولوجية جديدة . الا ان هده المرحلة قد لا تخلوا من اضطرابات و اصطدامات داخلية بسبب وجود بقايا النظام السابق التي تسعى لتقويض الامن و الاستقرار الداخلي للدولة.
ومن جهة اخرى اعتبر " اريك هوبزباوم Eric Hobsbawm " أن الثورة هي تحول كبير في بنية المجتمع ، مع اعطاءه اهمية بالغة لفكرة التحول التي عرفتها اروبا ما بين 1787 – 1848 ،أي خلال ما أصطلح عليه حسب هدا المفكر بالثورة المزدوجة ( الثورة الفرنسية و الثورة الصناعية ) ، ليركز على ثلاتة عناصر تستدعي الاهتمام عند التطرق الى مفهوم الثورة:
1- الخصوصية :
يتحدث هنا عن الزمان و المكان التي تحدث فيه الثورة ، مع إشارته الى عدم وجود اي تطابق بين الثورات ، فهده الخصوصية تظهر من خلال الاختلاف على المستوى الجغرافي و الديمغرافي ، فمصر مثلا تختلف عن تونس بتركيبتها الديمغرافية الكثيفة و مساحتها الشاسعة.
2- التراكمية :
يتحدث الكاتب هنا عن تراكم الازمات التي عرفتها اروبا الغربية من استبداد و التضييق على الحريات ، إضافة الى الازمات الاقتصادية و الاجتماعية. للتراكم هده العوامل و تؤدي الى انفجار الثورة بعد إحداثها لضغوطات ولدت الانفجار بعد دلك . و يمكن اسقاط هده العوامل على الثورة التونسية ، بحيث كانت هده التحولات السياسية نتاج عوامل متراكمة اتقلت النسيج السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي التونسي.
3- البعد الجغرافي للثورة :
اشار " اريك هوبزباوم " الى تأثير هدا البعد في دول الجوار ، موضحا تأثير اروبا في أمريكا الشمالية في سياق الصيرورة التي عرفتها اروبا ، اما في سياق الثورات العربية ،فقد ظهر هدا البعد من خلال التقارب بين الدول ، و انتقال رياح التغيير الى دول آخرى نتيجة التقارب الجغرافي ووحدة اللغة و الدين و التاريخ.
عموما فقد اختلفت التفسيرات لمفهوم " الثورة " ، لتعطي دلالات مختلفة : فالتفسير النقدي الذي ساد في القرن التاسع عشر في صفوف اليسار، اعتبر الثورة شىء حتمي للبشرية نحو التقدم و الارتقاء ، عبر تغييرات ذات طابع جدري ، كما ظهرت تفسيرات محافظة خلال الثورة الفرنسية تزعمها مفكرون سياسيون اصطفوا في صف الملكية ك " كوستاف لوبون و نتشه " ، و اعتبروا ان الثورات هي انفجاريات شبه بربرية ،مدمرة ، خارجة عن انفعالات الجماهير ، كما دهب في هدا الاتجاه علماء النفس معاصريين رأو في الثورة تعبيرا عن " سيكولوجية الحشد " وقارنوها بالارتدادات التي تصيب الانسان في حالة الانهيارات العصبية.
اضافة الى دلك ظهرت تفسيرات آخرى اتسمت بالطابع السوسيولوجي ، دهب الى اعتبار مفهوم " الثورة " يحمل معنىا وصفيا ، و بالتالى فان كل تغيير فجائي جدري و عنيف في نظام الحكم يشكل ثورة حقيقية ، اما التفسيرات الحديثة فقد عارضت التصورات السالفة الدكر ، باعتبار ان الثورة مفهوم متناقض يحمل في طياته عنصر الفجائية تفجره الشعوب الثائرة.


ورغم اختلاف كل هده التفسيرات ، و التصورات إلا ان المفهوم السائد للثورة اعتبرها عملا واعيا ، منظما ،تخضع لقيادة توجهها ،و لبرنامج سياسي واضح ، و لاديولوجية تؤطر الجماهير ، بحيث يتم القضاء على النظام السابق بكل هياكله ، و مؤسساته ، و اعادة بناء نظام بديل يخلق القطيعة مع النظام السابق ، يفضي الى التحول نحو مرحلة ديمقراطية. وهدا ما اكدته الشعارات التي رفعتها الشعوب العربية من قبيل " الشعب يريد اسقاط النظام " ، ومن هنا يمكننا ان نطرح سؤالا مشروعا من قبيل هل انهيار النظام السياسي هو رهين بإنهيار الدولة ام بقائها ؟ و للإحاطة بهذا السؤال الذي فرضه سياق الموضوع في هدا البحث ، هناك اتجاهين في الادبيات الخاصة بالثورات: الاول يرى ان الثورة هي عملية تستهدف النظام السياسي دون ان تؤثر في الدولة كحالة "يوغسلافيا ". اما الاتجاه الثاني فيذهب الى اعتبار ان انهيار الدولة هو رهين بقيام الثورة ، بحيث يتم من خلالها انهيار النظام السياسي ككل ، و محاولة الاتيان بأفكار جديدة حول طبيعة النظام الجديد ،و هيكلته المؤسساتية و القانونية. فحسب هدا الاتجاه يدهب الى اعتبار ان الهدف الرئيسي من الثورة هو إحداث تغيير جدري في النظم السياسية ،ور فض العمليات الترميمية ،او اي اصلاح وارد.
1-2 مفهوم الثورة ...و مفاهيم اخرى( الاصلاح ، الانقلاب ، الانتفاضة)

اضافة الى التعريفات السالفة الذكر ، يعرف المفكر العربي عزمي بشارة الثورة انها : " تحرك شعبى واسع ، خارج البنية الدستورية القائمة ، او خارج الشرعية ، يتمثل هدفها في تغيير النظام القائم في الدولة ، و بالتالي فهي حركة تغيير لشرعية سياسية قائمة بشرعية جديدة. فهدا التعريف يظهر الفرق بين مفهوم " الثورة " و مفهوم " الانقلاب العسكري " ، فالأول هو تحرك شعبي جماهيري كما سلف القول هد المفكر ،أما الثاني اي الانقلاب فهو يقع داخل النظام القائم على ايدي جزء من النخبة الحاكمة كالجيش ، او جزء منه في حالة الانفصال ، بحيث تؤدي هده الانقلابات الى إعادة توزيع السلطة من جديد داخل النظام.

اما الانتفاضة فقد نجد صعوبة في تحديد مفهومها بشكل واضح ، لكونها ما زالت في طور التشكل ضمن سياق معين ( سياق القضية الفلسطينية )، فبالعودة الى لسان العرب ، نجد كلمة انتفاضة مشتقة من جدر ( ن ف ص ) الذي يدل على الحركة، اما فعل انتفض فهو يعني : المطاوعة في الحركة ، كما يحمل دلالة فصل الشيء عن اصله.

و ارتباطا بسياق التحولات السياسية في العالم العربي، اتجه الكاتب الفلسطيني " ماجد كيلاني " الى وصف ما حصل في تونس بالانتفاضة ، حيث جاء في قوله : " ولعل الاهمية التاريخية لهده الانتفاضة الشعبية ،:أنها غير مسبوقة في نوعها ،و موضوعها ، فهي اول حركة احتجاجية شعبية غيرت النظام السياسي الذي تحكم في العالم العربي خلال حقبة ما بعد الاستقلال ". و فعلا فالمنتفضين الدين خرجوا الى الشارع التونسي لم يعبروا عن هوية محددة ، ولم يتبنوا في شعاراتهم اديولوجية معينة ، ولم يدينوا الى رابطة معينة ،او اتجاه عقائدي ،ولم يستساقوا وراء اية قيادة كيف ما كان لونها المذهبي ، بل تجاوزت كل البنيات التقليدية ( احزاب سياسية و نقابات ، مجتمع مدني ) ، فكل هدا ادن كفيل بترجيح كفة مفهوم الانتفاضة بدل الثورة حسب المفكر العربي.

وبعد ان نجحت التحولات السياسية في تونس ، طرح اشكال كبير في تصنيف هدا الحدث : هل ما وقع كان ثورة فعلا ؟ اي يحمل سمات الثورات الكلاسيكية ( الثورة الفرنسية ، الثورة البلشفية ، الثورة الايرانية...) ، ام كان مجرد انتفاضة عارمة؟...فالملاحظ من خلال الكتابات التي ظهرت الى حيز الوجود بعد 11 يناير 2011 ، ان غلبة توصيف الثورة على الانتفاضة ، لا على المستوى الادراكي للتونسيين ، او الاستعمال المفاهيمي . وقد يكون دلك راجع في الغالب لعدة اعتبارات في مقدمتها سيادة الطابع التقديسي على الحدث الذي عاشه الشعب التونسي.فإن غالبية من رجحوا هدا التوصيف " الانتفاضي " ينتمون الى الحقل الفكري الاكاديمي ، ليظهر لهم ان من الصعوبة بمكان اطلاق صفة " ثورة " عن حركة افتقدت الاطار الفكرى و الاديولوجي ، و القيادي ، و خصائص اخرى عرفت بها الثورات السابقة.
ورغم الغموض و التضارب في حقيقة ما وقع ، إلا ان هدا الحدث حمل دلالات جوهرية تجلت في ان الشعب التونسي انتقل من شعب هرمي السلطة ، الى المشاركة السياسية في محيطه السوسيوسياسي ، الشيء الذي قد يرجح صلاحية استخدام مفهوم " الثورة " على مفهوم " الانتفاضة ".

اما الاصلاح فهو عكس الثورة ، يتطلب العودة الى الجذور الاساسية ،و الى الاصول لترميم الوضع القائم . قد انطبق هدا على الحركات الدينية الاصلاحية ( كالبروتستانتية و الاسلامية ) ، لكن على المستوى السياسي قد يتخذ شكلا ملتويا ،فهو قد يلغي الاسس التي ينبني عليها النظام ، و بالتالي يمكن ان يعود الى مرحلة التأسيس.
وهدا ما لاحظناه في اغلب الدول العربية التي تبنت مفهوما اصلاحيا ، انبنى على التمويه و التضليل ، لامتصاص الضغط و المعارضة الجماهيرية.

2- طبيعة النظام السياسي التونسي
2-1 بيئته الداخلية ( عهد بورقيبة ،و عهد بن علي )
لقد عاشت الدول العربية مشهدا دراميا من الاستبداد و التسلط مند زمن بعيد ، تربعت من خلالها انظمتها البترومونيالية على كل مناحي الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، معتبرة نفسها هي الوصي على تدبير الشأن العام ، ووكيلا على مجتمع ليس له القدرة على تسيير حكمه ،و اختيار ممثليه ، الأمر الذي تطلب حسب اعتقادها الى تكريس الرقابة الأمنية ، و العسكرية و الاستخباراتية لكبح اي تحرك اجتماعي محتمل . كما حاولت هده الأنظمة شرعنة وجودها بكافة اللوسائل لا اديولوجيا ولا ماديا، لتبقى متمركزة و معلنة تماهي زعمائها مع هده الدول.
فالنموذج التونسي خير مثال على هده الانظمة ، بحيث إتسمت هده الدولة مند الاستقلال بنوع من المركزة الشديدة ، مع قدرة فائقة على الإمتداد الأفقي في جميع مناحي الحياة السياسية و الاجتماعية . وقد يعود هدا الى صغر المساحة الجغرافية لهده الدولة المغاربية ،و ضعف الرابطة القبلية الى حد ما ، سهل تحكم الجهاز البوليسي على جميع المستويات . كما ساهمت الحقبة الكولونيالية على تكريس و تكثيف سياسة المركزة ، و محاولة اضعاف الروابط المحلية ، مع ربط الاقتصاد التونسي بمركز الاقتصاد النيوليبرالي خاصة في فرنسا ، لتساعد البيئة الخصبة ، و مجموعة من العوامل السسيولوجية على تبلور الحكم الشمولي تحت يافظة " الحزب الاشتراكي الدستوري " مند الاستقلال عن الحماية الفرنسية.

وما عمق الجراح التونسي بعد الاستقلال ،وكرس هدا النمط من الحكم ،هو الانقسام الذي ضرب الحياة السياسية التونسية ، وخلق تبعات سلبية على المجتمع التونسي ،كان اطرافه كل من " الحبيب بورقيبة " الداعي للحداثة السياسية ،و المتشبع بالأفكار الفرنكوفونية ،و "صالح بن يوسف " الجناح العروبي الاسلامي ، الذي حاول توثيق علاقاته مع الاتجاه القومي الناصري ، و التيار الزيتوني ،وأغلب القوى الاجتماعية التقليدية لتحييد النخبة البورقيبية داخل الحزب الحاكم. وبدون الدخول في حيثيات هدا الشرخ السياسي فقد خلف مجموعة من النتائج يمكن توضيحها على مستويين: الاول ان حسم الصراع لفائدة الجناح البورقيبي على حساب النخبة " الصالحية " كرس أسس الحكم التوليتاري ( حسب تعبير حنا ارنت ) ، ليختل التوازن في الحياة السياسية التونسية لفائدة الزعامة البورقيبية المتماهية في الدولة. أما المستوى الثاني فقد افرز هدا الصراع ، وبعد تحكم بورقيبة في دواليب الحكم قام بالقضاء عى كل المعارضات السياسية ( الاسلامية و اليسارية ) ،وكبح جموح المفكريين التونسيين و التضييق عليهم بالترغيب و الترهيب ،ووضع هده الفئة امام خياريين : اما الانصهار داخل الحزب الحاكم و التنضير له ،وإما تهميشهم.
وفي هده الفترة " اي فترة حكم بورقيبة " ورغم إقدامه على بعض الاصلاحات السياسية ، تجلت في إعلانه خلال ابريل 1981 عن عدم اعتراضه عن تأسيس احزاب سياسية معارضة ، شريطة تخليها عن العنف ، و الارتباط بالاجندات الخارجية لا ماديا و لا اديولوجيا ، و إصداره لقرار التعددية السياسية ،و الاعتراف ببعض الاحزاب السياسية المحظورة ( كحركة الديمقراطيين الاشتراكيين بقيادة أحمد المستيري ،الحزب الشيوعي بزعامة أحمد حرمل ، حركة الوحدة الشعبية بقيادة أحمد بالحاج عمر ).
ومن جهة اخرى قام بورقيبة ببناء الدولة الحديثة ،وقام بتعزيز روابط الوحدة الوطنية ، وتنمية الشعور بالانتماء المشترك ،و تطوير المجتمع على كافة الاصعدة الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية ،و تطوير وضع المرأة القانوني بإصدار مجلة الأحوال الشخصية. لكن في المقابل فإن تطوير المجتمع و ترسيخ بناء أسس الدولة، ترافقا مع شخصنة السلطة (حسب تعبير ماكس فيبر ) ،وغلق المجال السياسي ،و تقليص فضاء المشاركة السياسية ،إضافة الى فرض رقابة صارمة على وسائل الإعلام وجعلها أبواق لخدمة أجندات النظام. ليبقى الحزب الاشتراكي الدستوري" و زعيمه " بورقيبة " متحكميين في كل دواليب و خيوط اللعبة السياسية.

وما فند هده الاصلاحات الصورية التى تبناها بورقيبة ان تونس عاشت على إقاعات مجموعة من الاضرابات و التوثرات الاجتماعية ، بعد انتفاضة التونسيين عام 1984 ،او ما اصطلح عليه " بانتفاضة الخبز " التي خلقت قطيعة بين السلطة و المجتمع ، بسبب تدهور الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية ، و تفشي ظاهرة البطالة ،لتتصاعد هده الاحتجاجات و تصل الى القطاعات العمالية التي لعبت فيها النقابات دورا مهما في التأطير الاحتجاجي. و في ظل هدا الثوثر ، وإضافة الى التصدعات و الأزمات التي تعرض لها الحزب الحاكم ( بسبب صراعات افقية داخل الحزب ) ، أقدم النظام التونسي على توقيف هده الاصلاحات ( رغم انها شكلية تبقي بورقيبة على رأس السلطة ) ، و إعلانه لحالة الطوارئ سنة 1984.
وفي هده الظرفية ، و التي اتسمت بهجوم النظام التونسي على " الحركة الاصولية " و القوى الديمقراطية في سنة 1987 ، و انتهاء فصل من فصول الصراع بين " بورقيبة " و " حركة الاتجاه الاسلامي " بصدور احكام مختلفة على الاسلاميين الاصوليين التسعيين ، إشتدت الحالة الصحية لبورقيبة ، وصعد نجم جينرال جديد اسمه " زين العابدين بن على " ، بدعم امريكي ، لينفد هدا الاخير الانقلاب الابيض في نونبر 1987 معلنا نفسه الرئيس الجديد للجمهورية التونسية ، وخادما بارا للمخططات الغربية. وقد زكى هدا الطرح ما كشفته صحيفة ايطالية "لاريبوبليكا " في عددها الصادر اكتوبر 1999 عن شهادة رئيس جهاز المخابرات الايطالي " فولوفيو مارتيني " ( 1984-1991
حيث قال " ان وصول الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بدل الرئيس السابق الحبيب بورقيبة كان خيارا ايطاليا " ، كما اعترف "مارتيني " امام اللجنة البرلمانية الايطالية المعنية بالجرائم العامة ، بأن ايطاليا في عهد الزعيم الاشتراكي السابق " كراكسي " هي التي كانت وراء الانقلاب الابيض الدي خلع بورقيبة و تم تعويضه بإبن علي ، مشيرا ان بورقيبة لم يعد في إستطاعته مواجهة المد الاصولي الاسلامي في شمال افريقيا. إضافة الى ان الامريكيين يعرفون بدورهم بن علي جيدا باعتباره تلقي عدة تدريبات ،و دورات تكوينية في الولايات المتحدة.
وبغض النظر الي الكيفية التي وصل بها بن علي الى الحكم ، إلا انه تبنى خطابا إصلاحيا أكثر وضوحا بالمقارنة بالمرحلة السابقة ، بحيث قام بعد صعوده الى السلطة بمجموعة من الاصلاحات الدستورية و السياسية ، قدم نفسه من خلالها على أنه زعيم الاصلاح الذي يضطلع بمهمة و ضع اسس الديمقراطية و التعددية ، و إرساء دولة الحق و القانون و المؤسسات. فقد تم الاعلان عن مشروع التغيير في 8 نونبر 1987 في اصلاح النظام نحو انفتاح الحياة السياسية ـ تعتمد على التعددية ، من منطلق ان الشعب التونسي أصبح ناضجا و مسؤولا في اختيار ممثليه و محاسبتهم في اطار القانون. وفي هدا السياق أقدم بن علي على محموعة الخطوات اتجاه اصلاح سياسي و دستوري ، دشن أولها سنة 1988 ، لتتحدد مدة حكمه بثلاثة ولايات ، و يمكن ايجاز بعض الخطوات الاخرى التى اعلانها بن علي على المستوى السياسي:
- تنقيح الدستور و الغاء ،و إلغاء الرئاسة مدى الحياة ، (حددت في ولايتييتن تشريعيتين المادة 88 من الدستور التونسي.)
- الغاء نظام الحزب الواحد ،واصدار قانون الاحزاب السياسية في سنة 1988
- تعديل المجلة الانتخابية عدة مرات ( 1988- 1990-1993-2003 )
- توسيع نسبة المقاعد للمعارضة (20 قي المائة )
- تبني سياسة الوفاق مع المعارضة بتوقيعها لميثاق وطني.
- رفع القيود و ادخال المزيد من المرونة عل شروط الترشيح للانتخابات .
معتبرا ان هده الاصلاحات هي من الشروط نحو مجارات موجه التحديث التي يعرفها المجتمع التونسي ، وأن التحول نحو الديمقراطية من أهم العوامل لثوطيد الاستقرار السياسي و الاجتماعي،و تحقيق الامن على مستوى النظام السياسي ،و بالتالي بقائه على رأس السلطة.
إن كل هده الاصلاحات هدفت الى خلق نوع من الديمقراطية الشكلية ، التي قد تعبد الطريق للمعارضة الاصلاحية لدخول البرلمان ،و شرعنة الحكم النيابي المزيف ، دون مضمون ديمقراطي ، شعبي حقيقي ،ودون مشاركة فعلية من الشعب التونسي . كما انها إصلاحات فقدت طابعها الديمقراطي في ظل تغول الحزب الذي غير اسمه فقط " من الحزب الاشتراكي الدستوري " الى " التجمع الدستوري الديمقراطي " .وفي ظل عدم تكافئ بينه وبين باقي الاحزاب السياسية الاخرى ، خصوصا على مستوى التمثيل الشعبي ، و النظام الانتخابي ، فكل ماسعى اليه النظام من خلال هده الاصلاحات هو فقط كبح نشاط المعارضة الاصلاحية عن طريق آليات قانونية ،و توظيف الانفتاح الديمقراطي لتمرير سياساته الاقصائية ، و بقائه على رأس السلطة. الشىء الدي جعل هده الفترة ( حكم بن علي ) تتسم بعدة أزمات و مفارقات : ازمة المشاركة السياسية ، رغم الحرض على إجراء الانتخابات في وقتها المحدد ، ازمة تنمية ، أزمة شرعية و ازمة حكم ، و تبنى المقاربات الامنية في التعامل مع عدة ملفات ( حقوق الانسان ...)

عموما فما يمكن قوله عن النظام السياسي التونسي خلال حقبة بن علي ، انه تحول من نظام أبوي بصبغة كلاسيكية ،الى نظام أبوي ايضا بنفحة معاصرة غلب عليها الطابع العسكري ، بكونه اصبح أكثر تسلطا حتى من الحكم البورقيبي ، بحيث كانت له قدرة فائقة على السطو على القاموس السياسي الحداثي، إضافة الى نهج المقاربة الفوقية في تمرير اغلب اصلاحاته التي اعلن عنها رغم شكليتها ، لتظهر الهوة الشاسعة بين الخطاب السياسي و الممارسة العملية، فالخطاب الرسمي لابن علي كان دائما يحمل لغة الديمقراطية و حقوق الانسان ، و الموقع المتقدم للمجتمع المدني ، لكن على المستوى الممارسة لم يعتمد إلا القبضة البوليسية على مكونات المجتمع التونسي.
فما ميز الحياة التونسية في عهدي " بورقيبة و بن علي " ، ان كل ما فيها مزيف و غير حقيقي: من أحزاب سياسية ، و مجتمع مدني ،و شعارات ...اما ما كان حقيقيا فقد كان مقصيا خارج اللعبة السياسية ،و خارج الاطار القانوني ،و محل تضييق و متابعات قضائية ....لتصبح السياسة في تونس خاضعة للانتقاء ،و البلورة الرئاسية...و ليصبح الحقل السياسي خاضع للرقابة البوليسية التي يشرف عليها بن علي شخصيا.

2-2 خصائصه
إن تحديد السمات التي يمكن ان يتصف بها النظام السياسي التونسي لا يخرج عن إطار السمات التي تتسم بها الأنظمة العربية التسلطية بشكل عام ،و التي تتصف بمركزية الجهاز التنفيذي ، من توسيعها لجهازها البيروقراطي ، و زيادة تدخل الدولة في الاقتصاد ،و إعطاء الأولوية في الإنفاقات للأجهزة العسكرية و الأمنية ، باعتبارها الضامن لاستمرارها عوض الشرعية ،و الانتخابات. كما تتجه هده الأنظمة الى استعمال الإطار القانوني في شكل قوانين الطوارئ التي ظلت سارية المفعول بعد الإعلان عن الاستقلال ،و جمع كل السلطات في يد الملك أو الرئيس ، مع عدم وجود مؤسسات تمثيلية فعلية تقوم بدورها التنفيذي أو التشريعي أو القضائي ، بل يصبح دورها برورقراطيا و مقتصرا فقط على تنفيذ تعليمات رئيس الدولة.
وكما اشرنا ان نظام بن علي لا يخرج عن هد الإطار إذ يتصف بمجموعة من الخصائص: أنه دو طبيعة " سياسية ،تسلطية ، زبونيه " ،دو طبيعة " تسلطية ربحية " و دو طبيعة " تسلطية أمنية بوليسية " . فهده الأبعاد إذن يمكن ان تختصر الأصول الحقيقية للنظام التونسي ، ليطرح إشكال عميق في صلب هدا الأخير هو وجود طبقا ت و عائلات تعمل على إذكاء نزعات تنافسية زبونيه أثرت على الحياة الاقتصادية و السياسية التونسية. بحيث أصبحت المناسبات الانتخابية ،و عقد مؤثمرات الحزب الحاكم فقط مجرد فرصة لتجديد نظام الولاء و الوساطة القائم ، إضافة الى وجود هده النزعة بين أغلب مكونات الهيئات السياسية و الدستورية داخل الأحزاب و المؤسسات في تونس . ليصبح هدا الإشكال مطروحا عند تجديد المؤسسات السياسية ، بحيث يصبح الدافع في الترشح هو تأدية هدا الدور ( الوساطة ).وقد تجسد هدا أكثر و ضوحا في الإنتخابات البلدية و القروية التي كانت مركز الثوثر و الاحتقان الاجتماعي (سيدي بوزيد ، تالة ، القصريين ) حيث يعرف الناخبيين مترشحيهم شخصيا ، ليفتحوا لهم المجال لولوج دوائر السلطة التنفيذية ، و القيام بهذا الدور الذي خدم بن علي طوال مدة رئاسته.
إضافة الى ظهور هده التنافسية و الزبونية في المجال السياسي ،أرخت كذلك بضلالها في المجال الإقتصاد و الأعمال ، بعد المنافسة الشرسة بين عائلة الطرابلسي التي تتحكم على قسط كبير من الإقتصاد التونسي ،و عائلات آخرى قريبة من محيط بن على ( لطيف ،شيبوب ، سليم رزوق ، الماطري ، بن علي ،)
وإضافة الى دلك تتضح خاصية آخرى للنظام السلطوي التونسي ، تجسدت في زواج كاثوليكي بين السلطة و المال، فبعد قيام النظام التونسي بتكديسه للثورة من خلال الإستحواد على أغلبية الشركات الإقتصادية ،لا سواء بتأميمها ،أو شرائها من الخواص ،أو التسهيل للشركات المتعددة الجنسيات بخلق إمتيازات لها مقابل أموال طائلة ،حتى ولو كان دلك على حساب الشركات الوطنية ،و الاقتصاد التونسي بشكل عام .و هكذا يكون الرئيس بن على قد أنشأ علاقات حميمية برجال الأعمال ، وأمن لهم التسهيلات الضرورية ، ومكنهم من تقلد العديد من المناصب السياسية المهمة. لتستفيد هده الفئة من القرب الاجتماعي و الحهوي من النظام السياسي و الأمني، بحيث قال عزمي يشارة : " لقد أصبحث الفئات البرجوازية الجديدة ، المستفيدة مت الخصخصة ، و البرامج الليبرالية التسلطية أكثر تصالحا مع النظام الاستبدادي ،و شكلت عنصرا جديدا مع النظام السياسي " ليواصل في القول: " إن هدا التزاوج بين السلطة و المال كان يتطلب جهازا أمنيا يحمي هدا التحالف."
لقد اتضح رفض الشعب التونسي لهده الازدواجية ( السلطة و المال ) ، من خلال بعض الشعارات التي رفعت اثناء المظاهرات من قبيل " التشغيل إستحقاق ...يا عصابة السراق " ، ومما زاد الطين بلة و أجج انتفاضة التونسيين، هو تسريب وثائق تناولتها وسائل الاعلام التونسية توضح الطابع التزاوج بين السلطة و المال لابن على و عائلاته ، ليستشري الوعي الحاد بالترابط الوثيق بين الوضع الاقتصدادي للتونسيين و طبيعته السياسية.

أما الخاصية الثالثة ، فهي الطابع التسلطي البوليسي لهدا النظام الذي سيطرة على كافة مناحي الحياة السياسية التونسية ، بكافة الآليات المتاحة له ( لا اديولوجيا ،و لا ماديا ) ، فقد إمتاز بصلاحيات غير محدودة ، يحتل فيها رجال الشرطة قوة ضاربة في ممارسة كل أنواع الإستبداد و التسلط ، و محاولة إقدام هدا الجهاز إضفاء الشرعية عن نظام حكم بن علي المفتقد لها أصلا ،و المتسم بشرعة القوة المادية و الاديولوجية . الأمر الذي جعله يعيش على ايقاع الخوف ،خصوصا بعد ازدياد وثيرة الاحتجاجات. فقد تحكم إذن في كل شئ مستعملا القمع المادي لتحجيم أي تحرك محتمل للحركات الاسلامية الأصولية ،و اليسارية ،مركزا ايضا على أدلجة المجتمع التونسي عبر سلسلة من العمليات ثمتلث في الالهاء : المهرجانات ،الكرة ، تسهيل الحصول على المتعة الحسية ( الشراب ، العلب الليلية) ،و في مقابل
تضييق الخناق على كل من يحمل افكارا سياسية ، و توجهات سياسية جذرية.
فكل هده الخصائص التي اتسم بها النظام السياسيى التونسي ، لم يكن فقط منبعها من الداخل ، بل كانت في انسجام مع السياق الإقليمي و الدولي الذي زاد من طابعها عبر ارتباط تونس بالاقتصاد النيوليبرالي ( قروض البنك الدولي ،و العلاقات التونسية الاروبية ) ،و سياسة الخوصصة المرافقة له، و التي كرست سيطرة الطبقة " الكمبرادورية "على الاقتصاد ، ومن تم تفقير الاخريين.
عموما لقد شكلت و بشكل كبير بيئة النظام السياسي التونسي المغلق ، و خصائصة التي جعلت العمل السياسي جكرا على الطبقة الحاكمة و حاشيتها الأرضية المناسبة بعد تراكم الازمات الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية في إنهيار هدا النظام البوليسي عبر ثورة شعبية عارمة حملت سمات خاصة ، جعلها تختلف عن الثورات الكلاسيكية السابقة .

المراجع المعتمدة
- حنة ارنت ، في الثورة ، ترجمة عطا عبد الوهاب ، الطبعة الأولى ،المنظمة العربية للترجمة ، أيلول ( سيبتمبر ) ، 2008.
- اريك هوبزباوم ، عصر الثورة ( اروبا 1789-1848 ) ، ترجمة فايز الصياغ ، المنظمة العربية للترجمة ، الطبعة الاولى ، بيروت ، يناير 2007.
- عبد الوهاب الكياني ، موسوعة السياسة ، الجزء الاول ، المؤسسة العربية للدراسات و النشر ، بدون تاريخ.
لينين ، الدولة و الثورة ، تعاليم الماركسية حول الدولة، ومهمات البروليتاريا في الثورة ، مقدمة الطبعة الثانية ، موسكو ، 1918.
- توفيق المديني ،سقوط الدولة البوليسية في تونس ، الدار العربية للعلوم ناشرون ، الطبعة الاولى 2011.
- ابراهيم بدوي ، سمير المقدسي ، غاري ميلانت ، تفسير العجز في الوطن العربي : دور النفط و صراعات المنطقة ، تفسير العجز في الوطن العربي ،الطبعة 2011 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، الطبعة الأولى 2011.
- رفيق عبد السلام بوشلاكة ، الاستبداد الحداثي العربي : التجربة التونسية نمودجا ، الاستبداد في نظم الحكم العربية المعاصرة ، مشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية ، الطبعة 1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 2005 .
- محمد عصام لعروسي ، الحراك السياسي العربي: هل هو بداية لعقد إجتماعي جديد ؟ ، مجلة المستقبل العربي ، العدد 393 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 2011..
- احمد تهامي عبد الحي ، لمادا لم تتنبأ العلوم الاجتماعية بالثورات العربية ؟ مجلة السياسة الدولية ، العدد 6 ، اكتوبر 2011.
جاك قبانجي ، لمادا فاجأتنا نتفاضتا تونس و مصر ؟ مقاربة سوسيولوحية ، المجلة العربية لعلم الاجتماع ، اضافات ، ع 14 ، ربيع 2011.
- تيموثي جارتون آش ، الثورة المخملية ، هل هناك تغيير بلا عنف ، مجلة وجهة نظر ، ترجمة عادل فتحي ،العدد 135 ، ابريل 2010.
- عزمي بشارة ، في الثورة و القابلية للثورة ، سلسلة دراسات و اوراق بحثية ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (معهد الدوحة) ،ااغسطس 2011 ،.
- مرشد القبى ، قراءة في قراءات الثورة التونسية ،سلسلة تقييم حالة ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (معهد الدوحة) ، ااكتوبر 2011 .
- ايمان احمد رجب ،الثورات ، المفاهيم الخاصة بإنهيار النظم السياسية ، ملحقة مجلة السياسة الدولية ، ع 184 ، ابريل 2011.
_ آمال موسى ، ثورة ام انتفاضة ؟ مجلة المغرب الموحد ، العدد 12 ، 1 ماي 2011.
- ناجي عبد النور ،الحركة الاحتجاجية في تونس ،وميلاد الموجة الثانية من التحرير السياسي ،مجلة المستفبل العربي ،مركز الدراسات الوحدة العربية ، ع 387 ،2011.
- لطفي طرشونة ،منظومة الحكم التسلطي و الإنحراف االإستبدادي، الثورات و الاصلاح الديمقراطي في الوطن العربي من خلال الثورة التونسية ،سلسلة ملفات ، المركز العربي للابحاث و دراسة السياسات ، 2011.
- عبد الوهاب الافندي ،دولة الثقب الاسود ،مجلة وجهات نظر ،ع 136 ،فبراير ،مارس ، ابريل 2011 .
- طارق الكحلاوي ، تونس : ثورة طور الإنجاز ،مجلة الاداب ، عدد 1-2-3 ، يناير ، فبراير ،مارس ،2011 .
- صابر محمود الحباشة ، ثورة الكرامة و الحرية :نهاية الاستئصال و بناء المنوال ( قراءة في عناصر من ثورة 14 يناير 2011التونسية )،المجلة العربية لعلم الاجتماع – اضافات – ع 14 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 2011.
- جمال بن حمدان ،تونس : قراءة في خطاب الثورة ، مجلة المغرب العربي الموحد ، العدد 12 ،دار النشر للمغرب العربي2011 ،
- - كمال بن يونس ،" التهميش الشامل ":عوامل ادلاع الثورة ضد نظام بن علي قي تونس ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 184 ، ابريل 2011.
- العربي الصديق ، تونس : ثورة المواطنة..." ثورة بلا رأس "،( سلسلة دراسات واوراق بحثية )، المركز العربي للابحاث و دراسات السياسات ( معهد الدوحة ) ، يوليوز 2011 ، ص:14.
- رشيد الخالدي ، الثورات العربية 2011 ، ملاحظات تاريخية أولية ، مجلة دراسات فليطينية ، ع 186 ، ربيع 2011
- عائشة التايب ، الخلفيات الإجتماعية و الإقتصادية للثورة التونسية ، الثورات و الإصلاح و التحول الديمقراطي في الوطن العربي من خلال الثورة التونسية ،سلسلة ( ملفات))، المركز العربي للابحاث و دراسات السياسات ( معهد الدوحة ) ،ماي 2011.
- عبد العالي حامي الدين ، الثورة الشعبية في تونس ،مدى قابلية النمودج للتعميم ،سلسلة ( تقييم حالة ) ، ا المركز لعربي للابحاث و دراسة السياسات ، يناير 2011 .
. - نجيب بودربالة ، الثورة التونسية ، مجلة وجهة نظر ، العدد 49 ،صيف 2011 ..
عز الدين عبد المولى ، دور الإعلام في ثورة الشعب ، الثورات و الاصلاح الديمقراطي في الوطن العربي من خلال الثورة التونسية ، سلسلة ( ملفات )المركز العربي للابحاث و دراسات السياسات ( معهد الدوحة )، ماي 2011.
- غسان سلامة ، عن تونس ،مجلة المستقبل العربي ، العدد 384 ،مركز دراسات الوحدة العربية ،2011.
- محمد عبد الشفيع عيسى ، فروض نظرية على محك الخبرة الثورية الأخيرة في تونس و مصر ،مجلة المستقبل العربي ،العدد 386 ،مركز دراسات الوحدة العربية ، 2011.
- المولودي الأحمر ، الطابع المدني و العمق الشعبي للثورة ، الثورات و الاصلاح الديمقراطي في الوطن العربي من خلال الثورة التونسية ، ( سلسلة دراسات واوراق بحثية )، المركز العربي للابحاث و دراسات السياسات ( معهد الدوحة ) ، يوليوز 2011.
- توفيق المديني ، ربيع الثورات الديمقراطية ، مجلة المستقبل العربي ،العدد 386 ، مركز دراسات الوحدة العربية2011
- ياسين الحاج صالح ، قضايا في شأن تونس الجديدة ، مجلة ألآداب ، عدد 1-2-3-2011،.
. -اباهر السقا ، الحركات الإحتجاجية العربية الجديدة : إعادة الإعتبار للفضاء الإجتماعي ، مجلة آفاق برلمانية ، العدد 4 ،المؤسسة الفلسطينية للدراسات الديمقراطية ، رام الله ، أيلول 2011
- منصف المرزوقي ، ألأفاق المدهلة و المرعبة للثورة العربية ، مجلة المستقبل العربي ، العدد 386 ، مركز دراسات الوحدة العربية ،2011.

- - Béatrice hibou ,tunisie , économique politique et moral d’un movement social ,la tunisie en revolution la politique Africain n121 maras 2011.

- Samir amin, le -print-emps arabe Publié par Mouvements, le
1er juin 2011. http://www.mouvements.info/2011-le--print-emps-arabe.html .

-Mohamed Hassan : « Les causes de la révolution tunisienne dépassent largement Ben Ali et son parti. »
http://www.michelcollon.info/spip.php?page=article_pdf&id_article=2986

- Amin Allal ,et Vincent Geisser Tunisie : « Révolution de jasmin » ou “ intifada-
http://www.mouvements.info/Tunisie-Revolution-de-


فضيل التهامي
باحث في القانون الدولي العام والعلوم السياسية



#فضيل_التهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة 25 يناير المصرية و الصراع العربي- الإسرائيلي
- بين ميكيافليي و ماركس -القيمة الفردية العليا -
- الرؤى الغربية اتجاه الصراع العربي – الاسرائيلي ( القدس تحديد ...
- ملاحظات حول حركة تمرد المغربية
- إيران و الأمن القومي العربي.
- موقف الحسن الثاني من عدم تنفيذ اتفاقية تسوية الحدود المغربية ...
- حركات الإسلام السياسي : بين الصعود و السقوط


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فضيل التهامي - الثورات الديمقراطية في العالم العربي – تونس نموذجا – ( الجزء 1 )