أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - مسعود عكو - القتل بدافع الشرف مباح اجتماعياً محمي قانونياً













المزيد.....

القتل بدافع الشرف مباح اجتماعياً محمي قانونياً


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 1331 - 2005 / 9 / 28 - 13:53
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


لعل أعظم نعمة وهبها الله لآدم على وجه هذه البسيطة منذ خلقه هي خلق حواء من ذاته ولولا حواء لكانت حياة آدم أشبه بحياة أي كائن طبيعي أخر في غابة موحشة مقفرة لا روح فيها ولا حب وحنان ودائماً وأبداً ظهرت المحبة والحنان مع هذا المخلوق الجميل الذي آثر الله جل وعلا أن يخلقه من ضلع آدم لكي لا يتكبر الذكر على الأنثى أو يستبيح إنسانيتها من خلال أن يحولها إلى آمة يأمرها فتطيع ويشل فيها كل خلية إحساس بوجودها كإنسان لها ما للذكر لا يقل في ذلك أي شيء طالما الخالق واحد ومادة الخلق واحدة ولا اختلاف بينهما سوى أنه ذكر وأنها أنثى هذه المشيئة التي أرادها الله عز وجل في مسيرة هذا الكون الهائل في العظمة.

أخذت المرأة منذ بداية الخليقة, وإلى يومنا هذا مكانة سياسية, واقتصادية, ودينية, واجتماعية مختلفة, باختلاف العصور, والأزمنة التي مرت بها, ولعبت دوراً لا يستهان به في تسيير شؤون الحياة ففي بدايات التاريخ كانت للمرآة مرتبة الآلهة يعبدها الذكر والأنثى ويتوسلون إليها طالبين الغفران والرحمة وشكلت وجودها رمزاً للإنتاج والخصوبة والخير ولذلك كانت للمرأة علاقة حميمة مع الخلق, كما ارتبط وجودها مع الأرض المنتجة التي تطعم البشر من خيراتها.

أما في الشرائع القديمة فأخذت المرأة مكانة محفوظة في شريعة حمو رابي حيث وجدت العديد من النصوص التي تنظم الأسرة ,وتحفظ بها مكانة, ودور المرأة في الحياة الاجتماعية. فقد كان من حقها الطلاق من زوجها, ورعاية أبنائها, وممارسة العمل التجاري, ولها أهلية قانونية, وذمة مالية مستقلة عن ذمة زوجها, ولها الحق في الرعاية, والنفقة. كما وضعت عقوبات قاسية على الشخص الذي يسيء معاملة المرأة ,أو ينتهك حقاً من حقوقها الثابتة في قوانين حمو رابي.

كما احتلت المرأة دورا متميزا ومكانة كبيرة في العهد الإغريقي وفي جمهورية أفلاطون, غير أن هذه المكانة لم تكن كذلك عند العرب قبل الإسلام حيث وجدت مشكلة وأد البنات في ذلك الوقت خوفا من الوقوع في الأسر أثناء الغزوات والحروب و أخذهن سبايا فقد كانت من القيم الاجتماعية المهمة حينذاك هي أن لا تكون المرأة من السبايا لأنه يدل على ضعف الجماعة التي يتم سبي النساء منها وقت الغزوات وهو مما يشين ويحط من قيمه الجماعة ولأن الوضع الاجتماعي – الاقتصادي كان يعتمد على دور الرجل في الزراعة والحروب حتى ظهور الإسلام الذي حاول التخفيف من المشاكل الاجتماعية التي كانت موجودة آنذاك إلا أن وضع المرأة اجتماعيا وحقوقيا واقتصاديا لم يتحسن بالشكل الذي يتناسب مع قيمتها الإنسانية ودورها الإنساني في الأسرة والمجتمع.

كثرت في الآونة الأخيرة جرائم القتل بدافع الشرف ، وأنا هنا لست بصدد تأييدها أو رفضها وإن كان لدينا مآخذ كثيرة على القانون الخاص بها وكيفية تطبيقه وآلية تنفيذه !! والمصيبة أنه تبين في أكثر الجراائم بعد قتل الابنة أو الأخت بدافع الشرف وحضور الطبيب الشرعي تبين للأهل أن المغدورة كانت عذراء أو كان سبب انتفاخ بطنها وجود ورم ولكن ما فائدة ظهور الحقيقة بعدما وقع الفأس بالرأس أو نقف أمام مصائب أكبر كقتل الأخت على يد أخيها لأنها هربت ( خطيفة ) مع الشاب الذي تحبه ولأنه لا ينتمي إلى مذهبها علماً أن المذهب ينتمي إلى جملة المذاهب الدينية في الإسلام.

الشائع في مجتمعاتنا أن جريمة الشرف هي الجريمة التي تتم من أحد أقرباء المرأة، سواء كان أخ أو أب أو زوج، إذا شك في سلوكها أو سمع أقوالاً تسيء لها وتتهمها بارتكاب الفاحشة، أو إذا ظهر عليها أعراض مثل الحمل، أو غياب البكارة.

والحقيقة أن هذه الجريمة لا تحدث فقط في المجتمعات الشرقية، وإن كانت منتشرة أكثر عندنا، والإحصائيات تؤكد على أن هناك حوالي من 25- 30 حالة قتل شرف سنويًا في الأردن، وهناك إحصائية تقول إنه في إحدى السنوات في التسعينيات زاد عدد المقتولات عن 500 حالة في اليمن، وجرائم الشرف تزداد أكثر في المناطق الريفية، والبيئات الأكثر فقرًا، ومعدلات جرائم الشرف هذه لا تعكس الأعداد الصحيحة؛ لأن هناك الكثير من الجرائم التي لا يتم الإبلاغ عنها، ويحاول الأهل المداراة عليها بادعاء أن الفتاة قد ماتت قدرًا أو انتحرت.

والمشكلة في البداية تكمن في أنني أعترض على مصطلح جريمة الشرف، فهذا المصطلح يسبغ على هذه الجريمة خصوصية أو نوعاً من القدسية والأصل في الأمور أننا عند تعاملنا مع أي أمر من أمور حياتنا؛ ننظر هل هذا الأمر يتفق مع ما جاء في القرآن وفي صحيح السنة، وهل هو يتفق ويحقق ما نفهمه من مقاصد شريعتنا، وروح الإسلام السمح.

ما هو موقف الشرع من جريمة قتل الشرف؟ وكيف يتم تطبيق هذا الحكم؟
جريمة قتل الشرف كما قلنا تتم بناءً على شك أحد ذوي القربى في إحدى قريباته، والثابت من القرآن ومن صحيح السنة أن جريمة الزنا لا تثبت إلا في حالتين اثنتين:

أولاهما: أن يعترف الزاني أو الزانية بالفعل، وأن يراجعه الحاكم أربع مرات ليتأكد من وقوع الجريمة كاملة، وليتأكد من أنه يدرك حرمة هذا الفعل.

والثانية: أن يشهد أربعة شهود عدول رجال في موقف واحد على أنهم رأوا فعل الزنا كاملاً، كالمرود في المكحلة، فإذا شهد ثلاثة أقيم عليهم حد القذف. وإذا شهد أربعة ثم تراجع أحدهم عن شهادته؛ أقيم أيضاً على الثلاثة حد القذف. وذلك مصداقًا لقوله تعالى: "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون".

وجمهور العلماء يجتمعون على أن الحمل لا يعتبر بينة على الزنا؛ لأن الحمل يمكن أن يحدث نتيجة الإكراه، أو في حالة تخدير المرأة، وبذلك لا يطبق الحد على المرأة الحامل بغير زواج إذا لم تعترف. والثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان لهم مخرج فأخلوا سبيلهم فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة".

وعلى الحاكم أن يطبق حد الزنا على الزاني والزانية وهو الجلد مائة جلدة لغير المحصن، والرجم حتى الموت للمحصن والأمر يختلف بالنسبة للزوج؛ فالزوج إذا رأى من امرأته ما يريبه، فبينهما حد الملاعنة، وحد الملاعنة أن يشهد الزوج أربع شهادات بالله أنه من الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ويدرأ الحد عن المرأة أن تشهد أربع شهادات بالله أنه من الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.

ومن هذا يتبين لنا أن جريمة قتل الشرف التي تتم معتمدة على شكوك الأهل، والتي كثيرًا ما يثبت بعد حدوث جريمة القتل أنها شكوك لم تكن صحيحة، حيث أثبت الطب الشرعي في كثير من الأحوال بعد التشريح أن الفتاة ما زالت عذراء، وهذه تعتبر جريمة إزهاق نفس بغير حق، و تتنافى مع فهمنا لمقاصد الشريعة الإسلامية التي تحرص كل الحرص على النفس البشرية، وترفض إزهاقها بغير وجه حق.

المؤسف أن البعض قام بتصفية حساباته مع شقيقاته بحجة الدفاع عن شرف وكرامة الأسرة والبعض الآخر كان يراودها للحصول على حصتها من الميراث بعد وفاة زوجها وعندما رفضت ادعى أنها خارجة على العادات والتقاليد وأقام عليها الحد والبعض الأخر بدافع غسل العار وكأنه شرف الرجل يكمن فقط في المرأة عندما تخل بالعادات والتقاليد التي أصبحت بالية ورثة لا تليق بزمن متطور ومتقدم كالذي نعيش فيه الآن.

إن العلة تكمن في الثقافة الذكورية والمقصود بها عند من يستخدمونها، أن الرجل يصبح مالكاً لجسد النساء في عائلته، وأن المساس بعفة وشرف هؤلاء النسوة هو مساس بشرف العائلة ككل، وفي المقابل نجد أن من يتمسكون بهذا المعنى يرفعون شعار أن الرجل لا يعيبه شيء، بمعنى أنه يستطيع أن يفعل ما يحلو له؛ لأنه لا يوجد ما يثبت قيامه بارتكاب الفاحشة، فلا غشاء بكارة، ولا خوف من الحمل.

هذه الثقافة التي تقصر شرف العائلة في أجساد نسائها؛ وتجعل مفهوم الشرف والعفة قاصراً على غشاء البكارة، تعطي للرجل الحرية في أن يفعل ما يشاء، وتقيد المرأة بضوابط اجتماعية تجعلها تعرض عن الفاحشة، لا خوفًا من الله سبحانه وتعالى ومن عقابه، ولكن خوفًا من افتضاح أمرها، وغياب معنى مراقبة الله سبحانه وتعالى في هذا الأمر جعل بعض النساء لا يتورعن عن فعل ما يحلو لهن إذا استطعن الحفاظ على بكارتهن.

هذه الثقافة أيضًا تجعل الرجل أو تبيح له تحت تأثير الضغط الاجتماعي أن ينصب نفسه حاكمًا وجلادًا، ينفذ بيديه حكمه فيمن يشك فيها من بنات عائلته. أن الله سبحانه وتعالى أعطى للرجل وللمرأة كلاهما أمانة الاختيار، فمن شاء أن يستقيم على نهج الله فليفعل، ومن شاء أن يفعل ما يحلو له فليفعل وحسابه على الله سبحانه وتعالى والله سبحانه وتعالى لم يفرق بين الرجل والمرأة في هذا الأمر كلاهما محاسب إذا أخطأ، وكلاهما مثاب إذا أحسن أو إذا تاب وأناب إلى الله سبحانه وتعالى.

نحن نعلم أن المجتمع مكون من ذكور وإناث وكل منهما يكمل الآخر، وضرورة وجدوهما أساسية لحفظ النوع والجنس البشري، ونعلم أن الشريعة قد ساوت بين الرجل والمرأة، وأن المرأة في الشرع الإسلامي والمسيحي واليهودي وكافة الشرائع الدنيوية الأخرى مصانة ولها كامل الحقوق والاحترام والتقدير. وهناك مساواة مقررة في معظم الدساتير في العالم العربي والإسلامي، وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أكد من خلال الأمم المتحدة أن لجميع الأسرة البشرية من كرامة أصيلة وحقوق متساوية وثابتة يشكل أساساً للحرية والعدل كما أكد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأساسية على المساواة بين الرجال والنساء.

المرأة هي عماد المجتمعات، ولها دور أساسي ورئيس في إعداد الأجيال والحفاظ على الهوية القومية وصون ثقافتها، وتقديم جيل نافع وقادر على العمل والبناء وتحمل مسؤولية المستقبل ومواجهة الأخطار والتحديات التي تهدد الإنسان في هويتها وثقافتها.

إن مفهوم الثقافة الذكورية نشأ في المجتمعات الجاهلية، سواء كانت شرقية أو غربية، والثابت أن هذا المفهوم كان أكثر رسوخاً في المجتمعات الغربية حال سيطرة الكنيسة، حيث كان ينظر للمرأة على أنها شيء نجس ومستقذر، ولقد تم استيراد هذا الفهم عند المجتمعات الشرقية وترسخ في تقاليدنا، ومن المفارقات العجيبة أن معظم القوانين التي تميز بين المرأة والرجل، والتي تعطي للرجل الحق في محاسبة المرأة وقتلها، وتعطيه العذر المحل أو العذر المخفف هي قوانين جاءت إلينا من فرنسا إبان حكم نابليون، وطبقت في مصر وسورية وفي معظم الدول العربية رغم أنها تتعارض مع ما نفهمه من روح الشريعة الإسلامية، فالأصل في هذا الأمر هو أن ندرأ الحدود بالشبهات، والأصل أن نعتمد مبدأ الستر على من يتخفى بذنبه.

وللأسف بقيت عندنا هذه القوانين رغم أن المجتمعات الغربية طرحتها ولكن القوانين وضعت للتطبيق على الكافة، وفيما إذا استعملت لكي تكون عبرة لمن يعتبر بهدف الرجز والردع عن ارتكاب الجرائم، ومعروف أن المرأة هي التي يمكن لها أن تحفظ الجنس البشري، وتمنع اختلاط الأنساب من خلال عدم ممارسة الزنا والمادة عندما كانت مقررة في القانون لم توضع عبثاً بل وضعت مراعاة لحالة الاستفزاز وثورة الغضب وفقدان الإرادة التي سببتها المرأة الزانية لزوجها أو لمحرمها، ومعروف بأن معظم دول العالم تأخذ بالعذر المحل والمخفف من العقوبة، وهناك نصوص لمواد قانونية في قوانين العقوبات في كثير من الدول العربية وأهمها المادة340 من قانون العقوبات الأردني والقانون رقم 548 من قانون العقوبات السوري حيث ينص على:

1 ـ يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم على قتلهما أو إيذائهما أو على قتل أو إيذاء أحدهما بغير عمد».
2 ـ يستفيد مرتكب القتل أو الأذى من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في حالة مريبة مع آخر.
أما المادة 239:
لا عذر على جريمة إلا في الحالات التي عينها القانون.
والمادة 240:
1 ـ إن العذر المحل يعفي المجرم من كل عقاب.
2 ـ على أنه يمكن أن تنزل به عند الاقتضاء تدابير الإصلاح وتدابير الاحتراز ما خلا العزلة.

والمادة 241:
1 ـ عندما ينص القانون على عذر مخفف إذا كان الفعل جناية توجب الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد حولت العقوبة إلى الحبس سنة على الأقل. وإذا كان الفعل يؤلف إحدى الجنايات الأخرى كان الحبس من ستة أشهر إلى سنتين. وإذا كان الفعل جنحة فلا تتجاوز العقوبة ستة أشهر ويمكن تحويلها إلى عقوبة تقديرية. وإذا كان الفعل مخالفة أمكن القاضي تخفيف العقوبة إلى نصف الغرامة التقديرية.
2 ـ يمكن أن تنزل بالمستفيد من العذر المخفف ما كان يتعرض له من تدابير الاحتراز ما خلا العزلة لو كان قضي عليه بالعقوبة التي نص عليها القانون.

المادة 242 :يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بثورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجنى عليه.

وعلى سبيل المثال لا الحصر المادة 337 من قانون العقوبات المصري والتي تنص على ما يلي"من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا فقتلهما بالحال يعاقب بالحبس بدلاً من العقوبات المقررة في المادتين 224 و226 من قانون العقوبات والمادة 562 من قانون العقوبات اللبناني؛ تنص هذه المادة على ما يلي: "يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في صلة جنسية مع رجل آخر فأقبل على قتلهما أو إيذائهما.

وتنص الفقرة الثانية من هذه على أنه يستفيد مرتكب القتل أو الأذى من العذر المخفف من فاجأ إحداهن في حالة مريبة مع آخر كما أن قوانين معظم دول العالم ومنها القانون الفرنسي والإنكليزي تأخذ بعين الاعتبار حالة الاستفزاز وثورة الغضب وفقدان الإرادة والحالة النفسية لأي شخص يقدم على جريمة القتل؛ حيث تعتبر هذه من الأسباب المخففة في جرائم القتل وتخففها من جرائم القتل العمد لإلى القتل غير العمد. وهذا ما يسمى بجرائم فقدان الإرادة بالاستفزاز.

وهنالك نص أيضاً على إعفاء المرأة من عقوبة الإعدام إذا قتلت وليدها اتقاء للعار، وبالتالي فهذه أعذار مخففة تعطى للمرأة على جرائم قتل كما هو الحال بالنسبة لما أعطي للرجل من خلال المادة 340 من قانون العقوبات الأردني الذي تم إلغاؤه بشكل مؤقت، وفي حال تطبيق المادة 340 هنالك شروط لا بد أن تتوفر فيمن يستفيد من أحكامها، وأهمها صفة الجاني حيث اشترط القانون الزوج أو محرم المرأة الزانية وهو من أكثر الحريصين على سمعتها وكرامتها، والثاني عنصر المفاجأة للزوج أو المحرم حيث إذا كان يعلم بالزنا فإنه لا يستفيد من العذر المحل ولا المخفف.

والثالث أن يكون هناك حالة تلبس بالزنا، وهو ما يعني أن يكون الزانية والزاني في حالة تلبس، والرابع أن يكون القتل أو الإيذاء قد تم في الحال، وإلا فإن الزوج لا يستفيد من العذر المخفف؛ لأنه لم يكن بحالة استفزاز وثورة غضب وبالتالي فإن شرط تطبيق المادة 340 يعود إلى قناعة المحكمة والأدلة المتوفرة حول استجماع كافة هذه الشروط، ولم يسبق أن طبقت المادة 340 بالعذر المحل إلا في حالة واحدة في تاريخ الأردن في القضية 425/ 93 حيث لا يمكن لأي شخص أن يدعي بأنه قتل بدافع الشرف ويستفيد من الأعذار المحلة من العقوبة أو المخففة لها، فابن العم إذا قتل ابنة عمه لا يستفيد من القانون ويعاقب على جريمة قتله، وهناك اجتهادات كثيرة لمحكمة التمييز استقر عليها اجتهادها لتطبيق الشروط التي ذكرت سابقاً.

وفيما يتعلق بالمرأة في الأردن فإنها تتساوى مع الرجل في كافة جوانب الحياة؛ حيث تنص المادة 6 من الدستور الأردني على أن الأردنيين سواء أمام القانون وإن اختلفوا في العرق واللغة والدين، كما أنه لا توجد أية معوقات تشريعية أو قانونية ضد المرأة، بل إن هناك الكثير من القوانين التي تعطي للمرأة أكثر مما تعطي للرجل، على سبيل المثال قانون العمل والضمان الاجتماعي، كما وصلت المرأة في الأردن إلى جميع المواقع في السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية، وها هي المرأة الأردنية تشارك الرجل في جميع الميادين والأعمال وأثبتت قدرتها وجدارتها على العمل والعطاء في كافة المجالات العملية والمعرفية.

وفيما يتعلق لو كان مرتكب الزنى من العائلات الكبيرة فهذا لا تأثير له على الإطلاق، ويعاقب على جريمته كما يعاقب أي مواطن آخر، ولا يوجد ما يميز أي مواطن عن غيره من المواطنين بغض النظر عن عائلته ومركزه الاجتماعي أو ماله أو سلطته أو نفوذه وتقول الحكومة الأردنية إن عدد هذه الجرائم تراجع منذ تعديل المادة 340 من قانون العقوبات في ديسمبر 2001 وهو التعديل الذي أدى إلى إلغاء الفقرة التي تعفي من يقتل زوجته والرجل الذي مارست الزنا معه من العقوبة.

إن ما يعرف بجرائم الشرف التي تمثل 25 بالمائة من جرائم القتل سنويا في الأردن أما ما ورد في الصحافة المصرية حيث تعرضنا لحوالي 125 مادة صحفية منها:
- أب يقتل ابنته ( 16 جريمة )
- أخ يقتل شقيقته ( 13 جريمة )
- أم تقتل ابنها ( 5 جرائم )
- يقتل أمه بالاشتراك مع خاله لزواجها عرفيا من عمه
- يقتل ابنته لشكه في سلوكها
- يقتل زوجته الشابة لكثرة خروجها من المنزل

وصدرت دراسة صحفية تفيد بأن نسب جرائم الشرف بأسبابها هي كالتالي:
«إن السبب الأساسي لارتكاب جرائم الشرف هو الشك في السلوك حيث بلغت نسبته من جملة الأسباب 79% ، وجاء في المركز الثاني اكتشاف الخيانة أو اعتراف الضحية به وذلك بنسبة 9% يليها الرغبة في منع إظهار العلاقة مع العشيقة سواء كانت عشيقة الجاني أو عشيقة أحد أقارب الجانى بنسبه 6% ، حيث تم ارتكاب جرائم ضد عشيقة الأب أو الأخ أو أبن العم وبنفس النسبة 6% جاءت أسباب أخرى مثل زواج الأم عرفي أو رغبة الأم في الزواج أو اعتداء الأخ على أخته جنسياً أو اعتداء الأب على أبنته جنسياً وظهور علامات الحمل عليها.

ثانياً: رد فعل الجانى تجاه الشك في السلوك:
حيث يتنوع رد فعل الجانى تجاه شكوكه في سلوك الضحية إلى قتلها أو الشروع في قتلها .فنجد أن 90% من ردود الأفعال هو القتل العمد للضحية بينما 10% شرعوا في القتل وربما لم يتم لظروف خارجة عن إرادة الجاني فللشك ولمجرد الشك فقط يكون رد الفعل الأساسي هو القتل.

ثالثاً: صلة القرابة بين الجاني والمجني عليها في جرائم القتل المتعلقة بالشك في السلوك :
احتلت جرائم القتل للزوجة نتيجة الشك في السلوك أعلى نسبة 41% من إجمالي جرائم القتل ، وجاء في المرتبة الثانية قتل الابنة بنسبة 34% ، ثم قتل الأخت بنسبة 18% ، وأخيرا قتل أحد الأقارب للشك في السلوك بنسبة 7% ، ومن هذا نستخلص أن ثقافة المجتمع لها تأثير كبير على جرائم القتل الخاصة بالشك في السلوك فنجد أن الزوج هو المطالب من المجتمع بدفع ما يزعم أنه عار يليه الأب ثم الأخ بينما لا تقل نسبة كبيرة الأقارب إذا أخذنا في الاعتبارات أن الجريمة هي الجريمة ولكن نظرة المجتمع متغيرة .

رابعاً: إجمالي رصد جرائم الشرف في بعض الصحف المصرية :
قتل الزوجة للشك في السلوك 29% وشروع في قتل الزوجة للشك في سلوكها 4% و قتل الابنة للشك في سلوكها 24%شروع في قتل الابنة للشك في سلوكها 2%قتل الأخت للشك في سلوكها 13%شروع في قتل الأخت للشك في سلوكها 2% قتل أحد الأقارب للشك في السلوك 5% قتل الزوجة للاعتراف بالخيانة 4%قتل الابنة للحمل سفاح 2% قتل الأخت للحمل سفاح 3%قتل العشيقة لإخفاء السر 2%قتل عشيقة أحد الأقارب لاكتشاف العلاقة 1%قتل عشيق الزوجة لاكتشاف العلاقة 3%قتل الأم لزواجها عرفيا أو عدم الرغبة في إتمام زواجها 2% قتل الابنة بعد أن اغتصبها الأب وعلم بحملها منه 1% قتل الأخ لاعتدائه على أخته جنسيً 2% قتل أحد العاملين لديه لاكتشافه علاقته بابنته 1%».

من خلال جملة من النسب السابقة ورؤية سطحية لبعض القوانين المطبقة في العالم العربي خاصة أسئلة مهمة تطرح نفسها على الشارع العربي والإسلامي وعلى الحكومات التي من المفترض أن تأخذ هذه الجرائم البشعة والممارسات اللا إنسانية بحق المرأة بعين الاعتبار وهنا نتساءل : إلى متى سيستمر سفك الدماء البريئة بحجة واهية في كثير من الأحيان الم يحن الوقت لإعادة النظر بقانون يبيح قتل الإنسان أليس من الأجدر محاسبة الأخ أو الأب إذا ثبت علمياً وشرعياً أن المقتولة عذراء في حالة اتهامها بالزنا أو تطبيق أقسى العقوبة على من تسول نفسه لقتل أخته أو ابنته لأنها أحبت ودفعت ضريبة حبها أغلى ما تملك في هذه الدنيا وهي حياتها.

إن جرائم القتل باسم الشرف هي إحدى قضايا حقوق الإنسان التي من واجب القانون أن يقف أمامها بحزم وصلابة وفي ظل الازدواجية التي يعاني منها المجتمع الشرقي برمته تنتج هذه الجرائم وهذه المحاولة في الأساس هي محاولة لدفع كل المهتمين والقائمين على مصالح المجتمع لحوار مفتوح حول هذه القضية التي تعاني منها النساء والمجتمع في الشرق بل ومختلف دول العالم.

إن محاسبة الجناة وحماية النساء والفتيات يجب أن تكون من الأولويات العاجلة لدى المسؤولين في العالم العربي والإسلامي؛ وتقتضي المحاسبة الحقيقية من الحكومات القيام بتعديل أو إلغاء نصوص القانون الجنائي التي تعفي مرتكبي جرائم القتل دفاعاً عن "الشرف" من العقاب الشديد، والعمل الجاد على التصدي للتمييز المستمر في إطار منع الجرائم والاعتداءات المرتكبة دفاعاً عن "الشرف" والتحقيق فيها، وتحريك الدعوى الجنائية ضد مرتكبيها. وينبغي على السلطات القضائية فرض العقوبات المناسبة على من يرتكبون جرائم "الشرف" وغيرها من صور العنف ضد النساء والفتيات، أو يؤيدونها، أو يتغاضون عنها. كما يجب توفير الملاذ الكافي لضحايا جرائم "الشرف" والمعرضات للخطر من جراء هذا اللون من العنف ولأطفالهن الذين يعلنهن. ويجب عدم وضع هؤلاء النساء رهن "الاحتجاز الوقائي" قسراً، كما يجب السماح لهن صراحة بالإقامة في ملاجئ منشأة خصيصاً لإيواء ضحايا العنف المنزلي. ونظراً لأن جانباً كبيراً من التمييز الكامن وراء جرائم القتل بدافع "الشرف" وضعف استجابة الحكومات ضارب بجذوره في المجتمع، فإن التصدي الفعال لهذه المشكلة يقتضي أيضاً إجراء التدريب المخصص لقطاعات معينة من الشرطة والقضاء، مع تنظيم حملات قوية للتوعية العامة.

هناك نصوص وبعض القوانين تحمل في طياتها عنفا ضد المرأة حين تغلظ العقوبة ضدها وتخففها عن الرجل إذا ارتكب نفس الفعل كما هناك سؤال جوهري في جرائم الشرف حول حق الشخص في أن يقتص بنفسه من الجاني أو المجني عليها بدافع الدفاع عن شرفه في حين هناك نقطة جوهرية تتصل بموضوع جرائم الشرف تتعلق بالخطاب الديني وأثره في تشكيل ثقافة المجتمع وتأثيره.إننا لم نأتي لتبرير الجريمة أو قبول انتشارها ولكننا وضعنا الأفعال وردود الأفعال تحت مجهر المساواة أمام القانون والحق في تطبيقه على الرجل والمرأة بأسلوب أكثر عدالة وعدم التمييز بينهما علي القانون والحق في المحاكمة العادلة وضرورة محاسبة كل من يتجاوز القانون باعتبار جريمة القتل بدافع الشرف هي جريمة بحق إنسان أزهقت روحه بدون أي عذر شرعي أو قانوني وتكفي الحماية التي يقوم المجتمع والقانون بتأمينها لمرتكبي هذه الجرائم فواجب ديني واجتماعي وقانوني محاربة هكذا جرائم والتي ترتكب كلها بدافع حماية الشرف وغسل العار وأشياء أخرى وللمفارقة أن جرائم القتل بدافع الشرف مباح اجتماعياً ومحمي قانونياً.










#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دستور العراق ... مستقبل العراق
- تحية إلى جون قرنق
- عن أي نسيج يتحدثون
- العمليات الانتحارية استشهادية أم إرهابية
- كلهم غنوا إلا نحن
- الجنجويد من دارفور إلى القامشلي
- قتلوك يوم خونوك
- وطن... مواطن... أشياء أخرى
- الكرة في الملعب السوري
- انهض أيها البلبل الحزين - إلى محمد شيخو
- هل المرأة الكوردية متحررة؟ أم لا؟
- المجازر العراقية كالمجازر الأرمنية
- ويقال عنهم بأنهم كفار
- خفافيش الظلام
- اغتيال الحريري... اغتيال المستقبل
- الفائز الأول هو العراق والشعب العراقي
- الانتخابات العراقية تحت الاحتلال
- انتخابات العراق ... عرس العراق
- يمين متطرف أم تطرف يميني
- وداعاً أيتها الأغنية الأخيرة - إلى كره بيت خاجو


المزيد.....




- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...
- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...
- محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا ...
- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - مسعود عكو - القتل بدافع الشرف مباح اجتماعياً محمي قانونياً