|
عراقة الأمة ،، بلغتها
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4770 - 2015 / 4 / 7 - 01:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عراقة الأمة ،، بلغتها مروان صباح / ترتبط عراقة الأمة ارتباطاً وثيقاً باللغة ، تاريخها تأثيرها على لغات التى تعايشت معها أو أخرى تواصلت من خلال احتكامها للمنطق ، لكن ، اذ ، ما غاب المنطق يصبح التواصل مع الاخر معدوم ، بل بالأحرى مع الذات ، أولاً ، وبالرغم ، من عراقة اللغة العربية التى صنفها أحد أبناء القارة الباردة ، هو بالطبع ، دارس جماليات اللغات ، بأنها ، أهم لغة على الإطلاق ، وهي ، الوحيدة بين لغات العالم القادرة على حمل الرسالة الإلهية ، وفي جانب اخر من هذا الكوكب ، اعتبرت قيمتها في أمريكيا الجنوبية من أهم اللغات التى اثرت بشكل واسع على الإسبانية وجذبت على الدوام شعراء وكتّاب ومتذوقين قالوا عنها بأنها تسيطر عليها طابع التسامح ، وهذا ، ما عبر عن بحرها الزاخر من الألفاظ والمعاني والتراكيب عبدالملك بن اسماعيل الملقب بأبو منصور الثعالبي والثعالب ، هنا ، جاءت كون ابيه كان يخيط جلود الثعالب ،وأيضاً ، كان مؤدب الصبيان في الكتاتيب ، حيث ، استبق الجميع عندما قال بأن ،كلمة الداهية ، لها أربعمائة مرادف ، فما بالك بقاموسها الذي يبلغ أكثر من 12 مليون كلمة . كم هي اللحظات الكاشفة ، ربما قليلة ، نادرة ، بالطبع ،يكشف الماضي عن ذاك الانزعاج الذي أبداه المستعمر عندما لاحظ حجم بلاغة الأطفال الذين يتخرجون من الكتاتيب ، حيث ، يتفوقون على أي طفل في هذا الكوكب ، فعهدت ، بتحديد ، فرنسا دون المستعمرين الآخرين ، على نفسها بتفكيك جميع الكتاتيب على الأقل في مناطق كانت تحت سيطرتها واستبدلتهم بمدارس حديثة لكنها فارغة المضمون ومنزوعة من أي ابداع أو تطور ، بل ، لم تكتفي بذلك ، استطاعت أن تفرض مناهج تعليمية أدعت أنها حديثة وأدخلت مواد نظرية جامدة تحتاج إلى تطبيقات ، بالطبع ، غير متوفرة ،فأصبح الالتحاق بالحداثة مستحيل والمحافظ على الإرث اللغوي شيء من الماضي ، ولعلى ، أن الأغلبية العظمى تجهل ما هو دور وأهمية الكتاتيب ، طبعاً ، باستثناء ما أشاعه المروجين ، بين عصى المؤدب وصف متواضع لا يليق بالعصر الحديث ، خذ عندك على سبيل المثال ، كان العرب خاصة والمسلمين ، عموماً ، يُلّحِقون أطفالهم من عمر ثلاثة سنوات في الكتاتيب حتى السادسة ، خلالها يحفظ ما أمكن من السور والآيات القرآنية ، وهو لا سواه ، القران يتمتع بسبعة وسبعون ألف كلمة ويزيد ، هنا النتيجة باختصار ، ضاع من قاموس الطفل العربي ، سبعة وسبعون ألف كلمة ، فقط ، تباعاً لذلك ، كعملية متواصلة ،في السابعة من العمر ينتقل الطالب ، كما كان معهود ،إلي دراسة وحفظ شعر ألفية أبن مالك ، ألف بيت من الشعر والتى تبدأ ، ب، كلامنا لفظ مفيد كاستقم / واسم وفعل ثم حرفٌ الكلِم / الي آخر الأبيات ، لهذا ، كانت قادرة على انتاج مثل العقاد وطه حسين . لقد خسر الطفل العربي ،بالطبع ، قاموس من مفردات لا يمكن تعويضه من العائلة أو حتى المجتمع ومادام التعليم خارج المعادلة يصبح الاعتماد عليه من سابع المستحيلات ، وطالما ، يحافظ على تركيبته الحزينة ، فهو بالتأكيد ، مستمر بعجزه عن القيام بالمهمة ،بل ، للأسف أصبحت اللغة العربية بالنسبة للعرب أجنبية ، غريبة عن ثقافة الأغلبية الساحقة ، لهذا ، ليس غريب أن نلاحظ بأن القاموس انخفض إلى مستوى ، ثلاثة ألاف كلمة ، وينخفض عند البعض أكثر بكثير من ذلك ، وقد استعاض البعض الآخر بالإنجليزية عن العربية كاللغة معولمة ، الا أن ، هي لا سواها ، مصنفة عند مثقفيها بأنها لمامة من لغات عدة ، بالإضافة ، كونها سماعية لا يطرد فيها قياس ، فكيف ، عندما تصبح لغة من يجهل لغته الأم ، تتحول الحكاية ليس ، فقط ، عرجاء ، بل ، أكثر من حمقاء ، لأن ، هناك فارق بين من يتقن لغة شكسبير ومن يتسول بين محادثات ويترية ، أي النادل ، لهذا ، لا بد من مبادرة تبتعد ولا تنتظر الهيكل الرسمي ،بقدر ، أن المطلوب اعادة احياء الكتاتيب بشكل جديد معاصر يعيد مكانة اللغة في سن مبكر قبل أن يخسر العربي ما تبقى من كلمات ، بالكاد بها يستطيع الفرد التعبير عما يرغب قوله ، وقبل أن تزداد أعداد البكم والبكموات . والخاتمة ولكي لا تنقطع الأمة في هذا القرن بأسره عن أجدادها ، نذكر بما قاله المتنبي ، وبهم فخر كلٌ من نطق الضاد / وعوذُ الجاني وغوثُ الطريد . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين التفوق الإسرائيلي بالتكنولوجي والتميزّ الإيراني بالتشيع
...
-
كتاب ،، حركة فتح بين المقاومة والاغتيالات
-
اختلاف ايديولوجي عقائدي بين ايران وإسرائيل يقابله تقاطع مصال
...
-
العبور من الدنيا كما قال السيد المسيح
-
ملاحظات يتلمسها المرء حول المشروع المصري
-
العقل والبطيخة
-
استعادة الضمير ..
-
انقلاب كوني يستدعي إلى اعادة ترتيب المنطقة
-
اختيار الصديق
-
تحولات بشرية دون اعتراض إنساني
-
استبدال الأشخاص ،،، بالعزلة
-
الصهيونية بعد مائة عام ،، إلى أين
-
غسان مطر منحوت كالرجل الروماني ، مروان خسر رجل اخر .
-
اللدغ الذاتي في حلقته الجنونية
-
اليسار المتجدد مقابل اليمين المتجذر
-
عربدة إسرائيلية في عز الظهيرة
-
اندفاع بشري على حمل الأمانة ولعنة الضمير
-
الصدق طريق إلى الخير
-
المباهاة بالأسلاف والانفصام من العروة
-
استراتيجية الحزام الأخضر تتحقق بكفاءة
المزيد.....
-
القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف
...
-
خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع
...
-
نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق
...
-
فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر
...
-
تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب مطالبين نتنياهو بقبول اتف
...
-
-فايننشال تايمز-: ولاية ترامب الثانية ستنهي الهيمنة الغربية
...
-
مصر.. مستشار السيسي يعلق على موضوع تأجير المستشفيات الحكومية
...
-
طالب جزائري يخطف الأضواء في برنامج للمواهب بروسيا (فيديو)
-
مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين في إطلاق نار بحفل في مدينة نيويو
...
-
احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيغا
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|