أحمد كاطع البهادلي
الحوار المتمدن-العدد: 4758 - 2015 / 3 / 25 - 10:29
المحور:
كتابات ساخرة
يحكى أنه كان هناك في أحد الأزمنة رجل عجوز يدعى أبا وضاح، وكان يمتلك حماراً بائساً يستعمله في قضاء جلِّ أعماله, فحكايتنا اليوم تختلف عن سابقاتها أو مثيلاتها فلحكايتنا شواهد من الواقع المعاش، وله وجه شبه في بعض ما حدث سابقاً وما يحدث حالياً. فيحكى أن حمار أبي وضاح في بداية حياته كان نشيطاً، ولكنه للأسف مع نشاطه كان غبياً البته، فكان متعباً للعجوز أبي وضاح رغم نشاطه غير النافع؛ بسبب الغباء، إذ إن النشاط عدوه الغباء، ويحكى أن غباء الحمار قد جاوز الوصف.
تعب الرجل العجوز من تلك الحالة فقرَّر أن يدعو في صلاته، وفعلاً دعا الله في صلاته وكان دعاؤه هو أن يصلح حال حماره؛ كونه الوحيد في هذه الدنيا له، وكان الرجل العجوز مواظباً على الصلاة اليومية في الليل والنهار, فاستجيب له الدعاء وصلح حال الحمار وأصبح أكثر ذكاءً من أقرانه الحمير في القرية التي يعيشون فيها، وبقى على هذه الحالة أي الحمار مدة من الزمن قوامها ستة أشهر وفي خلال هذه الفترة التي صلح فيها حال الحمار أنجز فيها الكثير من الأعمال وساعد الرجل العجوز مساعدة يشكره بكمية زائدة من العلف الحيواني والخبز اليابس وبعد ذلك التحسن الذي حسد عليه حمار أبي وضاح استآت حاله من جديد، فأصبح كسولاً مع حالة الغباء التي تلازمه, مما جعل الرجل يتعب من الحمار، فأخذ يكلمه ليل نهار ويوصيه ويستجدي العطف منه، والحمار يسمع من هنا ويخرج من هناك، حتى أصبحت تصرفات الحمار لا تعجب أحداً حتى سكان القرية؛ كون الرجل كان يستر حال الحمار ولا يتكلم عليه أمام أصحاب الحمير في القرية، ولكن بعد أن تجاوز به الأمر حده، أخذ يتكلم عن عيوب الحمار مع أصحاب الحمير في القرية، وأخذ هؤلاء يوصون حميرهم بأن لا يكونوا كحمار أبي وضاح؛ لأن حال أبي وضاح شاع بين أهل القرية بأنه أصبح حماراً بدل حماره!!!
كان الناس يتمنون أن يعطي أبو وضاح السلطة لهم على حماره حتى يؤدبوه له، لكن المشكلة كانت أن أبا وضاح ـ للأسف ـ كان لا يقبل بأن يمسَّ حماره بسوء أو يخدش بكلمة؛ إذ إنه كان يخاف على نفسية حماره بالرغم من أنه كان مرهقه ويعاني منه الأمرين.
أخذ الحمار بالخروج ليل نهار يذهب يميناً وشمالاً وحينما يكلمه الرجل العجوزـ أعني أبا وضاح ـ يقوم الحمار بالنهيق عالياً وعالياً! كونه يملك ماكنة إعلامية هائلة جداً تقارن بعشرات الفضائيات في الوقت الحالي, وفي يوم من الأيام كان الحمار في الغابة مستلقياً على ظهره إذ أحاطت به الضباع من كل جانب ومكان وحينما أحسَّ بهم ،وذلك بعد فوات الأوان، أخذ يستصرخ لكن لا جدوى، وبينما هو كذلك والضباع تحيط به من كل جانب، فكَّر أحد الضباع فخاطب قطيع الضباع قائلاً لهم: لهم إن هذا الحمار لا يكفيهم لوجبة واحدة فقط، قالوا له: نعم، إلى أين تريد أن تصل؟ قال لهم: أكيد أن هذا الحمار حمار غبي! قالوا له: كيف؟ قال لهم: لو لم يكن غبياً لما جاء إلى الغابة وحيداً قالوا له: نعم، أكيد قال لهم: لماذا لا نستفيد من غبائه وبعد ذلك نأكله قالوا: كيف؟ قال لهم: إني سأضحك عليه وسترون وسنأكل ونشبع.. أخذ هذا الضبع يكلم هذا الحمار الغبي، قال له: نحن سنعطيك الأمان بشرط... قال لهم: ما هو؟ قالوا له: نحن لا شغل لنا بك، لكننا نريد أن نأكل الحيوانات التي في قريتك كلها، ونأكل صاحبك ولك الأمان، قال لهم أتعاهدونني؟ قالوا له: نعاهدك بمجرد أن تقنع حارس القرية بأن يفتح الطريق لك أو أن يذهب للنوم بعدها أنت حر ولك الأمان, المهم اتفقوا فذهب الحمار ليلاً وتوجه صوب بوابة القرية، فوجد أحد الحراس واسمه أبو عزوز وهو رجل كبير وخرف وكان هذا الرجل فيما مضى يمتهن بيع الثلج في الصيف اللاهب سابقاً ، فاقنعه بالذهاب فذهب أبو عزوز، لكنه أحسَّ بالخدعة؛ كونه في صغره كان يرتضع من أنثى ذئب، إذ إن أمه ماتت وهي تلده ولم يكن له أب أو عشيرة لذلك كان يكره أهل القرية؛ لأنهم كانوا يعيرونه بأنه ابن حرام، وكذلك كانوا ينادونه بـــ"أبي الثلج" وكان اللقب يزعجه، فعند رجوعه لبيته ليلملم أغراضه ويهرب خارج القرية ليبحث عن قرية أخرى يفتك بها فقد كان حاقداً على البشرية، أخذ يفتح أبواب البيوت السكنية والزرائب والحظائر وهي بيوت الحيوانات التي يمتلكها أهل القرية.
أدخل الحمارُ الضباعَ ودخلت بعد الضباع الذئاب فقد كانوا يسترقون السمع على اتفاق الضباع مع الحمار، فكانت حصة الضباع أكل البشر وحصة الذئاب أكل الحيوانات، فلما فرغت الضباع والذئاب من الأكل والشرب وأحدثت الدمار في القرية توجهت، لتخرج من القرية، فوجدت الحمار في طريقها، وكان متوقفاً ليحصل على الإذن من الضباع للرحيل من القرية، فلما رأته الضباع هجمت عليه وأكلته.. وبذلك أصبح الحمار "المتعافي"!! سبباً في هلاك قريته وناسه وراح ضحية غبائه, أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت لكل السياسيين ورجال الدين وشيوخ العشائر القابعين في فنادق الأردن وأربيل والسعودية وتركيا وقطر، فليستفيدوا من درس حمار أبي وضاح ولكني لا أظنهم سيستفيدون؛ لأنهم حمير أغبياء مثل حمار أبي وضاح !!!!!
#أحمد_كاطع_البهادلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟