أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - خواطر عابرة.. (1/3) يوم دفَنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..














المزيد.....

خواطر عابرة.. (1/3) يوم دفَنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 4720 - 2015 / 2 / 14 - 16:38
المحور: الادب والفن
    


كانت طرالبلس عشية ذلك اليوم من ايام شهر يونيو عام 2013م تقريبا، تضج بالحملات الدعائية لمؤيدي طرفي التنافس على السلطة في البلاد الخارجة لتوها من صراع دامي فكك نظام عسكري ظل جاثما على السلطة فيها لأزيد من اربعة عقود، هذا التنافس سيتطور في غضون اسابيع بعد ذلك اليوم، من مواجهات إعلامية ودعائية، الى نزاع واقتتال دموي لا زالت الدماء تسيل بسببه حتى الساعة في أرجاء ليبيا كافة.. خرج أبو أحمد بعد ظهر ذلك اليوم وهو مشحون ومعبأ برغبة جامحة في المشاركة في تجمع مدني سلمي دعا له تحالف القوى الوطنية لمناصرة البرلمان والدعوة لتفعيل الشرطة والجيش الوطنيين وإقامة الدولة المدنية، التي طالما حلم بها هذا الكهل وهو يكابد في تسريب آرائه -التي تعتبر جريئة في ظل النظام السابق- حول ضرورة إقامتها للعبور بليبيا الى بر الأمان ..
غادر أبو أحمد البيت نحو الشارع الرئيس لانتظار سيارة النقل العام التي ستقله الى مركز المدينة، وجد في طريقه ثلة من الشباب من جيرانه عن ناصية الزقاق الذي يقيم به يناقشون هذا الحراك ويتمنون المشاركة فيه ويؤكدون على أهميته. تهللت أساريره، وخفق قلبه، وهو شبه متأكد أن الغالبية العظمى من شباب الحي الذي يقيم فيه وبقية الأحياء سيتوجهون الى ميدان الشهداء لأداء هذا الواجب الوطني المهم والخطير في توقيته ،حيث البلاد على مفترق طرق خطير؛ إما دولة مدنية بكل اشتراطاتها ومؤسساتها، وإما دولة تيوقراطية لا تعترف بوجود آخر يخالفها الرأي إلا كعدو يجب استئصاله من الوجود، تتخذ من الدين ستارا للاستيلاء على السلطة وإقصاء الناس عن ممارسة حقهم في صنع الحياة..
سألهم -وهو في حكم المتأكد أنهم سيرافقونه- ما إذا كانت لديهم سيارة لمرافقتهم للمشاركة في هذا الواجب؟ التزم بعضهم الصمت، فيما لاذ آخرون بأعذار واهية للتهرب من المشاركة في هذا لاستحقاق! أعاد عليهم السؤال بشكل مباشر: هل ستذهبون الى ميدان الشهداء من أجل ليبيا أم لاء؟ تبخر الجمع المتحمس وتبدد ذلك الحماس وابتلع الجميع السنتهم، ولاذوا يبحثون عن مصالحهم الصغير والتافهة مضحين بأهم وأخطر مصلحة، لن يعرفوا قيمتها إلا بعد أن تتحول حياتهم إلى نكد ورعب في ظل صراع قوى منفلتة تتاجر بالوطن الذي تخلُّوا هم عنه في ذلك اليوم مفسحين المجال لقوى التطرف والدكتاتورية لتفرض رأيها والاستيلاء عليه.
وجد نفسه وحيدا على تلك الناصية بعد أن تفرق جمع الوهم ذلك، هز رأسه آسفا، واستقل أول سيارة نقل عمومي قادمة، قذفت به عند محطة الوصول النهائية غرب المدينة ، توجه راجلا الى ميدان الشهداء وهو يرسم صورا متفائلة لحشد لا حدود له من أنصار الديمقراطية وإقامة الدولة المدنية، رغم المشهد الصادم الذي عايشه عند ناصية زقاق حيه، سار على طول شارع عمر المختار وهو يرتب الشعارات والهتافات التي سيرددها ويقترح كتابتها على اللافتات التي سيرفعها المتظاهرون، حدثته هواجسه عن احتمال ظهور مظاهرة مضادة ، لكنه اعتبر الأمر طبيعيا بل ضروريا ليكتمل المشهد الديمقراطي الذي يؤمن به والذي يعترف بوجود الآخر كضرورة لاستمرار الحياة ونموها..
وصل روحا الى الميدان قبل أن يصل جسدا، إذ كان يحاول في زحام الشارع أن يرصد من فوق رؤوس المارة تلك الحشود التي حلم بها، لكنه لم ير سوى افراد متسكعين يجوبون عابرين الميدان في مختلف الاتجاهات، تعرق جسده أمام هذا المشهد الصادم وهزته عاصفة من التساؤلات المحيرة:
ترى هل غيروا المكان وأنا لم أسمع؟ أم أنهم في الركن الآخر غير الظاهر من الميدان؟..
زاد من سرعة خطاه متجاوزا المارة المتبخترين يتفحصون فترينات المحلات بالشارع وقلبه يكذب عيناه، لابد إنهم يتجمعون أمام مصرفي الجمهورية والتجاري.. غير معقول أن يتخلى اهل طرابلس عن هذا الاستحقاق الفاصل في حياتهم!!
وكانت صدمته الثانية عند وصوله الى الميدان ومسح بعينيه الزائغتين بدموع الحسرة كل اركانه فلم يجد تلك الحشود ، ولا حتى تجمع، بل نفر يقل عددهم عن مائة شخص يتخذون من مسطبة تمثال النافورة مجلسا لهم، فيما ينكب بعض الشباب المتحمسين مفترشين ارضيتها لكتابة لافتات وشعارات على ورق تطوع به أحدهم!!
تساءل: اين التجمع وقياداته التي تملأ القنوات الفضائية بضجيجها ودعواتها للخروج من أجل ليبيا دولة مدنية؟ أين آلاف الشباب من أحياء طرابلس الذين يراهنون على ضرورة إقامة الدولة المدنية ويزايدون بأنهم سيضحون من أجلها؟.
تفحص الوجوه الموجودة عله يجد أحد من الشباب وحتى الكهلة من أصدقائه الذين كانوا يتحمسون لهذا اليوم وينادون بضرورة المشاركة في هذه التظاهرة، فلم يجد لهم أثر، فكر أنه ربما يكون الوقت مبكرا، الآن الساعة الرابعة والنصف ، ربما هم في الطريق، رسم له خياله الحالم الشوارع التي تنتهي الى ميدان الشهداء وهي تهدر بالمتظاهرين القادمين من مختلف الأحياء تأييدا لإقامة دولة المؤسسات والديمقراطية، وقالت له نفسه: مهلا لا تستعجل الناس في الطريق مؤكد أنهم سيحضرون.. تسكع بين الجماعات المتواجدة حول النافورة التي تدفع المياه بكسل يحاكي كسل المنافقين الذين انزووا في بيوتهم لمتابعة حوادث هذا اليوم من خلال القنوات الفضائية، كان المتجمعون حول النافورة بوجوه تعكس الاحباط لكنها تظهر الاصرار على التحدي وخوض المباراة ودفع الثمن حتى ولو لم يتجاوز عددهم لمائة شخص.. قرر هو الآخر أن يخوض هذا المعترك ولو وحيدا ، فبادر الى سحب لافتة ورقية من كوم اللافتات التي كان يسطرها أحد الشباب المتحمسين وقد كتبت عليها شعارات تطالب بالدولة المدنية وتفعيل جهازي الشرطة والجيش. واتخذ ركنا في انتظار أفواج المؤيدين الذين لن يحضروا بكل اسف ..
تابعو الجزء الثاني



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر عابرة (2) زنزانة الملل..
- وباء الجنرالات يستشري من جديد في ليبيا.
- خواطر عابرة.. (1) أشواق على مذبح العقل..
- بني الجبل انتبهوا.. مستقبلكم في خطر!!
- ألم أقل لكم إنها حرب بلا معنى!!
- أين تجذف إسرائيل
- ديفد هاينز قرباناً على مذبح الهيمنة..
- صناعة الفوضى.. داعش نموذجا..
- اتهام البنتاغون لمصر والامارات بالتدخل في الصراع بليبيا يمهد ...
- الاستثمار السيء لدماء العراقيين
- دعوة لتفادي حرائق الرجيع العربي
- -داعش- ضربة قاصمة للاسلام كدين للبشرية
- ليبيا تحترق.. رؤية للخروج من الازمة
- ما الذي يجري في ليبيا؟
- إجهاض الانتصار.. الخطف والقتل المتبادل في فلسطين المحتلة كحا ...
- النازحون الليبيون: هل يقضون رمضان في بيوتهم؟
- دعوة لصمت اعلامي في مواجهة الارهاب
- رؤية لتطوير مسار الثورة الليبية.. مقال مسترجع
- المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الانسان يرسم صور سيئة لحق ...
- صنَّاع الظلام


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - خواطر عابرة.. (1/3) يوم دفَنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..